ليْ ما يُبَرِّرُ وحْـشـتي هذا الصباحَ
كأنْ أغـضُّ الطـَرْفَ عن ورد ِ الحديقة ِ
وابْـتِهاج ِ بُُنـَيَّـتي الصغرى بأفـْـراخ ِ الحَمام ِ
*
ليْ ما يُبَرِّرُها ..
فأمِّـي تشتكي صَمَما ً وقدْ عَـشِـيَتْ ..
لماذا لا أكـفُّ عن اتـِّصالي الهاتفيِّ بها
وإرسالي المزيدَ من التصاوير ِ الحديثة ِ
هلْ يرى الأعمى من القنديل ِ أكثرَ من ظلام ِ ؟
*
ليْ ما يُبَرِّرُ وحشتي هذا الصباحَ
فإنَّ جارتنا "حسيبة َ" باعت ِ الثورَ الهزيلَ
وقايَضَتْ ثوبين ِ بالمحراث ِ
وابنتها ـ التي فـُُسِـخَتْ خطوبتها ـ اشـترتْ نولا ً
ولكنَّ الخِرافَ شحيحة ٌ..
كادتْ تـُزَفُّ إلى ثريٍّ جاوزَ السبعينَ
لولا أنَّ داءَ السُّكريِّ قضى عليه ِ
ولمْ يكنْ كتبَ " الكتابَ "
فلمْ تـَرِث غـيرَ العباءة ِ والسـُّوار ِ
ووَهْم ِ بيت ٍ من رُخام ِ
*
ليْ ما يبرِّرُ وحشتي هذا الصباحَ
كأنْ أُصيخُ السَـمْعَ
للماضي الذي لم يأت ِ بَعْـدُ ..
وأنْ أُعـيدَ صياغة َ النصِّ الذي أهْمَلته ُ عامين ِ..
لا أدري لماذا لا أكـُفُّ عن التلفـُّت ِ للوراء ِ
ولا أملُّ من التطلـُّع ِ في حطامي ؟
*
ليْ ما يُبَرِّرُ وحشتي حدَّ البكاء ِ
فإنَّ " نهلة َ" جاءها طفلٌ له رأسـان ِ..
"نهلة ُ" كانت القنديلَ في ليل ِ الطفولة ِ
ضاحَكـتـْني مرَّة ً .. فكبرْتُ !
أذكرُ أنني في ذات ِ عـشق ٍ
قد كتبتُ قصيدة ً عنها ..
وحينَ قرأتـُها في الصفِّ
صفـَّقَ ليْ المعلمُ
غير أنَّ بقيَّة َ الطلاب ِ أضحكـهم هيامي
*
ويقولُ " رفعتُ " في رسالته ِ الأخيرة ِ:
إنَّ " محمودَ بنَ كاظمَ " بات حُـرّا ً
(كان مُـتـَّهَـما ً وقد ثبتَتْ براءتهُ ) ولكنْ
صارَ يُطـنِبُ في الحديث ِ
عن التقدُّم ِ للوراء ِ
أو
التراجع ِ للأمام ِ
*
ويقولُ:
لا تبْلِغْ سلامي ...
أحدا ً..
إلى أنْ تكنِسَ الأنوارُ
أرصفة َ الظلام ِ
*
ليْ ما يبررُ وحشتي ..
مَـنْ لي ْ بـمِـصباح ٍ
يُضيءُ دجى السؤال ِ المُسْـتـَريب ِ..
يُـزيلُ عن جَـسَـد ِ الجواب ِ
مَـلاءَة َ الدَّم ِ خاطـها نـَصْـلُ الحُسـام ِ ؟
*
الناطِق ُ الرَّسْـمِيُّ باسم ِ القصْـر ِ
يُطـْنِبُ في الحديث ِ عن الربيع ِ ..
ونشـرَة ُ الأخبار ِ تـُنـْبِئُ عن خـَريف ٍ
قدْ يدوم ُ بحـقـل ِ دجلة َ ألف َ عام ِ ..
*
ورسائِلُ الأصحاب ِ
تسـألُ عن جوازات ٍ مُـزَوَّرَة ٍ
وعن سُـفـُن ٍ مُـهَـيّأة ٍ لِشـَحْـن ِ الهاربينَ
إلى جنائن ِ كـَهْـف ِ مُـغْـتـَرَب ٍ
وفِرْدوس ِ المنافي حيث أفياءُ الخِـيام ِ
*
مَنْ ذا أُصَـدِّق ُ ؟
ما يقولُ الناطق ُ الرسـميُّ باسم ِ القصر ِ ؟
أو
ما قالـه ُ الكوخ ُ المُـهَـدَّدُ بالضـَّرام ِ ؟
*
وأنا ورائي جُثـَّة ٌ تمشي ..
ومـَقـبرَة ٌ أمامي !
*
ليْ ما يُـبَـرِّرُ وحْـشـتي هذا الصباح َ
وما سَـيَذبَحُ في رياض ِ فـمي
أزاهيرَ ابْـتِسـامي
*
فـ " حَـمادة ُ الحَمّالُ " مات حِمارُهُ ..
وأنا أُرَجِّحُ أنْ يكون َ " حمادة ُ الحَـمّالُ "
قد قتلَ الحِمارَ
تَـدَبُّـرا ً لـ " بِـطاقـة ِ التموين ِ "
والـسُّـوق ِ التي كـَسُـدَتْ
وللحـَقـل ِ الذي ما عادَ يعرفُ خضرة َ الأعشاب ِ..
كان " حمادة ُ الحمالُ " مُخـتصّـا ً بنقل ِ الخضروات ِ
وكان أشـْهَـرَ في " السماوة ِ " من وزيـر ِ الخارجيَّـة ِ
غـيْر أنَّ حكومة َ البطل ِ المُـجاهد ِ عاقـَبَـتـْهُ
لأنه ُ :
تـَرَك َ الحمارَ يَـبـولُ تحتَ منـصَّـة ٍ
رُفِعَتْ عليها صورة ُ البطل ِ الحـبيبْ
و" حمادة الحمالُ " يجهلُ في السياسة ِ
لمْ يُشـارِكْ في انتِخـاب ِ البرلمان ِ..
وحينَ يُسـألُ لا يُجيبْ
ويُقالُ :
إنَّ كبيرَ مسـؤولي الحكومة ِ في " السماوة ِ "
كان يَـخـْطبُ في اجتماع ٍ حـاشِـد ٍ
في عيد ِ مـيلاد ِ الرئيس ِ
وكان صادَفَ أنْ يـَمُـرَّ " حمادة ُالحمالُ " ..
فارتبك الحمارُ
( وربما احتفل الحمارُ )
فكان أنْ غـطـّى النهيق ُ على الخـطيبْ
ولذا
أُرَجِّـحُ أنْ يكون " حمادة الحمالُ "
قد قـَتـَلَ الحمارَ
أو الحكومة ُ أرْغـَمَـتـْه ُ بأمْـر ِ قائِدِها اللبيبْ
فـ " حمادة الحمالُ " مُـتـَّهَـمٌ
بتأليب ِ الحمار ِ على الحكومـة ِ والنظام ِ
*
ويُقالُ :
إنَّ " حمادة َالحمالَ "
حاولَ أنْ يبيعَ حماره ُ غـيرَ المُـهَذب ِ
بَيْدَ أنَّ السـوقَ كاسِـدَة ٌ
ومات حمارُهُ من بعد ِ عام ِ
*
وأنا أُرَجِّـحُ أن يكون " حمادة ُ الحمالُ "
قد قـتـلَ الحمارَ
تَخـَلـُّصـا ً من تـُهْـمَة ٍ أُخـرى بمملكة ِ الـنـِّعام ِ
*
ليْ ما يُـبَـرِّرُ وحشتي هذا الصباحَ
وما يُـفـسِّـرُ خـشـْيَتي
من فتح ِ صندوق البريد ِ..
وغـلق ِ نافـذة ِ الكلام ِ
*
سـألوذ ُ من صَحْـو ِ الحقول ِ
برمل ِ صحراء ِ المنام ِ...
فأنا ورائي جثة ٌ تمشي
ومقبرة ٌ أمامي !!
***
(*) القصيدة لا تعدو كونها قراءة في رسائل من داخل الوطن . ..
ثمة ملاحظة ألفت اليها انتباه الأفاضل مشرفي الواحة الغراء ، وهي : إن تعليمات النشر في هذا المنتدى الثر لا تجيز نشر اكثر من مادتين للعضو اسبوعيا ـ وحسنا فعلت بغية إتاحة المجال للأعضاء الاخرين ... أما لماذا نشرت قصيدتين في يوم واحد ، فذلك لأنني سيتعذر عليّ النشر اسابيع عديدة لاعتزامي السفر ـ وللادارة رفع القصيدة ومن ثم نشرها في وقت آخرإن رغبت ، ولها الشكر من قبل ومن بعد .
• ( حمادة الحمال ) من أهالي مدينة السماوة يعمل حمالا بعربة يجرها حمار ،
تعرض للضرب المبرح في مديرية أمن البلدة لأن حماره تبول تحت أحد النصب .