شريفة
في هذا النص الباذخ الكثير من الملفتات التي تجبر الذائقة على الوقوف والتوقف وما يتبع هذا من تأمل تحليلي تأويلي وهذا لا يتأتى إلا بالنبش والحفر بحثاً عن المخبوء من كنوز دفينة في هذا النص.
لذلك, هناك هامش متسع على قدر أفضية الذائقة ولكل ذائقة مداها في مشاكشة النص, فمنها تكتفي بالوقوف على العتبة, ومنها تقتحم الممر وتبحث تحت الأرائك ومنها تغوص عميقاً ولم تعد تُرى الّا وهي عائدة محملة بما تفايض في العمق.
أول الملفتات هنا ما توهج به العنوان"أحمل إليك بريداً تأخر في بريد الحلم" وهذا وحدة قصيدة مختزلة مكثفة في مبناها لكنها واسعة الانتشار والتمدد في معناها,والجميل هنا , هذا التمرد الفعلي على عمل ووظيفة الذاكرة,فهي لم تقصر في أدائها,وهذه طاقتها,ولكن هل هذا يُرضى صدق وحرارة وانتماء التجربة الموغلة في تشظيها وانتمائها لمركزيتها,لذلك, لابد لهذه الذات المتوهجة أن تقتحم بريد الذاكرة المحدود في أدائه التوصيلي,وتقوم بالمهمة على أفضل ما يرتضيه الوجدان المشتعل بحريقه والمضيء ببريقه.
وفي الاعتقاد هذا هو حجر الأساس الذي تهنّدس عليه هذا النص,وما يتلوه من تسلسل في مفردة " أحمل"هو نسيج فسيفسائي أطّر النص على صعيد المبنى والمعنى.
سلسلة ملونة من المحمولات وكأن لونها المخالف للون بقية النص, هو بمثابه بؤرة التوهج التي قد تشكل مفاتيح نصية لِمَ يعتبر في حالة غلق نصي مقصود على الصعيد الفني, والهدف منه تنشيظ ذهنية المتلقي ليكون مشاركاً في النص.
من حق النص على المتلقي أن يدفعه للبحث والغوص والنبش مع ترك الدلالة بين أصابع ذائقته.
ومن حق المتلقي على النص,أن يستقبله بحفاوة وجدية,ولا يكتفي بمتعة التلقي فقط,وعليه أن يتجاوز هذا وصولاً للذة ونشوة الوصول معتمداً على قدرته المعرفية بالتعامل مع هذه المفاتيح.
وفي الاعتقاد أن هذا النص أدّى ما عليه بهذا الخصوص.