نيسان يبكي ، والأيام تمضي بنا نحو المجهول ، وثمة من يقول بأن الحلم أصبحَ عقيمًا ، إجلسوا إذن وتمتعوا بعشاءكم الأخير .! هل تصدق يا فتى هذه الشعوذة في زمن النفط الذي يحرق أبناء الضاد ، ويحيل جماجم الأطفال إلى خشب مشتعل ليتدفأ عليها أصحاب الماك دونالدز ، ويستبيحوا لحومنا ، لما لا .! فإنفلونزا الطيور لم تترك لهم خيارًا آخر ، سنستبدل إذن الفرايد تشكن بلحوم البشر لنحافظ على بسمة هذا الوجه القبيح في زمن العولمة ، إذن ، الدجاج هو السبب ، وحتى إشعارَا آخر سيبقى الحال كما هو عليه ، وعلى المتضرر اللجوء إلى محكمة الحيوانات ، لنشكو هذا الذئب لذاك الثعلب .
سوأل .. هل تريدون نفطًا أم لحمًا ؟ أم تراكم ومن فرط إعجابكم بخيولنا الأصيلة إستهواكم لحمنا الأصيل ؟
نيسان يبكي ، يا شهر الفضائح الذي عرى ما تبقى من أجساد أشباه الرجال ، هل ما زلت غاضبًا منا ، أم تراك أدمنت رؤية دمنا وهو ينسال على شوارعنا الحمراء ، لنقرأ فيما بعد كتابًا عن مذكرات جماجمنا ، و عن أحلامنا وعشقنا لأرضنا السليبة ، خذ إذن هذا الخبر العاجل ، لعلك تعذرنا وتعرف أننا لا حول لنا ولا قوة ، ... بحيرة البجع إنتفضت على نفسها ، وبدأت رقصتها الأخيرة ، ولحومنا تباع في مزاد علني على أرصفة غزة ، وشوارع المنصور ، ولا يعرف القاتل من المقتول ، ولماذا قتل هذا ومن قتل ذاك ، وليمة كبرى في شهر الفضائح ، واليانكي يبتسم ، لقد أعد جيدًا لوليمة الدم في عصر العولمة ، واختير الطهاة بعناية فائقة ، حتى لا يختلف المذاق عن المذاق ، فمن الصعب تغيير الألسنة ، ومن السهل إختيار لحوم الضحايا في زمن فُقدْ فيه الرجال .
نيسان يبكي ، حتى الشهور الأخرى لم تتقدم له بالعزاء ، تركَ وحيدًا ، يحمل عبء شقيقين في الوجع ، لينزف حتى الموت، يجلس وحيدًا ، يحيط به ظلام دامس ، يرقص ألمًا في مدن الموت والفوضى، حتى الرشيد باع كفنه وهجر المدينة ، ذات صباح أسود ، ونبوخذ نصر أحرق كل كتب التاريخ ، وسئم من جعجعاتنا الفارغة ، وخليفة بيبرس حول عين جالوت إلى ملهى ليلي كبير ، أين سيلعب قادتنا القمار بعد أن ينتهوا من تأدية صلاة العشاء ؟
نيسان يبكي وعجوز شمطاء تمتطي صهوة شيطان لئيم ، توزع الهدايا على أيتامنا ، خذوا واحفظوا جمائل بيتنا الأسود ، لكل واحد منكم كفن ، ومياهكم كثيرة تتسع لغسل ذنوب العالم كله ، واختاورا ميتة ترضيكم ، فهذا عصر الديمقراطية الأسود ، لكن ما زال هناك سوأل يحيرني ولم أجد له إجابة بعد ، هل تمتلك هذا المشعوذة قلبًا بشريًا ؟ أم صدقت فيها نظرية النشوء والتطور ؟ داروين أين أنتََ ؟ ، تعال إلينا فحلمك الآن قد تحقق..!!
نيسان يبكي وثمة شيطان يجلس على شاطئ حلمنا الكبير ، يراقب مراكبنا ليمنعها من العودة ، ينثر أمامه خارطة كبيرة ، تعالوا لنختار معًا طريقًا آخر ، فالألوان كثيرة ، ومدن الله كثيرة ، أيها الشيطان الرجيم من قال لكَ بأننا أصبنا بعمى الألون ، ولم نعد نفرق بين اللونين الأبيض والأسود ، أم تراك ومن فرط نشوة فرحك بعجزنا أصابك الغرور ، فلم تعد تقرأ ، ونسيت أنك في عقر قلب أمة تنام وتنام لكنها يومًا ما ستصحو لتحيل عالمك إلى جحيم اسود.
نيسان يبكي من مصاصي الدماء ، سوأل آخر يحيرني ، لماذا لا نستخدم سلاحنا الفعال ضد مصاصي الدماء ؟ ألم نشاهد أفلامًا عنهم ، وكيف كان أبطالها يرفعون الصليب في وجوهم ليحترقوا أو ليهربوا ، إذن ، لماذا لا نرفع في وجوههم قرأننا لنحرقهم ونودعهم بآيات حكيمات إلى جهنم وبئس المصير ؟