قاب قوسين أو أدنى
اليوم تتكلم الأيدي معبرة عن قناعات عادت لتشكل الرؤى...
آن ليومنا أن يضحك؛ بعد أن جرّدوه من حيويّته زمنا،
وقد عادت لتزوره الأمطار .
كنت أتكلم إلى ليلي الذي «ناء بكلكل»، وأشد أمراسي إلى صمِّ جندل في تخوم بلادّتي... في محاولة مني لسحب رصيدي من التثاقل؛ لأمضي! إذا ما تسنى لي أخيرا أن أمضي؛ خفيفا إلى ما يشكّل أمنية وجدَت أخيرا روحا لتسكنها ...
***
اليوم... أصبحت لأجد ليلي مطروحا...
ويدي تشير إلى الساقية الظاهرة من ثقب خيمتي المتآكلة ...
وأحث ساقيّ لتجراني بعيدا عن الأماكن الواطئة ...
اليوم... أصبحت ولم أجد في نفسي رغبة لذكر ليلى... وأطلال عشيرتها وعزوتها وقد رحلوا... وما أكثر الراحلين؛ وكلما تراكم الضجر؛ شادّين الرحال ومن قاع إلى قاع.
***
كان المطر يغسلني حين كانت قدماي تجراني على طريق لم أجد له مكانا في الذاكرة !
عجبا... صرخت... وصمتي لم يعد من هناك...
وخوفي من الصدى البعيد... لم يسدَّ طريقي إلى الحياة !
تأمّلت الطريق كما لم أتأمل طريقا من قبل؛ وحيث كانت الأيام تتوالى... والأنفاس تتقاطع !
تأملت طريقي... حيث لم يعد للكلام ميزة...
وصعدت.. لا تستوقفني الكلمات مجرَّدَة على القارعة .
ناسيا منسيا كنت أسير إلى نهارٍ تَذكَّرَني..
والحياة تسودُ من حولي حاملة عواصفها التي جردوني من جراءتها زمنا طويلا .
***
ها هي الأمطار تهطل...
والليل يستلقي على السابلة...
النّار تداعب قلبي؛ وأنا أستعيد الطريق متجاوزا كل ملامح المنفى الأخير ...
تنشط الذاكرة من جديد...
تُلبسني ثوب مزاياي الأثيرة .
والمطر الذي أحبني يوما... يعيد نشر بصماته...
أخلع عني ملامح النّهارات الذابلة...
أضحك من ملامحها... ومن ظلال فراغها ...
لا يكاد المطر يبرحني...
فما خفت... ولا اختَفى
!! أجري إليه... ويتبعني !!
ضاحكا مضحكا .. لا يرجوه الليل.. ولا تصدّه الحياة .
وأنا أطلبه... ظلا لحياتي التي خلعت فراغها ...
***
أسرع مما يبدو تنقلب الحياة!!!
ما عاد المطر ليخنقني كدخان أطلقه الماضي ...
يشبهني مطري هذا اليوم...
تشبهني دمعة مشتاق لبلوغ اللهفة بنهار أنهى لملمة عباءته...
أهداها لعواصف قلب بكيان منسي الرقدة!!
أسرع مما يبدو تنقلب الحياة!!
ما عاد المطر ليحبسَني ...
حررني مطري هذا اليوم...
فركضت... كروح وجدت ضالتها...
تركتُ حكاياتي خلفي...
إجتزت نفسي... وذبت في وهج النهار...
أسرع مما يبدو تنقلب الحياة!!
منفردا... ضاحكا... جلست أتكلم إلى النهار.. أمد البصر... أشد الخيوط...
إلى النار تداعب أرواحنا... تشد رحالها معنا... إلى حيث يولد يوم جديد
مطر نبرته عالية...
بخيط يشد الرجوع الأكيد...
يجعل الأيدي متكلمة... ترمي إلينا طقوسنا...
وأسرع مما يبدو نعود...
طفولة فجر... دماه الندى... ونداه الإشارة .