ربقة الأنفال
لا تَعْذِلِي إِنِّـي صَرَمْـتُ حِبَالِـي وَجَعَلْتُ حَظِّي مِنْكِ رَاحَـةَ بَالِـي
جُرِّعْتُ مِنْ غُصَصِ الهَوَى وَحَسبْتُهَا أَمْلَيـتُ لِلعَهْـدِ الأَكِيـدِ مُنَافِحًـا أَكْثَرْتِ عَـذْلاً وَالأَحِبَّـةُ تَجْتَبِـي هَا قَدْ غَرَسْتِ الشَّوكَ فِي عَينِ الرِّضَا أَغْطَشْتِ ضِحْكَتَهَا وَقَلْبُكِ عَاشِـقٌ وَأَصَبْتِ بِاسْتِعْلاءِ نَفْسِكِ فِي الهَـوَى مِنْ أَينَ أَبْدَأُ يَـا زَمَـانُ؟ غَلَبْتَنِـي أَبْلَيتَ فِي لُجَجِ الخُطُوبِ حَصَافَتِـي وَأَنَبْتَ سَهْمَ الغَيْظِ يَرْشُـقُ هِمَّتِـي وَتَرَكْتَنِي بَيـنَ الحَـوَادِثِ ذَاهِـلاً وَاغْتَلْتَنِـي حَتَّـى هَتَفْـتُ بِلَهْفَـةٍ مِنْ أَيْنَ أَبْـدَأُ؟ ذَابِـلاتٌ أَحْرُفِـي جَفَّتْ عَلَى شَفَةِ البَيَـانِ مَشَاعِـرِي يَا شِعْرُ مَا لِـي أَجْتَبِيـكَ وَتَجْتَبِـي طَرَّزْتُ فِيـكَ الأَبْجَدِيَّـةَ أَحْرُفًـا وَأَبَـيْـتُ إِلا أَنْ أَرَاكَ مُـكَـرَّمًـا أَغوَايَةً يَا شِعْـرُ تَسْكُـنُ أَضْلُعِـي وَهَلِ احْتِسَاءُ الكَأْسِ مِنْكَ غَضَاضَـةٌ يَا شِعْرُ أَشْقَيتَ الفُـؤَادَ ، أَصَبْتَنِـي وَوَدَدْتُ لَـولا أَنْ يُقَـالَ عَصَيْتَنِـي قَدْ حِرْتُ وَاخْتَلَطَتْ مَعَالِمُ مَـا أَرَى أَنَا مَنْ أَنَا؟ تَاهَتْ مَسَارِبُ غُرْبَتِـي ضَحِكَتْ مَدَارِجُ خُطْوَتِي لَو أَنْصَفَتْ أَأَنَـا العِصَامِـيُّ الـذِي بِطُمُوحِـهِ أَجْرَى إِلَى قِمَمِ العُلا سَيْـلَ النَّـدَى أَمْ إِنَّنِـي رُوحٌ تَأَبَّطَـتِ الـعُـلا أَنَا مَنْ أَنَـا؟ فَـرْدٌ يُخَاتِـلُ دَهْـرَهُ أَمْ أُمَّـةٌ تَسْعَـى لِعِـزَّةِ مَجْـدِهَـا أَلْهَبْتَ يَا سَـوْطَ الحَقِيقَـةِ أَضْلُعِـي أَضْغَاث وَهْـمٍ لا يُعَاقِـرُ مَجْـدَهُ أَبْكِي عَلَى أَطْـلالِ كُـلِّ فَضِيلَـةٍ إِنِّي ابْنُ عَصْرِي عَصْرِ نَاضِحَةِ الهَوَى وَأَنَا الذِي زَعَـمَ البُطُولَـةَ وَادَّعَـى أَنَا يَعْرُبِيُّ الصَـوْتِ لَكِـنْ لَكْنَتِـي أَطْلَقْتُ مِنْ حِمَمِ اللِسَـانِ قَذَائِفِـي وَطَفِقْتُ أَلْهُـو وَالزَّمَـانَ وَغَرَّنِـي سَيْفِي تَحُزُّ بِـهِ أَذَىً عُنُقِـي يَـدِي أَنَا ذَلِكَ العَرَبِـيُّ خُنْـتُ مَبَادِئِـي أَنَا ذَلِكَ العَرَبِـيُّ بِعْـتُ مَوَاطِنِـي يَا سَاحَةَ الأَقْصَى أَتَيتُـكِ حَاسِـرًا وَلَقَدْ أَتَيتُكِ رَغْـمَ قَيْـدِكِ لاجِئًـا قَسَمَاتُ قُدْسِكِ لَـمْ تَعُـدْ عَرَبِيَّـةً وَأَنِينُ أَسْـرِكِ لا يُحِـرِّكُ سَـادِرًا دَمْعِي يَسُحُّ أَسَـىً خُذِيـهِ فَرُبَّمَـا وَابْكِي مَعِي بَغْـدَادَ بَعْـدَ عَفَافِهَـا وَحَضَارَةً بَنَتِ القُـرُونُ صُرُوحَهَـا حُرِيَّـةً زَعَمُـوا فَدَمْـدَمَ أَمْرُهُـمْ ضَاقَتْ بِهِمْ سُبُـلُ النَّجَـاةِ كَأَنَّمَـا بَعْضٌ رَأَى المَوْتَ الحَيَـاةَ وَبَعْضُهُـمْ بُوشُ الأَمِيـرُ مُؤَيَّـدًا أَقْـرَى بِهِـمْ وَالمُقْتَذَى فِي كُـلِّ أَمْـرٍ حَـارِسٌ وَسَأَلْـتُ لا رَدًّا أُرِيـدُ وإِنَّـمَـا إنَّا لَنَسْمَـعُ بِالكِـرَامِ فَأَيـنَ هُـمْ وَهَلِ انْتَضَتْ مِنَّا الحَـوَادِثُ عُصْبَـةً وَهَلِ البُّطُونُ مِنَ العُرُوبَـةِ أَجْدَبَـتْ مَا لِلشِّغَافِ تَحِنُّ لِلمَاضِـي الـذِي ضَيَّعْتُ فِي دَرْبِي فُصُـولَ هُوِيَّتِـي هَذِي حَيَاتِي شَارَفَـتْ وَمَوَاسِمِـي يَبِسَتْ عُرُوقُ الصَّبْرِ فِي بِيدِ الضَّنَـى هَانَتْ عَلَى نَفْسِي الحَيَـاةُ وَأَهْلُهَـا وَأَنَا الذِي أَفْنَـى السِّنِيـنَ مُبَـادِرًا حَالِي عَلَى مَا كَـانَ فِيهَـا عِلَّـةٌ لَسْتُ ابْنَ عَصْرِي ، قَدْ عَقَقْتُ فُضُولَهُ مَـا دَأْبُ أَبْنَـاءِ الزَّمَـانِ يَرُوقُنِـي أَنَا إِنْ وَرَدْتُ العَيْـشَ لا أَرِدُ الخَنَـا وَإِذَا احْتَفَلْتُ فَلَسْتُ طَالِبَ بهْـرجٍ أَهَبُ الوُجُودَ مِنَ المُـرُوءَةِ وَالنَّـدَى وَأَخِيطُ مِنْ حُلَلِ الفَضَائِلِ مَا الـذِي أَرْنُو إِلَـى هِمَـمِ الكِـرَامِ مُؤَمِّـلاً وَبِأَنْ يَبِرُّوا المَجْـدَ فِـي أَسْلافِهِـمْ لَنْ يَسْتَعِيـدَ لَنَـا اسْتِقَامَـةَ أَمْرِنَـا فِي نِيَّةٍ صَدَقَـتْ وَحُسْـنِ سَرِيـرَةٍ أَرْدَفْتُ حَتْفِي فَوْقَ صَهْـوَةِ هِمَّتِـي فَعَلَيكَ فِي كُـلِّ الأُمُـورِ تَوَكُّلِـي
فَلَقَـدْ خَلَعْـتُ عِمَامَتِـي وَعِقَـالِـي
