أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: العقلانية في الأدب والفن ..

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 39
    المواضيع : 27
    الردود : 39
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي العقلانية في الأدب والفن ..

    تحية طيبة لكم جميعاً ..

    يسرني أن أشارككم في منتداكم العامر .. وأن أطرح لكم أول موضوع لي هنا يتصل بالأدب والفن ..

    قد سبق لأحد الزملاء أن طرح علي السؤال التالي :

    ساري نهار :
    عزيزي الوراق
    لديّ سؤالين اثنين بخصوص هذا الموضوع اذا تكرمت

    السؤال الاول : ما موقف العقلانية من الأدب ( الشعر و القصة و الرواية .. ) أو كيف تنظر العقلانية للأدب ، او ما هي نظرة العقلانية للأدب؟

    السؤال الثاني : الا تعتقد أن الدعوة الى استخدام العقل في الوسط الاسلامي اصبح تهمه ؟
    بحيث ان الذي يدعو الى استخدام العقل اصبح يُتهم بانه عقلاني و بعيد عن الدين !

    الرد:

    برأيي أن العقل لا ينزع من شيء إلا شانه ، ولا يوضع في شيء إلا زانه .. حتى الأدب والفن أيضاً عليهما أن يحترما عقولنا ، فالثقافة الغربية تفصل بين العقلانية وبقية الجوانب الإنسانية ، كالدين والأخلاق والأدب والفن والذوق والجمال والمزاج والهوايات ..

    فتأتينا مدارس و صرعات أشبه بالجنون! يسمونها مدارس أدبية و فنية ، و يروج لها بالإعلام ، وبالتالي يشعر الإنسان بأن عقله يُحتقر حين لا يُسمح له أن يقيِّم ما يرى أو يقرأ ، على اعتبار أن العقل هو خاص بالحياة المادية و العلم فقط ..

    فيُطلب منا أن نُعجب بلوحة الجورنيكا لبيكاسو مثلاً ، رغم قبحها الواضح وشعوبيتها ، لأنها تحكي عن قرية كان يسكنها اليهود في أسبانيا ، و كأن الحروب لم تصب إلا اليهود .. ومع هذا تعلّق على جدار مجلس الأمن ، على اعتبار أن أرض مبنى الأمم المتحدة هدية قدمها المليونير اليهودي روكفيلر .. إذاً ما دامت الأرض لهم فالفكر لهم والفن لهم أيضا ..!!


    وبالمثل لوحات بيكاسو أو لوحات سلفادور دالي ، على شرط أن تبعد عقلك لتتقبل لوحة بيكاسو "العظيمة" الأخرى ، والتي هي عبارة عن مربع أزرق!! وخالية من أي فن!!

    أليس هذا استخفافاً بالعقول؟ خصوصاً وأنت ترى لوحات عصر النهضة العظيمة كلوحات رافاييل و مايكل انجلو ..


    الشعر أيضا : عندما يقول بودلير ، الأب الروحي للحداثة : أنك كلما ربطت كلمتين لم ترتبطا من قبل تكون قد صنعت أدباً إبداعياً ..! هذا نوع من الجنون .. فما لا يرتبط بالعقل لا يرتبط بالنفس ..

    إن كنت تريد أدباً حقيقياًَ أو فناً حقيقياً أو عقلاً حقيقياً أو حضارة حقيقية ، فلا تطلبها في الحضارة الغربية ، فهي ثقافة اهترئت وانتهت مدة صلاحيتها من يوم صارت تكتب الروايات لكي تحتقر الأخلاق من خلالها ، و يظهر رموز تلك الثقافة ليسخروا من الإنسانية كآخر خيط للفضيلة في الإنسان ..

    ماذا بقي بعد هذا للإنسان؟ لا قيمة للدين بدون عقل ولا للأخلاق بدون عقل ولا للأدب بدون عقل .

    لكن : هل نخنق الإبداع والخيال والفن والإنسانيات بالعقل ؟ هنا نقع في مشكلة أخرى .. و خاطئة تماماً ، لأن العقل ينمو ولم يكتمل بعد .. و الشعور الإنساني يسبق العقل وهو أوسع من العقل ، لكن عليه ألا يتصادم مع ما وصل إليه العقل ، حتى لا تهدم الإنسانية ما بنته وتعبت على بنائه.. وأن ينطلق الشعور من خلال الأدب والفن وغيرهما ليضيفوا إلى الرصيد العقلي ، لا أن يناقضوه ويهدموه كما يفعل الأدب و الفن الغربي الثائر على العقل والمنطق ..

    يجب على الأدب والفن أن يسايرا العقل ويسبقاه ، لكن لا يناسب لهما أن يعارضاه ، وإلا لصار تخريفاً و جنوناً .. لأن مخالفة المنطق تساوي الجنون ، إذاً هم يدعون إلى الجنون من خلال شطحاتهم الأدبية والفنية ..

    وهذه حالة فصام تعيشها الثقافة الغربية ، و حالة الفصام ليست حالة صحية ..


    وتقبلوا خالص التحيات ..
    مدونة الورّاق http://alwarraq0.blogspot.com
    وعلى تويتر https://twitter.com/#!/alwarraq0

  2. #2
    الصورة الرمزية نادية بوغرارة شاعرة
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20,306
    المواضيع : 329
    الردود : 20306
    المعدل اليومي : 3.21

    افتراضي

    مرحبا بأول مشاركاتك ، و فيها حديث عن الأصالة و الحداثة و الانتماء

    و عن الذائقة و الفن و العقل ، و كلها بحاجة للوقوف عندها لترسيخ الفكرة و تثبيت المبدأ .

    موضوع مهم ، أفادتني قراءته .

    الأخ الوراق

    أتمنى لك مقاما طيبا في واحتك ، واحة الخير و الأدب و الفكر .
    http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=57594

  3. #3
    الصورة الرمزية صفاء الزرقان أديبة ناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2011
    المشاركات : 715
    المواضيع : 31
    الردود : 715
    المعدل اليومي : 0.15

    افتراضي

    اهلا و سهلا بك استاذ الوراق في الواحة

    موضوع العقلانية في الادب موضوع شائك ويثير الجدل لاختلاف الآراء و التوجهات و التقييم

    فما يتقبله عقلي و يستشعر جماله الفني و روعنه قد لا يتقبله عقل آخر, ليس شرطاً أن يخضع الفن و الأدب لمنطق محدد

    فالناس مختلفون في تقديرهم للمنطق و المُعتمد و العقلاني و بذلك يبقى الاختلاف قائماً.

    قول بودلير "أنك كلما ربطت كلمتين لم ترتبطا من قبل تكون قد صنعت أدباً إبداعياً ..!" أرى فيه شيئاً جميلاً

    فربط كلمات لم تربط من قبل حالة من التوليد و التجديد و الخلق و ذكرني قوله بالشعر الميتافيزيقي الذي يقوم على بناء علاقة

    بين اشياء يصعب الربط بينها فبالرغم من غرابة تلك القصائد و عدم اتفاقنا مع بعض أفكارها و صورها إلا أننا لا نستطيع انكار جمال الكثير

    منها, ففي الربط الجديد دعوة لتأمل العلاقة و التفكر فيها علنا نرى ما عناه الكاتب و لم نستطع رؤيته . نختلف في تقبل الأمور لتتنوع ذائقتنا الفنية

    فيتولد عن ذلك اختلاف فني يغني المشهد الثقافي و يعززه, أما الاتفاق و التشابه فإنه يولد حالة نمطية لا تلبث أن تصبح مملة.

    موضوع بحاجة للنقاش

    أكرر ترحيبي بك , أهلا و سهلا بك في واحة الخير

    بانتظار المزيد

    تحيتي و تقديري

  4. #4
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 39
    المواضيع : 27
    الردود : 39
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادية بوغرارة مشاهدة المشاركة
    مرحبا بأول مشاركاتك ، و فيها حديث عن الأصالة و الحداثة و الانتماء

    و عن الذائقة و الفن و العقل ، و كلها بحاجة للوقوف عندها لترسيخ الفكرة و تثبيت المبدأ .

    موضوع مهم ، أفادتني قراءته .

    الأخ الوراق

    أتمنى لك مقاما طيبا في واحتك ، واحة الخير و الأدب و الفكر .

    يطيب لي أن أشكرك على ذوقك الراقي وحسن استقبالك
    وأتمنى أن أقدم ما فيه معرفة وتنوير أو على الأقل يفتح آفاقاً إلى ذلك
    فأزمة ثقافتنا المعاصرة يبدو لي أنها أزمة مصطلح وتحديد مفاهيم وهذا ما يدور اهتمامي حوله
    فأي انطلاقة تحتاج إلى أساسات
    تحياتي وأرجو دوام مشاركتك

  5. #5
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 39
    المواضيع : 27
    الردود : 39
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صفاء الزرقان مشاهدة المشاركة
    اهلا و سهلا بك استاذ الوراق في الواحة

    موضوع العقلانية في الادب موضوع شائك ويثير الجدل لاختلاف الآراء و التوجهات و التقييم

    فما يتقبله عقلي و يستشعر جماله الفني و روعنه قد لا يتقبله عقل آخر, ليس شرطاً أن يخضع الفن و الأدب لمنطق محدد

    فالناس مختلفون في تقديرهم للمنطق و المُعتمد و العقلاني و بذلك يبقى الاختلاف قائماً.

    قول بودلير "أنك كلما ربطت كلمتين لم ترتبطا من قبل تكون قد صنعت أدباً إبداعياً ..!" أرى فيه شيئاً جميلاً

    فربط كلمات لم تربط من قبل حالة من التوليد و التجديد و الخلق و ذكرني قوله بالشعر الميتافيزيقي الذي يقوم على بناء علاقة

    بين اشياء يصعب الربط بينها فبالرغم من غرابة تلك القصائد و عدم اتفاقنا مع بعض أفكارها و صورها إلا أننا لا نستطيع انكار جمال الكثير

    منها, ففي الربط الجديد دعوة لتأمل العلاقة و التفكر فيها علنا نرى ما عناه الكاتب و لم نستطع رؤيته . نختلف في تقبل الأمور لتتنوع ذائقتنا الفنية

    فيتولد عن ذلك اختلاف فني يغني المشهد الثقافي و يعززه, أما الاتفاق و التشابه فإنه يولد حالة نمطية لا تلبث أن تصبح مملة.

    موضوع بحاجة للنقاش

    أكرر ترحيبي بك , أهلا و سهلا بك في واحة الخير

    بانتظار المزيد

    تحيتي و تقديري




    شكراً على مداخلتك ..
    وأحب أن أبين وجهة نظري وإن كانت تماماً مختلفة عن وجهة نظرك وأرجو تقبل ذلك ..

    العقل والمنطق شيء غير الذوق ، فالعقل والمنطق مشتركات بشرية ، فليس لأحد الناس منطق وللآخر منطق آخر ، إلا على سبيل القبول بالأخطاء المنطقية واعتبارها اختلافات من باب المجاملة ، فالمنطق واحد ، والعلم واحد ، لأن الحقيقة واحدة ولا تكون الحقيقة أشكالاً مختلفة .

    أنت تكتبين كلمة "قلم" فلابد من القاف واللام والميم فقط حتى نحصل على كلمة ..
    لكل فعل ردة فعل ، هذا منطق يتفق عليه الجميع ..
    الأول قبل الثاني ، هذا منطق ..
    اليمين عكس اليسار ، هذا منطق ..
    الجزء أصغر من الكل ، هذا منطق ..

    المنطق لا حرية فيه إلا بدقة تكتشف منطقاً لم ينتبه لها الناس ، لأن المنطق باختصار هو الحقيقة العقلية ، والحقيقة واحدة .

    كما أني أختلف معك أيضاً بأن العقل هو الذي يتذوق ، فالعقل عبارة عن مقاييس منطقية وذاكرة معلوماتية ، وهي كما ترين أدوات جامدة ، إذاً من الذي يتذوق؟ إنه إحساسنا وشعورنا وليست عقولنا ، فالعقول أدوات تشبه الحواس ، فالعين ليست هي من تتذوق الجمال وإنما هي من وصلت المشهد ، وكذلك العقل هو أداة جامدة تنقل الأفكار إلى حس حي مرهف هو الشعور الإنساني الخصب وغير المحدود ، بدليل أننا لا نستطيع أن نحدد مقاييس عقلية مئة بالمئة للجمال ، إذاً ليس العقل هو من يتذوق الجمال ، وإن كان هو الوسيلة الناقلة والموضحة للجمال ، ومن هنا احتاج الفن والأدب إلى العقل .

    الجنون لا يمكن أن يقدم جمالاً ، وربط كلمة بكلمة بدون علاقة منطقية واضحة لن يكون ربطاً عقلانياً ، وبالتالي لن يكون ربطاً جميلاً ، إلا إذا كان هناك علاقة يمكن فهمها .

    فربط كلمات لم تربط من قبل حالة من التوليد و التجديد و الخلق و ذكرني قوله بالشعر الميتافيزيقي الذي يقوم على بناء علاقة بين اشياء يصعب الربط بينها
    أنت الآن تتكلمين عن التجديد والإبداع فهل كل جديد يعني إبداع؟ طبعاً لا ..
    هل تغيير أثاث الغرفة بطريقة عشوائية ووضع الكرسي فوق الطاولة أو الطاولة فوق الكرسي يعتبر إبداعاً أو جنونا؟

    هذا يذكرنا برسمات سيلفادور دالي وبيكاسو غير المنطقية ، وشعر الحداثة الذي يعتمد على تفجير اللغة وإعادة تركيبها بطريقة جديدة ، أي بطريقة عشوائية غير واعية تذكرنا بالسريالية والأدب اللا معقول ، وبقية المدارس المتحررة من أدب العقل والتي تجعل المتلقي يشعر بالنقص أكثر من شعوره بالجمال ، لأن الإعلام يقدم هؤلاء الرواد على أنهم رواد ذوو نظرة بالغة بالعمق ، ثم يقف المتلقي حائراً وهو لا يدرك أبعاد هذا الذي يقولون عنه ، ثم يقول عن نفسه أنني لم أستطع الوصول إلى مستوى هذا الرسام أو الفنان ، ولو لم يكن عظيماً لما لقي هذه الشهرة .

    إذاً النتيجة : شعور بالنقص والإحباط وانتقاص الذات وتعطيل القدرات النقدية والإبداعية ، وبالتالي خضوع وتسليم.

    ثم ما هو النص الذي تأتي عظمته من قلة فهمه؟ فالجمال لا نتذوقه حتى نفهمه كما قال أبو ماضي:
    والمرؤ ليس يحب حتى يفهما ..

    الفاهم يستطيع أن يفهم غيره ، والمعلم غير الفاهم لا يفهم منه التلاميذ وإنما فقط يزرع فيهم شعور النقص ، كل الغموض في المدارس الأدبية والفنية الحديثة هو نتيجة للتخلص من قيود المنطق والأخلاق والمثالية ، لأنها لم تستطع مع المنطق أن تأتي بجديد من خلال المنطق ، فلجأت إلى حربه .

    شكسبير والتمنبي وغوته لم يضطرو إلى هذا الهروب من المنطق وقدموا أدباً خالداً دون أن يتعادوا معه ولم يضطروا إلى الغموض والضبابية ليخفوا عجزهم معتمدين على تخريجات القارئ وحسن نيته ، فلا يضطر لهذا إلا من ينطلق من فلسفة مادية تعتقد أن العبثية هي أصل الكون وليس المنطق والنظام والوعي ، ولهذا جاءت مدارسهم بهذا الشكل المرهق الناضب من الجمال الحقيقي والمليئ بالتشاؤم والفوضوية ، الفوضى لم تكن يوماً صورة من صور الجمال ، وأدب الحداثة واللاأدرية واللامنتمي والسريالية وبقية المدارس من هذا الشكل كلها أدب فوضوي .

    فبالرغم من غرابة تلك القصائد و عدم اتفاقنا مع بعض أفكارها و صورها إلا أننا لا نستطيع انكار جمال الكثير منها
    هذا الجمال ماذا سيكون أساسه إذا كانت الرؤية غير واضحة ؟ فلابد أنه من تخيل المتلقي ، أي أنه جمال في خيال المتلقي وليس من جمال النص ، فالمبدع الجيد هو من يقدم أنصع صور الجمال ، ولا يعتمد على المتلقي ، لاحظي أن مثل هذه النصوص لا يحس بجمالها مع قلته -كما ذكرتي- إلا من يريد أن تكون جميلة ، أما البقية فسوف ينفرون منها وهم على حق ، وهذا هو الواقع: نفور الأكثرية وتعظيم الأقلية التي تريد أن تبرز تفوقها وكأنها فهمت ما لم يستطع فهمه البقية ، موقف متكرر مع الأدب والفن الغامض .

    سُأل أحد الشعراء الحداثيين: لماذا لا يفهم ما تكتب؟ فقال: أنا أكتب لمئة شخص فقط في الوطن العربي!!
    ترى ما هو هذا المنطق الذي لا يفهمه إلا مئة شخص؟ وهل هم فعلاً يفهمومنه فهماً واحداً؟ فإذا المئة شخص فهموه فهماً واحداً فلماذا لم يستطع البقية؟؟ وهل يمكن فهم شيء بلا منطق؟ إذاً لماذا المنطق موجود؟؟!

    الغموض نفسه لم يأت إلا من عدم وضوح الروابط المنطقية ، والمجنون يرى الناس أنه شخص غامض لعدم وضوح المنطقية في سلوكه وكلامه ، وشعورهم نحوه شعور خوف وليس شعور إعجاب . تصوري أحداً يكتب تقريراً يقال عنه أنه غامض، فهل هذا تقرير ناجح أو فاشل؟

    إذاً الغموض هو ضعف في قدرة التوصيل ، أي فشل بالتواصل ، وهذا عكس البلاغة ، فالبلاغة تعني الوصول إلى المتلقي وإسماعه حتى لو كان به صمم ، والقصيدة الجيدة تنتقل بنفسها والقصيدة الضعيفة تُنقل على محفة وعكازات ، ودائماً تحتاج إلى ناقد يحاول تفسيرها ووضع اليد على مكامن الجمال فيها ، وهذا بلا شك علامة ضعف وليس علامة قوة ، فالقصيدة الجيدة هي التي لا يعيق المتلقي شيئاً عن الوصول إليها إلا حاجز اللغة أحياناً أو إعمال العقل أكثر، بحيث يخرج بنتيجة من الفهم بعد أن يعمل عقله ، أي يتضح الرابط المنطقي ..

    مثلما أخطأ الكسائي في فهم معنى البيت :

    ما رأينا خَرِباً نَقَّر عنه البيضُ صقرُ *** لا يكون العَيْرُ مُهْراً لا يكون المُهْرُ مُهْرُ

    فقال الكسائي وهو يناظر اليزيدي أمام الخليفة : لقد لحن الشاعر، فرفع خبر يكون . فألقى اليزيدي عمامته فرحاً لأنه انتقم لأستاذه سيبويه وقال: بل أنت أخطأت الفهم ، لأن جملة المهر مهر : مبتدأ وخبر وهي جملة استئنافية لا علاقة لها بجملة يكون . وهذا توضيح لمنطق فات على الكسائي .

    وبيت المتنبي :
    كل ما لم يكن من الصعب في الأنفس *** سـهـل فـيـهـا إذا هـو كـان

    فقد لا يستطيع المتلقي أن يفهم العلاقة المنطقية بمفرده مباشرة فيأتي دور الناقد ليوضحها ، أما أن يكون الناقد أديباً آخر ويحلق بنا في فضاءات غموض أخرى فهذا مما يزيد الطين بلة ويزيدنا غموضاً أكثر ، لدرجة أن قراءة القصيدة بدون نقد صارت أرحم من قراءتها مع تعليق الناقد ، فتكون أمام الناقد كأنك أمام مبدع آخر ، أي أمام تعقيد آخر ، ويكون المتلقي هو الضحية في عدم الفهم أو ضعفه .

    وأيضاً من وظيفة الناقد أن يبرز مكامن الجودة في الجمال والعاطفة والفكرة من حيث إبراز الصدق في العاطفة والجدة في الفكرة والسمو في المعنى ، هذا غير التوضيح اللغوي والموسيقي ، وهكذا نستفيد من الناقد . فما يقوم به أكثر النقاد هو اختلاق نص طويل على نص قصير، مع أن المتلقي قد لا يكون فهم النص الأصلي وقد لا يفهم المتلقي بعض المفردات ، وبهذا الشكل ينطبق المثل: أن الناقد أديب فاشل .

    كيف صار الأدب الذي وضع للناس من شأن المختصين؟ وكأنه تخصص في ميكانيكا الآلات أو برمجة الحاسوب !!

    المبدع الحقيقي هو من يفرض جماله حتى على من لا يريده بل حتى من يختلف معهم إيديلوجياً بل حتى مع أعدائه، مثلما كانت قبائل العرب تتناقل شعر أعدائها الجيد ، يقول المتنبي :

    أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي **** وأسمعت كلماتي من به صمم

    بمعنى أن النص هو الذي يفرض جماله على المتلقي ، لذلك سموا المتنبي بمالئ الدنيا وشاغل الناس ، حتى خصومه اشتغلوا بأدبه وفنه ، فهذا طه حسين وهو لا يحب المتنبي كما يبدو منشغل بأدبه ويقر أنه استصحب معه إلى جبال الألب ديوان المتنبي فقط.

    وبالنسبة لربط كلمتين لم تربطا من قبل .. إن كان لعلاقة منطقية لم ينتبه لها الآخرون فهو إبداع ، أما إن كان ربطاً لمجرد الربط والعبثية لمجرد أنهما لم ترتبطا من قبل كما قال بودلير فهو جنون ، ولهذا سمي المجانين مجانين لأنهم يربطون بين كلمات لا ترتبط معنوياً مع بعضها ، ولا تستغربي من هذا ، فالجنون عند المدارس الغربية له قيمة كبيرة ، بل هو من أكبر أسباب الشهرة . فان جوخ ونيتشه وسيلفادور دالي وغيرهم كثير أشهرهم جنونهم وجعلهم في القمة .

    أنا لست مع التزمت وفكرة انه ليس بالإمكان أكثر مما كان؛ لأنها تقتل الإبداع ، لكني لست أيضاً مع الجنون بأن يقدم لي كأعلى مستوى وصل إليه الإنسان ، وكل متلقٍ للفن له عقل؛ فماذا يفعل بعقله؟ فهل يلقيه خارج المنزل ثم يفتح كتب الأدب والفن؟؟!

    ففي الربط الجديد دعوة لتأمل العلاقة و التفكر فيها علنا نرى ما عناه الكاتب و لم نستطع رؤيته
    هل الجمال هو ما نبحث عنه بالعدسة المكبرة أو الميكروسكوب فعلنا نجده أو لانجده؟!
    المعروف عن الجمال أنه يفرض نفسه ويُسمع من به صمم . ويقال عن المرأة الجميلة أن جمالها باهر ويخلب الأبصار ويعبر عنه بأنه ظالم، كما قال إبراهيم ناجي:

    أين من عيني حبيب ساهر *** فـيـه عـز وجـلال وحـيــاء
    واثق الخطوة يمشي مـلـكـاً *** ظالم الحسن شهي الكبرياء

    وإذا كان هذا مبدؤنا؛ إذاً نستطيع تطبيقه على كل صورة عبثية ، فلا يخلو شيء من ملمح من الجمال نستطيع أن نقف عنده فقط ، بينما نترك الجمال الحقيقي والمترابط والساطع ، هكذا نكون كمن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ، ثم لاحظي أن أكثر عمليات الربط بين الحامل والمحمول أو المسند والمسند إليه أو كلمة وكلمة أخرى كما يقول بدولير ماذا سيحدث حتى تكون جديدة؟ لابد أنها ستكون عكس المنطق ..

    عندما أقول: " كنا نتزحلق على أرغفة الأقمار ونتقاذف رغوتها ، كانت الأرصفة فوق رؤوسنا والقطار يسبح في العباب المتفحم أمامنا " .. كل هذا عبارة عن عكس منطقي ، فالرصيف يكون تحت الأقدام وليس فوقها ، والقطار لا يسبح في البحر ، والعباب لا يكون فحما أبداً ، فهذا عكس العقل ، وعكس العقل هو الجنون ، فمن أين يأتي الجمال ونحن نعاكس العقل تماماً؟؟! وإذا كان الجمال معاكساً للعقل فماذا سيكون القبح؟؟!

    نختلف في تقبل الأمور لتتنوع ذائقتنا الفنية فيتولد عن ذلك اختلاف فني يغني المشهد الثقافي و يعززه, أما الاتفاق و التشابه فإنه يولد حالة نمطية لا تلبث أن تصبح مملة.
    إذا كان الاتفاق سيتوقف فكلامك صحيح ، لكن الاتفاق أيضاً يجوز أن يستمر مثلما أن الاختلاف يجوز أن يستمر ، فالاتفاق يعني الانسجام والتناغم ، أي يعني الجمال ، والاختلاف يعني نشاز، والنشاز ليس جمالاً ، فكيف يكون الاختلاف جميلاً وكيف يكون الاختلاف رحمة؟ لا أستطيع أن أفهم !!

    أليس اتفاق الأصدقاء كلما دق تكون علاقتهم أكبر؟ وهل نشاز الزوجين عن بعضهما وهو من صور الاختلاف يعني أن تكون حياتهما أفضل وأجمل؟ .. الحرب من صور الاختلاف عندما نكبرها ، والحرب كريهة، فعلى أي منطق يكون الاختلاف جميلاً؟! ، ولازلت أريد أن أفهم !

    إذا كانت نكتة تضحكك ولا تضحك زميلتك أبداً ، فهل يعني هذا أن التقارب سيزداد بينكما وأنك أصبحت لا تملين منها وصارت صديقة ممتعة بسبب اختلافها عنك؟؟ فهذا فرق عن التي تضحك معك في نفس اللحظة التي تضحكين فيها ، أو التي تشعر بنفس ألمك الذي شعرتِ به .

    دائماً يقدم الاتفاق على أنه ممل ، لماذا لا يكون الاختلاف مملاً؟ بل ومتعباً أيضاً ؟! أليس استمرار الخلاف يعني حالة نمطية؟ ولماذا نبتعد عن الإنسان ، فالإنسان يحب الوئام والاتفاق بطبعه، فلماذا لا نتخذه مقياساً؟
    بناءً عليه لا نقول أن في الاختلاف جمال أو خير ، لأن الإنسان لا يحب الاختلاف ويسره الانسجام والتفاهم .


    وشكراً لك ..



  6. #6
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.74

    افتراضي

    الشعر أيضا : عندما يقول بودلير ، الأب الروحي للحداثة : أنك كلما ربطت كلمتين لم ترتبطا من قبل تكون قد صنعت أدباً إبداعياً ..! هذا نوع من الجنون .. فما لا يرتبط بالعقل لا يرتبط بالنفس ..

    لكن : هل نخنق الإبداع والخيال والفن والإنسانيات بالعقل ؟ هنا نقع في مشكلة أخرى .. و خاطئة تماماً ، لأن العقل ينمو ولم يكتمل بعد .. و الشعور الإنساني يسبق العقل وهو أوسع من العقل ، لكن عليه ألا يتصادم مع ما وصل إليه العقل ، حتى لا تهدم الإنسانية ما بنته وتعبت على بنائه.. وأن ينطلق الشعور من خلال الأدب والفن وغيرهما ليضيفوا إلى الرصيد العقلي ، لا أن يناقضوه ويهدموه كما يفعل الأدب و الفن الغربي الثائر على العقل والمنطق ..
    يجب على الأدب والفن أن يسايرا العقل ويسبقاه ، لكن لا يناسب لهما أن يعارضاه
    لا شك أن إبداعا يمسك بدفته مهووس ويقود سيره سكير عربيد لا يستحق أن يسمى إبداعا، لكنهم أسموه ولهث المقلدون وراءهم، فكان ما نسمع من أسماء يهتف بأسمائهم الإعلام بأبواقه وناعقيه
    وحسبنا دليلا على ذلك ما قرأت هنا نقلا عن بودلير أنك كلما ربطت كلمتين لم ترتبطا من قبل تكون قد صنعت أدباً إبداعياً
    أيعني هذا أنني لو قلت مثلا "رجل السقف " أو "ذراع الحائط" أكون صنعت أدبا إبداعيا ؟
    هذا طبعا إن لم يكن رواد هذا المسمى فنا وأتباعه قد سبقوني بإبداعها!!!

    ثمة ضرورة حقيقية لفهم كنه الإبداع وماهيته لكي لا تحملنا هلوسات الآخر بعيدا عن العقل والمنطق

    مقالة إيجابية الرسالة بينة الفكرة

    تحيتي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  7. #7
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,141
    المواضيع : 253
    الردود : 5141
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي

    ( فالعقل عبارة عن مقاييس منطقية وذاكرة معلوماتية )

    اظن ان هذا هو الدماغ ..


    على كلٍ تقبل مروري الاولي

    وسأعود باذن الله تعالى ..


    وبالمناسبة كتب مقالة بعنوان ( قصيدة النثر وشيء عن الحداثة ) .. ربما تكون مناسبةأيضاً هنا ، ونحن نتكلم عن المعقولية والجنون ..

    على هذا الرابط :

    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=56416




    تحياتي ..
    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  8. #8
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 39
    المواضيع : 27
    الردود : 39
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيحة الرفاعي مشاهدة المشاركة
    لا شك أن إبداعا يمسك بدفته مهووس ويقود سيره سكير عربيد لا يستحق أن يسمى إبداعا، لكنهم أسموه ولهث المقلدون وراءهم، فكان ما نسمع من أسماء يهتف بأسمائهم الإعلام بأبواقه وناعقيه
    وحسبنا دليلا على ذلك ما قرأت هنا نقلا عن بودلير أنك كلما ربطت كلمتين لم ترتبطا من قبل تكون قد صنعت أدباً إبداعياً
    أيعني هذا أنني لو قلت مثلا "رجل السقف " أو "ذراع الحائط" أكون صنعت أدبا إبداعيا ؟
    هذا طبعا إن لم يكن رواد هذا المسمى فنا وأتباعه قد سبقوني بإبداعها!!!

    ثمة ضرورة حقيقية لفهم كنه الإبداع وماهيته لكي لا تحملنا هلوسات الآخر بعيدا عن العقل والمنطق

    مقالة إيجابية الرسالة بينة الفكرة

    تحيتي


    أشكرك على التفهم والتعقيب الطريف والممتع ..

    تحياتي لك ..

  9. #9
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 39
    المواضيع : 27
    الردود : 39
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بهجت الرشيد مشاهدة المشاركة
    ( فالعقل عبارة عن مقاييس منطقية وذاكرة معلوماتية )

    اظن ان هذا هو الدماغ ..


    على كلٍ تقبل مروري الاولي

    وسأعود باذن الله تعالى ..


    وبالمناسبة كتب مقالة بعنوان ( قصيدة النثر وشيء عن الحداثة ) .. ربما تكون مناسبةأيضاً هنا ، ونحن نتكلم عن المعقولية والجنون ..

    على هذا الرابط :






    تحياتي ..

    شكراً لمرورك وبانتظار عودتك ..

المواضيع المتشابهه

  1. دور العقلانية الإسلامية في إعادة صياغة الوعي الثوري
    بواسطة سامح عسكر في المنتدى إِعَادَةُ الصِّيَاغَةِ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 01-10-2012, 11:00 PM
  2. العقلانية... هل من ضرورة لها ؟
    بواسطة نبيل عودة في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 18-07-2011, 01:41 AM
  3. الإسلام والفن
    بواسطة د.أحمد في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 29-12-2005, 03:08 PM
  4. عن البصل والثوم ...والفن الحديث !!!
    بواسطة ابو نعيم في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18-12-2004, 02:19 PM