أعشق البحث عنكِ ( 3 )
ـــــــــــــ
قال الذئب : والله لتهلكنّ يا هذا ،،، في بحثك عن أنثى تشبّحَت لك ! .
لعمر أبيك ، ما امرأة تلك ؟
قلت : امرأة فقط ! .
قال : لكأنك يا حسين في حُمَيّا الشوق ، وإنه كنار تَكَلْحَبَتْ[1] ثم تَمَعْمَعَتْ[2] لتتضرّم تحت الوَدَك ، فتسمع نَشْنَشَة[3] قطراته على جمر تسعّر بوقود زيته .
قلت : هو كذلك يا صاحبي .
قال : فيتصاعد دخانه ، فيتضارب بعضه في بعض ، كأنك في سُرادق[4] وغواش .
قلت : أصبت مفصل الحق يا ذئب .
قال : فما حملك على ذلك ؟ ! .
قلت : أما علمتَ أنها استوطأت الحُسنَ واستوطئها الحسنُ ؟ .
قال : لا ،،، ما علمت ، غير أنك تقولها .
قلت : أما علمتَ أن لحمها تماسك على عظمها حتى استوى بدنا عارما يفكّ حِرْز الرجولة ، فيطلقها كأنها لم تأنس نهْيا قط ،،، ولم تسمع زجرا قط ؟
قال : هاه ،،، لا ، لا أريد أن أعلم .
قلت : أما علمتَ أن جُمُوح السحر ما جُعِل إلا لها ؟
باذخة جمال الوجه ماتعة .
جمّة الأدب والعلم ذائعة .
لا تتلفّظ غير أنها تحيي الطلاق ،،، ولا تتفوّه غير أنها تحث على التزيّد ، ولا يكون الأخير إلا بها .
قال : وفي أيّ ملكوت هي ؟ وأنى لنا بها ؟
قلت : وما شأنك أنت بها ؟
قال : فقط أريد أن أرى هذي التي تصف !!! كيف ترفلُ بأبهى جمال ؟ وتميس بآنق بدن ؟ وكيف تسطع بآلق وجه ؟
قلت : دعها لي يا ذئب ،،، ودعني أعشق بحثي عنها .
قال : لم ؟
قلت : لألعق العذاب تلو العذاب ،،، ومن ورائه العذاب أيضا .
قال : عجبا !!! لكأنك تحب العذاب .
قلت : عذاب حبها فقط ،،، .
هل سمعت بامرأة ترقّت عن موجبات النفور ،،، وحسّنت وجهها لتحشوه سحرا ،،، وغشيت عطرها ليملأها جذبا ؟؟؟ .
قال : نعم !!! .
قلت : أنّى[5] وأيّان[6] ؟
قال : صاحبتكِ هذه التي تبتدعها لنا .
قلت : أيها اللئيم ،،، وكيف أبتدعها وهي حقيقة ؟
قال : كيف حقيقة وأنت تبحث عنها ؟؟ .
قلت : لأنها في مُخّي وقلبي ،،، أكّنُّ عليها كما كنّت البيضة على محَاحها[7] .
قال : يا رجل ،،، أهي حقيقة أم بِدْعا من النساء ؟
قلت : كينونتها حقيقة ،،، وسحرها بديعا ،،، ولو ظهرت على النساء لقتلنها غيرة وحَنَقا .
قال : آهة ،،، هذا للنساء ،،، وماذا عن الرجال ؟
قلت : إن ظهرت ، فما يراها رجل إلا اكتشف مِرْزَئته[8] ،،، وإلا انكفأ مهموما يضرب كفّاً على كف !!! .
قال : ولم ؟
قلت : لأن السحر يورث الخَبَل .
قال : والأجدى ؟
قلت : أن تبقى مكنونة ،،، وأبقى أعشق البحث عنها .
ـــــ انتهى ــــــــــ
حسين الطلاع
26/5/2010 م .
المملكة العربية السعودية - الجبيل
[1] : الكلحبة : صوت النار إذا توقّدت .
[2] : المعمعة : صوت لهب النار إذا اشتد للضرام .
[3] : النشنشة : صوت القلية أو المقلي أو المقلاة إن كان بها زيتا .
[4] : السرادق : هو ما أحاط الشيء من نار ودخان .
[5] : أنّى بمعنى كيف .
[6] : أيّان بمعنى متى .
[7] : المحاح هو صفار البيض .
[8] : المرزئة : المصيبة .