التوأمة
إِنْ يَسألوا عنْ حُبِّنا فتَكَلَّمي
ولتَذكُري للنَّاسِ أنَّكِ في دَمِي
وَلْتُخبِري الحُسَّادَ عن طَعمِ الهَوى
ولْتُخبِريهم عن حُروفِك في فَمي
صِدقِي وعشقِي والتَّعلُّقُ والرُّؤى
كُلَّ المَعانِي في المَحَبَّة قَدِّمِي
وَلْيشهدوا أنِّي المُحبُّ صَبَابَةً
ما كانَ يَهنأُ في فِراقِك مَطْعَمِي
إِنْ يَسألونِي عن عظيمِ مَحبَّتِي
مِنْ شَهدها تَحلو مرارةُ علقمي
هيَ درَّةُ التَّوحيدِ منبعُ عِفَّةٍ
طُهرُ الأَسَاورِ فوقَ طُهرِ المِعْصَمِ
هيَ غادةُ الأَنسابِ عَبلةُ عنترٍ
هيَ ليلةُ المجنونِ يومَ المَقْدَمِ
اللؤلؤُ المكنونُ في صدفِ التُّقَى
هي حُرّةٌ من أَصلِ حُرٍّ مُسلِمِ
فارقتُها والدَّمعُ يجري شاكِياً
فوقَ الخُدودِ على كآبةِ مَبْسَمِي
إنْ تَسألونِي عنْ مكانةِ فضلِهِا
بينَ النِّسَاءِ وبينَ تلكِ الأنْجُمِ
بدرُ التَّمَامِ يغارُ مِنْ قَسمَاتِها
وحنَانُها لَمْسُ المُحِبِّ المُفْعَمِ
فارقتُها وأنَا المُكَبَّلُ بِالعَنَا
والجُرحُ مِنْ فقدِ الأَحبَّةِ يَنْدَمِي
فارقتُها واللهُ يشهَدُ أنَّنِي
أَحبَبْتُها حُبَّ الكَريمِ المُكرِمِ
لمَّا رَحَلْتُ عنِ الدِّيارِ حبَيبَتي
صَارتْ مرابعُ أَرضنَا كالقُمقُمِ
والنَّجمُ غابَ وبَدرُنَا صارَ الدُّجَى
والشَّمسُ عادتْ كالبَهِيمِ المُظلِمِ
إنِّي تَركتُكِ للجِهَادِ مُرابطاً
لأَنَالَ أوسمةَ الشَّهادةِ فاعلمي
أنِّي أُحبُّكِ والَّذي خلقَ الهَوَى
وأنارَ في دربِ الهداية مَعْلَمِي
لَو لَمْ يَكُنْ للهِ سَعْيِيَ خَالِصَاً
وَلِدِينِهِ لَعَضَضْتُ كَفَّ المَنْدَمِي
يا بدرُ أَشْرِقْ في مرابعِ عَبلتِي
يا شمسُ زوري للدِّيارِ وسَلِّمي
ولْتُخبِريها يا بَلابِلُ أنَّنِي
عند الفِراقِ ذَرفتُ دمعَ مُيَتَّمِ
حُبُّ الشَّهادةِ في الفُؤادِ وحُبُّها
بَاتَا على عرشِ الهَوى كالتَّوأمِ
فمتَى نَعودُ لِوصْلِنَا ولِقَائِنَا ؟
ومتى يَزورُ النَّحلُ زَهرَ البَلْسَمِ ؟
إنْ كانَ في الدُّنيا اللقاءُ فإنَّنِي
سأعودُ يَروي أَرضَ قَلبِكِ زَمزَمِي
وإذا قُتِلتُ فإنَّنِي أرجو الّذي
خَرجَتْ له الأَرواحُ أنْ تَتَقَدَّمِي
يَومَ الجَزَاءِ إِلى الجِنَانِ فَإِنَّها
دارُ الكَرامَةِ في جِوارِ المُنْعِمِ
وَأَنَا أُزَفُّ إِلى قُصُورِكِ هَانِئَاً
أَنتِ الأَمِيرةُ في بَهَاءِ المَيْسَمِ
وإلى اللقاءِ حَبيبتي ووصِيَّتِي
أنْ تَصبِري للهِ لا تَتَبَرَّمِي
فالنَّصرُ آتٍ والشَّهادةُ مَطْلَبِي
والحُرُّ يَرنُو للجِنَانِ ويَنْتَمِي