أحدث المشاركات
صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 33

الموضوع: الفزع...!

  1. #1
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي الفزع...!

    الفزع
    في رحلة مكوكية من بغداد إلى مدينتي التي أعيش فيها عشت هواجس أشبه بهذيان رجل خارت قواه من الهم الممزوج بالتعب والإرهاق..خرجت من بغداد في الخامسة مساء وبعد ست ساعات بالتمام وصلت مدينتي الشمالية..وما أن حطت قدماي الأرض حتى دب في أعماقي شعور غريب..وكأني ألتقي بشخص غريب عني لا أعرفه ولا يعرفني...تراءا لي وكأنه ضخم البنية..يملك عينين حادتين..كشفا لي عن أمر مريع..لم أعرف إذا كان قد ابتسم لي أم حاول استدراجي بشكل ما..تجاهلته في البداية..ومضيت لكن ابتسامته حملت انكسارا مرعبا في داخلي..كنت أسير وأحس بمرافقته لي..ورصده لكل صغيرة وكبيرة تصدر مني..بدأ شيئا فشيئا يحكم على محاصرته...وفي كل خطوة كان الفزع يجتاح مني ما لا أطيق.
    صادفت بعض المحلات ..حاولت أن احتمي بإحداها..دخلت..سألت صاحب المحل عن شيء ما لا أتذكره بالضبط..التفت وجدته خلفي..يرافقني ..أحيانا كنت أشعر بأنه يحاصرني من أكثر من جهة...واصلت سيري بعدها..الفزع مثله يلازمني اصطدمت برجل عجوز وأنا أحاول عبور الشارع العام..اعتذرت.. ثم انحدرت من الشارع العام إلى أحد الفروع..لأتخلص من الزحام وعلّي أتخلص من رفيقي...لكن..خاب ظني..بدأت أراوغه لعلي في النهاية أستطيع الانفلات من حصاره..لكن دون جدوى..أصبت بالذهول..حتى أني فكرت بأن أستنجد بالمارة..لكن كأن عينيه الحادتين قد أخرستا لساني...اقترب مني شيئا فشيئا...لم يكن يتكلم وكأنه أخرس... حتى أنفاسه لم أكن أشعر بها مع أني كنت أشعر بأن أنفاسي تكاد تنقطع جراء السير الأشبه بالركض...ما كان يحيرني أنه لم يحاول معي شيئا حتى أهابه هكذا...حتى أنه لم ينطق بكلمة..كل جريمته أنه حطم الفرحة التي كنت أحملها في أعماقي.
    أوقفت سيارة أجرة..دخلتها..نظرت خلفي...وجدته مغروسا على المقعد الخلفي..تجاهلته...صدمتي كانت أشد عندما وجدته ينزل في نفس محطتي...أقصد في نفس الفرع الذي أسكن أنا فيه..توجهت إلى البيت وهو معي..كان الجميع في البيت حاضرين..استقبلوني بالقبلات..جلست معهم للحظات..كنت التفت لعلي أجده لكنه للحظات اختفى عن ناظري..استأذنت ..صعدت..ومنذ اللحظة التي غادرت فيها الأهل وجدته يظهر من جديد...بدأ الفزع يجعلني مضطربا.. دخلت غرفتي.. أغلقت الباب خلفي..تنفست الصعداء..لحظات قليلة سمعت طرقا للباب..انتفضت أعماقي خوفا..تجاهلت..زاد الطرق إصرارا..كان الظلام يحوم حولي.. فكرت..جذبني نور ضئيل يخرق الستائر..توجهت للنافذة..تحاملت على خوفي وبطريقة عجيبة..قفزت على عتبة النافذة..التي توصل إلى سلم خلفي.. وكأني آنذاك سمعت حركة داخل الغرفة..هرعت وبدأت أنزل السلالم راكضا..خرجت من البيت..وعلى الشارع بدأت أجري بطريقة جنونية.. وكأن وحشا كاسرا يطاردني..تعبت قدماي..خارت قواي..اتكأت على حائط مبنى قديم في زقاق ضيق..فكرت ما الذي أوصلني إلى هذه المنطقة... لكن ظهوره أمامي لم يدعني أجد الوقت الكافي لأعرف الإجابة...كان الظلام حالكا ومسجى على كل شيء..فقط عيناه الحادتان كان بريقهما يقطعني خوفا.
    عدت للركض من جديد...لا أعلم إلى أين لكن كنت أركض...لحظات وكنت أمام شجرة كبيرة...خلفها مباشرة توجد شجرة صغيرة...وجدته منتصبا أمامها.. تراجعت أنا وحاولت أن أتحسس الفراغ بيدي..شعرت حينها أن الإنسان بداخلي أصبح مجرد كتلة خوف...وهو لا مبال منتصب على بعد أمتار قليلة.
    الخوف...الفزع..بل الموت..هكذا بدا الأمر بالنسبة لي...حاولت أن أصرخ...لكن مابه لساني مازال وكأنه مقيد بسلاسل نارية...أخرسني الفزع.. لكني لم أيأس بقيت أحاول الصراخ...حتى وجدت صراخي فجأة يكسر تلك القيود المفروضة عليه من الفزع...شعرت بأن حبائل صوتي قد تمزقت.
    من هذا....؟ ماذا يريد مني....؟ لماذا يطاردني....؟ لماذا لا يتكلم....ما هذا الصمت...؟ ثم شعرت بعد صراخي ذاك بالهدوء وكأن كسر تلك القيود كان فرجا.. لكن لا...أبد...فالهدوء غمرني لأنه بعد كل هذا الصراخ لم ألاحظ منه أي تصرف يفزع...بل بقيت بعدها طوال الوقت أتساءل هل ابتسم لي أم حاول استدراجي...؟
    الفزع بدأ شيئا فشيئا يقل...عيناه الحادتان بدأ بريقهما يتوارى خلف الظلمة...وبدأ هو يتراجع شيئا فشيئا....حتى توارى خلف الظلمة...لكني بقيت أتساءل هل ابتسم لي أم حاول استدراجي....وتراه من يكون ..وماذا يكون...؟
    بغداد
    17-10-1997

  2. #2
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    الدولة : القاهرة
    العمر : 79
    المشاركات : 64
    المواضيع : 13
    الردود : 64
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اخى جوتيار

    أول مرة اقرأ لك .. تقبل اعجابى .. اسلوب سلس هادر يجعل القارئ يتابع العمل
    لاهثا مترقبا شغوفا ..

    فى حياة كل منا يوجد هذا الوطء .. احسنت يا أخى التعبير فشكرا لك وتحية وتقبل خالص التقدير

    أخى ؟ ( تراءى - كأن عينيه )

    تحياتى الخالصة

  3. #3
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    والله وأنا أتابع القراءة تذكرت أحد الرعاة, وهو يقص علينا مايراه أمامه, ويستنجد بنا كي نستدعي الشرطة لإبعاده عنه, وهو يراه في كل مكان يذهب إليه, وقد سمعت وعائلتي هذه الرواية منه قبل سنوات, وصادف أن زرت أهله في مضارب خيامهم قبل عشرة أيام لتفقد أغنامنا , فسألت أخته عنه فقالت :مسكين مازال على حاله حتى أن أهل الناس باتوا يخافون منه فقد صدرت منه في الآونة الآخيرة بعض التصرفات المؤذية..
    عجيب هذا الذي يحدث لبعض الناس لذلك أخشى عليهم من الأوهام إن تمكنت من نفوسهم ,فيجب محاربتها بقوة قبل أن تستحكم بها..
    رااائع ما كتبته أخي الكريم جوتيارتمر
    وأرجو أن يكون نصاً لاحقيقة
    دمت بخير
    أختك
    بنت البحر
    حسبي اللهُ ونعم الوكيل

  4. #4
    الصورة الرمزية الصباح الخالدي قلم متميز
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : InMyHome
    المشاركات : 5,766
    المواضيع : 83
    الردود : 5766
    المعدل اليومي : 0.86

    افتراضي

    جوتيار وعزف قيثارة الألم لواقع مك\ود
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

  5. #5
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 510
    المواضيع : 6
    الردود : 510
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    جو...................

    متاهة هي دائما كلمات...اية فلسفة عميقة هذه التي تتبناها في كتاباتك..؟
    جعلتني اعيش الحالة بل كنت التفت يمينا ويسارا....

    معزوفة الالم هذه تستمر معك...
    دعنا نستمر ايضا لنرى الى اين تصل بنا مركبك...؟

    حبي...
    مريم

  6. #6
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    تحاملت على خوفي وبطريقة عجيبة..قفزت
    \

    دوما ً

    يغادرنا الاحبة على تخوف

    وبطريقة عجيبـــــــــــــــــــــ ـة

    فتقفز قلوبنــــــــــــــــــــ ــــــــا

    كمـــــــــــــــــــــــ ــــدا ً

    لتنتحر
    الإنسان : موقف

  7. #7
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الاخ الفاضل الاديب الاستاذ جوتيار تمر

    ما اروع هذا الروي الشيّق , جعلتني فزعا , كنت اتابع الجري
    واللهاث , اجدت الحبكة , واجدت مساحة الزمان والمكان ,
    واجدت القفلة , جعلتني ارى جحوظ الخوف في عينيك , عشت
    معك الخوف والفزع , اعرف هذه الصورة , افراد ومجتمعات
    مرعوبة , الجميع ملاحقون متابعون , الكل خائفون .
    ابدعت ايها الاديب .

    اخوكم
    السمان

  8. #8
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    المشاركات : 2,362
    المواضيع : 139
    الردود : 2362
    المعدل اليومي : 0.35

    افتراضي



    السـلام عليكم

    اخى الكريم جوتيار تمر

    اعجبتنى جدا هذه " الفوبيا " النابعة من منظومة الواقع الأليم فى العراق ...الخوف الذى اعتلا المكان و الهواجس التى احاطت بالأنسان بسبب المستقبل المجهول والواقع المرير .. الذى اطلق عنان الفوبيا فى عقول وقلوب الناس

    ولكن .. تذكر انه كلما اقنعت نفسك بأنك لديك القدرة والثقة ، وانك شجاع لا تخاف ، ستطرد هذا الشعور حتما ..وسيضطر الذى يتربص بك ان يفكر مائة مرة قبل ان يؤذيك نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    اما ان يسايرك ان لم يستطع ان يغلبك ، او يقف يراقب تأثيره المرعب عليك متلذذا فى متابعتك تنهار نفسيا امامه فيأخذك بغتة .

    احسنت الوقفة مع نفسك ونزع الفزع عنك - وهكذا حجّمت او الجمت شره - فجلس يعيد حساباته .. او قل انتصرت عليه .. هكذا ترآى لى الأيحاء هنا

    أعجبنى السرد المفتوح النهاية دون ذكر من هو الذى كان يتبعك - فتركتها لتصوراتنا نفهمها كما نشاء !

    تقبل تقديرى واعجابى نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  9. #9

  10. #10
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي الفزع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.أحمد أبورحاب
    اخى جوتيار

    أول مرة اقرأ لك .. تقبل اعجابى .. اسلوب سلس هادر يجعل القارئ يتابع العمل
    لاهثا مترقبا شغوفا ..

    فى حياة كل منا يوجد هذا الوطء .. احسنت يا أخى التعبير فشكرا لك وتحية وتقبل خالص التقدير

    أخى ؟ ( تراءى - كأن عينيه )

    تحياتى الخالصة
    ابو رحاب....

    شكرا لك هذا الحضور....
    واقر...بان هذا الوطء اصبح يؤرق الكثيرين...

    تقبل خالص احترامي
    جوتيار

صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة