أحدث المشاركات

قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 14

الموضوع: دراسة تحليلية نقدية لأبيات من معلقة عنترة بن شداد

  1. #1
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي دراسة تحليلية نقدية لأبيات من معلقة عنترة بن شداد

    فيما يلي دراسة تحليلية نقدية لأبيات من معلقة عنترة بن شداد ، وهي مقررة على طلاب الثانوية العامة ( التوجيهي ) في فلسطين ـ المنهاج الجديد ، وهي جزء من دراسة قمت بها حول كتاب المطالعة والأدب والنقد للصف الثاني عشر في فلسطين ، أردت أن يستفيد منها طلابنا الأعزاء وكذلك كل من له اهتمام بالأدب والنقد مع رجاء تزويدي بالملاحظات والتعليقات المفيدة حتى يمكن التعديل والتنقيح وتكون الفائدة أكبر بإذن الله .

    النص :

    هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ
    أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ

    يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي
    وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي

    أَثْنِـي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِـي
    سَمْـحٌ مُخَالقَتي إِذَا لم أُظْلَـمِ

    فإذا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ
    مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ

    هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ
    إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي

    يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي
    أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ

    ولقد ذكرتُكِ والرماح نواهلٌ
    مني وبِيض الهندِ تقطُرُ من دمي

    فودِدْتُ تقبيلَ السيوفِ لأنها
    لمعت كبارقِ ثغرِكِ المتبسِّمِ

    لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ
    يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ

    يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا
    أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ

    مازِلْـتُ أَرْمِيهُـمْ بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ
    ولِبـانِهِ حَتَّـى تَسَـرْبَلَ بِالـدَّمِ

    فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ
    وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ

    لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى
    وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي

    ولقَـدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَـا
    قِيْلُ الفَـوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ
    اللهم يا من تعلم السِّرَّ منّا لا تكشف السترَ عنّا وكن معنا حيث كنّا ورضِّنا وارضَ عنّا وعافنا واعفُ عنّا واغفر لنا وارحمنا

  2. #2
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    أولاً : من حيث الشكل
    1 ـ المفردات :
    متردَّم ـ الجِواء ـ عِمي صباحاً ـ مخالقتي ـ باسل ـ العلقم ـ ابنة مالك ـ الوقيعة ـ الوغى ـ أعفّ ـ المغنم ـ نواهل ـ بيض الهند ـ يتذامرون ـ مذمَّم ـ أشطان ـ لبان ـ الأدهم ـ تسربل ـ ازورَّ ـ وقْع ـ القَنا ـ عَبرة ـ تحمحُم ـ سُقمها ـ ويك .
    2 ـ التراكيب :
    عمي صباحاً ـ أثني عليَّ ـ جاهلة بـِ ـ تقطُر من ـ أرميهم بـِ ـ تسربل بـِ
    3 ـ ضبط بنية الكلمات :
    متردَّمِ ( بفتح الدال المشددة ) ـ وعِمي ( بكسر العين دون تشديد الميم ) ـ أَثني ( بفتح الهمزة وليس ضمها ) ـ فإذا ظُلِمتُ ( بالبناء للمجهول ) ـ فإنَّ ظُلميَ ( بفتح الياء ) ـ يخبرْكِ ( بتسكين الراء ) ـ بِيضُ ( بكسر الباء وليس فتحها ) ـ فودِدتُ ( بكسر الدال الأولى بمعنى : أحببتُ ، أما ودَدتُ بفتحها فهي بمعنى تمنيتُ ) ـ لَبان ( بفتح اللام ) ـ بثُغرة ( بضم الثاء ) ـ فازْوَرَّ ( بهمزة وصل بعد الفاء ، مع تشديد الراء المفتوحة ) ـ القَنا ( بفتح القاف ) ـ تَحَمْحُمِ ( بضم الحاء الثانية ) ـ شفى نفسيَ ( بفتح الياء أو تسكينها ) .
    4 ـ الأساليب اللغوية :
     الاستفهام : - هل غادر الشعراءُ من متردَّمِ ؟
    - هل عرفتَ الدار بعد توهُّمِ ؟
     النداء : - يا دارَ عبلةَ بالجِواءِ تكلَّمي .
     الأمر : - وعِمي صباحاً دارَ غبلةَ واسلمي .
    - أثني عليَّ بما علمتِ .
     الشرط : - فإنني سمحٌ مخالفتي إذا لم أُظلمِ .
    - فإذا ظإلِمتُ فإن ظلميَ باسلٌ .
    - إن كنتِ جاهلةً بما لم تعلمي ، يخبرْكِ من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى
    - لمّا رأيتُ القوم أقبل جعهم يتذامرون ، كررتُ غير مذمَّمِ .
    - لو كان يدري ما المحاورة اشتكى .

    5 ـ دلالات الألفاظ والعبارات :
    - هل غادر الشعراء من متردم : أي لم يترك الشعراء لأحد معنىًً إلا سبقوا إليه وصاغوا فيه شعراً .
    - أغشى الوغى : دليل الشجاعة وعدم الخوف من الحرب والنِّزال .
    - ولقد ذكرتُكِ والرماح نواهلٌ : دليل على أنه لا ينساها حتى في أصعب الظروف .
    - حتى تسربل بالدم : دليل على كثرة القتلى في المعركة .
    - فازورَّ من وقع القنا بلبانه : دليل على هول المعركة وشدة الضرب بالسهام والقسيِّ .
    - وشكا إليَّ بعبرة : دليل على أن الأمر لا يُحتمل ، كما أنه دليل على العلاقة الحميمة بين الشاعر وحصانه الأدهم .
    6- الصور الجمالية:
    - يا دار عبلة بالجواء تكلمي وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي : في العبارة تشخيص ، حيث تصور الشاعر دار محبوبته عبلة شخصاً يكلمه ويناجيه ، ويطلب منه أن يكلمه ، ثم يلقي عليه تحية الصباح ويدعو له بالسلامة .
    - فإذا ظُلِمتُ فإن ظلمي باسلٌ مرٌّ مذاقته كطعم العلقم : شيه الظلم بشيء مادي كريه الرائحة ، مر الطعم والمذاق ( استعارة مكنية ) ، ثم شبه مرارته بطعم العلقم .
    - فودِدتُ تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغركِ المتبسمِ : شبه لمعان السيوف ببريق ثغرها عندما تتبسم ( تشبيه مقلوب ) .
    - يدعون عنترَ والرماح كأنها أشطان بئرٍ في لبان الأدهمِ : شبه الرماح في طولها بالحبال الطويلة .
    - حتى تسربل بالدم : شبه الدم الذي غطى جسم حصانه بالقميص الذي يغطي جميع أنحاء البدن ( استعارة مكنية ) .

  3. #3
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    ثانيًا: من حيث المضمون
    1- الفكرة العامة:
    شجاعة الشاعر عنترة بن شداد في المعارك والحروب .
    2 - الفِكَر الجزئية:
    - لم يترك الشعراء معنى إلا وصاغوا فيه شعراً . ( ب 1 )
    - تحية الصباح من الشاعر لدار عبلة . ( ب 2 )
    - الشاعر لا يرضى بالظلم أبداً . ( ب 3 و 4 )
    - شجاعة الشاعر في المعارك . ( ب 5 و 6 )
    - الشاعر لا ينسى محبوبته حتى في أحلك الظروف . ( ب 7 و 8 )
    - وصف لبسالة الشاعر أثناء المعارك . ( ب 9 ـ 13 )
    - اعتداد الشاعر بشجاعته . ( ب 14 )
    3 - الحقائق:
    - استخدام العرب للخيل في الحروب في العصر الجاهلي .
    - عنترة بن شداد العبسي شاعر جاهلي وهو من شعراء المعلقات .
    - كانت الحروب في الجاهلية بالرماح والسيوف .
    4- الآراء :
    يبدي الطالب رأيه فيما يلي :
    - مخاطبة الشعراء الجاهليين للديار والأطلال .
    - تربية الخيول واستخدامها في الحروب قديماً وحديثاً .
    5- المواقف :
    - موقف الشاعر من بقايا ديار عبلة .
    - موقف الشاعر من الآخرين إذا لم يتعرض للظلم .
    - موقف الشاعر ممن يحاول أن يظلمه .
    - موقف الشاعر من أفراد العدو أثناء المعركة .
    - موقف الشاعر من عبلة أثناء احتدام المعركة .
    - موقف الشاعر عندما يرى جموع الأعداء قادمةً من بعيد نحوه .
    - موقف أفراد العدو من الشاعر قبيل بدء المعركة .
    - موقف حصان الشاعر أثناء احتدام المعركة .
    - موقف الشاعر عندما يستنجد المحاربون به عند اشتداد المعركة .
    6 - المفاهيم:
    الظلم
    7 - القيم والاتجاهات :
    - سماحة الخُلُق بشرط عدم وجود ظلم .
    - عدم الرضا بالظلم والثورة عليه .
    - الشجاعة والإقدام في المعركة ضد العدو .

  4. #4
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    ثالثاً : التحليل الأدبي
    1- التمهيد:
    أ ـ نوع النص:
    القصيدة من الشعر الغنائي الذي يتغنى فيه الشاعر بعواطفه، ويعبّر عن إحساسه وتجاربه الذاتية، متّخذاً من القصيدة مجالاً ينقل من خلاله أفكاره ومشاعره للناس . أما من حيث الشكل فالقصيدة من الشعر العمودي الذي يعتمد على وحدة الوزن والقافية . وقد اتبع الشاعر في قصيدته السَّنَن الذي اتبعه معظم الشعراء الجاهليين من البدء بالوقوف على الأطلال ومخاطبة الديار ‘ ثم الانتقال إلى الغزل ، فالفخر . . . إلى أن يصل إلى غرضه في نهاية القصيدة . والقصيدة إحدى المعلقات السبع أو العشر التي سنتحدث عنها في النبذة التالية :
    ب ـ ما هي المعلقات ؟
    كان فيما اُثر من أشعار العرب ، ونقل إلينا من تراثهم الأدبي الحافل بضع قصائد من مطوّلات الشعر العربي ، وكانت من أدقّه معنى ، وأبعده خيالاً ، وأبرعه وزناً ، وأصدقه تصويراً للحياة ، التي كان يعيشها العرب في عصرهم قبل الإسلام ، ولهذا كلّه ولغيره عدّها النقّاد والرواة قديماً قمّة الشعر العربي وقد سمّيت بالمطوّلات ، وأمّا تسميتها المشهورة فهي المعلّقات . نتناول نبذةً عنها وعن أصحابها وبعض الأوجه الفنّية فيها :
    فالمعلّقات لغةً من العِلْق : وهو المال الذي يكرم عليك ، تضنّ به ، تقول : هذا عِلْقُ مضنَّة . وما عليه علقةٌ إذا لم يكن عليه ثياب فيها خير ، والعِلْقُ هو النفيس من كلّ شيء ، وفي حديث حذيفة : «فما بال هؤلاء الّذين يسرقون أعلاقنا» أي نفائس أموالنا . والعَلَق هو كلّ ما عُلِّق .
    وأمّا المعنى الاصطلاحي فالمعلّقات : قصائد جاهليّة بلغ عددها السبع أو العشر ـ على قول ـ برزت فيها خصائص الشعر الجاهلي بوضوح ، حتّى عدّت أفضل ما بلغنا عن الجاهليّين من آثار أدبية4 .
    والناظر إلى المعنيين اللغوي والاصطلاحي يجد العلاقة واضحة بينهما ، فهي قصائد نفيسة ذات قيمة كبيرة ، بلغت الذّروة في اللغة ، وفي الخيال والفكر ، وفي الموسيقى وفي نضج التجربة ، وأصالة التعبير ، ولم يصل الشعر العربي إلى ما وصل إليه في عصر المعلّقات من غزل امرئ القيس ، وحماس المهلهل ، وفخر ابن كلثوم ، إلاّ بعد أن مرّ بأدوار ومراحل إعداد وتكوين طويلة .
    وفي سبب تسميتها بالمعلّقات هناك أقوال منها :
    لأنّهم استحسنوها وكتبوها بماء الذهب وعلّقوها على الكعبة ، وهذا ما ذهب إليه ابن عبد ربّه في العقد الفريد ، وابن رشيق وابن خلدون وغيرهم ، يقول صاحب العقد الفريد : « وقد بلغ من كلف العرب به )أي الشعر) وتفضيلها له أن عمدت إلى سبع قصائد تخيّرتها من الشعر القديم ، فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة ، وعلّقتها بين أستار الكعبة ، فمنه يقال : مذهّبة امرئ القيس ، ومذهّبة زهير ، والمذهّبات سبع ، وقد يقال : المعلّقات ، قال بعض المحدّثين قصيدة له ويشبّهها ببعض هذه القصائد التي ذكرت :
    برزةٌ تذكَرُ في الحسـ ـنِ من الشعر المعلّقْ
    كلّ حرف نـادر منـ ـها له وجـهٌ معشّ
    أو لأنّ المراد منها المسمّطات والمقلّدات ، فإنّ من جاء بعدهم من الشعراء قلّدهم في طريقتهم ، وهو رأي الدكتور شوقي ضيف وبعض آخر . أو أن الملك إذا ما استحسنها أمر بتعليقها في خزانته .
    هل علّقت على الكعبة؟
    سؤال طالما دار حوله الجدل والبحث ، فبعض يثبت التعليق لهذه القصائد على ستار الكعبة ، ويدافع عنه ، بل ويسخّف أقوال معارضيه ، وبعض آخر ينكر الإثبات ، ويفنّد أدلّته ، فيما توقف آخرون فلم تقنعهم أدلّة الإثبات ولا أدلّة النفي ، ولم يعطوا رأياً في ذلك .
    المثبتون للتعليق وأدلّتهم :
    لقد وقف المثبتون موقفاً قويّاً ودافعوا بشكل أو بآخر عن موقفهم في صحّة التعليق ، فكتبُ التاريخ حفلت بنصوص عديدة تؤيّد صحّة التعليق ، ففي العقد الفريد ذهب ابن عبد ربّه ومثله ابن رشيق والسيوطيوياقوت الحموي وابن الكلبي وابن خلدون ، وغيرهم إلى أنّ المعلّقات سمّيت بذلك; لأنّها كتبت في القباطي بماء الذهب وعلّقت على أستار الكعبة ، وذكر ابن الكلبي : أنّ أوّل ما علّق هو شعر امرئ القيس على ركن من أركان الكعبة أيّام الموسم حتّى نظر إليه ثمّ اُحدر ، فعلّقت الشعراء ذلك بعده .
    وأمّا الاُدباء المحدّثون فكان لهم دور في إثبات التعليق ، وعلى سبيل المثال نذكر منهم جرجي زيدان حيث يقول :
    » وإنّما استأنف إنكار ذلك بعض المستشرقين من الإفرنج ، ووافقهم بعض كتّابنا رغبة في الجديد من كلّ شيء ، وأيّ غرابة في تعليقها وتعظيمها بعدما علمنا من تأثير الشعر في نفوس العرب؟! وأمّا الحجّة التي أراد النحّاس أن يضعّف بها القول فغير وجيهة ; لأنّه قال : إنّ حمّاداً لمّا رأى زهد الناس في الشعر جمع هذه السبع وحضّهم عليها وقال لهم : هذه هي المشهورات ، وبعد ذلك أيّد كلامه ومذهبه في صحّة التعليق بما ذكره ابن الأنباري إذ يقول : وهو ـ أي حمّاد ـ الذي جمع السبع الطوال ، هكذا ذكره أبو جعفر النحاس ، ولم يثبت ما ذكره الناس من أنّها كانت معلّقة على الكعبة . »
    وقد استفاد جرجي زيدان من عبارة ابن الأنباري : « ما ذكره الناس » ، فهو أي ابن الأنباري يتعجّب من مخالفة النحاس لما ذكره الناس ، وهم الأكثرية من أنّها علقت في الكعبة .
    النافون للتعليق :
    ولعلّ أوّلهم والذي يعدُّ المؤسّس لهذا المذهب ـ كما ذكرنا ـ هو أبو جعفر النحّاس ، حيث ذكر أنّ حمّاداً الراوية هو الذي جمع السبع الطوال ، ولم يثبت من أنّها كانت معلّقة على الكعبة ، نقل ذلك عنه ابن الأنباري . فكانت هذه الفكرة أساساً لنفي التعليق :
    كارل بروكلمان حيث ذكر أنّها من جمع حمّاد ، وقد سمّاها بالسموط والمعلّقات للدلالة على نفاسة ما اختاره ، ورفض القول : إنّها سمّيت بالمعلّقات لتعليقها على الكعبة ، لأن هذا التعليل إنّما نشأ من التفسير الظاهر للتسمية وليس سبباً لها ، وهو ما يذهب إليه نولدكه .
    وعلى هذا سار الدكتور شوقي ضيف مضيفاً إليه أنّه لا يوجد لدينا دليل مادّي على أنّ الجاهليين اتّخذوا الكتابة وسيلة لحفظ أشعارهم ، فالعربية كانت لغة مسموعة لا مكتوبة . ألا ترى شاعرهم حيث يقول :
    فلأهدينّ مع الرياح قصيدة منّي مغـلغلة إلى القعقاعِ
    ترد المياه فـما تزال غريبةً في القوم بين تمثّل وسماعِ؟
    ودليله الآخر على نفي التعليق هو أنّ القرآن الكريم ـ على قداسته ـ لم يجمع في مصحف واحد إلاّ بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) (طبعاً هذا على مذهبه) ، وكذلك الحديث الشريف . لم يدوّن إلاّ بعد مرور فترة طويلة من الزمان (لأسباب لا تخفى على من سبر كتب التأريخ وأهمّها نهي الخليفة الثاني عن تدوينه) ومن باب أولى ألاّ تكتب القصائد السبع ولا تعلّق .
    وممّن ردّ الفكرة ـ فكرة التعليق ـ الشيخ مصطفى صادق الرافعي ، وذهب إلى أنّها من الأخبار الموضوعة التي خفي أصلها حتّى وثق بها المتأخّرون .
    ومنهم الدكتور جواد علي ، فقد رفض فكرة التعليق لاُمور منها :
    1 ـ أنّه حينما أمر النبي بتحطيم الأصنام والأوثان التي في الكعبة وطمس الصور ، لم يذكر وجود معلقة أو جزء معلّقة أو بيت شعر فيها .
    2 ـ عدم وجود خبر يشير إلى تعليقها على الكعبة حينما أعادوا بناءَها من جديد .
    3 ـ لم يشر أحد من أهل الأخبار الّذين ذكروا الحريق الذي أصاب مكّة ، والّذي أدّى إلى إعادة بنائها لم يشيروا إلى احتراق المعلّقات في هذا الحريق .
    4 ـ عدم وجود من ذكر المعلّقات من حملة الشعر من الصحابة والتابعين ولا غيرهم .
    ولهذا كلّه لم يستبعد الدكتور جواد علي أن تكون المعلّقات من صنع حمّاد ، هذا عمدة ما ذكره المانعون للتعليق .
    بعد استعراضنا لأدلة الفريقين ، اتّضح أنّ عمدة دليل النافين هو ما ذكره ابن النحاس حيث ادعى أن حماداً هو الذي جمع السبع الطوال .
    وجواب ذلك أن جمع حماد لها ليس دليلا على عدم وجودها سابقاً ، وإلاّ انسحب الكلام على الدواوين التي جمعها أبو عمرو بن العلاء والمفضّل وغيرهما ، ولا أحد يقول في دواوينهم ما قيل في المعلقات . ثم إنّ حماداً لم يكن السبّاق إلى جمعها فقد عاش في العصر العباسي ، والتاريخ ينقل لنا عن عبد الملك أنَّه عُني بجمع هذه القصائد (المعلقات) وطرح شعراء أربعة منهم وأثبت مكانهم أربعة .
    وأيضاً قول الفرزدق يدلنا على وجود صحف مكتوبة في الجاهلية :
    أوصى عشية حين فارق رهطه عند الشهادة في الصحيفة دعفلُ
    أنّ ابن ضبّة كـان خيرٌ والداً وأتمّ في حسب الكرام وأفضلُ
    كما عدّد الفرزدق في هذه القصيدة أسماء شعراء الجاهلية ، ويفهم من بعض الأبيات أنّه كانت بين يديه مجموعات شعرية لشعراء جاهليين أو نسخ من دواوينهم بدليل قوله :
    والجعفري وكان بشرٌ قبله لي من قصائده الكتاب المجملُ
    وبعد أبيات يقول :
    دفعوا إليَّ كتابهنّ وصيّةً فورثتهنّ كأنّهنّ الجندلُ
    كما روي أن النابغة وغيره من الشعراء كانوا يكتبون قصائدهم ويرسلونها إلى بلاد المناذرة معتذرين عاتبين ، وقد دفن النعمان تلك الأشعار في قصره الأبيض ، حتّى كان من أمر المختار بن أبي عبيد و إخراجه لها بعد أن قيل له : إنّ تحت القصر كنزاً .
    كما أن هناك شواهد أخرى تؤيّد أن التعليق على الكعبة وغيرها ـ كالخزائن والسقوف والجدران لأجل محدود أو غير محدود ـ كان أمراً مألوفاً عند العرب ، فالتاريخ ينقل لنا أنّ كتاباً كتبه أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة في حلف خزاعة لعبد المطّلب ، وعلّق هذا الكتاب على الكعبة . كما أنّ ابن هشام يذكر أنّ قريشاً كتبت صحيفة عندما اجتمعت على بني هاشم وبني المطّلب وعلّقوها في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم .
    ويؤيّد ذلك أيضاً ما رواه البغدادي في خزائنه من قول معاوية : قصيدة عمرو بن كلثوم وقصيدة الحارث بن حِلزه من مفاخر العرب كانتا معلّقتين بالكعبة دهراً .
    هذا من جملة النقل ، كما أنّه ليس هناك مانع عقلي أو فنّي من أن العرب قد علّقوا أشعاراً هي أنفس ما لديهم ، وأسمى ما وصلت إليه لغتهم; وهي لغة الفصاحة والبلاغة والشعر والأدب ، ولم تصل العربية في زمان إلى مستوى كما وصلت إليه في عصرهم . ومن جهة أخرى كان للشاعر المقام السامي عند العرب الجاهليين فهو الناطق الرسمي باسم القبيلة وهو لسانها والمقدّم فيها ، وبهم وبشعرهم تفتخر القبائل ، ووجود شاعر مفلّق في قبيلة يعدُّ مدعاة لعزّها وتميّزها بين القبائل ، ولا تعجب من حمّاد حينما يضمّ قصيدة الحارث بن حلزّة إلى مجموعته ، إذ إنّ حمّاداً كان مولى لقبيلة بكر بن وائل ، وقصيدة الحارث تشيد بمجد بكر سادة حمّاد ، وذلك لأنّ حمّاداً يعرف قيمة القصيدة وما يلازمها لرفعة من قيلت فيه بين القبائل .
    فإذا كان للشعر تلك القيمة العالية ، وإذا كان للشاعر تلك المنزلة السامية في نفوس العرب ، فما المانع من أن تعلّق قصائد هي عصارة ما قيل في تلك الفترة الذهبية للشعر؟
    ثمّ إنّه ذكرنا فيما تقدّم أنّ عدداً لا يستهان به من المؤرّخين والمحقّقين قد اتفقوا على التعليق .
    فقبول فكرة التعليق قد يكون مقبولا ، وأنّ المعلّقات لنفاستها قد علّقت على الكعبة بعدما قرئت على لجنة التحكيم السنوية ، التي تتّخذ من عكاظ محلاً لها ، فهناك يأتي الشعراء بما جادت به قريحتهم خلال سنة ، ويقرأونها أمام الملإ ولجنة التحكيم التي عدُّوا منها النابغة الذبياني ليعطوا رأيهم في القصيدة ، فإذا لاقت قبولهم واستحسانهم طارت في الآفاق ، وتناقلتها الألسن ، وعلّقت على جدران الكعبة أقدس مكان عند العرب ، وإن لم يستجيدوها خمل ذكرها ، وخفي بريقها ، حتّى ينساها الناس وكأنّها لم تكن شيئاً مذكوراً .

  5. #5
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    ج ـ صاحب النص:
    عنترة بن شداد ( نحو ... - 22 ق. هـ = ... - 601 م)
    هو عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن مخزوم بن ربيعة، وقيل بن عمرو بن شداد، وقيل بن قراد العبسي، على اختلاف بين الرواة. أشهر فرسان العرب في الجاهلية ومن شعراء الطبقة الولى. من أهل نجد. لقب، كما يقول التبريزي، بعنترة الفلْحاء، لتشقّق شفتيه. كانت أمه أَمَةً حبشية تدعى زبيبة سرى إليه السواد منها. وكان من أحسن العرب شيمة ومن أعزهم نفساً، يوصف بالحلم على شدة بطشه، وفي شعره رقة وعذوبة. كان مغرماً بابنة عمه عبلة فقل أن تخلو له قصيدة من ذكرها. قيل أنه اجتمع في شبابه بامرئ القيس، وقيل أنه عاش طويلاً إلى أن قتله الأسد الرهيفي أو جبار بن عمرو الطائي.
    قيل إن أباه شدّاد نفاه مرّة ثم اعترف به فألحق بنسبه. قال أبو الفرج: كانت العرب تفعل ذلك، تستبعد بني الإماء، فإن أنجب اعترفت به وإلا بقي عبداً. أما كيف ادّعاه أبوه وألحقه بنسبه، فقد ذكره ابن الكلبي فقال: وكان سبب ادّعاء أبي عنترة إياه أنّ بعض أحياء العرب أغاروا على بني عبس فأصابوا منهم واستاقوا إبلاً، فتبعهم العبسيّون فلحقوهم فقاتلوهم عمّا معهم وعنترة يومئذ بينهم. فقال له أبوه: كرّ يا عنترة. فقال عنترة: العبد لا يحسن الكرّ، إنما يحسن الحلابَ والصرّ. فقال: كرّ وأنت حرّ فكرّ عنترة وهو يقول:
    أنا الهجينُ عنتَرَه- كلُّ امرئ يحمي حِرَهْ
    أسودَه وأحمرَهْ- والشّعَراتِ المشعَرَهْ
    الواردات مشفَرَه
    ففي ذلك اليوم أبلى عنترة بلاءً حسناً فادّعاه أبوه بعد ذلك والحق به نسبه. وروى غير ابن الكلبي سبباً آخر يقول: إن العبسيين أغاروا على طيء فأصابوا نَعَماً، فلما أرادوا القسمة قالوا لعنترة: لا نقسم لك نصيباً مثل أنصبائنا لأنك عبد. فلما طال الخطب بينهم كرّت عليهم طيء فاعتزلهم عنترة وقال: دونكم القوم، فإنكم عددهم. واستنقذت طيء الإبل فقال له أبوه: كرّ يا عنترة. فقال: أو يحسن العبدُ الكرّ فقال له أبوه: العبد غيرك، فاعترف به، فكرّ واستنقذ النعم.
    وهكذا استحق عنترة حرّيته بفروسيته وشجاعته وقوة ساعده، حتى غدا باعتراف المؤرخين حامي لواء بني عبس، على نحو ما ذكر أبو عمرو الشيباني حين قال: غَزَت بنو عبس بني تميم وعليهم قيس بن زيهر، فانهزمت بنو عبس وطلبتهم بنو تميم فوقف لهم عنترة ولحقتهم كبكبة من الخيل فحامى عنترة عن الناس فلم يُصَب مدبرٌ. وكان قيس بن زهير سيّدهم، فساءه ما صنع عنترة يومئذ، فقال حين رجع: والله ما حمى الناس إلا ابن السّوداء. فعرّض به عنترة، مفتخراً بشجاعته ومروءته:
    إنيّ امرؤٌ من خيرِ عَبْسِ منصِباً- شطْرِي وأَحمي سائري بالمُنْصُلِ
    وإذا الكتيبة أحجمت وتلاحظتْ- ألفيت خيراً من مُعٍِّم مُخْوَلِ
    والخيلُ تعلمُ والفوارسُ أنّني- فرّقتُ جمعَهُم بضربةِ فيصلِ
    إن يُلْحَقوا أكرُرْ وإن يُسْتَلْحموا- أشدُد وإن يُلْفوا بضنْكٍ أنزلِ
    حين النزولُ يكون غايةَ مثلنا- ويفرّ كل مضلّل مُسْتوْهِلِ
    وعنترة- كما جاء في الأغاني- أحد أغربة العرب، وهم ثلاثة: عنترة وأمه زبيبة، وخُفاف بن عُميْر الشّريدي وأمّه نُدْبة، والسّليك بن عمير السّعْدي وأمه السليكة.
    ومن أخبار عنترة التي تناولت شجاعته ما جاء على لسان النضر بن عمرو عن الهيثم بن عدي، وهو قوله: "قيل لعنترة: أنت أشجعُ العرب وأشدّه قال: لا. قيل: فبماذا شاع لك في هذا الناس قال: كنت أقدمُ إذا رأيت الإقدام عزْماً، وأحجم إذا رأيت الإحجام حزماً ولا أدخل إلا موضعاً أرى لي منه مخرجاً، وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة يطيرُ لها قلب الشجاع فأثنّي عليه فأقتله".
    وعن عمر بن الخطاب أنه قال للحطيئة: كيف كنتم في حربكم قال: كنا ألف فارس حازم. وقال: وكيف يكون ذلك قال: كان قيس بن زهير فينا وكان حازماً فكنّا لا نعصيه. وكان فارسنا عنترة فكنا نحمل إذا حمل ونحجم إذا أحجم. وكان فينا الربيع بن زياد وكان ذا رأي فكنا نستشيره ولا نخالفه. وكان فينا عروة بن الورد، فكنا نأتمّ بشعره. فكنا كما وصفت لك. قال عمر: صدقت.
    وتعدّدت الروايات في وصف نهايته، فمنها: أنّ عنترة ظل ذاك الفارس المقدام، حتى بعد كبر سنه وروي أنّه أغار على بني نبهان من طيء، وساق لهم طريدة وهو شيخ كبير فرماه- كما قيل عن ابن الأعرابي- زر بن جابر النبهاني قائلاً: خذها وأنا ابن سلمى فقطع مطاه، فتحامل بالرمية حتى أتى أهله ، فقال وهو ينزف: وإن ابنَ سلمى عنده فاعلموا دمي- وهيهات لا يُرجى ابن سلمى ولا دمي
    رماني ولم يدهش بأزرق لهذَمٍ- عشيّة حلّوا بين نعْقٍ ومخرَم
    وخالف ابن الكلبي فقال: وكان الذي قتله يلقب بالأسد الرهيص. وفي رأي أبي عمرو الشيباني أنّ عنترة غزا طيئاً مع قومه، فانهزمت عبس، فخرّ عن فرسه ولم يقدر من الكبر أن يعود فيركب، فدخل دغلا وأبصره ربيئة طيء، فنزل إليه، وهاب أن يأخذه أسيراً فرماه فقتله. أما عبيدة فقد ذهب إلى أن عنترة كان قد أسنّ واحتاج وعجز بكبر سنّه عن الغارات، وكان له عند رجل من غطفان بكر فخرج يتقاضاه إيّاه فهاجت عليه ريح من صيف- وهو بين ماء لبني عبس بعالية نجد يقال له شرج وموضع آخر لهم يقال لها ناظرة- فأصابته فقتلته.
    وأيّاً كانت الرواية الصحيحة بين هذه الروايات، فهي جميعاً تجمع على أن عنترة مات وقد تقدّم في السنّ وكبر وأصابه من الكبر ضعف وعجز فسهل على عدوّه مقتله أو نالت منه ريح هوجاء، أوقعته فاردته. وعنترة الفارس كان يدرك مثل هذه النهاية، أليس هو القائل "ليس الكريم على القنا بمحرّم". لكن يجدر القول بأنه حافظ على حسن الأحدوثة فظلّ فارساً مهيباً متخلّقاً بروح الفروسية، وموضع تقدير الفرسان أمثاله حتى قال عمرو بن معدي كرب: ما أبالي من لقيتُ من فرسان العرب ما لم يلقَني حرّاها وهجيناها. وهو يعني بالحرّين: عامر بن الطفيل، وعتيبة بن الحارث، وبالعبدين عنترة والسليك بن السلكة.
    مات عنترة كما ترجّح الآراء وهو في الثمانين من عمره، في حدود السنة 615م. وذهب فريق إلى أنه عمّر حتى التسعين وأن وفاته كانت في حدود السنة 625م. أما ميلاده، بالاستناد إلى أخباره، واشتراكه في حرب داحس والغبراء فقد حدّد في سنة 525م. يعزّز هذه الأرقام تواتر الأخبار المتعلّقة بمعاصرته لكل من عمرو بن معدي كرب والحطيئة وكلاهما أدرك الإسلام.
    وقد اهتم المستشرقون الغربيون بشعراء المعلقات وأولوا اهتماماً خاصاً بالتعرف على حياتهم، فقد قالت ليدي آن بلنت وقال فلفريد شافن بلنت عن عنترة في كتاب لهما عن المعلقات السبع صدر في بداية القرن العشرين: من بين كل شعراء ما قبل الإسلام، كان عنترة، أو عنتر كما هو أكثر شيوعاً، أكثرهم شهرة، ليس لشعره بل لكونه محارباً وبطل قصة رومانسية من العصور الوسطى تحمل اسمه. وكان بالفعل فارساً جوالاً تقليدياً من عصر الفروسية، ومثل شارلمان والملك آرثر، صاحب شخصية أسطورية يصعب فصلها عن شخصيته في التاريخ.
    وكان عنترة من قبيلة عبس، ابن شيخها شداد وأمه جارية حبشية أورثته بشرتها والطعن في شرعيته، عادة ما زالت سارية في الجزيرة عند البدو، كما أن قوانين الإسلام عجزت عن التخلص منها. لذا أحتقر وأرسل في صباه ليرعى إبل والده مع بقية العبيد. مع ذلك أحب ابنة عمه النبيلة عبلة، ووفقاً للعادة العربية تكون الأفضلية في زواجها لابن عمها، فطلب يدها، لكنه رفض ولم يتغلب على تعصبهم إلا لحاجة القبيلة الملحة لمساعدته في حربها الطويلة مع قبيلة ذبيان. عندما هددت مضارب القبيلة بالسلب، طلب شداد من عنترة الدفاع عنها، لكن عنترة الذي يمكنه وحده حماية القبيلة من الدمار والنساء من السبي لشجاعته، قال إن مكافأته الاعتراف به كابن وهكذا تم الاعتراف به وأخذ حقوقه كاملة رغم رفضها مراراً في السابق.
    باستثناء حبه لعبلة وأشعاره لها، كانت حياته سلسلة متواصلة من الغزوات والمعارك والأخذ بالثأر ، ولم يكن هناك سلام مع العدو طالما هو على قيد الحياة. مات أخيراً قتيلاً في معركة مع قبيلة طيء قرابة العام 615. بعد تدخل الحارث تم إحلال السلام.
    كتبت قصة حب عنترة في القرن الثاني الهجري، وهي تحمل ملامح شخصية قبل الإسلام المنحولة مع الجن والكائنات فوق الطبيعية التي تتدخل دوماً في شؤون البطل، إلا أنها مثيرة للاهتمام كسجل للعصر المبكر الذي كتبت فيه، وإن لم يكن قبل الإسلام، وما تزال أهم القصص الشرقية الأصيلة التي قامت عليها قصص المسيحيين الرومانسية في العصور الوسطى. منع طولها من ترجمتها كاملة إلى الإنجليزية، لكن السيد تريك هاملتون نشر مختارات كافية لأحداثها الرئيسة تعود إلى العام 1819، وذكر في استهلاله لها " الآن ولأول مرة تقدم جزئياً إلى الجمهور الأوروبي ." اشتهرت في الشرق بفضل رواية المواضيع المحببة فيها في أسواق القاهرة ودمشق، لكنها غير مفضلة لدى الدارسين الذين لم يتسامحوا مع البذاءة التي تسربت للنص. مع ذلك، تحتوي على شعر جيد إذا أحسن ترجمته إلى الإنجليزية. قدمها هاملتون كاملة بشكل نثري، نثر على الطريقة اللاتينية التقليدية، الشائع في إنجلترا آنذاك.
    وقال كلوستون عن عنترة، في كتاب من تحريره وتقديمه عن الشعر العربي: ولد عنترة بن شداد، الشاعر والمحارب المعروف، من قبيلة بني عبس في بداية القرن السادس. كانت أمه جارية أثيوبية أسرت في غزوة، فلم يعترف به والده لسنوات طوال حتى أثبت بشجاعته أنه يستحق هذا الشرف. يوصف عنترة بأنه أسود البشرة وشفته السفلى مشقوقة.
    وعد والد عنترة ابنه بعد أن هوجمت مضارب القبيلة فجأة وسلبت أن يحرره إذا أنقذ النساء الأسيرات، مهمة قام بها البطل وحده بعد قتله عدداً كبيراً من الأعداء. أعترف بعنترة إثر ذلك في القبيلة وإن لم تتردد النفوس الحسودة عن السخرية من أصل أمه.
    حفظت أعمال عنترة البطولية وشعره شفوياً، وأثمرت قصة فروسية رومانسية تدور حول حياته ومغامراته، تتسم بالغلو في الأسلوب (الذي تاريخياً ليس له أساس من الصحة). يقول فون هامر " قد يعتبر العمل كله رواية أمينة للمبادىء القبلية العربية، خاصة قبيلة بني عبس، التي ينتمي إليها عنترة في عهد نيشوفان، ملك بلاد فارس.
    يعيد موت عنترة - كما يرويه المؤلفون - صدى التقاليد التي يصعب أن تدهش، لكنها ربما ليست أقل انسجاماً مع قوانين الإنصاف الشعري كما وردت في القصة الرومانسية. يقال أثناء عودته مع قطيع من الإبل غنمه من قبيلة طيء، أن طعنه أحد أفرادها بحربة بعد أن تبعه خفية حتى واتته الفرصة للأخذ بثأره. كان جرحه قاتلاً ورغم أنه كان طاعن السن إلا أنه ملك قوة كافية ليعود إلى قبيلته حيث مات ساعة وصوله.

  6. #6
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    ج - العصر و البيئة التي ظهر فيها النص:
    ظهر النص في العصر الجاهلي في بيئة تقدس الفروسية والشجاعة ، وتعيش حياتها بين كرٍّ وفرّ . كما أنها بيئة كانت تتبنى التمييز العنصري على أساس اللون والعرق في أبشع صوره ومظاهره ، كما أنها بيئة تقدس الفصاحة والبيان ونظم الشعر. وقد انعكس ذلك على شخصية عنترة وعلى حياته . فهو يعد من أشهر شعراء الفروسية في العصر الجاهلي ، ولكون أمه حبشية وورث عنها سواد بشرتها لم يعترف به والده ابناً له ، فعاش طفولته وصباه يعاني من الشعور بالألم والظلم ، كما رفض عمه تزويجه من ابنته عبلة لنفس السبب . وكان عنترة الشاعر الفارس يجمع بين الفروسية الحربية والفروسية الخُلُقية ، وتتمثل فروسيته الحربية في خوض المعارك وحسن بلائه فيها ، وتتمثل فروسيته الخُلُقية في سجاياه الحسنة وطباعه الشريفة .


    د- مناسبة النص:
    أرجع التبريزي سبب نظم المعلقة كما تذكر المصادر القديمة إلى الظروف التي أعقبت حرية عنترة واعتراف أبيه به. قيل إن واحداً من بني عبس شتمه وعيّره بأمّه وسخر منه لسواد لونه فانبرى عنترة يفتخر ببسالته ويصف فروسيته متحدّياً خصمه الذي قال له: أنا أعظم شاعرية منك. فإذا صحت هذه الرواية تكون معلقة عنترة أولى قصائده الطوال وأجودها لأنه لا يذكر له قبلها إلا الأبيات المتفرقة والمقاطع القصيرة.
    وتكاد معلقة عنترة تكون محدّدة الأغراض، فهو يستهل كسائر أي الجاهليين، بذكر الأطلال ووصف الفراق، ثم ينتقل على ذكر عبلة حبيبته ووصفها، ويعود إلى ذكر عبلة ومخاطبتها، مفتخراً بمناقبه الأخلاقية وفروسيته، ويخلص عنترة إلى وصف الخمرة والاعتداد بكرمه، وينتهي بوصف قوّته ونيله من أعدائه وتفوقه في الحرب والقتال.
    وقد اهتم المستشرقون الغربيون بشعراء المعلقات محاولين التعرف على الظروف الاجتماعية المحيطة بهم، والأسباب التي دفعتهم لنظمهم هذه المعلقات وعن أي موضوع تتحدث، فقد قالت ليدي آن بلنت وقال فلفريد شافن بلنت عن معلقة عنترة في كتاب لهما عن المعلقات السبع صدر في بداية القرن العشرين: تتحلى معلقة عنترة بأفضل سمات شعر ما قبل الإسلام، وتتضمن حرارة وطاقة تتعاقب ولمسات رقيقة، ربما تفوق سابقاتها. من الواضح أنها نظمت في وقت بعد بداية حبه لعبلة عندما فصله عنها الشجار الطويل بين الأقرباء. يضمن عنترة معلقته حبه المبكر وكيف صد: يا شاة ما قنص لمن حلت له- حرمت علي وليتها لم تحرم. ثمة وصف في المعلقة أيضاً لحصانه يروق لذوقنا العصري المحب للحيوانات ربما أكثر مما وجد في الشعر القديم، حيث هذا النوع من المحبة لم يفهم إلا بشكل ضئيل. كما أنها متحررة من وصمة السياسة أكثر من أي من المعلقات باستثناء معلقة امرؤ القيس. لم يكن عنترة من المترددين على بلاط الحيرة أو الغساسنة، وكل حبه وكرهه تعلقا بالصحراء.
    وقال دبليو إى كلوستون عن معلقة عنترة في كتاب من تحريره وتقديمه عن الشعر العربي: معلقة عنترة خليط لا فت للنظر من التعبير الرعوي اللطيف ولحظات القتل والثأر الشرسة. في الأبيات (14-19) يقارن الشاعر فاه حبيبته بروضة عطرة: أو روضة أنفاً تضمن بنتها- غيث قليل الدمن ليس بمعلم. تجعل هذه القصيدة ربما أفضل من أي شيء آخر في المعلقات الأخرى. نتزود بلمحات مثيرة للاهتمام عن حياة العرب في هذه الفسيفساء من الأريج الشعري: هدم مضارب العائلة في الصحراء ليلاً- الإبل محملة وملجمة تأكل الحبوب، نعام صغير يحوم حول طائر- ذكر مثل قطيع إبل سوداء يمنية تجتمع عند نداء حاذيها: الشاعر البطل يحتسي النبيذ العتيق الذي اشتراه بقطع نقدية لامعة- وبين فينة وأخرى يملأ كأس الكريستال من الجرة جيدة الإقفال: مقابلة مسروقة مع فتاة جميلة من قبيلة معادية: معارك شرسة طويلة مع أشهر المحاربين.

  7. #7
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    - تحليل المضمون تحليلاً أدبيًا :
    أ ـ الموضوع و أهميته :
    تركز القصيدة على الشجاعة والبطولة في مقارعة الأعداء ، وهذا الموضوع كان يمثل أهمية بالغة لدى العرب في الجاهلية ؛ نظراً لكثرة الحروب القبيلة والثارات والغزو في ذلك الوقت ، فالمنطق الذي كان سائداً هو منطق القوة ، ولذلك كانت الشجاعة والبطولة تمثلان قمة ما يفتخر به العربي في ذلك الزمان .
    أما بالنسبة لطرح هذه القصيدة للدراسة في وقتنا الحاضر ، فإنه يكتسب أهمية كبيرة ، خاصة وأن العالم الذي نعيش فيه لا يؤمن إلا بمنطق القوة والغلبة ، وليس هناك حق يمكن الحصول عليه إلا إذا كانت تسنده القوة ، وكم من حقوق ضاعت بسبب ضعف القوة التي تسندها ، وما قضية فلسطين إلا من أوضح الأمثلة على ذلك .
    ب ـ الأفكار وترابطها:
    الأبيات المذكورة في النص هي جزء مقتطع من معلقة عنترة بن شداد ، ولكنها تمثل أفكار القصيدة إلى حدٍّ بعيد .
    تبدأ الأبيات ـ كعادة كثير من الشعراء في ذلك الوقت ـ بالوقوف على أطلال المحبوبة ، والتسليم عليها وسؤالها ، ثم يطلب من هذه الديار أن تذكر ما تعرفه عنه من صفات حميدة وخصال كريمة ، فهو الذي يتصف بحسن المعاملة لمن لا يظلمه ، ولكنه لا يقبل الظلم أبداً ، كم يذكر الكثير من الخصال ( في الأبيات المحذوفة ) .
    ينتقل الشاعر بعد ذلك من مخاطبة الديار إلى مخاطبة محبوبته التي كانت تسكن تلك الديار ، ويطلب منها أن تسأل الخيل عن بطولاته وفروسيته وشجاعته ، إن كانت لم تعلم بها ،
    فسوف يخبرها كل من شهد المواقع التي قاتل فيها بأنه يدخل عباب المعركة دون خوف أو وجل ، ولكنه يعفو عند المقدرة .
    ثم يستحثه الحديث إلى عبلة ( أو بالأصح إلى طيفها وخيالها ) ليبين لها مدى حبه لها ، لدرجة أنه يذكرها في أحلك الظروف ، حيث الرماح تملاً ساحة المعركة ، والسيوف تقطر من دمه ، ولما رأى تلك السيوف تلمع نسي جراحاته وتذكر ثغرها المتبسم الي يشبه لمعان تلك السيوف ، فأراد تقبيل تلك السيوف .
    ثم استفزه ذكر السيوف ليفتخر بشجاعته وبطولته في المعارك ، فهو عندما رأى جيش العدو قد أقبل يحض بعضهم بعضاً على القتال ، كرِّ عليهم بالهجوم ، ثم نشبت المعركة العنيفة ( ويصف ملامح منها ومن شراستها ) . وأخيراً يعرب عن سعادته وافتخاره حين يرى قومه يستنجدون به لحمايتهم ( وقد كانوا قبل ذلك يلفظونه ويحتقرونه لسواد بشرته ولأن أمه عبدة حبشية ، حتى أن أباه رفض أن ينسبه إليه ) .
    من كل ما مضى نلاحظ أن القصيدة تناولت عدة أغراض ( الوقوف على الأطلال ، الغزل ، الفخر ، وصف المعركة . . . إلخ ) ، ولكن هناك ما يشبه الرابط الذي يربط تلك الموضوعات ، بحيث تشعر وأنت تنتقل من غرض إلى آخر بأنك تنتقل انتقالاً طبيعياً متسلسلاً أشبه ما يكون بتداعي الأفكار .
    ج ـ عمق المعاني :
    اشتملت القصيدة على كثير من المعاني العميقة المؤثرة التي تتغلغل إلى أعماق النفس البشرية ، سواءً لقارئ القصيدة أو سامعها . ومن هذه المعاني :
    - تشبيه الظلم بالعلقم في مرارته ، تنفيراً لنا من هذا الظلم .
    - تشبيه الرماح بالحبال الطويلة ، لتصوير مدى شراسة المعركة .
    - تشبيه كثرة الدماء بالسربال ( أو السروال )الذي يتسربل به حصانه ، دليلاً على احتدام المعركة وكثرة القتلى والجرحى فيها .
    د ـ سمو المعاني:
    تدعو القصيدة إلى كثير من المعاني السامية والقيم النبيلة مثل :
    - السماحة والتحلي بالأخلاق الفاضلة بشرط عدم الظلم .
    - عدم قبول الظلم بحال من الأحوال .
    - الشجاعة في المعركة ضد العدو .
    هـ شمول المعاني:
    تضمنت القصيدة معاني عامة ، تكاد تتفق عليها جميع الشعوب والأمم كالعزة ، ورفض الظلم ، ورفض الذلة والمهانة . ولكن القصيدة ملأى بالمعاني الخاصة بالبيئة العربية ، وعلى الأخص في العصر الجاهلي ، كمخاطبة ديار المحبوبة واستنطاقها ، وقرب العربي من حصانه قرباً عجيباً وكأنهما صديقين حميمين ، وكذلك أدوات الحرب والقتال التي كانت مستخدمة في ذلك الوقت كالسيوف والرماح والنبال والخيول .


    و ـ جِدَّة المعاني وأصالتها:
    سارت القصيدة على منوال الكثير من اقصائد في العصر الجاهلي ، وتناولت الكثير من الأغراض الشعرية التي تناولها الشعراء الآخرون في هذا العصر ، من وقوف على الأطلال ومخاطبتها ، إلى التغزل بالمحبوبة ، والفخر بشجاعة الشاعر وفروسيته ، ومدح المخاطب . . . إلخ . لدرجة أن عنترة نفسه قد عبًّر عن هذه الحقيقة عندما بدأ قصيدته بقوله :
    هل غادر الشعراء من متردّم ؟
    ولكن هذا لا يمنع أن توجد في القصيدة الكثير من المعاني التي تطرَّق إليها الشاعر ولم يسبقه فيها أحد ، ومن ذلك :
    - تشبيه الظلم بطعم العلقم ، وذلك في قوله :
    فإذا ظُلمتُ فإن ظلميَ باسلٌ مرٌّ مذاقته كطعم العلقمِ
    - تشبيه الرماح بالحبال الطويلة ، وذلك في قوله :
    ولقد ذكرتُكِ والرماح نواهلٌ مني وبيض الهند تقطر من دمي
    - تشبيه لمعان السيوف ببريق ثغر المحبوبة عندما تتبسم ، وذلك في قوله :
    فوددتُ تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسمِ
    ز ـ العاطفة:
    سيطرت على الشاعر عدة عواطف ذاتية تتضمن :
    - عاطفة فخر الشاعر واعتزازه بنفسه ، لدرجة أن أحب شيء لديه أن ستنجد به الفوارس وقت الشدة ويقولون له : ويك عنتر أقدِم .
    - عاطفة حب عميق لابنة عمه عبلة ، لدرجة أنه يذكرها في أصعب الظروف عندما كانت الرماح نواهل ، وكانت السيوف تقطر من دمه .
    ح - الخيال:
    أبرز ما يتجلى الخيال في إضفاء المشاعر الإنسانية على الجمادات والحيوانات والطيور ، وقد ظهر ذلك بوضوح في القصيدة فمثلاً : الديار تُخاطَب مخاطبة الأشخاص وتتكلم ( يا دار عبلة بالجواء تكلمي ) ، والخيل يتم سؤالها ( هلا سألتِ الخيل يابنة مالكٍ ) ، والحصان يشكو ولكن بالعبرات والتحمحم ( وشكا إليَّ بعبرةٍ وتحمحُمِ )

  8. #8
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    3- تحليل الشكل تحليلاً أدبيًا:
    أ ـ الألفاظ:
    - استخدم الشاعر في الغالب ألفاظاً سهلة ميسورة على الفهم لا تحتاج إلى معجم لمعرفة معناها ؛ حتى لا تقف صعوبة الكلمات حائلاً دون فهم ما أراد الشاعر أن ينقله للسامع .
    - ولكنه استخدم أحياناً ألفاظاً جزلة تتناسب والموقف الذي تصوره مثل : باسل _ الوقيعة ـ نواهلٌ ـ يتذامرون ـ مذمَّمِ ـ أشطان ـ تسربل ـ فازورَّ ـ ويكَ .
    - أكثرَ الشاعر من الألفاظ الخاصة بالحرب والمعركة مثل : الخيل ـ الوقيعة ـ الوغى ـ الرماح ـ بيض الهند ـ تقطُر ـ دمي ـ السيوف ـ الجمع ـ يتذامرون ـ كررتُ ـ لبان ـ الأدهم ـ أرميهم ـ تسربل ـ بالدم ـ القَنا ـ الفوارس ـ ويك ـ أقدِم .
    ب ـ التراكيب :
    - جاءت تراكيب القصيدة فصيحة سلسة ، لا يتعثر فيها اللسان ، ولا تقع فيها على تنافر في الألفاظ ، أو غموض أو مخالفةٍ لأقيسة اللغة .
    - وقد جاءت كثير من التراكيب معبِّرةً تعبيراً صادقاً عن عواطف الشاعر وانفعالاته مثل : عِمِي صباحاً ـ هلاَّ سألتِ الخيل ـ تسربل بالدم ـ شكا إليَّ ـ بعبرةٍ وتحمحُمِ ـ ويكَ عنتر
    ج ـ الأسلوب:
    يتميز أسلوب الشاعر في هذذه القصيدة بما يلي :
    1- بروز شخصية الشاعر في قصيدته ، وشدة ثقته بنفسه وشجاعته .
    2- الإكثار من استخدام صيغة المخاطب ، خاصة لمحبوبته عبلة ، وهذا يدل على مدى تعلقه بها . ومن ذلك قوله : أثني عليَّ ـ بما علمتِ ـ هلا سألتِ ـ يابنة مالكٍ ـ إن كنتِ جاهلةً بما لم تعلمي ـ يخبركِ ـ ولقد ذكرتُكِ ـ كبارق ثغركِ .
    3- رصانة الأسلوب وجودة التركيب في متانةٍ وإحكام .
    4- استطاع الشاعر في قصيدته أن يصور العاطفة تصويراً بليغاً مؤثراً .
    5- استخدم الشاعر كثيراً من الصور البيانية والمحسنات البديعية ولك في موضعها المناسب دون تكلُّف أو حشو لا فائدة منه .
    6- يراعي أسلوب الشاعر في مجمله تآلف الكلمات والتراكيب في تكوين الجمل والعبارات.

  9. #9
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : بعلبك
    المشاركات : 1,043
    المواضيع : 80
    الردود : 1043
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    أخي العزيز عطية العمري
    واضح ما بذلته من جهد كبير في هذه الدراسة التحليلية و التي سأدل طلابي عليها فهي مقررة أيضا في المنهج اللبناني و لكن لصف العاشر .
    عسى أن نقرأ لك مثلها و أنت تشرّح بعض القصائد المنشورة في الواحة و حتى بعض القصص.
    دمت في خير و عطاء

  10. #10
    الصورة الرمزية سارة محمد الهاملي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jan 2005
    المشاركات : 535
    المواضيع : 14
    الردود : 535
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    كل الشكر والتقدير على هذا الجهد الرائع الذي بذلته في هذه الدراسة أخي الأستاذ الفاضل عطية العمري. ذكرتني بسنين خلت كنت فيها أحفظ أجزاء كبيرة من المعلقات ومعلقة عنترة بن شداد بالذات!
    بارك الله فيك وفي جهودك وكل جهد يبذل من أجل هذه اللغة.

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. عنترة بن شداد - شاعر بين الحب والحرب
    بواسطة آمال المصري في المنتدى مُخْتَارَاتٌ شِعْرِيَّةٌ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 22-05-2021, 08:40 PM
  2. "أرواح فى حلوق"....دراسة نقدية تحليلية عن قصة "حلوق حارة" للأديب الرائع: د.مصطفى عطية
    بواسطة د. نجلاء طمان في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 09-01-2008, 04:58 PM
  3. العودة إلى الله (للشاعر جمال مرسي ) دراسة تحليلية
    بواسطة عطية العمري في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 27
    آخر مشاركة: 08-02-2006, 10:25 AM
  4. عنترة بن شداد و قناة الجزيرة
    بواسطة د.إسلام المازني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 16-11-2004, 09:19 PM
  5. كتبها مجاراة لمعلقة عنترة بن شداد _(عبدالرحمن العشماوي)
    بواسطة غروب في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-04-2004, 01:28 AM