|
أدْمَـــنْــتُ حُـــبَّــكَ لا زوراً ولا كــذِبَــا |
ونِــلْـتُ حِــقْـدَكَ لا أدري لَــهُ سَـبَـبَا |
يـــا مـوطـناً نــالَ مِـنّـي كــلَّ غـالـيَّةٍ |
وحينَ رُمتُ قليــلاً من هــواهُ أبــى |
الــيَـوْمَ أُعْـلِـنُـها فـــي كُـــلِّ نـاحِـيَّةٍ |
مَـا عُـدْتُ أعْـشَقُ فـيكَ الزّورَ والنُّصًبا |
يــا مـوْطـناً كُـنْتَهُ فـي حِـقْبةٍ فَـرَطتْ |
هـلْ أنـتَ ذلِـكَ أمْ تُـخْفِي لـنا العطَبَا |
الـخـيْـرُ فــيـكَ ولــكـنْ كــيـفَ نَـبْـلُغُهُ |
وأَلْــــفَ أَلْـــفِ لـئـيـمٍ هــيَّـأ الـحُـجُـبَا |
حـتّى غَـدَا الـنّاسُ فِـيمَا يَـبْتَغوا فِـرَقاً |
مَـنْ يَـحْصُدِ الفَقْرَ أوْ مَنْ يحْصُدِ الرُّتَبَا |
فَــــلا حــيـاةَ بـــأرضٍ قـــدْ نُـطـاوِلُـها |
إلّا قــلـيـلاً سَـعَـيْـنَـا خَــلْـفَـهُ طَـلَـبَـا |
فـيـها مِـنَ الـخيْرِ مـا يـكْفي وتُـبْصِرُنا |
رغـمَ الـغزارةِ نـشكو الـوَيْلَ والـسَّغَبَا |
فـيـهـا الـبِـحـارُ وفـيـها ألْــفُ سـاقـيَّةٍ |
ويَـقْـتُـلُ الــحَـرُّ فـيـها الـثَّـغْرَ والـقِـرَبَا |
فـيـهـا الـجِـبالُ مِــنَ الآزالِ شـامـخَةٌ |
كيْ يَصْعَدَ المرْءُ مِنْ أدْراجِها السُّحُبَا |
لـكـنّنا فــي كُـهـوفِ الـجَـوْرِ أسْـفَلَها |
نــشـكُـو بـظُـلْـمَـتِها الآلامَ والــجَـرَبَـا |
نــضُـمُّ فـيـهـا صِـحَـاباً لا نُـسَـرُّ بِـهِـمْ |
ثَــلاثــةً: حُــزْنَـنَـا والــخَـوْفَ والـتَّـعَـبَا |
والـبـعضُ فــي أفُــقِ الآفــاقِ مُـنعزلاً |
يُــحـاوِرُ الـلـيـلَ والـكُـثْـبانَ والـشُّـهُـبَا |
والـبـعْضُ مِـنّـا يـبُـثُّ الـبـحرَ مَـوْجِـعَهُ |
والـبـعـضُ يـركـبُـهُ مِـــنْ فَـاقـةٍ هَـرَبَـا |
كــأنّـمـا الــبـحْـرُ بَـــرٌّ فـــي تـصَـلُّـبِهِ |
وذلِـــكَ الــبَـرُّ بــحْـرٌ يـنـبـري غَـضَـبَـا |
فــــلا يُــسَــرُّ بِــهَـزِّ الــمـوْجِ راكــبُـهُ |
يُـباغِتُ الـموْتُ مَـنْ يَـبْقَى ومَـنْ رَكَبَا |
فلا عصىً كيْ نَشّقَّ البحْرَ مِنْ جِهَةٍ |
ولا رِمــاحـاً لِـنُـعْـلِي فـوْقَـهـا الـكُـتُـبَا |
ولا قـمـيـصاً يُـعـيـدُ الــنّـورَ مَـلْـمَسُهُ |
إلــى عُـيُـونٍ سـبَاها الـنّورُ مَـا وَهَـبَا |
لا شـيْءَ في وَطَنٍ نَصْبُو إلَيْهِ سِوى |
أنّـــا نَـعـيـشُ عــلـى أطْــرَافِـهِ غُـرَبَـا |
ولا تُـــرابَ نــحُـوزُ الــيـوْمَ فــي بَـلَـدٍ |
إلّا لِــنُـدْفَـنَ فـــي شِــبْـرٍ بـــهِ تُــرَبَـا |
كُـــنّــا بـــــهِ عَــرَبــاً لــكِــنَّ أقْــذَرَنَــا |
صـــارُوا جُـنُـوداً وكـانـوا قَـبْـلَها عَـرَبَـا |
صــارُوا ذِئـابـاً عـلـى الآمَــادِ تَـنْهَشُنَا |
والـجُرْحُ فـي كُـلِّ نَـفْسٍ بَـعْدُ مُـلْتَهِبَا |
وذي رُبـــى دَمِـنَـا فــي كُــلِّ نـاحـيَّةٍ |
يَـسـيلُ فـيـها غَـزيـراً بَـعْـدُ مــا نَـضُبَا |
وحــيــنَ جِـئْـنَـا وآثـــارُ الـنّـيُـوبِ بِــنـا |
مِـــنْ كُــلِّ نـاحـيَّةٍ قـالـوا دَمــاً كَـذِبَـا |
ولا تـــزالُ ذئـــابُ الـحَـيِّ تَـتْـبَعُ مَــنْ |
يَـمْـشي وتَـرْقُـبُهُ مِــنْ حـيْـثُما ذَهَـبَا |
يَـا حُـرْقَةَ الـرُّوحِ قُـلْ لِـي مـا تُـريدُ بنا |
يــا مَـوْطِـناً غـارِقـا مِــنْ لُـؤمِـهِ عَـتَـبَا |
أنّـــا وهَـبْـنَـا دُمُــوعـاً مِــنْ مَـحـاجِرِنا |
حتّى بدا في سُهُولِ الأرضِ مُنْسَكِبَا |
أنّـا وهَـبْناهُ مـا فـي الـعُمْرِ مِنْ نَصَبٍ |
حـتّـى تـضـايَقَ مِــنْ أعْـمَـارِنا نَـصَـبَا |
مَــلَّ الـصُّـراخُ مِــنَ الأصْــداءِ تُـرْجِعُهُ |
حـتّى سـئمْناهُ سُـخْطاً كـانَ أوْ تَـعَبَا |
أغْـلـى مِـنَ الـرّوحِ مـاذا بَـعْدُ نَـمْنَحُهُ |
وكُــلُّ شــيْءٍ مَـنَـحْنَا يَـسْتَحيلُ هَـبَا |
مـا عـادَ للنّاسِ في الأوْطانِ أنْ يَهَبُوا |
بـــلْ آنَ لـلـوَطَنِ الـمَـيْسورِ أنْ يَـهَـبَا |