قصيدة (يــــــومُ الحُـــسَـــيــــن )
------------------------------------
إهــــــــــداء:
أهدي هذه القصيدة إلى روح سيدنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام سيد الشهداء ، وإلى روح حفيده الثائر الشهيد شيخي الحبيب السيد/ عماد الدين أحمد عفت الحُسيني رحمه الله تعالى ورضي عنه وأرضاه.
وقد كتبت القصيدة في واحد وستين بيتًا تأريخًا لسنة استشهاد سيدنا الحسين عليه السلام في السنة الحادية والستين من الهجرة يوم العاشر من محرم في كربلاء ، بعد أن سافر لأهل الكوفة تلبية لرسائلهم المتكررة التي يرجونه فيها قبول مبايعتهم للخلافة قبل أن يغدروا به ويحاربوه مع جيش يزيد بن معاوية وواليه عبيد الله بن زياد بن أبيه بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص وشمر بن ذي الجوشن ومن معهم من الأشقياء ، ألا لعنة الله على الظالمين ...
وقد سميتها (يوم الحسين) لأنه يومٌ لن يتكرر في التاريخ مرة أخرى ...
---------------------------------
فِداءً لقلبِكَ والأضلُعِ ..
وما سالَ مِن دَمِكَ الأضوَعِ
وللجَسَدِ الحُرِّ بين الخُيولِ ..
رَهينَ السَّنابِكِ في البَلقَعِ
وللرُّوحِ تعرُجُ بينَ السَّحابِ ..
وللرأسِ يَسرِي بِلا مَهجعِ
وللآلِ آلِ الرسولِ الكرامِ ..
عِطاشًا سُقوا الموتَ في الأربُعِ
تداعى عليهِمْ طَغامُ البُغاةِ ..
وجُندُ المُنافِقِ والأوضَعِ
فلم يُكرِموا لوعَةَ الوالِهاتِ ..
ولَم يَرحموا صَرخَةَ الرُّضَّعِ
ولم يَرأَفوا بابن بِنتِ الرَّسولِ ..
يُناشِدُ لكن بِلا مَسمَعِ
سوى جَلمَدٍ مِن قُـلوبٍ غِلاظٍ ..
بل الصَّخرُ إن يَلقَهُ يَخشَعِ
فسُحقًا وبُعدًا لكلِّ خَؤُونٍ ..
يبـيعُ الأمانةَ بالمطـمَـعِ
ويَغدِرُ عَهدَ النبيِّ الأمينِ ..
ليَرضَى المنافقُ والمدعي
ويشربُ مِن كأسِ شرِّ الطُّغاةِ ..
بسُمٍّ بدُنيـاهُمُ مُنقَعِ
فيلعـنَ تاريخَهُ اللاعنونَ ..
ويُدفنَ في قاعِ مُستنقَعِ
---------------------------------
أيا ابنَ الإمامِ ويا ابنَ البَـتُـولِ ..
وسِبطَ نبيِّ الهُدى الأرفَعِ
فديتُـكَ بالـرُّوحِ بل والبنينَ ..
فليتَ دمائي فَدَتْ أدمُعِي
وفَدَّيتُ رَهطَكَ آلَ الحَبيبِ ..
فيا لَيتَ دُونكُمُ مَصرَعي
فكيفَ تَطيبُ لقلبي النَّجاةُ ..
وقلبُكَ يطعنُهُ مُفجِعِي
وكيفَ تَلَذُّ لـرُوحي الحياةُ ..
وروحكَ تنزع في مَسمَعي
عِطاشًا سُقِـيتمْ سِهامَ الهَلاكِ ..
تهاوت على السُّجَّدِ الرُّكَّعِ
سقـاكُم بها كُلُّ وَغدٍ كَـفُورٍ ..
خَبيثِ الطَّويَّةِ والمَرتَعِ
أفيكم يُجيلُ القَـنا والسُّيوفَ ..
وضيعُ الكِنانَةِ والمَنزَعِ ؟!!
فمِن أجلِ مَن تُستباحُ الدِّماءُ ..
وتُبذَلُ مَسرورةَ المَنبعِ ؟!
وفي حُبِّ مَن يُستطابُ المَماتُ ..
إذا لم يكنْ في الفتى الأروَعِ
فمَن كحُسَينٍ أميرِ الشَّبابِ ..
بجَناتِ عدنٍ مع الخُشَّعِ
حبيبِ الرَّسُولِ عليهِ السَّلامُ ..
ورُوحِ فُؤادٍ بِهِ مُولَعِ
وآخرِ مَن قد رأى مِن بَـنِـيهِ ..
فكانَ لهُ القلبُ كالمَخدَعِ
يَشَمُّ هَواهُ ويَهوى لِقاهُ ..
ويلثمُ فاهُ كما الإصبَعِ
تَقاسَمَ مَع حَسَنٍ حُــبَّــهُ ..
وزينبَ في قَـلبِـهِ الأَضوَعِ
وأَشبَهِهِم خُلُـــقًـا بالحبـيبِ ..
فَمَن ذا يرومُ إلى مَطمَعِ ؟!!
---------------------------------
بكى الجَـــــدُّ فــقــدَ الحبيبِ الشهيدِ ..
وقد جاءَ جبريلُ بالمَوضِعِ
وقال تُرى أُمَّـتي مَن يخونُ ..
ويُسقى دمي نَهِمَ الأَضلُعِ
أهذي وَصيَّــتُــكُم بالكِـرامِ ..
أآلي تَسُوقونَ للمَصرَعِ ؟!!
أمِن عِترَتي تُطعِمونَ الحُتُوفَ ..
وتَستأسِدُونَ على الرُّضَّعِ
ألم تَسمَعوا أن مِنِّي حُـسَـينًا ..
وأنيَ مِن سِبطِيَ الأَشجَعِ
وأني دَعَوتُ بِحُبِّ الإلهِ ..
لمن قد أَحَبَّ ولم يَدَّعِ
ألم تعلَموا كَمْ شَمَمْتُ الحُـسَـيـنَ ..
وكم ذُقتُ مِن ضَمَّةِ الأضلُعِ
فكيفَ استَبَحتُم دَمِي في دِماهُ ..
وحطَّمَ خيلُكمُ أضلُعِي
وكيفَ ذَبحتُم حبيبَ الفؤادِ ..
وأرسلتُـمُ الرأسَ للمُترَعِ
وكيف قَـتلتُم بَنِيَّ الصِّغارَ ..
وأضرمتُمُ النارَ في المَخدَعِ
وقطَّعتُـمُ كُلَّ رأسٍ شريفٍ ..
وشَفَّعتُـمُ الرأسَ بالأذرعِ
أَهانت عليكم بَـناتُ الرسولِ ..
سَبايا يُسَقنَ إلى الأقذَعِ
تُـقَطِّعُ لوعتُهُنَّ القُـلوبَ ..
ولو كُنَّ مِن جَلمَدٍ لا يَعي
تداعت عليهـنَّ بُغثُ الذُّكورِ ..
وقد كُنَّ في شاهِقٍ أَمنَعِ
فحسبيَ ربي ونعمَ الوكيلُ ..
لَهُ المُشتَـكى ولَهُ مرجعي
---------------------------------
ألا ليتَ شِعـريَ ماذا نقولُ ..
لربِّ الخلائقِ في المَجمَعِ
إذا حُشرَ الناسُ يومَ الحسابِ ..
فمِن مُستجيرٍ ومِن مُهطِعِ
وكيف يُسَـوِّغُ بعضُ الطغاةِ ..
وأذنابُهُم مِن ذَوي المَطمَعِ
لأعظمِ كارثةٍ لا تزالُ ..
بمَرِّ الحَوادثِ في الأبشَعِ
تدكُّ الضَّمائرَ في صحوها ..
وتُحرِقُ لوعتُها مَن يَعي
وتُجري الدِّما من مَآقي القُـلوبِ ..
فما ظَلَّ في العَينِ مِن مَدمَعِ
يلومونَ جَهلًا خُروجَ الحُـسَـينِ ..
وكم أظهرَ الجهلُ مِن مُدَّعِ
ويأتفكونَ بحقدٍ دفينٍ ..
ضَبابُ الهوى عنهُ لم يُقشَعِ
ويستترونَ بكِذبِ النِّـفـاقِ ..
وما فضحَ اللهُ لم يُمنَعِ
ويبقى الحُسَينُ بمَرِّ الزَّمانِ ..
شهيدَ كرامتنا الأشجعِ
مَضى للخيانةِ في وَكرِها ..
بشمسِ الحقيقةِ والمِبضَعِ
ليستأصلَ الظُّلمَ والظالمينَ ..
ويَهتِكَ أستارَ مَن يَدَّعِي
وقالَ أتينا نُـلبِّي النِّداءَ ..
فإن تَصدُقوني فكونوا معي
وإن تخذُلوني فغَدرٌ قريبٌ ..
وما هو مِنكُم بمُستَبدَعِ
وأعذَرَ للحقِّ في كَربَلاءَ ..
ولم يُستذلَّ ولَمْ يَخنَعِ
ولم يَكترِث لعَتادِ الخُصومِ ..
وجيشٍ بآلافِهِ الأربَعِ
بسبعينَ جالَدَهُم في ثَـباتٍ ..
ورغمَ المَجازِرِ لم يَضرَعِ
وبالحقِّ عاشَ وللحَقِّ ماتَ ..
فمَن عَشِقَ الحَقَّ لم يخضَعِ
---------------------------------
أحمد يوسف
القاهرة – مسجد سيدنا الحسين
الجمعة 7 / محرم / 1436 هـ الموافق 31 / 10 / 2014 م