للغيابِ تباريح مضنية تُقَلِّبُها الوحدةُ في الذهنِ عندما تُشجينا أهازيجُ الحنين..
وللذكرياتِ تقسيمةُ شوقٍ يعزفها القلبُ على أوتارِ الصدرِ الكئيبِ عندما تُضْنيه تعاريجُ الأنين..
وللنبضِ أيضا صوتٌ خفِيٌّ عند ضجيجِ الفكرِ المقَيَّدِ بالصمتِ العميقِ حين تَضغطُه الآلامُ عند تناهيدِ القلبِ الحزين..
موجاتٌ تتخبَّطنا وتغوص عمرَنا عبر الأيامِ، ومجاديف تجذبنا إلى القاع لكننا دائما نقاوِم ونطفو لنعيش..
نحاولُ أن نتناهى عند منبعِ حبٍّ يُنعش حياتَنا.. أو همسةِ حنانٍ تُفرح قلبَنا.. أو لمسةِ ودٍّ تخفِّف من ضغطِ الحرمان السّابحِ فينا.. دائما نتوقع الأفضل، فنتفاجأ بما يُصبغُ الخيبةَ على وجوهِنا في أكثرِ الأحيان، وبالصدماتِ دائما نكون أو لا نكون، نتذمر منها مرةً، ومرة أخرى نبتسم بمرارةٍ ونولي أمرَنا لله..
نحاول دائما أن نتخطى الماضي والحاضرَ بالنسيانِ والكتمانِ.. وأن نخلقَ جواًّ من الفرح والسعادةِ مع من نحبُّهم، لكن ما بالقلبِ ترجفه رموشُ العيونِ، وما بالصدرِ تردده تقاسيمُ الوجهِ المحموم..
أما ما ترجوه النفس فيظل الحلمُ يضخُّه عند مشارفِ الروح في الخفاء، نُحسُّه يهتزُّ عند نبضِ الأذنِ والعينِ والكيان، ليرجفَهُ الخوفُ عند متاهات الشريان حين سماع أي خبرٍ مفاجئ..
تحكمنا الأيامُ عند منصةِ القدر..
ترسمُنا الأمنياتُ بريشةِ الأمل..
لنتداولَ حرفَنا عند أحلى الأوقاتِ والأمسيات بأبهى الألوان، وقد نمارس صريرَه أيضا عند الأزمات بدمع مرير ولحن حزين..
أما الذكريات فلأهازيجِها ترتيلٌ خاصٌّ يتصل بخلايا الحظِّ واليقين..
نتفاءلُ فتتعطر نسائمُنا، نتنسَّم الخيرَ فنسلِّم للإلهِ أمرَنا.. فيزودنا بالحياةِ لنمارسَ مقسومَنا عبر التخيير والتَّسيير، وبالتالي يزدادُ حسنُ ظنِّنا بأحكامِه وتَقَبُّلِ أقدارِه بقلبٍ تشبَّع بكل تراحيب الإيمان.. فنحاول أن نتَّحِدَ مع أنفسِنا بصمتٍ عميق ومع جوارحِنا وَمَن حولنا..
ومِن هنا نبدأ المشوارَ، نبدأه بالتفاؤلِ وحبِّ الخير والسَّعيِ إلى عيشٍ عذبٍ ورغدٍ يوصلنا إلى طريقٍ أخضر يبشر بأحلى النهايات، ونحنُ من يقرر المصيرَ، إما بالصبرِ وقوة التحملِ والإستمرار المروََض بالرغبةِ الجامحة والإصرار، أو لا قرار..
ونترجمُ ذلك حين نرجُم مِن خلالِنا كلَّ يأسٍ عاصر، أوإحباطٍ وتردُّدٍ كاسر، أو أننا لا نترجم إلا أنينا أو حنينا عبرَ خمولٍ وذبولٍ وذبذباتٍ من أفول..
بالأمل نجدِّد خلايا حياتِنا، ننشِّط قدراتِنا، نخلق بداخلِنا بهجةَ الحبِّ والتفاؤل، ليكتسبَ الوجهُ نضارتَه، وليستعيد الجسمُ قوتَه في ظل روحٍ نقيةٍ قويةٍ تنعش الكيانَ وتُدخِل إلى القلبِ نسيمَ الأمنَ والأمان..
وبكُم ومعكُم تزدهرُ الحياةُ والأوقاتُ، وتتَنَدَّى اللحظاتُ، وينتعشُ اللقاء، وبالتواصل والتآزر والسؤال أيضا نزرع الفرح بيننا، ونرسم الإبتسامات،
فيحيينا نبضُ الأملِ بكلِّ ما فينا بنفحات تحكي أغلى التباشير لتحقيقِ أغلى الأمنيات والأحلام، في ظل حياةٍ هادئةٍ مع عزفِ أشجى الأنغام..
#صباح تفالي