غزة .. في مهد السماء
يُولد للمرة العشرين مني
تابوت وحفنة من الحصى
كَئِب الحرّ هذا الشتاء
أرفعُ مسماراً في وجه الباب
وأعود من الصباح إلى الصباح
ولا صباح يأويني
لا عيوناً تحمي شراييني
نفس الطقوس تكررني كلّ موت
كلّ صدى ..
أكمدتني لسعة وردة
تذوب ليلاً في الثياب
كلّ مرة أسمع صوت الهزيمة
صوت النعوش تحملني
ترثيني الشوارع الباكيات
ينتظرني موت جديد
لأستيقظ من الركام
بعد عشرين ضجيجاً ..
تصدح رمّانة عقيمة فوق النافذة
ومن بين الضلوع ترأد شمس
فقيرة ..صغيرة
عودي إلى الوراء
قبل أن يسبقني مذاق الذبيحة
كلّ عام ..
تنتصب أوراقي في رواق
وينزلق رغيف من الرماد
يا صغيري
لملم هدوء الليل وسط السحاب
مخاض الحرب طويل
وغزة جريحة ..
يستقيلُ مساؤها من الصباح
وتعود رصاصة غادرة لوجهها
ويعود المخاض
ويعودُ شهيد في المساء
يودّع أشلاءه وأرصفة الغِشاش
كلّ عام ..
تدَمشقني حُمَمة من الذكرى
وتعود أنتَ في كلّ حصاد
تلمح وجهي وحمّيا الشغاف
عمري بعمر قنبلة
بعمر دفتر بيننا لهزَ الشتاء
تؤمُ بشَعري أطواس متدلية
تحمل الهواء من السَقف
وألمس في حفر السماء
عيون صخرة هناك
ينامُ العشب فوق الضباب
ويمشي الجرح على مفاصلي
طوّقني .. فلا أريد سوى الكلام
يعود البرتقال من عيون القصائد
هذا المساء
يتثاءبُ ويقبّل غزة ونعوش الحَمام
سواي ..أخرج من غرف التاريخ
وأعود إليكَ يا صغيري
فالآن ألمس السماء
بقلم: عبير بني نمرة
8/11/09