|
لأنكِ شوكٌ يصفعُ العينَ و اليدا |
لأنكِ رعدٌ يذرعُ الصمتَ والمدى |
لأنكِ فجرٌ ما تلبّثَ ساعةً |
إذا ما ادلهمَّ الخطبُ في العينِ أسودا |
لأنكِ "بدرٌ" فالسماءُ تحفُّها |
ويُزجي لها جبريلُ جيشًا مجرَّدا |
لأنكِ نونٌ يلقفُ السفْنَ كلَّها |
تغيّظَ قرصانٌ وأزبدَ مُرعِدا |
لأنكِ قاموسٌ يفوقُ بلاغتي |
تخرُّ لكِ الأقلامُ والشعرُ سُجّدا |
وقفتُ على أعتابِ غزةَ منشدا |
هنا الموتُ أقعى في الأزقةِ مرصدا |
أتيتُ من الدنيا التي عشتُ ميّتًا |
لألمسَ نبضًا من شهيدٍ فأُولَدا |
أشمُّ عجاجًا للمنايا مخضّبًا |
لأجلوَ مرآةً بمقلةِ أرمدا |
تركتُ ورائي الليلَ يرقدُ خادرًا |
لأصخبَ غزّيًا وأجفوَ مرقدا |
تُضيءُ ضلوعي المعتماتِ قنابلٌ |
وتُشعلُ في حِنوي المبرَّدِ موقِدا |
خذيني على كفيكِ هاتينِ أصطلي |
فإن دمي فرطَ الهوانِ تجمدا |
خذيني إلى عينيكِ هاتيكِ أجتلي |
مداكِ رحيبًا قد أبى أن يُحدّدا |
وألقي على وجهي قميصًا مطرّزًا |
لعلي أشمُّ الضوءَ منه مجددا |
أيا علمًا أَمَّ الهُداةَ وراءه |
على علمٍ نارًا تشبُّ على العِدى |
تطاولَ في ليلِ السُّراةِ منارةً |
إذا فاتكِ الملاّحُ ضَلَّ وما اهتدى |
فديتُكِ يا غزاه إني مولَّهٌ |
تقلّبُني الأخبارُ جمرًا مسهَّدا |
وأنشَقُ من جوّي الثقيلِ زفيرَه |
وزهمةَ بارودٍ يفحُّ ملبَّدا |
وأكتمُ خفقي كي أُصيخَ لمُنبئٍ |
يبشرُني أن العدوَّ تكبّدا |
ولا صوتَ إلا صوتَكِ الرعدَ فاضحًا |
شماتةَ إخوانٍ لسيّدِهم صدى |
نعَضُّ على إرثِ النبيِّ وحولَنا |
تصيهنَ أعرابٌ وراعٍ تهوَّدا |
أيشمتُ ذو رحمٍ تمادى عقوقُه |
فلولا رعى دِينًا رعانا ومحتدا |
إلى اللهِ تشكو مديةً من أُهيلِها |
و يدعو يَتاماها اليتيمَ محمدا |
فإذْ لم تراعوا للوشائجِ حُرمةً |
فأحرى بكم أن تحفظوا حرمةَ الردى |
ورُبَّ غرابٍ في الترابِ يلُمُّني |
فيندمَ قابيلٌ على ما جنى غدا |
عجلتُ إلى غزٍّ لترضى عيونُها |
فألقي ليَ الألواحَ أتلُ تعبُّدا |
وهل أنا إلا من غزيةَ ما غوتْ |
غزيةُ يومًا بل رشيدٌ فأرشَدا |