الفاضل الألق مازن دويكات
حرفك ألق كروحك
وهل ينضح الوعاء إلا بما فيه ؟!
يا ناحت اللغة ومشكلها نسجا
بغمرة من تلابيب الحياء تغلف الكون
ويصدح الصوت بالغناء
لك مني كل تقدير
من ضياء
من أوراق الولد الطائش» بقلم محمد نديم » آخر مشاركة: محمد نديم »»»»» ما الفرق بين ( رحمت الله) و( رحمة الله)» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» اتجاهات» بقلم بسباس عبدالرزاق » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» ابتهالات.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في كتاب رؤية الله تعالى يوم القيامة» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 1» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» افتكرني يا ابني» بقلم سيد يوسف مرسي » آخر مشاركة: سيد يوسف مرسي »»»»» جسور الأمل.» بقلم أسيل أحمد » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» أنا لن أحبك لأن الطريق مغلق» بقلم سيد يوسف مرسي » آخر مشاركة: سيد يوسف مرسي »»»»»
الفاضل الألق مازن دويكات
حرفك ألق كروحك
وهل ينضح الوعاء إلا بما فيه ؟!
يا ناحت اللغة ومشكلها نسجا
بغمرة من تلابيب الحياء تغلف الكون
ويصدح الصوت بالغناء
لك مني كل تقدير
من ضياء
اريد من زمني ذا أن يبلغني
ما ليس يدركه من نفسه الزمن
(6)
جميلٌ أن يحاصرك البلبل أيتها الوردة، والبلبل الذي أعني، بري النشأة والمولد، ليس له علاقة بالأقفاص الذهبية، وعبث البلهاء في شرفات القصور المضيئة، وبعد ذلك، من حق علامات التعجب أن تتلاشى من آخر الأسئلة. كل هذا ألا يكفي لتطريز جماليات هذا المشهد وهذه الكينونة.
هو يعطيك مشروعية التفتح، وتفجر حرير القرمز في البتلات، وأنت تمنحينه أجمل خامات النشيد، كل هذا ألا يكفي لتشتعل فيك الألوان، أو البرق في الأعالي يشتعل، وأسراب البط السماوي تشتعل، والفراشات الملونة تشتعل، كل شيء قابل للاشتعال كلما انبجست قطرات الرذاذ، ومكان سقوطها يشتعل بالندى الأبيض، حتى أوراق الأشجار تشتعل، تصير في راحتي الخريف بلورا نابضا، ليس من حق أحد أن يتدخل في علاقة البلبل والوردة، ولكن من حقه أن يتمتع بالنشيد، وأن يسافر في مركبة العبق إلى ما يريد، وهو حق متلقي القصيدة بالانزياح عن قصدية الشاعر، وحق الداخل إلى شرفات الموسيقى ليرى ما لم يره الموسيقي في هذا الفضاء المتكسر بين زرقةٍ وبياض، وحق قارئ اللوحة في خلق رؤاه الخاصة في فهم دلالات اللون والضوء.
إنها علاقة جدلية، للمبدع أن يفض بكارة منجزه الإبداعي، وللمتلقي أن يخلق بكارته المغايرة في هذا المنجز كي يفضها، إنها الحرية المطلقة في فهم الجمال، من أبجديته البصرية المنطوقة إلى مكوناته الداخلية اللامرئية العميقة، ماذا يتبقى من الإبداع إن حاكمناه بشروط قوانين الفيزياء! نحن لسنا أحصنة ملجومة ومعصوبة العينين من الأطراف كي نرى ما يريده الحوذي فقط، لأن مهمته أن يصل على حساب نظرات الحصان المستقيمة كاستقامة الطريق، إنها طريق الحوذي وليست طريق الحصان.
سأرفع شكوتي للبرقِِ والرعدِ
على السُحبِ
تأخر في الحقولِ تفّتح الوردِ
ولم تتوضأ الأعشابُ بالتُربِ
سأعود طفلاً بحقيبة مدرسية كالحة، ما أصعب الوصول إلى هذا المشاكس الذي كنته ذات يوم، في الصباحات الممطرة كنت أخوض الوحول بحذاءٍ محارب، كي أصل الحديقة المبللة بقطرات الفضة، لم أكن أعلم في ذلك الوقت أن الوردة كانت جميلة حتى أقاصي ملكوتها الغامض. ورغم حداثتي، إلا أنني كنت أترصد عبيرها وتفتح كنوزها المدهشة، حقاً أقول، إنها أول من درّب ملكاتي المراهقة على مداعبة أحصنة النشيد. كم تعثرت وسقطت ونهضت، كنت أحس أن يداً من قرمز وحرير تمتد لي في الوقت المناسب، كنت أتتبع الأصابع مروراً بباطن الكف حتى الساعد الأخضر، لم أكن أرى جسد الوردة، كنت أشم عبيرها.
هو ذا الإكسير الإلهي الذي مكنني من الوصول، وحين وصلت رأيت الوردة ببهاء جلالها الأخاذ، ومن ها هنا بدأ النشيد في الأماسي المقمرة يتقطر من برقوق الروح كأنه الصهيل والرذاذ، أقول لك: أجد نفسي ملزماً بالعودة إلى ينابيعي الأولى بكل ما أوتيت من براءة وعفوية، هذا هو الحق الذي أشهره دون اللهاث وراء المرابح العاطفية، ودون خوفٍ من الخسارات، أريد أن أصل إلى منابت العلاقة، ربما تقنعين ذات يوم أن براءة هذه البدايات خارج دائرة التنظير العاطفي، ومقولات التابع والمتبوع والقامع والمقموع. إنها محكومة بالتكامل الفطري، بهذه الحبال الحريرية شدّت الوردة إلى البلبل، وشُّد البلبل إلى الوردة، لا يوجد في هذا الكون الطيب بلبل شرير ولا وردة شريرة، ولكن يوجد لصوص يسطون على الحديقة، يسرقون ويدمرون، ليس لسدّ رمق، وإنما رغبة جامحة في إفساد كراسي العشب في ممرات الحديقة، لماذا كل هذا، ما دامت الحديقة تمنح ثمرها حتى للصوص الجياع، لها الحق في أن تمنح ما تريد، ولكن ليس من حق اللصوص أن يقلعوا حقلاً من الأشجار المثمرة لمجرد أكل تفاحة واحدة فقط، يا إلهي ما أصعب أن أرى شجرة ميتة بفعل فاعل، لأنها حين تترنح سقوطاً قد تهلك عائلة الوردة، وتدمّر كوخ البلبل!
وصلوا الحديقة متعبينْ
دخلوا الممر على عجلْ
من هزّ قبل وصولهم شجر الحنينْ
فعوى وراء سياجها ذئب الجبلْ
لكل فصلٍ من الفصول الأربعة نكهته الخاصة في مخزون الطفولة، وفي خزائن الذاكرة، وترتبط علاقة الماضي بالحاضر بماهية ما أصبحنا عليه، خاصة في تلك اللحظة التي نسترجع فيها شريط الذكرى. كان الشتاء يذكر المكان بفقرة خاصة لحظة اللهاث وراء القطرات المضيئة التي تزّين التربة كي تعود خضراء مثقلة بكنوزٍ تسرّ الناظرين، وبعيد نضوجها تسكت جوع البطون، يقال إن الجائع لا يلتفت إلى المشهد الجميل، وإن اضطر إلى الالتفات يرصد الأشياء التي تتناغم مع جوعه، يغازل الحقيقي منها ويستدرج الشبيه، حتى يقترب من الحقيقة أو يكونها، كذلك الربيع أيقونة الرومانسيين، الجياع منهم والمتخمين، كنت أراه بعيون اللاهث وراء جمال الأمكنة وبهائها، وأحسبه بساط الله السنوي المزركش، وحين يغضب علينا يسلط عليه داء الصفرة، بعد ذلك نضطر لطيه، لأنه لم يعد يناسب المكان. كنت أحزن كثيراً على مصير شقائق النعمان والأقحوان والنرجس قصير العمر، لكنني بعد ذلك أصبحت أدرك أن الزهرة قبل أن تموت، تودع في الأرض بذورها كي تعود وتأخذ مكانها الجميل في بساط الله السنوي، وكنت أرى الصيف، كأنه الأغنية الفاشلة في شريط الفصول الأربعة، يصيبني بالغثيان وضيق النفس، كذلك كنت أرى الوردة وأسمع البلبل، كنت اعتقد أن هناك خللا ما في هذا المثلث، إلى حد التحرر والانطلاق من نبعه إلى الالتقاء في الزوايا، لكن هذا الشعور ولّد فيّ ما يشبه الانتماء للقول الدارج " غيمة صيف وتنقشع " وهذا يعني أن الصبر هنا من مستلزمات استمرارية العلاقة، إنه خامة لابد منها في هذا التشكيل، ولابد لدورة الفصول من أن تحسم الأمر في ترتيب فوضى العلاقة بين أضلاع المثلث، كنت أحسبني ضلع القاعدة بين البلبل والوردة، لكنني أدركت فيما بعد، أنه ضلع شفاف لا مرئي تولد من سراب الصيف، والحقيقة أن لا مسافة بين البلبل والوردة، ولك أن تعرفي أين أناي في هذا التشكيل!
ومرّ شتاءٌ وغادر صيفْ
وما زارني من محياك طيفْ
على الجمرِ أنتظرُ القادمين
ووجهك أحلى وأجمل ضيفْ
المدهش مازن
روعه حتى الثماله
الصمت في حرم الجمال بهاء
تحياتي
(7)
من بوح نافذتي أطل على ضجيجٍ صامت، ألقي نثار قصيدتي للطير، آخر نقرة حملت بهاء النون من أرض الغواية، أسرجي ضوء الأنوثة، من سيرجع للغزالة تاجها الوردي، للولد الصغير حمامة شردت ولم يرجع غبار هديلها، عودوا أيها العشاق من طرقٍ تكابد هجرها، مَنْ مَّر آخر مرة منها، غزاة هالكون بلا عدد؟ أم عاشق نسي الخطى فوق الطريق ولم يعدْ؟، لي أن أطوق اسمك الذهبي بجلنار روحي وأرشه بدم التوت الفائر في عروق نشيدي، أنت التوحد في الغياب، والتشتت في الحضور، وأنت آخر ما تبقى في عروقي من صهيل.
شجري بعيدٌ كالسحاب، فراشتي الزرقاء أوجعها الرفيف ولم تصل، وأراك في طرف الحديقة واقفة، أنت المنارة مع إشارتك الندى يمشي، يوّزع في الصباح على البلابل والزهور حليب بهجته السلسبيل.
ولك القصيدة شرفة، منها يطل جبينك الملكي، تأتيك الزهور على عجل، وتأتيك الظباء من الأحراش البعيدة، ويهبط في اتجاهك رف الحجلْ، أنت المحجّ وأنت مأوى أفئدة الفراشة والبلبل والوردة، تأخري، أنا الذبيح على أعتاب نبضك، ارتعشي فيّ كي أقوم ثانيةً، أطلق أول الشهوات في فلواتك الخضراء، سندخل مرةً أخرى في عناقنا اللانهائي، باركينا يا مريم العاشقات، مّري بيدك المقدسة الصغيرة على غرتينا نحن العطاش، من مائنا تخضل الأعشاب البرية بين شقوق الصخور، ويرتوي ثمر البساتين، نحن العطاش، اسقنا يا سيدتي من خمر قانا الجليل.
لا ماء يرشحُ في جرار الطين ِ
فانتظري قليلاً
سيجيء من أقصى الجنوب ِ
يبارك الأحجارَ، يجعلها سبيلاً
إني أحسُ دبيبَ خطوته، يوشوشُ في دماي
ويكاد يمشي في مياه اللوز، فانتظري
سألمس مسكه وأرش فوق وسائد الأحجار لازورده
لا بأس إن لم يبق لي
يكفي الغبار على يدي، يكفي الغبار.
قبل أن أدخل محراب الكتابة هذا المساء، وصلت إلى قناعة أنه ما عاد هناك ما يكتب في هذا الموضوع. حاولت أن أحفر في جدار آخر لعلي أصل أو أطّل على عالم جديد للبلبل والوردة، عالم خالٍ من الأنانية بحيث يتسع لعشاقٍ آخرين، هل باستطاعتنا أن نجد طينة أخرى في هذه الأرض نعجن منها أشكالاً مغايرة لعالمنا الجميل؟ قد نتمرد في لحظة ما على ما نحب تحت تأثير عاديتها، محاولين إعادة إنتاج جمالياتها، إنها فطرة الحياة، أن نبحث عن التغيير حتى في الأشياء الجميلة التي اعتدنا عليها، في بعض الأحيان أجد نفسي أحفر باحثاً عن طفولتي المطمورة في القاع، وأحياناً هي التي تصعد من تلقاء نفسها، فهي موجودة فيّ في كل الأحيان، تسيرني وتتحكم في سلوكي بعقلانية تفتقر إليها الطفولة الأولى، وإلا بماذا أفّسر نزعتي الدائمة للتغيير في المشاهد، حتى الجميلة منها؟ كأنني أريدها أن تكون أكثر جمالاً، كما الطفل الذي يحطم لعبه الجميلة طمعاً في لعبة أكثر جمالاً، هذا هو الفرق بين الطفولة العائدة، والطفولة القديمة، أيها الطفل الذي كنته ذات يوم، عد إلى قواعدك الأولى سالماً ودعني أعيش كما أريد بعيداً عن الشيطنة، وشهوات تحطيم اللعب الجميلة، قد أنزوي ذات يوم وأستكين في سرير الحكمة، وقد أعود إلى حظيرة الأيائل والظباء، بعيداً عن الجبال والسفوح والحقول والبراري، لكنني لن أجتر عشبة الكهان، التي توصل إلى المقولة المزمنة، ليس بالإمكان أجمل مما كان، هذا هو التابوت الجاهز والمعدّ في سراديب السدنة، ماذا سينشد البلبل حين يسمع هذا الهراء؟ وبماذا ستفتتح الوردة نهارات العشاق؟ قد لا يستطيع تغيير النشيد، ولا تستطيع أن تصوغ أريجا جديداً، لكنه في الإمكان أجمل مما كان إذا اعتقدنا أن البلبل الذي بحجم قبضة الطفل يستطيع أن يوقظ المدينة من سباتها حين ينشد، وأن أصغر وردة في بستان تستطيع أن تمنح أفكاراً عميقة حد البكاء.
خذ الناي مني وغني
على ربوة المنحنى
وإن سألتك الحبيبة عني
فقلْ غابَ في الأوف والميجنا
حين يكون ممر المنزل جميلاً، يميل العاشق إلى عدم الخروج، وحين يكون خارج المنزل، يتملكه حنين دائم إلى العودة السريعة، فكيف حين يكون المنزل جميلاً وممر الحديقة أجمل وفي الداخل امرأة أجمل من المنزل ومن الممر. جميلٌ أن يستدرجنا الجمال لكي ندافع عنه، على الرغم من أننا لا نحتاج مثل هذا الاستدراج، يكفي أن يلوح لنا من بعيد لنتبعه، نكون رهن إشارته، يوزع علينا المهام في مملكته الفاضلة، قد يفهم أن الجمال الشكلاني هو المقصود، قد يكون، ولكن الأهم في هذه المعادلة أن لا ننسى أن هناك طرفا جماليا آخر، قد يكون هو الأشمل في منظومة الجمال الكونية، وهو الجمال الداخلي للإنسان. إن العلاقة بين الجمال الشكلي والجمال الجوهري، لا تعتمد على أسس متقاربة، فالأول بصري، يشترك فيه الإنسان والجماد، في حين أن الثاني سلوكي تختص به الكائنات البشرية، من الممكن أن يتعارض فيه الشكلاني مع السلوكي وقد يتناغمان، وهذا يعود إلى تشابك العلاقة بين العمى والبصيرة في التعامل مع الجمال بشقيه، هل يستطيع الأعمى أن يتلمس الجمال الشكلاني، وهل تستطيع البصيرة أن ترصد الجمال الجوهري؟ العاشق الأعمى لا يستطيع أن يتمتع بالمنزل الجميل ولا بممر حديقته، لكن يستطيع أن يعوض هذا الفقد في علاقته مع المرأة الجميلة، خاصة حين تتمتع بجمال جوهري، وحين ينتفي هذا الجمال، يجد هذا العاشق نفسه محاصراً في غرفة غامضة مع الجمال الحسي، الذي يفقد مفعوله لحظة تماس البرق والرعد على أطراف غيمة روحه.
أيتها الغيمة الواقفة في الأعالي
عطشي أبعد منك، وأعلى
من جبينك هامات جبالي
جميلٌ أن أنحني
ليمرّ ماؤك من خلالي
ويروي السفحَ والسهلا