ككل صبيحة بعد الفطور غادرت المنزل محملا بعدد من التوصيات اهمها ان البطاطا نفذت و علي شراء كمية أخرى منها...
أمر من شارع إلى شارع ملتفا في معطفي الشتوي ، على الرصيف المقابل سمعت مناديا يعلن ان فلانة بنت فلان توفيت هذا الصباح و الجنازة تقام بعد ظهر اليوم لم أتوقف كثيرا عند هذا الاعلان لأنه أصبح مألوفا من جهة و لأن الأمر يتعلق بامرأة من جهة أخرى..
لما وصلت الى قلب المدينة رأيت امرأة بدينة متجلببة تجر طفلة من شعرها لم تتجاوز العاشرة من عمرها و هي تصرخ اطلقي شعري ..أتركيني..لكن المرأة البدينة تواصل بكل شراسة جر الطفلة البائسة من شعرها الأشعث توقفت أتابع المنظر كما توقف آخرون ..أستفزني المشهد واضطربت الى أن قال احد الحاضرين :"ليست ابنتها لو كانت إبنتها ما عاملتها بهذ الشكل".. و قال أخر: "إنهم يجلبون الأطفال من حيث لا أدري و يتسولون بهم.." و أردف ثالث:" الدولة غائبة ..اين لتتدخل في مثل هذه المواقف.." قلت بيني بين نفسي " من هي الدولة هل هي هي ذاك الشرطي أو الدركي..؟..انه عنف المرأة ضد المرأة...الذي تكلم عن عن غياب الدولة انتظرت منه تدخلا حازما يطفئ غضبي خاصة هو في آخر الكهولة..متقاعد بعد ان قضى العمر في الحماية المدنية ..أخيرا تدخل أخر و فك البنت المغلوبة على أمرها من مخالب تلك الشريرة..و أبقاها قرب طاولته على الرصيف التي يسترزق منها ببيع السجائر و الفول السوداني و الولاعات و قد علق ولاعة بخيط لمن اراد إشعال سيجارة...المرأة لم تحتج سرعان ما تخلت عن البنت وواصلت سيرها هنا تأكدت انها ليست ابنتها ..توجه الذي تكلم عن غياب الدولة الى الطاولة ليبتاع من صاحبها علبة سجائر و على الفور فتحها و اخرج منها سيجارة وجد الولاعة جاهزة , اشعل سيجارته ثم انصرف ..و انصرف الثاني نحو بائع الحليب و كل ذهب الى سبيله..و انا ايضا انصرفت و منظر البنت البائسة و صورة شدها من الشعر لا تكاد تبرح عقلي...و افكر ما الذي كان علي فعله امام هذا الموقف المحرج و المخزي ...بينما انا كذلك عاد الصوت من جديد:" الجنازة يرحمكم الله ......."