صَهيلُ الـروحِ يرتفـعُ
ويَكتُمُ صوتَـه الفـزَعُ
و أخشى أنْ أبوحَ بـهِ
وليس السطـرُ يَتّسِـعُ
ففي الأنفـاسِ آهـاتٌ
تُواصِلُنـي و تَنقَـطِـعُ
فينتفِضُ اليَـراعُ لهـا
و حِبرٌ راعَـهُ الهَلَـعُ
أريدُ مساحـةً أُخـرى
ليكتبَنـي بهـا الوَجَـعُ
***
غزلتُ الحُـبَّ للقمـرِ
بشِعـرٍ هـامَ بالسهَـرِ
و أعتقُ آهَـةً حَـرّى
فتأسرُ آهتي ضَجَـري
و أشكو هَجْـرَ فاتنتـي
تآمرَهـا مـعَ الـقَـدَرِ
فيدنو البـدرُ مُنكسِـراً
يحاولُ جَبْـرَ مُنكسِـرِ
يقولُ : عيونُ مَنْ تهوى
كعينِـكَ تَقتَفـي أثَـري
ألا يـا بـدرُ خَبّرْهـا
و إنْ لا ترتجي خَبَري
نَفاني العِشقُ مِن مُدُنـي
أضعتُ الحُبَّ في سفري
فلسـتُ الآنَ أعشقُهـا
و غادرَ لحنُها وتـري
أريدُ مساحـةً أخـرى
ليكتبَنـي بهـا خَبَـري
***
يئستُ و خانني الأمـلُ
وفَتْ بوعودِهـا العِلَـلُ
وفَقْرُ الحـالِ زودَنـي
غِنىً بالنفـسِ يَتصِـلُ
يدي تندسُّ فـي جَيبـي
و يُخرِجُها أسـىً ثَمِـلُ
كما دخلتْ علـى أمـلٍ
تُرى هل ينفعُ الأمـلُ ؟
و لكنْ ليـسَ ذا همّـي
فهـذا الفقـرُ يُحتَمَـلُ
أريدُ مساحـةً أخـرى
لتنزِفَ دمعَهـا المُقَـلُ
***
زماني ليـسَ يعرفُنـي
جميلُ الحَـظِّ أنكَرَنـي
و عانَقني الضياعُ على
تُخومِ اليأسِ و الشجَـنِ
فلا الأصحابُ أصحابٌ
ولا دمعي و لا كَفَنـي
أُناجـي نـورَ أفـئـدةٍ
و لكنْ ليـسَ تَسمعُنـي
كعصفورٍ يزقـزقُ فـو
قَ أكـوامٍ مِـنَ العَفَـنِ
غريبٌ أحتسي قـدَري
مِنَ الويلاتِ و المِحَـنِ
و جُرحُ الغَـدرِ قَرَّحَـهُ
لهيبُ الحقدِ مِن دَرَنـي
أليسَ الظلـمُ أن أحيـا
غريبَ الروحِ في وطني
سَأترُكُ نَزفَ مُغْتَرَبـي
فليسَ الجُـرحُ يؤلمنـي
أعودُ لجُـرحِ قافيتـي
و أوجــاعٍ تُعذّبُـنـي
***
بَكَتْ و الليـلُ يَستمـعُ
حروفي أيهـا الوَجَـعُ
أمازالَ الخَريفُ علـى
رُبا الأرواحِ يَضطجِعُ ؟
عروبتُنـا تُهَدْهِـدُ أمْـ
ـسَها والهَمْسُ يَنقطِـعُ
بَكَتْنا حيـنَ أضْحَكَنـا
غُرورُ النفسِ و الطمَـعُ
و نحيـا ذلَ فُرقتِـنـا
صنوفَ الإثـم نبتـدع
تضيقُ بنـا ضَمائرُنـا
و أفْـقُ الوَهـمِ يَتَّسِـعُ
فعذراً يا ثرى وطنـي
يُدَنِّسُ طُهـرَكَ القَـذَعُ
***
فلسطينـيـةٌ روحــي
و لكنْ ليـسَ تَنْخَـدِعُ
و لا دخلتْ لهـا فتـنٌ
ولا سَكَنَتْ بهـا البِـدَعُ
و لا نكأتْ جـراحَ أخٍ
و لا إيمانَـهـا تــدعُ
فكيفَ أقُـصُّ أجنحَتـي
و طيرُ الخوفِ يَرتَفِـعُ
تَرَكْتُـمْ قدسَكـم تبكـي
و قد أودى بها الجَـزَعُ
تَهُـزُّ النخـلَ مَريَمُنـا
ولا رطـبٌ لهـا يَقَـعُ
و إنْ عادَ المسيحُ لنـا
و جوهٌ سـوفَ تَمْتَقِـعُ
فشكراً يا بنـي وطنـي
بـأنْ أفناكُـمُ الجَشَـعُ
***
إلـى لبنـانَ مُرتَحَلـي
لها في القلـبِ مُتَّسَـعُ
و في بيـروتَ قافيتـي
سَباها الجوعُ و الشبَـعُ
تُبادِلُها الخُطوبُ أسـىً
و صَدْعُ الأمسِ يَنْصَدِعُ
و أهداها الزمانُ بلـىً
و فَتَّـتْ زِنْدَهـا شِيَـعُ
فما بالُ الرجـالِ بهـا
لحُكْمِ الغَربِ قد خَضَعوا
فلا الأفعـالُ تَجْمَعُهُـمْ
و لا الأقـوالُ تَجْتَمِـعُ
ولا القـرآنُ يُسمِعُهـمْ
و لا إنجيلَهـمْ سَمِعـوا
و ما لحُروفِهـمْ حِبْـرٌ
و ما للصوتِ مُسْتَمِـعُ
فيـا لبنـانُ مـعـذرةً
رجالُكَ للخنـا خَنَعـوا
و تحتَ ثـراكَ أبطـالٌ
جُـذورَ الحِقـدِ تَقْتَلِـعُ
و فوقَ الأرضِ أنـذالٌ
بُذورَ الغِلِّ كَمْ زَرَعـوا
***
عِـراقـيٌ تُبعثِـرُنـي
القَصيدةُ حيـنَ تَنْدَفِـعُ
وفي بَغـدادَ أنسِجَتـي
بَراها الحُـبُّ و الوَلَـعُ
و يبقـى سِرُّهـا أبـداً
ظلامـاً ليـس يَنقَشِـعٌ
فلا ( الحَجَّاجُ ) يَنفَعُهـا
و لا ( صدامُ ) يَنتَفِـعُ
و تمـلأُ أفْقَهـا فِـتَـنٌ
مـعَ الرايـاتِ تَرْتَفِـعُ
متى يستيقظـونَ بهـا
رِجالٌ بعد أنْ هَجَعـوا
وفِكرُ الكُفرِ يُقْـنِعُهُـمْ
بـأنَّ الظـلـمَ يُنْـتَزَعُ
عِراقِـيٌ و خَبَّـرَنـي
أبـي و الأذْنُ تَسْتَمِـعُ
خليـجُ النفـطِ بلوانـا
و فيـهِ يَكْمُـنُ الوَجَـعُ
ستبقى يا عـراقُ لنـا
رحيقاً رُغْمَ ما صَنَعـوا
و مِنكَ العِطرُ في دمِنـا
و فيكَ المَجـدُ مُقْتَنِـعُ
***
غَزلتُ الهَمَّ مِـنْ قلـمٍ
على الأوجـاعِ يطّلـعُ
فقلْ يا شِعرُ كيفَ العشقُ
و الأوطـانُ تَنْسَـفِـعُ
وكيفَ الحُـبُّ يشغلُنـا
و تمـلأ قلبنـا المتـعُ
و هـلْ للفَقـرِ مُتَّـكـأٌ
بـروحٍ هدَّهـا الفَـزَعُ
كَفاكُمْ يا بنـي وَطَنـي
ذَروا الأحقادَ و اسْتمعوا
إذا مـا الدهـرُ شَتَّتَنـا
بحُضـنِ الأمِّ نَجتَمِـعُ
فَهَـمُّ الأرضِ صَيَّرَنـا
طيوراً هَمُّهـا الشبَـعُ
طيـوراً دونَ أجنِحَـةٍ
(على أشكالِهـا تَقَـعُ )