أمــَّاهُ إنـِّي إنْ ذَكرتـُك ِ مَرَّة ً ... يتذكرُ القلبُ الضعيفُ مِرارا
طفلٌ صغيرٌ قدْ تعَوَّدَ قصَّة ً ... حسَنٌ وليلى بلْ جُبَيْنـَة ُ تارا
...
حَسَنٌ تـَمَتـَّعَ بالذكاء ِ وشاطِرُ
ليلى الجميلة ُ بالسِلال ِ تـُغادِرُ
وجُبَيْنـَة ُ البيضاءُ كيفَ تـُسافِرُ
...
وردا ً قطفنا منْ حياتكِ خِلسَة ً ... لكنْ نراك ِ تزرعين َ دِيارا
تتبسمينَ برغم ِ ضيقِكِ عادَة ً ... كمْ زدْت فيها هَيْبَة ًو وقارا
...
نلهو ونلعبُ في الرُبوع ِ كأننا
لا ندري كيف صباحُنا ومساؤنا
أمِّي وكانتْ في البلادِ بلادُنا
...
إنْ ضاج قولـُك ِ بالعِتاب ِ بقيَّة ً ... تـَبـِعَ العِناقُ كلامَك ِ مُحتارا
فالأمُّ تـُلقي بالحنان ِ عباءَة ً ... كيفَ اجترَءنا أنْ نرُدَّ قرارا
...
عادَتْ وتلهَث خلفنا وتـُعاتِبُ
وجهٌ نـُسايرُهُ ووجهٌ غاضِبُ
إنَّ الطفولة َ في الحياة ِ مقالبُ
...
موتٌ وتلبـِسُه ُ الأمومة ُ فجأة ً ...زدنا نحيبا ً بعدَهُ وخسارا
إنـّا لربّي راجعون َ مَنيَّة ً ... منها عرفنا للحياة جـِدارا
...
وهناكَ أوْدَعنا حنانـَكِ في العقول ْ
بالأمسِ كنـّا قدْ ضحِكنا في الحقول ْ
شيئا ً فشيئا ًإذ يُحاكينا الذهولْ
...
تشتاقُ نفسي منْ عيونِك ِ نظرَة ً ... لِتـَسُدَّ فيها العينَ والأنظارا
والقلبُ في خـَفـَق ٍ يدُقُّ صبابة ً ... إنْ صوتـُكِ الدافي يَشـُقُّ سِتارا
...
نشتاقُ منكِ كلَّ واردَة ٍ هنا
فسَماعُ صوتِكِ عندنا صارَ المُنى
والظلُّ منكِ إنْ دَنـَوناهُ رَنا
...
نرضى بها الأقدارُ نؤمِنُ سُنـَّة ً ... قسَمَ الإلهُ بلوحِه ِ الأقدارا
تفنى النفوسُ لكي تعودَ وحيدة ً ... تفنى ونبقى في النفوس ِ صِغارا
...
قـَدَرٌ ونرضى خيرَهُ وشـُرورَهُ
واللهُ يكتبُ للعباد ِ مسيرَهُ
وعِقابَهُ نخشى وأيضا ً نارَهُ
...
أمَّاهُ إنـِّي لا أريدُ مَسيرَة ً ... إلّا لِأجلِك ِ قدْ أشُدُّ مَسارا
لِيَزيدَ ربّي فضلـَهُ ومكانة ً ... تاجٌ برأسِكِ قدْ أحُطُّ مُنارا
...
إنْ كنتُ أثقلتُ التلهِّي في الصِغـَرْ
أو كنتُ جارَيْتُ الزمانَ المحتـَضـَرْ
فالآنَ إنـِّي في رِضاكِ منتظِرْ
...
شعبٌ يَصُكُّ الوجهَ يبكي أمَّة ً ... وأنا هناك َ أصُكـُّهُ تِكرارا
فالأُمُّ أُمتـُنا وأكثرُ حِيلة ً ... إنْ أحسَنَتْ صارَ الدَمارُ عَمارا
...
قدْ ضاقتْ الدُنيا بأرض ٍ بلْ سماءْ
وتـَغـَيَّرَ الناسُ المُغـَذَّى بالحَياءْ
والكلُّ يرثي أُمَّة ً حتى البُكاء ْ
...
أمَّاهُ إنـّي إنْ ذكرتـُك ِ مَرَّة ً ... نادى الفؤادُ الوجدَ ثمَّ توارى
وتورَّقـَتْ وَجـَناتـُنا مُمْتنـَّة ً ... ماء ً تكونُ دموعُنا أو نارا
...
الحُزنُ يكتبُ قصَّة ً عندَ الفراق ْ
ويزيدُ منْ وأدِ السعادة ِ في نِفاقْ
والدمعُ طابَ لكلِّ منْ يهوى المَذاقْ
...
إنْ غِبْتِ منْ كلِّ المطارح ِ ساعَة ً ...ضجَّ المكانُ بأهلِهِ وانهارا
وتفارقـَتْ أجسادُنا مُغـْتـَرَّة ً ... قِسْنا المحبة َ بيننا مِقدارا
...
إنَّ الحياة َ تـَشـُجـُّنا شـَجَّ الرؤوسْ
وتزيدُنا قرْعا ً كمنْ قرَعَ الكؤوسْ
والخيرُ باق ٍ في القلوب ِ وفي النفوسْ
...
أمَّاهُ حُبُّك ِ لا يقِلُ قـَداسَة ً ... بينَ الذي فيك ِ ارتدى أشعارا
أنتِ التي منكِ اكتنـَزنا صُرَّة ً ... تحوي من َ البحر ِ العميق ِ مَحارا
...
حُبٌّ تعـَلـَّقَ بالدَوالي والورودْ
وتـَسَلـَّقَ الأشجارَ واجتازَ الحدودْ
حتى تـَعَوَّدَ قلبُنا حبَّ الوجودْ
...
والشمسُ مُعتِمَة ٌ تراها عادَة ً ... حينَ ارتحلْتِ لمْ أجـِدْهُ نـَهارا
فـَتـَيَبَّسَتْ كلُّ الزهورِ مُهانـَة ً ... إنَّ الذي قدْ عَزَّها قدْ سارا
...
وتـُحِبُّها كلُّ الخلائِق ِ والجـِنانْ
وطريقُ بيتي بلْ وأعتابُ المكان ْ
لكنْ يضيعُ الأهلُ إنْ ضاع َ الحنانْ
...
وتناثـَرَتْ أحداقـُنا مُنـْسابَة ً ... مَنْ مِثْلـُها يُعطي الحبيبَ بـِحارا
فتناثـَرَ الأهلونَ منـَّا مُدَّة ً ... حتى تـَجَاهَلـَنا الجميعُ فِرارا
...
عِطرٌ تناثـَرَ حولـَكِ كيفَ الزهورْ
وتـَبَدَّدَتْ آمالـُنا عند المُرورْ
لمَّا تـَعَدَّى نـَعْشـُكِ بابَ القبورْ
...
أدعوكَ ربّي أن تـُريها جَنـَّة ً ... بعدَ المُرور ِ بأرضِنا أطوارا
إنَّ الأيادي حينَ تـُعطي حاجة ً ... تـُلقي بأجْر ٍ في يَدَيْك ِ دِثارا
جمانه شبانه