أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: سيادة الرئيس

  1. #1
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 231
    المواضيع : 38
    الردود : 231
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي سيادة الرئيس

    في مدن لا تشبه مدننا, ولا حتى في قصصنا اليومية المتداولة في المكالمات الهاتفية صباحاً بين الجارات, ولا حتى ملامح زمن يشبه زمنهم ، خوفاً منهم ربما, وربما كي لا نتهم بالخيانة والكفر فإلهنا واحد ورئيسنا واحد.
    ولكي لا تحاصرنا تهم تائبة ، لننتخب ولنتقمص أدوار المباركين ، إلى ذلك الحين يجب أن نترك كاميرات التلفاز تدور في الممرات الضيقة ، تتحدث نيابة عنا ولا نستعجل نتيجة الانتخاب السنوية .
    ترتطم " كاميرتنا " كعادتها بأدخنة السجائر المتعبة من أنفاس شبابها وشيبها, وتظهر على شاشتها أحدث ما خلفته آثار صالات الأزياء على أجساد سمراواتنا, وكأننا نحتفل بنصر منسيَّ الملامح .
    تبحث كاميراتنا السوداء عن كل من لم يصوت لرئيسنا و تعود تتوسل المارة بخبر عاجل , قبل أن يخيب ظنها وتتراجع للوراء, و تُعلن نتيجة التصويت قبل نهاية اليوم الانتخابي ، فتسارع بنا إلى ذلك التجمع الذي يتحلق حول مرسوم رئاسي , تزاحم كاميرات الآخرين المصطفين حول تلك الورقة .

    وما أن يشاهد الجمع كاميرتنا حتى يتسرب الجميع هرباً منها ، ربما خوفاً من أن تسجل ملامح الاستهزاء ، على شاشتنا ويراها رئيسنا, فتصل محمولتنا بسهولة إلى تلك الورقة لتعرض ما ورد فيها, والتي يعلن رئيسنا الموقر فيها عن نواياه الطيبة بتلبية جميع رغبات شعبه ، وما على الجميع سوى سرعة المبادرة بوضع طلباتهم وشكاواهم في هذا الصندوق الرئاسي الكبير الذي خصص لذلك .

    استغربت كاميراتنا ومن معها وحولها ذلك الإعلان توقيت ومضمون الإعلان , فأقدمت على مغازلة ومداعبة الحرس الرئاسي عله يهمس لها من بعيد بشيء ما, فيبوح لها بذلك السر الرئاسي من وراء ذلك الإعلان وهو أن سيدنا فخامة الرئيس يعاني من زكام حاد, ربما لقرب وحلول موسم الانتخابات واستعداده ليوم حافل وشاق, يبدأ بخطاب طويل وينتهي بتهاني الحاضرين, وهذه بوادر خير على السنة الرئاسية الجديدة .

    وينتهي اليوم الأول والأخير من الانتخابات,

    وتذهب صناديق الاقتراع بمن فيها من شعب إلى قصر رئيسنا الجديد القديم , ليطمئن بنفسه كالعادة على عدد شعبه وأسمائهم , و بالرغم من مرضه وحساسيته الشديدة , إلا أنه أبى أن إلا يحصي بنفسه تعداد شعبه الذي أصبح يتناقص سنوياً .
    وهكذا بدأ العد ليكتشف أن شعبه قد نقص عن السنة الماضية مواطناً واحدا آخر , غضب الرئيس وأخذ يفكر كيف ستعلن النتيجة والشعب يتناقص سنوياً .
    وانغمس رئيسنا في النوم بين أوراق المنتخبين و صناديق الانتخابات وأعداد الشعب المنهكة من التعداد والحصر وبين حساسيته المفرطة التي سبقت تهاني وقبلات المباركين .

    فأمر الابن أن ترسل جميع الأوراق إلى الجهة المختصة بإجراء الانتخابات من أجل استكمال ضرورات الحالة الديمقراطية بإعلان النتائج أمام شاشات التلفاز العالمية .

    و بحلول المساء اُبلغ ولي العهد من اللجنة المختصة بأنهم وجدوا ورقة من ضمن أوراق المنتخبين ترشح شخصاً آخر ، لا تحمل اسماً أو توقيع , سارع الابن إلى هناك كي يتحقق من هذا الأمر الجلل بنفسه ، فيما الهواجس والأفكار تأخذه بعيداً وقريباً ، ويساءل نفسه هل من خونة في البلاد ؟ يحرضون الشعب على والده ، وتذهب به الأفكار حد اليقين ، بأن هناك خيانة لا تغتفر تستهدف صاحب المقام العالي ، مع أن بلادنا لا توجد بها أحزاب ولا حتى معارضة .
    فمن يجرؤ إذن على منافسة والده , لقد اعتاد الابن والجميع أن يفوز الأب الرئيس بنسبة مئة بالمئة .. ,

    أمر ولي العهد الأمين أن تحضر جميع الطلبات والشكاوى التي تقدم بها أفراد شعبه في صندوق الشكاوى ليقارن الخط , عله يجد الخائن بينهم ، غير أنه لم يتوصل إلى النتيجة التي يريد ..

    شاع الخبر بين المواطنين وتناقلته شاشات التلفاز, فدخل الابن إلى غرفة والده ليبلغه نبأ الخيانة، صعق رئيسنا من ذلك الخبر ، فلقد اطمأن البارحة بنفسه على أعداد المصوتين له فكيف و من أين تأتي الخيانة؟؟,

    - أخشى أن تكون هناك خيانة يا والدي سأل ولي العهد
    - أجاب الرئيس : لا ... اطمئن يا ولدي, هذه هي الديمقراطية التي تفتقدها باقي الدول المجاورة .

    , واستعد رئيسنا لمغادرة القصر إلى الدائرة المختصة ليواكب الحدث وليستعد للخطاب السنوي ويتحدث عن ثقة شعبه ونسبة فوزه لهذا العام , وقبل أن يطل رئيسنا على الجموع ليلقي خطاب إعادة الثقة أمام كاميرات العالم ..

    استوقفه ابنه وأعطاه تلك الورقة التي تنتخب منافسه المجهول :


    - تفضل يا والدي هذه هي الورقة اللعينة ...

    تناولها الأب فإذا به يضحك ويضحك ويضم ولده إليه ويعتذر له لأنه قد شك به,

    - آه يا بني هذه بطاقتي كتبت عليها "أرشح نفسي" بدلا من "أرشح الرئيس الحالي " عندما وجدت أن عدد الشعب قد نقص واحدا .

  2. #2
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    كوميديا سوداء
    هذه هي ديموقراطيتنا الخالدة
    فالجميع أبناء للرئيس ؛ بل عبيد له
    عمل راق ذو نهاية قوية ساخرة.
    تقديري واحترامي .
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  3. #3
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 231
    المواضيع : 38
    الردود : 231
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    الأديب دائماً و أولاً ... حسام القاضي
    ...
    ...
    ....
    أخيراً ...
    سيادة الرئيس أو فخامة الرئيس الذي يخشى من نقصان عدد شعبه خشية من مؤشر الانتخاب بالميول ...
    سيادة الرئيس أو فخامة الرئيس الذي يزرع شجرة عائلته بقصره لتحكم الشوارع و الأرصفة فتحرس صوره ..

    أستاذي الأديب حسام الذي أسعدني مروره الكريم... لك مني خالص الشكر والتقدير

  4. #4
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    أكسروية هي ؟؟

    كان هذا سؤال محمد بن أبي بكر لمعاوية ...
    والى
    اليوم لايجرؤء أحد على الاجابة ...

    \

    فيالفجيعتنا
    الإنسان : موقف

  5. #5
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 231
    المواضيع : 38
    الردود : 231
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    أستاذي الأديب خليل ..

    أوراثية حمى الرئاسة ......

    لك شكري الجزيل على القراءة... سيدي الفاضل
    دمت بكل خير

  6. #6
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    الأخت الفاضلة / سمر سليم الزريعي ..

    مرورلأسجل إعجابي بشخصك وأسلوبك ..
    رقي في الأسلوب وسلاسة في السرد ..

    لك ودي وتقديري ....
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  7. #7
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 231
    المواضيع : 38
    الردود : 231
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    العزيزة دخون
    تسعدني حروفك الهادئة وتحفزني أفكارك على الثورة والجنون ...
    دمت غاليتي رقيقة كحرفك

المواضيع المتشابهه

  1. مشكلة يا سيادة الرئيس !
    بواسطة جهاد يحيى في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 19-08-2014, 02:20 AM
  2. لماذا فعلها سيادة الرئيس؟
    بواسطة عدنان القماش في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-08-2011, 02:48 AM
  3. هل سيادة الرئيس مخلوع أم متنحى؟
    بواسطة عدنان القماش في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-08-2011, 02:41 AM
  4. من لنا بعدك يا سيادة الرئيس؟
    بواسطة عدنان القماش في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 20-06-2011, 04:14 PM
  5. سيادة الحب
    بواسطة عبدالله العبدلي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 19-03-2011, 09:16 PM