- آلو ...
- آلو ....
يأتيه صوت بعيد .
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . من ؟
- أخي الكريم اسمي الشيخ عبد الرزاق وأنا من تلامذة الشيخ مناف أطال الله في عمره وقدره على فعل الخير ..
- أهلا وسهلا بك بم أستطيع أن أخدمك ؟
- أخي في الله الآن خرجت من خلوتي فما أنا إلا عبد من عباد الله .. أعمل بأمره وبإرشادات من شيخنا الجليل مناف أطال الله في عمره.. أخي في الله قل أشهد إن لا الله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله !
ينطق السيد فؤاد بالشاهدتين وسط دهشة واستغراب من سرعة هذا الرجل في الكلام واتصاله في هذا الوقت المتأخر !
- أخي في الله، الأمر الذي أريد التحدث معك فيه يجب أن يبقى سرا بيننا ولا يعرفه أحدٌ سوانا والله شاهد علينا ..
- تكلم يا أخي أسمعك..
- عندما كنت في خلوتي جاءني هاتف وأمرني أن أقوم بمساعدتك للخلاص من الشر الذي يقبع لك بالمرصاد.. هناك رجلان وامرأة قاموا بفعل مشين عند مشعوذ من خدم الجن السفلي، وهذا الجن يقوم بعمله بالاستناد إلى السحر الأسود، وها أنا أتصل بك لمساعدتك بأمر من شيخنا الجليل مناف لأنك شخص مؤمن وطيب القلب وتخاف الله عز وجل..
بدأت ضربات قلب السيد فؤاد تتسارع من كلام الشيخ وقال له:
- أرجوك أخبرني من هم هؤلاء الذين يريدون بي الأذى...
- أنهم يحسدونك على ما أعطاك الله من نعيم ويريدون أن تعيش في يأس ودمار ولكننا بإذن الله سنرد كيدهم عنك وهذا كله بإذن الله وبركات الشيخ مناف معلمنا ولا نريد منك لا مالاً ولا أي شيء سوى كلمة جزاك الله خيرا والدعاء لي ولشيخنا مناف أطال الله في عمره!
- سيدي الشيخ عبد الرزاق جزاك الله خيرا وأطال الله في عمر شيخنا مناف.. أخبرني ماذا علي أن أفعل كي أنجو من كيد هؤلاء ؟
- أخي في الله صلي على رسول الله ( ص) نحن نستطيع مساعدتك فقط أرسل لنا مبلغ خمسمائة دولار أمريكي على رقم هذا الحساب غدا لكي نشتري بعض الأشياء التي بها إن شاء الله سنقوم برد الخطر والشر عنك وسنقوم بفدائه بدم وسيتقبل الله منا إن شاء الله.. ولكن يجب عليك إرسال النقود في الصباح لأن الوقت يداهمنا وخلال أسبوعين سيكون الشر قد تمكن منك وعندها لا نستطيع فعل أي شيء!
- أيها الشيخ الكريم سأقوم بإذن الله في الصباح بإرسال النقود على رقم الحساب ولكن أرجوك أخبرني من هم هؤلاء الذين يريدون السوء بي
- سأخبرك ولكن بعد زوال السحر الأسود عنك ويجب أن يبقى هذا الأمر سرا بيننا حتى نستطيع تحريرك منه..
يغلق السيد فؤاد الهاتف وهو في حالة دهشة من كلام هذا الشيخ الذي سيطر على جميع حواسه حتى أنه بدأ بسماع ضربات قلبه في رأسه !
أطفأ التلفاز وجهازه المحمول وبدأ بقراءة القرآن الكريم وعيناه تكاد تنهمر الدموع منهما من شدة خوفه من كلام الشيخ عبد الرزاق .
بعد قليل يتوجه إلى غرفته ليرتدي ملابسه فهو يريد الوصول إلى البنك مبكرا قبل الازدحام ، ولا بأس أن يقوم بالانتظار أمام باب البنك ساعة أو ساعتين حتى يفتح .. وإذا بعينيه تقع على زوجته النائمة ينظر إليها ..
لا بد أنها هي من فعلت هذا السحر الأسود نعم هي وأمها التي لا تحبني نعم حماتي التي تكرهني منذ اليوم الأول الذي تزوجت فيه ابنتها!
ويخرج السيد فؤاد من بيته وعلى باب المصعد يلتقي بجاره كامل ..
- صباح الخير أستاذ فؤاد .
- صباح الخير.
ويدخلان المصعد وينظر السيد فؤاد إلى جاره كامل ويقول في خاطره نعم هو كامل ومن غيره؟ لطالما شعرت بحسده وغيرته مني كلما نظر إلى سيارتي الجديدة وهو الموظف الذي لا يتجاوز راتبه ثلاثة آلاف درهم وأنا أملك شركة لحسابي الخاص نعم هو كامل..
يخرج من المصعد وهو ينظر بنظرات غضب إلى جاره كامل..
يتفحّص العجلات قبل الركوب بسيارته وينطلق نحو البنك لينتظر أمام الباب ..
كان أول شخص يدخل البنك، فقام بتحويل المبلغ المطلوب وانطلق لشركته مع أن الوقت مبكر ولم يأتي أحد بعد !
جلس خلف مكتبه متعبا، غافلته غفوة على كرسيه، لعلها تخفف عنه قليلا من هول الساعات الماضية..
تدخل سكرتيرته نجلاء عليه
- صباح الخير أستاذ فؤاد .
- صباح الخير ..
- أتيت مبكرا اليوم سيدي؟!
ينظر فؤاد إليها يفكر قليلا .. رباه إنها هي نجلاء كيف غابت عن بالي نعم هي من قامت بهذا العمل البشع! حاولت مرارا وتكرارا التودد لي وقمت بصدها ..
الشيخ الكريم قال امرأة مع رجلان !.. هي نعم
تستغرب نجلاء من السيد فؤاد طريقة نظراته إليها وتذهب إلى مكتبها وبعد قليل تدخل عليه ..
- أستاذ فؤاد وجدت هذه الرسالة الآن على الفاكس وهي من الشركة التي قمنا بتوريد المواد إليها يطلبون إيقاف التوريد بسبب وجود منافس لنا تم الاتفاق معه من طرفهم !
- ماذا ..؟ من هو هذا المنافس ؟!!
- السيد رجا صاحب شركة العلياء للتجارة ..
- تباً لهذا المشاكس دائما يلاحقني لا شك وأنه هو نعم هو .. هؤلاء الهنود هم أصحاب هذه الشعوذات السوداء والحمراء كيف غاب عن بالي هذا هو رجا !!
يخرج من مكتبه.. يقود سيارته لا يعلم أين يسير فهو مستاء من جميع من حوله ..
يرن هاتفه،
- آلو ..
-آلو كيف حالك يا رجل أين أنت ..
- أهلا معتز..
- أنا في المقهى الذي نجلس فيه تعال ..
- حسنا أنا في الطريق .. سآتي ..
وعند إغلاق الهاتف تذكّـر فؤاد معتز حين كانوا يجلسون قبل يومين، وأخذ يتحدث عن الثراء الذي ينعم به فؤاد لجميع الموجودين على سبيل المزاح . لا ليس مزاحاً هو حسد نعم هذا الحاسد الخبيث ويدعي صداقتي أيضا !
يحوّل فؤاد طريقه إلى البيت وهو يفكر .. ترى هل قام الشيخ عبد الرزاق بفك السحر آمل أن يستطيع قبل فوات الأوان..
فجأة يرن هاتفه
-آلو .. نعم ..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
- وعليكم السلام..
- أتحدث إليك من شرطة دبي القيادة العامة ..
- نعم تفضل ..
- وردنا من البنك المركزي انك قمت بتحويل خمسمائة دولار اليوم إلى رقم حساب هو على اللائحة السوداء.. صاحب هذا الرقم يتصل في الناس وهو في دولة نيجيريا ويقول لهم بأن هناك من يريد الشر بهم ويستعمل سحراً ضدهم
- نعم صحيح هذا ما حدث معي
- سيدي هذا الرجل نصاب ونريد أن نحذرك بعدم التعامل معه لكثرة البلاغات التي جاءتنا عن هذا الرجل ..
- ماذا؟؟ نصاب ..؟
يقفل السيد فؤاد هاتفه مذهولا مما سمعه..
يتذكر بأن حماته قد ماتت منذ سنة تقريبا وأن جاره كامل يعمل إماماً للمسجد الذي في الحي وأن سكرتيرته نجلاء تزوجت منذ ثلاثة أشهر يضرب رأسه بيده لعدم التفكير جيدا!..
يتوجه إلى بيته يضع رأسه على وسادته وينام ويستيقظ في المساء على جرس الهاتف .
- آلو..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
- وعليكم السلام..
- أنا الشيخ مناف ..
يرد فؤاد بلهفة:
- أهلا بشيخنا الطيب مناف أطال الله لنا في عمرك ...........
.