المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راضي الضميري
لك عندي ما ليس لي ؛ ولي فيك ما ليس لأحد.
أذوب وأنا أمارس دور العاشق ؛ و أتوه بعيدًا عنك في صحاري المنفى أراقب حديقة برتقال رسمتها في خيالي ، وتركت حلمي ليس مني ولا بيدي ، مركبي اليتيم تاه على شواطئ حزني وأشرعتي محطمة ، لو أستطيع..
لكِِ عندي ما ليس لي ، فؤاد قطّعه الهوى ، وبقية من غُرف لم يسكنها أحد غيرك ، وحبائل قهري ما زالت تدور لتصنع مني طاحونة دونكوشيتية وأدور في اتجاه معاكس لعقارب زمني كيلا أموت عليك غمّا ، طال البعاد ، ولك عندي كل ما لديّ ، عيناي وبقايا جفوني ، يا ليْتك تعلمين كم أحبُّكِ .
لكِ عندي ما ليس لي ، لك ماء الحياة ومزهرية وضعت فيها بقايا دمي ، لعينيك كل الورود والشوك انتزعته بيدي ، نامي واتركِ عنكِ بعض الهموم ، لا تحلمي بتكشيرة ذئب ، و لا تفكري بمقصلة الحيرة ، ولا تعتذري عن شموخك ، نامي قليلًا ودعيني أواجه هذه الريح العقيم , فلك عندي ما ليس لي ، روحي فداك لو تعلمين كم أحبُّكِ لو تعلمين .
و لي عندك ما ليس لأحد ، ليّ الماضي العتيق ، وبعض سنابل قمح وحبة زيتون ، ومهباج جدي ، وذكريات نورس كان يرافقني حين كنت أجوب حقولك ذات مساء ، طائرًا مع زقزقة العصافير فوق سنابل القمح . لم أنس كيف يكون العشق ، لكنّني لم أعد أعرف من أي نافذة أصل إليك ، خذلتك ولم يكن بيدي ، ونجم سهيل غاب ولم يعد ، وهذا القمر أصبح محاقًا في كل الشهور غاب عني ولم يدرِ بحالي ، والجزر في البحر تمادى في غيّه ، لا ماء يصلني بك ، ولم يعد هناك من يعينني ، والشوق إليك يطول ؛ أين أنا منك ؟ أحبُّكِ .
ذات صباح قرّرت أنْ أطير مع الطيور لأعانق سماءك المشتعلة ، و صنعت من أبجديتي نشيدًا للعبور ، وأربعون حولا ما زلوا يحدّقون بي ، و حراس هبل وبعل يلاحقونني ، ركبت فوق السحاب وتركت أشرعتي ، وسقط الحمام فوق الغيوم شهيدا ، وعرفت أنّي لن أصل إليكِ ، كم خذلتك حين خذلتك ، وكم احترقت خجلًا مني و منك ، ضعت فيك كثيرًا ولم يبق فيَّ موطئ قدم للخسارة ، ولم يبق لديّ متسع من الوقت لأحلم من جديد ، والوقت ينام في خاصرة الروح ، والأسطورة ترفض التنازل عن أعشاش الغراب ، هكذا ينام الوقت حين لا يجد الرجال متسعًا من الحرية ، يختزل نفسه ليموت طريح الفراش ، وانتبهنا إلى غيابنا بغتة في حفل صمت مهيب ، ليموت معها الحمام وينكسر الهديل في حضرة الغياب ، وتصبح العنقاء نعامة وهي لم تولد بعد ، ويخرج طائر الفينيق على هيئة حمار يطلب اللجوء الإنساني من جلادي عصرنا الجديد .
بايعت أحزاني على أنْ أموت بصمت ، بعد ضياع المهر بين الصبر والقهر ، تقتلني شماتة عدوي ، كيف السبيل لمداواة جرحي ؟ كيف السبيل لاحتضان عينيك بجفون قلبي لأخبئك بعيدًا عن النّاس ؛ بعيدًا عن نظرات الذئاب ومتطفلي هذا الزمن العجيب ؟.
أحبّكِ وما بالقلب حيلة للوصول إلى شاطئ الأمان ، متّ فيك قبل أنْ أولد وشيّعت بقايا أغنيتي في آخر بيت للقصيد عنوانه أنتِ ، لو تعلمين كم أخشى عليك من بعدي ؛ بعد أنْ أموت فيكِ وأرحل وترحلين ..
آهٍ لو تعلمين كم أحبُكِ ليْتك تعلمين .