أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الفضيلة ..في قفص الإتهام!

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Apr 2016
    المشاركات : 22
    المواضيع : 3
    الردود : 22
    المعدل اليومي : 0.01

    Exclamation الفضيلة ..في قفص الإتهام!



    كتبت ذات مرة أني في كثير من الأحيان لا علم لي ماذا أكتب أو كيف أكتب
    إنما الورقة العارية هذه هي كل الفتنة اللازمة لجعل هذا القلم ينكب عليها مُقَبِلا إياها.

    و إنِّي مذ بضع يوم عدت من مجلسٍ و قد علق في نفسي بعض الحديث.
    و أتيت الورق و القلم بنهم أود أن أسكب ما إزدحمت به النفس من شجن
    إلا أنِّه عجز و تقهقر فما تشبث بي و أرهق فكري أكبر من أن أبلوره في ورقة أو وريقات
    إذ أراه وقد تُركَ فيه إرث عظيم من مجلدات و رسائل.

    لكن كل ذلك ما منعني أن أمارس الخربشة رغم عن أنف الصمت العقيم .
    و إن ما أضعه بين أيديكم من مقال ما هو إلا ثمرة أفكاري فلا أنا فقيهة لأتحدث باسم الدين
    و لا ممن ينهلون من الفلسفة لأاهب لكم نصا تأمليا.
    لكن سأعرض بين أيديكم نصا يحمل وجهة نظر حياتية إجتماعية بحته .

    و إن ما أوقد جذوة الحرف أني قد رأيت كل حميد و مستحسن ومستحب يمرغ به في تراب المكروه
    الذي قد بات محبوبا مرغوبا ف وجدت اليوم في حديث رفيقات ذاك المجلس
    بل و في حديث من أحسبهم صالحين و ذوي فكر و دين ما يحسن قوله فيما كان يستنكر
    كونه بات وسيلة إجتماعية للبقاء حياتيا فالرشوة مقبولة لتخليص بعض الأمور
    كما مثال و ما كان اعتراضي هنا حقيقة إذ أن الحياة لن تستقيم .بدون الأخذ بفضائل المجتمع الشخصية
    إنه نوع من التأقلم إن صح التعبير.

    لكن على الصعيد الآخر لا يجوز تقديس تلك الفضائل الدنيوية التي تغذي الجسد
    و إغفال الفضيلة الخُلقيةالتي تغذي الروح .
    و الفضيلة هي الإناء الذي يحتوي كل خُلُق كريم به تستوي الأرواح و تستقيم الأنفس
    و تتجمل فلا تطغى عليها المادة فتلوثها وتشوهها و تفقدها السمو ويفقد المجتمع ما يميزه
    فيسقط في غوغائية الوحوش الكاسرة و شريعة الغاب العابثة ف كل يصعد على أكتاف الاخر و يأكله ليحيا.
    و قد تجولت في رياض الكتب فوجدت الفضيلة كانت ضالة الكل عنها يبحث
    وكانت مقصدا و غاية الكل لودها يطلب.

    لكن في زماننا أمست الفضيلة مصدر تندر متهمة مرجومه و كل من يأيتها يستنكرونه .
    و إن كَتب عنها الأدباء أو المفكرون أو الأئمة أو الفلاسفة فإنهم يضعونها في ثوب ناصع المثاليه.
    الذي لا يليق بواقع المجتمع .

    حيث أني حضرت حديثهم اذ يقولون:
    أن صدق فلان و عدله و أمانته في عمله قد جعلوه مدحورا يعاني شقف العيش بعد نعمة
    فما نفعه صدقه ..و أن ما أردى منه حظا إلا فلان الميسور الحال الذي أغدق على أقاربه و الأصحاب و بعد
    أن انقلب الحال و ظن سيأتيه منهم بعض ما قدم ويجازون الإحسان بالإحسان هاهو يتسول منهم حقه
    و يلقون عليه بعض فتاتهم و كلهم فيه من الشامتين و قد علم قبلا أنهم لئام و أهل طمع
    لكنه كان يقول علهم يصلحون من شئنهم فما فعل حلمه الوردي أظن أنه ملاك منزل من بطن السماء!
    و الأدهى منهم و الأكثر خسرانا وسذاجة هو ذاك ابن فلان إذ أنه يجتهد في عمله فيخرج انتاج اليومين في
    نصف يوم بينما البقية يخرجونه في يومين وثلاث و إنه قد مرض فأخرج المنتج في يوم فزجره صاحب العمل و
    اقتطع من أجره و أن له رفيق كان ينيج ذات المنتج في ثلاث أيام وحين أنتجه في يومين
    أثنى عليه صاحب العمل و وهبه ترقية وحفاوة !!

    و غيرهم أمثلة تطول ..فما فادتهم الفضيلة ولا هم نجحوا بل استهجنهم القاصي والداني
    إذ أنهم لبسوا الفضيلة بثوبها المثالي
    و تركوا عنهم الفضائل المجتمعية و إنهم لصواب و لكن لقد وجدت الجميع بات ينظر
    لمعسول القول و جميل الثوب و كل لامع يبهر العين و يسلبها نظرها..
    و تحت وطأة المادة فُقدت البصيرة.. فلا وقت للتأمل في عصر الزحام فما عاد لجمال الأرواح
    من معجب و مريد إلا من رحم ربي و وهبه حسن السريرة.

    و رأيت الناس تناسوا أن الجسد ماهو إلا طين و أن الروح هي من روح الله تعالى فما قيمة الطين
    مقابل النور .. ف يا لخسرانهم إذ استبدلوا العقيق بحفنة تراب .
    فأمسى المجتمع يهوي بقيمه و ينحدر بكينونته و يقفد قيمته و ترابطه و يغرق في مستنقع من الرذيلة
    المحببة المقبولة لنفس المبررة ..و باتت القيم التي تسموا بالفرد و مفاهيم الأخلاق
    مرتبكة خجولة , في حضرة مفاهيم علينا أن نخجل منها.
    فأمست الفضيلة متهمة في عالم يشجع الكذب المصقول ,و القتل الجميل
    والمبررات الباذخة اللطافة لطمس الانسانية و تطهيرها من كل عرق طهور.
    يحثون على الخلاعة و ينتزعون نزعا كل حياء يغذون الضغينة و يتفهون التسامح يركعون لتجبر
    و يرجمون اللين و العطف و مبدأ الشك و سوء الظن هو أساس الحكم على الاخر
    و ينفون حسن الظن كونه ملائكية مفرط فيها وغباء .

    وتطول القائمة ويطول الحديث ولكن أين الخلل و ما الحل ؟
    إن الفضيلة ياسادة هي ثوب الروح و روضة الدنيا و سبيل جنة الأخرة
    أجل هذا صحيح و أكثر ولكن بعيدا عن المثاليات الدينية فما أنا أهل ذلك و بعيدا عن البحر الفلسفي
    و القناعات الأفلاطونية إن علينا تقبل الحقيقة..
    أن الصدق في زماننا سذاجة و العطاء تبذير و إستغلال و الجد و الإجتهاد غباء و الأمانة مهانة و التسامح
    ضعف
    أما الكذب ذكاء إجتماعي و البخل حرص و التكاسل مرونة و الخيانة دهاء و التجبر ثقة و قياديه
    ف غدى صاحب الخلق مغلوب على أمره و صاحب الرذيلة محترم مرغوب.

    لكن يظل السؤال قائما من عنها مدافع أحقا سنترك هذا السواد يلتهم بياض أرواحنا؟
    أسنجعل من مادية الحياة تجعل من المجتمع غابة .؟
    أليس الأولى أن نكون نحن مشكاة النور في جدار الظلام؟
    أليس الأولى أن أبدأ بنفسي و أغير ما حولي فإن نجحت لي من الثواب عند الله اثنين
    و إن أنا أخفقت لي أجر المحاولة؟
    ولكن توارد لذهني سؤال أهم ..هل أن بالأساس نفسي؟

    قرأت مقولة و هي من أجمل ما قرأت حقا ..أن تكون أنت يالها من مهمة شاقة.!
    فأخذت أتمعن في نفسي..و تمعنوا أنتم أيضا في أنفسكم..
    أحقا نحن أنفسنا أم بالفعل نظرة المجتمع تدفعنا غصبا لحيث لا نحب؟
    لحيث قناعتهم التي يبررون بها سوء نوايهم و خطاياهم؟!
    تاركين خلفنا قناعتنا لأننا قلة ..في زحام الكثرة .

    أو أننا بالأساس نتناول الفضيلة بصورة خاطئة !! ووجب علينا الآن أن نمازج بينها وبين فضائل المجتمع
    و مقصدي هنا أن نقنن الأخلاق أي نعطي بدون ان نستغل و نصدق القول بدون أن نكون ساذجين و أن نسامح
    بلا تفريط و نجد و نجتهد بإعتدال.
    فإن رسول الله وصحابته كانوا أكثر البشر تمسكا بالفضيلة وما تحويه من مكارم الأخلاق وما كانوا
    أهل مهانة أو ضعف .
    إن الإسلام مبدأه الإعتدال لا إفراط ولا تفريط.أن نعطي كل ذي حق حقه ف يعمل كل في اتساق فلا يطغى
    الجسد على الروح و لا يحدث العكس .فلا يجوز أن نرتدي ثوب الزاهدين المتصوفين في وكر الذئاب
    يجب أن نكون على قدر المواجهه.

    فالفضيلة ليست المتهمة بل نحن المتهمون إذ أننا أنزلناها غير منزلها و تجملنا بها في غير موضعها
    أما آن الآوان لنترك المثالية في ردودنا و كتباتنا فالكل يعلم أن الصدق منجاه و الاتقان في العمل فريضة
    والخ ولكن في زمن الانحدار وجب التمازج بما لا يشق على الأتقياء .
    ألا نأتيها بمثالية وهمية بل نأتيها في إطار الواقع المكلوم حتى تتناسب معه و تتسق .
    علنا نضيف شذرات نور لهذا النفق الدامس الذي نسير فيه مرغمين.
    أعتذر سلفا طول المقال و أمنية أنه يستحق وقتكم الثمين آل الواحةنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    فيض تقديري

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,105
    المواضيع : 317
    الردود : 21105
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    لله در حرفك المدهش..
    شدتني مقالتك وأحسست إنه حديث من القلب، وتأمل هادف
    وعميق من فكر راقي..
    وقد آلمك الزمن المقلوب الذي يجعل الفضيلة رذيلة والرذائل
    مستحبة ومقبولة.
    (فأمسى المجتمع يهوي بقيمه و ينحدر بكينونته و يقفد قيمته و ترابطه و يغرق في مستنقع من الرذيلة المحببة المقبولة لنفس المبررة )
    مقالة تعكس شفافية روحك وحسك
    نص عميق وفكر راقي يحمل قيما سامية خاطبت العقل
    شكرا لجميل ما نثرت من در حرفك. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. درع الفضيلة
    بواسطة بشار عبد الهادي العاني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 18-02-2013, 04:49 AM
  2. حِرَاسَةُ الْفَضِيلَةِ
    بواسطة بابيه أمال في المنتدى المَكْتَبَةُ الدِّينِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-12-2007, 04:57 PM
  3. حين تكون العاهرة داعية إلى الفضيلة
    بواسطة سيد يوسف في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 25-11-2006, 10:41 PM
  4. حراس الفضيلة....!!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-10-2006, 06:08 AM
  5. الفضيلة قمة الإنسانية
    بواسطة الجوهرة القويضي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 07-04-2006, 11:42 PM