أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تجليـّات الصـراع و آلياتـه النفسيـة في قصيدة "الذبيـح الصاعـد" لـ "مُفـدي زكرياء"

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    الدولة : اجزائر
    المشاركات : 8
    المواضيع : 3
    الردود : 8
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي تجليـّات الصـراع و آلياتـه النفسيـة في قصيدة "الذبيـح الصاعـد" لـ "مُفـدي زكرياء"

    تجليـّات الصـراع و آلياتـه النفسيـة
    في قصيدة "الذبيـح الصاعـد"
    لـ "مفـدي زكريا"

    إعداد: مولـدي بشينية
    المركز الجامعي بالطارف/الجزائر

    للملتقى الدولي الثالث :الخطاب النقدي العربي المعاصر "النقد النفســي"
    المركـز الجامعـي بخنشلـة/الجزائر
    05 /06 مـاي 2008

    تقتضي دراسة نص أدبي ما وفق تصورات النقد النفسي و أطروحاته وعدّته الإجرائية، أن يكون الدارس بالإضافة إلى مؤهلاته النقدية مؤهّلا "علمنفسيّا" لتقديم تلك الدراسة. و من بين المؤهلات التي يجب الإلمام بها، أن يكون مطّلعا على منشأ وأسس ومنطلقات النظرية السيكولوجية و مختلف التطوّرات و التنقيحات التي مرّت بها خلال مقاربتها للظاهرة الأدبيّة، و يتوقّف أيضا عند الهنّات المسجّلة عليها من قبل الباحثين ليستطيع بعد ذلك أن يتّخذ لدراسته المسار الذي ترتضيه.
    و الحديث عن "الصراع و آلياته النفسيّة" في نصّ أدبي ما، يقتضي أوّلاّ معرفة كشوفات علم النفس فيما يخصّ فكرة "الصراع" عند الأدباء، و كيفيات تجلّيها في النصوص الأدبيّة، ثم تحديداته لفكرة "الآليات النفسية" و صور تمظهرها في تلك النصوص؛ أيّ أن حيازة معرفة "علمنفسية" أمرّ لا مناص منه للحديث عن الصراع و آلياته النفسيّة في نصّ أدبيّ ما، حتى يتمكّن الدارس من القبض على اللحظة السيكولوجية، التي نرى أنّها فعّالة في فهم النصّ و في إعادة إنتاجه ما إن تمّ القبض عليها.
    و الحديث عن الموضوع ذاته في قصيدة "الذبيح الصاعد" لـ "مفدي زكريا" لا يعني مطلقا الوقوف عند كشوفات علم النفس و إغفال مجموعة من العلوم و المعارف و القضايا الأخرى ذات الصلة؛ كعلم الاجتماع و نظريات الأدب و التاريخ و غيرها...كما لا يعني مطلقا إغفال معرفة تاريخ النصّ – مناط الدرس- و تعاقب الأحداث التي أدّت إلى وجوده، ثم تأثير كلّ ذلك على سيكولوجيّته.
    وانطلاقا من هذه المبادئ، سنقسم هذه المداخلة إلى قسمين: قسم أوّل نتعرّض فيه إلى التعريف بالنظرية السيكولوجية مع التطرّق إلى أبرز التطورات التي لحقت بها في تعاملها مع الظاهرة الأدبية، والتركيز على أهم مقولاتها بخصوص فكرة "الصراع و آلياته النفسيّة" لدى الأدباء على وجه الخصوص.
    و قسم ثان نتعرّض فيه لتجليّات الصراع و آلياته النفسيّة في قصيدة "الذبيح الصاعد" لـ "مفدي زكريا". و ذلك بالوقوف عند تيمات الصراع السطحيّة و العميقة وأسبابه الظاهرة و الخفيّة، و آلياته النفسية و دلالاته و أبعاده. للوصول إلى القبض على القيمة الجمالية و المعرفية التي يمكن أن يخلقهما تضافر الحقل النفسي مع بقية الحقول في النص.
    1- النظرية السيكولوجية و الظاهرة الأدبية:
    ينصبّ اهتمام النظرية السيكولوجية في تفاعلها مع الظاهرة الأدبية تحليلا و نقدا "على الدلالات الباطنية في العمل الأدبي و الفني الذي قد يتأثّر بالعقل الباطن عند الفنان أكثر من تأثره بعّقله الواعي"(1).
    و تفيد النظرة الشموليّة لإنجازاتها إنّه يمكن حصرها في ثلاثة اتجاهات رئيسية ذلك بالنظر إلى الكيفية التي تعامل بها كلّ اتجاه مع الظاهرة نفسها؛ فهناك الاتجاه التحليلي الذي رأى أن التركيز على شخصية الأديب قمين بتفسير جوانب كثيرة في العمل الأدبي. و هناك الاتجاه شبه التحليلي؛ الذي رأى أن المزاوجة بين الابستومولوجيا و التحليل النفسي قادر على الإجابة عن التساؤلات التي يثيرها ذلك العمل. و هناك الاتجاه الثالث الذي رأى بأن دراسة العمل الأدبي دراسة نفسية تتم من خلال الربط بين التحليل النفسي و النقد الأدبي، فأنجز ما يسمى بالنقد النفسي للأدب.
    فما هي أبرز إسهامات كل اتجاه في تعامله مع الظاهرة الأدبية، و ما هي تحاليلهم لفكرة "الصراع و آلياته النفسية " ؟
    أ- الاتجاه التحليلي النفسي للأدب :
    يتفق الجميع على عدّ "س. فرويد"(S.Freud) ،من العلماء الأوائل الذين دعوا إلى "ارتباط العالم النفسي بعالم الأدب الفني"(2) ،ليس هذا فحسب، بل إلى تحليل العديد من النصوص الأدبية و غيرها تحليلا نفسيا، إلى درجة أنه "لم يعد في وسع أحد أن يتجاهل كشوف هذا الرائد العظيم في مجال المعنى"(3).
    و بالعودة إلى الوراء قليلا نجد أن النداء الذي أطلقه "سانت بيف" (Sainte Beuve) ،مطالبا بإنشاء "سيكولوجيا للكتّاب" يكون عملها الالتفات و الولوج إلى الوجدان الإنساني المبدع، قد شجّع النفسانيين للخروج عن حدود مهنتهم و الالتفات إلى الآثار الفنية و الأدبية، و أخذوا يعون بنسبة كبيرة علاقة الإبداع الأدبي بالسيكولوجيا، "فإذا كان الأثر الأدبي يجد تجانسه في روح عاطفي يسري في بنياته ،فالسيكولوجيا – هي قبل كل شيء-فهم للعاطفي"(4) .
    و ينبني التحليل النفسي للظاهرة الأدبية عند "فرويد" على اعتبار "المعنى بنية رمزية حافلة بأبعاد، و لها دقّة خاصة رغم تعميتها و تحريفها"(5) . و بالتالي يصبح من المهّم على المحلّل نفسه أن يضع في حسابه إن كل شيء يمكن أن يكون رمزا. و فك شفرات تلك الرموز لا يكون إلا بالرجوع إلى حياة الأديب و النبش في مكونات شخصيته للوصول إلى تركيبة دوافع الصراع لديه الكامنة في عالم "اللاّشعور" .
    و يرجع "فرويد" كل الغرائز الإنسانية إلى "غريزة الجنس و الرغبة(...) و إلى غريزة الموت. ويقصد بغريزة الموت، أن في كل إنسان، دوافع تضادّ، تهدف إلى الفناء و الموت، و من جرائها يسعى الإنسان إلى الهروب بمحاولة إعادة الحياة"(6). و بالتالي تغدو كل صورة من صوّر الخلق الفني لها جذورها العميقة في عالم "اللاّشعور" .
    و فيما يخصّ فكرة "الصراع و آلياته النفسية" يذهب "فرويد" إلى اعتبار أن الشخصية تتكون من ثلاث قوى: الأنا، الأنا الأعلى، و الهو. و هي في صراع دائم و تتجلّى محصلته في تمظهرات سلوك الشخص في أي موقف. "و لهذا الصراع وسائل معينة يصل بها إلى تكوين المحصلة، يُطلق عيها "فرويد" اسم الآليات منها : القمع "Suppression " و الكبت " répression" و التسامي "sublimation" والتبرير، و القلب" conversion " و التقهقر... (7)".
    و يرى "فرويد" أنه في الحين الذي ينحلّ فيه الصراع إلى صورة مقبولة شخصيا بواسطة آلية "القلب" باعتباره منفذا للطاقة المحتبسة، "فإن التسامي يؤدي إلى إظهار عبقرية و امتياز في الفن أو في العلم"(8).
    وإذا كان" فرويد" يركّز في تحاليله بصورة عامة على "اللاّشعور الشخصي" و على "الصراع" باعتباره محصّلة شخصية، فإن "ك. يونج" . " k.Yong « يتجاوز ذلك إلى "اللاّشعور الجمعي"، و يرى "أن علّة الإبداع الفني الممتاز هو تقلقل اللاّشعور الجمعي في فترات الأزمات الاجتماعية،ممّا يقلّل من اتزان الحياة النفسية لدى الفنان و يدفعه إلى محاولة الوصول إلى اتزان جديد" (9). معتمدا في ذلك على مجموعة من الآليات الموصلة، كآلية الإسقاط "projection" و آلية الحدس «intuition»؛ التي هي "القدرة على سبر أغوار المجهول دون الاعتماد على مشاهدات أو مقدمات أو خطوات عقلية سابقة"(10).
    و قد كان لدعوة "فرويد" و "يونج" للاهتمام باللاّشعور، الأثر العميق في تطوير الدراسات النفسية للظاهرة الأدبية، و في ذلك يقول أحد الدارسين : "إن الدعوة إلى اللاّشعور قد أتاحت لنا تصفية إحساسنا بالشعر و تعميق ذلك الإحساس و الشعور"(11).
    ب- الاتجاه شبه التحليلي النفسي للأدب (*):
    بعد انحسار موجة المحللين النفسيين في دراسة الأعمال الأدبية نظرا للانتقادات التي وجهت لإنجازاتهم، من مثل افتقارها للحسّ النقدي و الجمالي نظرا لعدم قدرتها على إدراك استقلالية الظاهرة الأدبية، و خلوّ طرائق الدراسة فيها من الآليات النقدية و العدّة الإجرائية الكفيلة بحفظ خصوصية الأدب و عدم تحويله إلى عميل من عملاء المصحّات النفسية. ظهر اتجاه جديد عمل على الاستفادة من كشوف التحليل النفسي، دون الوقوع في مطبّات التوجّه الطبّي السريري للأعمال الأدبية و أصحابها. و وضع لنفسه – بالإضافة إلى ذلك- خلفية تنظيريّة و أساليب تحليلية أيضا .
    و يعدّ " غاستون باشلار" ( Gaston.Bachelard ) ، رائدا لهذا الاتجاه، إذ أهّلته حصيلته المعرفية و العلمية الثرّة إلى المزج بين فلسفة العلوم و التحليل النفسي، فأنجز ما يربو على الثلاثين كتابا في مختلف حقول المعرفة الإنسانية مثل:" التجانس المتعدد في الكيمياء الحديثة"، و" الروح العلمية الحديثة"، و" حدس اللحظة"، و" جماليات المكان" و "شعرية أحلام اليقظة"، و" حق الحلم"، و" التحليل النفسي للنار"، و" الماء و الأحلام" و "لهب الشمعة"... و تعدّ أفكاره و تصوراته حول" أحلام اليقظة" من أكثر أفكاره وتصوراته شيوعا و استلهاما من قبل المبدعين و النقّاد على حدّ سواء، إذ استطاع أن يجد محددات نفسية لها تقوم على الجمع بين الإدراك والإبداع .
    و لأن علاقته بالنقد لم تكن أصيلة – فهو ابستمولوجي بالأساس- "فإن آراءه و تحليلاته النقدية كانت ذات طابع علمي مرتبط بتوظيف الأنساق الفكرية و فهم معطياتها المادية، ممّا جعل خطابه النقدي يميل نحو الخطاب الفلسفي ويستعير منه أكثر الأدوات و المفاهيم"(12).
    ج- النقد النفسي:
    تعاقبت الجهود الرامية إلى ردم الهوة بين الجانب الجمالي في الفن و الأدب و الجانب العلمي للتحليل النفسي على يدّ مجموعة كبيرة من الدارسين، الذين عملوا على توظيف القسط الضروري فقط من التحليل النفسي، بحيث يضمنوا للأدب استقلاليته، إلى حين ظهور "شارل مورون" ( Charles.Mauron) ، الذي ظهر معه "النقد النفسي".
    تحقّّق اللقاء بين النقد الأدبي و التحليل النفسي على يد "شارل مورون"، "الذي لايتردّد في تسمية مذهبه بالنقد النفسي" Psychocritique"(13). فقد تكونت لهذا الناقد ثقافة علمية و أدبية في وقت معا، و قد كانت لدراساته عن "اللاشعور" في آثار "راسين" و "الاستعارات الملحّة و الأسطورة الشخصية" مساهمات قيّمة في مجال النقد الأدبي و التحليل النفسي.
    انطلق "مورون" في نقده النفسي من استبعاد أن يكون التحليل النفسي للأدب و الفن مجرد تحليل "إكلينيكي"، تتحكّم فيه و تضبطه قواعد التشخيص الطبّي، عل الرغم من أهميتها في تناول شخصية الأديب. و ركّز في دراسته لشخصية "راسين" و مسرحياته على "اللاشعور، و مركب أوديب. و مبدأ اللذة، و الصادية و المازوخية، و الكبت الشديد، و رقابة الأنا الأعلى ...و لم يهمل أيضا تحليل الصراعات الكامنة وراء المآسي، و استخلاص بنيتها المتجانسة بالاعتماد على العناصر البيوغرافية"(14).
    و يعتبر "مورون" فن القراءة الدعامة الأساسية التي يقوم عليها منهجه النقد نفسي، و الذي ينطلق فيه من رؤية تُحدّدُ الإبداعَ الأدبي في ثلاثة عوامل هي: الوسط الاجتماعي وتاريخه ،وشخصية الأديب وتاريخها،واللغة وتاريخها.ويعتبر عامل شخصية الأديب وتاريخها موضوع النقد النفسي في المقام الأول .
    ويمكن إيجاز المبادئ التي اعتمدها "مورون" في منهجه كما يلي:
    1- ارتياد عالم النص الأدبي باعتباره ظاهرة فنية ولغوية، وليس كوثيقة معرفية.
    2- التنقيب في مخبّآت النفس اللاشعورية للمبدع من خلال العناصر المكونة للأثر الأدبي وفيما اختاره الأديب من عبارات وأفكار تمثل – في الحقيقة-الجانب اللاّواعي من حياته الخفيّة،"وهي التي تقودنا إلى الصور الأسطورية والحالات المأساوية والباطنية التي انطلق منها الأثر الأدبي"(15).
    3-دراسة النص الأدبي دراسة نقدية نفسية، لا تقتصر على تحليل الأثر تحليلا شكليا ولغويا، ولا تقتصر على تحليله تحليلا نفسيا، وإنما بتأسيس وحدة بين التحليلين.وذلك بالبحث في الصلة بين جوانب النفس اللاشعورية للشخصية المبدعة – من جهة-،والشبكة الدلالية في العمل الإبداعي من جهة أخرى.
    وكخاتمة لهذا المدخل النظري نقول أن موضوع "الصراع وآلياته النفسية"في الأعمال الأدبية، من المواضيع الأساسية في النظرية السيكولوجية، وان اتجاه النقد النفسي وما حققه على المستويين التنظيري والتطبيقي ووضعه التحليل النفسي في خدمة النصوص الأدبية، هو المنهج الأنسب لهذه المداخلة في قسمها التطبيقي. ومن أجل تحقيق ذلك اخترنا الخطّة الإجرائية التالية:
    1- تجليات الصراع وعناصره في قصيدة"الذبيح الصاعد".
    2- الآليات النفسية للصراع ودلالاتها في القصيدة.
    3- خاتمة.
    1- تجليّات الصراع وعناصره في قصيدة "الذبيح الصاعد":
    لن نجانب الصواب إن قلنا أن ديوان"اللهب المقدس" برمّته،ينبني على فكرة الصراع، ويتخذها كأيديولوجيا.إذ من خلال العنوان الرئيس والعناوين الفرعية أيضا يمكن أن نقرأ ذلك. وبواسطة فن القراءة دائما ندرك إن المطابقات و المقابلات و الحضور الكثيف للثنائيات الضدية و غيرها فيه، لم يأت صياغة فحسب، و إنما هي تغذية راجعة لثقافة مرحلة تاريخية بأكملها؛ مورس فيها الصراع على المجتمع الجزائري، فانعكس على تعابيره المختلفة ومنها ديوان "اللهب المقدس" الذي غدا "الصراع" فيه بمثابة الدم في جسم الإنسان.
    و لم تخرج قصيدة "الذبيح الصاعد" –التي تتصدّر الديوان- عن الحلبة الصراعية التي وضع "مفدي" نفسه و فنّه في أتونها، بل جاءت لتأخذ مكان الصدارة فيه أيضا ، و لهذا السبب وقع اختيارنا عليها بالذات، لما رأينا في حقلها النفسي من صلاحية لتقديم دراسة نقد نفسية، و لما تحمله من تعابير ظاهرة و خفية عن مكونات الشاعر و المتلقي النفسية، وما تحتويه من علاقات عاطفية موجبة و سالبة شديدة الثراء، و ما تتناوله من تيمات سيكولوجية تنمّ عن ثقافة عالية تعبر بدورها عن موقف واضح المعالم من الوجود.
    أ- تاريخ النص / تاريخ الصراع :
    إذا كان صدر المداخلة لا يتسع للحديث عن العلاقة بين التاريخ و الأدب و لا عن علاقة الصراع الإنساني بالفن تاريخيا، فإنه لن يضيق في وجه البحث عن العلاقة بين النص – مناط الدرس- و اللحظة التاريخية التي وُلد من رحمها.و كذا علاقته باللحظة الخافية للصراع، و التي تضرب بجذورها في عمق "المطموس".
    و إذا كانت عملية القبض على اللحظة التاريخية التي ولّدتْ النص أمرا يسيرا لأنها بادية فيه، فإن القبض على اللحظة الخافية يستوجب الغوص في المكونات النفسية للشاعر و في لا شعوره الجمعي بالخصوص .لأننا نعتقد أن الشاعر في مواجهته للحظة التاريخية المأساوية التي ولّدت الإبداع لديه استخار موروث شعبه و أمّته – ليس هذا فحسب - و استخار موروث الإنسانية جمعاء أيضا، بطرق واعية حينا و بطرق لاواعية أحيانا أخرى لتحقيق جملة من الأهداف، سنعمل على كشفها في حينه .
    يتشكّل النص بالاعتماد على الخيط الشعوري السائد فيه من لحظتين سيكولوجيتين تتوزع اللحظة السيكولوجية الأولى في القصيدة من البيت الأول إلى البيت الواحد و العشرين، و يصف فيها الشاعر "المثير" الذي أفاض كأس الإبداع لديه، و المتمثل في تلك اللحظة التاريخية الهامّة و المأساوية من تاريخ الثورة الجزائرية، و التي سيق فيها الشهيد "أحمد زبانا" من قبل الهمجية الاستعمارية ليدشّن مقصلة سجن بربروس بقطع رأسه. و ذلك في ليلة الثامن عشر من جويلية سنة 1955.
    و لأن الحادثة كانت عظيمة في مأساويتها، فقد انعكس ذلك على لغة الخطاب الشعري في هذا القسم من النص، فجاءت حلميّة مُثخنة بسطوة اللاوعي من فرط الصدمة. و سنوضح ذلك في أثناء حديثنا المقبل عن الآليات النفسية للصراع في النص.
    أمّا اللحظة السيكولوجية الثانية، فتتوزع على باقي أبيات القصيدة، و يتكفل الشاعر خلالها بالرد و الإجابة على تلك الحادثة المأساوية و السياق الذي أوجدها، الظاهر منه و الخفي.و قد تميزت لغة هذا القسم بسيطرة لغة الشعور مع حضور فجائي لبعض الخطابات اللاشعورية، و التي سنستثمرها في حديثنا عن الصراع الخفي في النص و علاقته بالمكونات النفسية للشاعر و لاشعوره الجمعي.
    و النص بالنظر إلى خيطه الشعوري و أجوائه النفسية و التاريخ الذي أوجده، و علاقة ذلك التاريخ بسيكولوجية الشاعر، هوعبارة عن "مثير" و "استجابة" بحسب التعبير "الجشطالتي". و فيما يلي سنقوم بتحديد أطراف الصراع و أسبابه الظاهرة و الباطنية، لنمرّ بعد ذلك إلى آلياته النفسية.
    أ- أطراف الصراع و عناصره في النص:
    جاء في النص التقديمي للقصيدة أن هذه الأخيرة "نُظمت بسجن بربروس في القـاعة التاسعة في الهزيع الثاني من الليل أثناء تنفيذ حكم الإعدام على أول شهيد دشن المقصلة المرحوم "أحمد زبانا" و ذلك ليلة 18 جويلية 1955 " (16)ونفهم من ذلك أن النص ولد في مكان غير عادي و في زمن غير عادي وفي سياق غير عادي أيضا, وقد تضافرت هذه الفضاءات غير العادية مجتمعة لتشكل الفعل الضاغط على نفسية الشاعر الذي لجأ بدوره إلى الشعر باعتباره تعبيرا غير عادي ليفسح من خلاله عن محصلة الصراع لديه.
    و تفيد القراءة الفنية للصراع في النص بأنه يتجلّى عبر مستويين أحدهما ظاهري و الأخر باطني،ولكلّ مستوى من هده المستويات أطرافه وأسبابه، وتيماته، وعلاقاته العاطفية أيضا. وتحديد مكونات المستوى الأول أمر يسير، أما المستوى الثاني فإن تحديد مكوناته ليست كذلك،بل يحتاج منا أن نجتاز حدود القراءة درجة درجة بحثا عن"النفسية" المنشأة للأفكار و الصور.
    يقوم الصراع الظاهري في النص بين طرفين، جَمَع كلُ طرف لزاويته مجموعة من العناصر لتقوية جانبه، نظرا لما لتلك العناصر من علاقات عاطفية بينها. ويشكّل (الشاعر+ الشهيد+ المجتمع الجزائري الثائر)، عناصر الطرف الظاهري الأول في عملية الصراع في النص. أما العلاقة الجامعة بين عناصر هذا الطرف فهي التضحية في سبيل الوطن لنيل الاستقلال. نفهم ذلك من مقول القول التالية الواردة في النص:
    "نحن ثرنا فلات حين رجوع * أو ننال استقلالنا المنشودا"(17)
    ويشكّل المستعمر وجنوده في الجزائر وأتباعه من الجزائريين الذين استمالتهم أطماعه، العناصر الأساسية للطرف الظاهري الثاني. أما العلاقة الجامعة بين العناصر المكونة لهذا الطرف، فهي استعباد الشعب الجزائري السيدّ في أرضه ونهب خيراته. ويعّبر الشاعر عن ذلك بقوله:
    دولة الظلــم للزوال إذا ما * أصبح الحرّ للطغام مسـودا
    يا ضلال المستضعفين إذا هم * ألفوا الذلّ واستطابوا القعودا (18)
    أما باطنيا فإن الصراع أعمق من هذا، إذ يتجاوز حادثة إعدام الشهيد"أحمد زبانا" واغتصاب الأرض الجزائرية من قبل الاستعمار الفرنسي، ليصل إلى الثورة التي شكلها الدين الإسلامي الحنيف والتي هزت أركان العالم القديم، ويعرّج ليستحضر الحروب الصليبية الآثمة والحاقدة التي اكتوى بنارها العالم الإسلامي. ومن هذا المنظور لم يعد الصراع صراعا من أجل استرداد الأرض المغتصبة وإنما استرداد الوظيفة الحضارية المستلبة، والاتزان النفسي الغائب بفعل دلك الاستلاب.
    والاستلاب عنصر أساسي من العناصر التي تدخل في صميم المكونات النفسية للمستعمر التي يشكل التحريف والحقد أيضا أبرز أعمدتها. نجد ذلك في قول الشاعر:
    سوف لا يعدم الهلال صلاح الد * ين فاستصرخي الصليب الحقودا(19)
    فهذا الخطاب الشعري الذي تمكّن من الإفلات من السياق الواعي الذي سبقه وتلاه، يختزن بداخله مجموعة من الرموز، عمل الاستعمار خلال حملته الشرسة ضد المجتمع الجزائري على طمسها وتغييبها، ويكفي أن نستمع"للكاردينال لا فيجري" حين يصرّح قائلا:"علينا أن نخلّص هذا الشعب. ونحرّره من قرآنه، وعلينا أن نعتني على الأقل بالأطفال لتنشئتهم على مبادئ ما شب عليها أجدادهم، فإن واجب فرنسا تعليمهم الإنجيل، أو طردهم إلى أقاصي الصحراء بعيدين عن العالم المتحضر"(20).
    فالصراع الخافي-مثلما عبر عنه النص- يضرب بجذوره في عمق التاريخ؛ هذا التاريخ المخزون في الضمير الجمعي للشاعر، فسح له المجال ليتٌمّ توظيفه عبر رمز"الهلال" الرامز إلى الأمة الإسلامية، ورمز"الصليب الحاقد"، الرامز إلى المسيحية المنحرفة الحاقدة على الإسلام. ويأتي اسم "صلاح الدين" ليرمز إلى مآل ذلك الصراع وخاتمته، من باب أن التاريخ يعيد نفسه.
    ب-أسباب الصراع في النص:
    تنقسم أسباب الصراع في النص بانقسام أطرافه إلى أسباب ظاهرة وأخرى خفيّة، ويبوح النص بالكثير عن الأسباب الظاهرة، بينما يكتفي بالتلميح للأسباب الخفية، تاركا للمتلقي المشاركة في الكشف عنها، من منطلق أن القراءة نقطة التقاء بين سيكولوجيتين بالأساس.
    تكشف الأساليب الاستفهامية المتعجّبة والمتعاقبة بشكل لافت للانتباه، الحالة النفسية الثائرة والغاضبة لصاحب النص، وتكشف أيضا عن الأسباب الظاهرة للصراع القائم بين أطرافه الظاهرين. وهي أسباب قائمة على واقع موضوعي أساسه الاغتصاب؛أي بين مستعمر غصب الحقوق وأصحاب حقوق يريدون استردادها . نجد ذلك في قول الشاعر:
    ليس في الأرض سـادة و عبيد * وكيف نرضى بأن نعيش عبيدا؟!
    أمن العدل صاحب الدار يشـقى * و دخيل بها يعيش سعيـــدا؟!
    أمن العدل صاحب الدار يعرى * و غريب يحتل قصرا مشيـدا؟!
    ويجوع ابنها فــيعدم قوتــا * و ينال الدخيل عيشا رغيـدا؟!
    ويبـيح المسـتعمرون حماهـا * ويظل ابنها طريدا شريــدا؟؟(21)
    أما الأسباب الخفيّة للصراع فأنها لا تكاد تبدو حتى تختفي، ولا تكاد تختفي حتى تبدو بأشكال مختلفة، وكأنّ ما تحمله من قدرات على الظهور أقوى من قدرة الشاعر على إخفائها، فبين الحين والآخر تعلن عن شدّة قوتها وسطوتها على "أنا" الشاعر وضغطها على ساحة شعوره ولو من بعيد ، كاشفة بذلك عن مكونات نفسيته وعناصر هويته، ومبتغاه من الصراع أيضا.
    إن الصراع لدى"مفدي" في المرحلة التاريخية التي يمثّلها، ليست بين غاصب للحقوق زجّ به في أعماق سجن "بربروس"، وذبح رفيقه ، ونهب خيرات شعبه السيد في أرضه فحسب؛وإنّما هو صراع متصل الحلقات بين الصليب المسيحي المحرّف والحاقد، والتعاليم الإسلامية السمحاء، إنه الصراع الأزلي بين الباطل والحق، والإيمان والكفر؛ صليب اعتاد القتل (حادثة المسيح الذي زعموا قتله)، وإسلام ينبذ الظلم والاعتداء واستلاب الحقوق.
    وهنا تظهر قوة حدس الشاعر وقدرته على سبر أغوار المجهول دون الاعتماد على مشاهدات أو مقدمات أو خطوات عقلية سابقة؛ فالمسيح، والهلال، والصليب، و"صلاح الدين" ... رموز بعيدة تقبع في لا شعور الشاعر، وتختزن كرنولوجيا الصراع الدائر في وطنه خلال الفترة التي تواجد فيها .. لجأ إليها محاولا القبض على اللحظة النفسية المنشأة لذلك الصراع فوجدها تتمثل في الحقد الدفين والمسيطر على شخصية المستعمر منذ أمد بعيد. وهو لجوء ينمّ عن مكونات الشاعر النفسية والدينية وتمثّله لموروث مجتمعه وأمته والإنسانية جمعاء.
    وفيما يلي جدول توضيحي لأطراف الصراع وأسبابه ونتائجه:

    المستعمر الغاصب+أتباعه من الجزائريين الشاعر+الشهيد+الشعب الجزائري الثائر أطراف الصراع الظاهر
    الصليب الحاقد/ المسيحية المحرّفة الهلال/الإسلام أطراف الصراع الخافي
    اغتصاب الحقوق+التبعية للظالم طمعا فيه وخوفا منه استرداد الحقوق المغصوبة أسباب الصراع الظاهر
    الباطل/ الكفر الحق/ الإيمان أسباب الصراع الخافي
    الاندحار/ الطرد الاستقلال نتائج الصراع الظاهر
    تراجع الحملة الصليبية الحاقدة إعلاء كلمة الإسلام نتائج الصراع الخافي

    ونخلص في خاتمة هذا العنصر إلى القول بأن الشاعر لم يكتف في بناء صوره الشعرية بالمعطيات التي أفرزها الواقع الذي أراد تمثيله،وإنما لجأ إلى عناصر ميتا واقعية استمدّها من لاشعوره الجمعي لتشكّل خلفية قوية للرسالة التي يروم توصيلها إلى المتلقّي لاعتقاده أن حضور تلك العناصر في خطابه الشعري من شأنه أن يلبي حاجاته النفسية ويرتب نوازعه المشتتة ويعيد له دوره الحضاري المعطل.
    2- الآليات النفسية للصراع في النص :
    يشكّل الاستعمار كسلوك، صعوبة نفسيّة و اجتماعية لدى الشعوب التي اكتوت بناره ردحا من الزمن. و تشكّل حادثة ذبح الشهيد "أحمد زبانا" صعوبة نفسيّة و اجتماعية لدى الشاعر؛ فهي فعل دموي عنيف، و نهاية مأسوية لحياة شخص مهم في حياته و في مساره الفكري و النضالي، يختزل العديد من الأفكار و المبادئ و الآمال و الطموحات و الرؤى والمشاريع التي يطمح الشاعر ألاّ تنتهي و أن يكتب لها الحياة. إلا أن حادثة الذبح شكّلت لديه صدمة عنيفة وضغطا إضافيا على نفسيته و ذهنيته على حد سواء.
    و تمثّل حادثة الذبح التي برع شاعرنا في تصويرها على امتداد واحد و عشرين بيتا، اختبارا حقيقيا لقدراته النفسية و حدود موهبته الشعرية، و كفاءته الاجتماعية و قدرته على حل المشكلات. فالحدث من هذه الزاوية "اختبار للقدرة العقلية و الكفاءة الذاتية، و القيمة بالنسبة للأشخاص الآخرين"(22).
    إن حادثة ذبح الشهيد "أحمد زبانا" يٌمكن تفهُّمها بحسب المقصديّة على أنها تحديد لمصير كل شخص يثور ضد التواجد الاستعماري الفرنسي بالجزائر، و بالتالي فالقصد منها تخويف و ترهيب الشعب الجزائري الثائر و قتل روح الصراع و المواجهة لديه. فماذا وجد فيها الشاعر؟
    لقد وجد الشاعر في هذه الحادثة الضاغطة وهذا السلوك الترهيبي فرصة لإظهار فاعلية الذات و قدرتها على اتخاذ المبادرة و المثابرة في مواجهة المحنة / الصدمة. فقد رافق الشهيد بعزم و ثبات من لحظة اقتياده إلى المقصلة إلى لحظة تعريج روحه إلى السماوات العلا ،واصفا تفاصيل تلك الرحلة وصفا يمتزج فيه الواقعي الشعوري بالميتاواقعي اللاشعوري. و يلتحم فيها الفني بالنفسي و التاريخي بالمتخيل. و المؤكد أن تنفيذ حكم الإعدام على رفيقه خلق لديه حالة متقدمة من القلق و التوتر ستؤثر حتما على اتزان نفسيته. فما هي الآليات النفسية التي لجأ إليها الشاعر لتجاوز تلك الحالة و التصدي للدور الاجتماعي الذي رأى أنه لازما له ؟
    يطلق علم النفس على "الآليات النفسية للصراع" مصطلح "المكنز مات الدفاعية" تارة و "الحيل الدفاعية" تارة أخرى. و يعرفها "حكمت درو الحلو" و "زريمق خليفة العكروتي" في مؤلفهما "مدخل علم النفس"، "بأنها تنمو مع الشخص منذ الطفولة، و يلجأ إليها لحل أزماته و لو وقتيا"(23). و قد كشف علم النفس أزيد من خمسين آلية أو ميكانيزم أو حيلة من آليات الصراع لحل الأزمات و الصراعات النفسية منها : الإسقاط، الكبت التقمص، التكوين العكسي، النكوص، السلوك العدواني، أحلام اليقظة، طلب الإسناد الانفعالي ...و غيرها. و من بين الآليات النفسية الحاضرة في النص ما يلي:
    أ- التسامي:
    يُمكن القول أن الأزمة الخانقة التي مرّ بها المجتمع الجزائري خلال الحقبة الاستعمارية الفرنسية، كانت سببا في توجّه تجربة "مفدي" الشعرية، تلك الوجهة الصراعية الثائرة؛ فقد انتجت مجموعة من العوامل نحت بها ذلك المنحى؛ فبالإضافة إلى العامل الأسري المشبّع بالقيم الدينية و الوازع الجهادي، فقد نشأ في كنف العديد من الجمعيات و النوادي الثقافية و الحركات و الأحزاب السياسية و الأفكار و البرامج، التي كان لها الأثر الكبير في تكوين وعيه و إحساسه بأن تلك الأزمة يمكن التصدي لها و حلّها عن طريق المغالبة والصراع .
    و قد كانت منعكسات تلك التنشئة بادية في المُحصّلة السلوكية لشاعرنا، و لو أردنا أن نتحقّق من ذلك فلن نجد خيرا من وصف "أحمد توفيق المدني" له إذ يقول : "كان ملكا في صورة إنسان، و ما عرفت في حياتي رجلا مؤمنا كإيمانه، فاضلا كفضله، متواضعا كتواضعه، مجاهدا كجهاده (...) كان كلامه حكمة، و كان عمله جهادا، و كان مسعاه نفعا لأمة الإسلام"(24).
    و بالعودة إلى منشأ النص نجد انه ابن شرعي لحدث بعينه، جرت تفاصيله في سجن بربروس، نظمه الشاعر و هو يودّع أول شهيد على مقصلة السجن نفسه، أي أن لحظة ذبح الشهيد كانت ذاتها لحظة ميلاد القصيدة. و ذبحُ الشهيد يؤدي لا محالة إلى إحساس الشاعر بالإحباط، خاصة إذا كان ينتظر المصير نفسه. و الإحباط "حالة يشعر بها الفرد عندما يصطدم مع شيء ما، أو عندما يحول أمر أو آخر بينه و بين ما يريد". إلا أن ذلك لم يحدث. فلماذا يا ترى ؟
    استعمل "مفدي" آلية "التسامي"، التي يرى "فرويد" إنها "تؤدي إلى إظهار عبقرية و امتياز في الفن و العلم" و ذلك حين سلك بطريقة لاشعورية مسلكا ثقافيا و حضاريا و فنيا بالتزامن مع الحدث العنفي و الدموي و العدواني الذي مورس على نفسيته. و ذلك حتى لا تتراكم الأحداث و تتضاعف ضغوطها عليه مما يعرقل الدور الاجتماعي الذي ينتظره. و قد مكنه استعمال هذه الآلية، من التعالي بطاقته الداخلية عن السلوك العدواني المباشر (الهيستيريا) و تحويلها إلى سلوك فني و حضاري مقبول ذاتيا و اجتماعيا؛ فعلى المستوى الذاتي: شبّع من خلال ذلك السلوك رغبته في مطارحة المستعمر و النيل منه. وعلى المستوى الاجتماعي: لم يخيب رأي مجتمعه فيه و قدّم له عملا رأى أنه يلبّي حاجاته النفسية و الذهنية.
    و الحديث عن آلية "التسامي" عند "مفدي" يقودنا للحديث عن الوظيفة التطهيرية للفن عموما و الشعر بشكل خاص، فهو ينطوي على عامل تطهير النفس من أدرانها لما يحمله من مفاهيم أخلاقية، فهو "خليق بأن يتسامى بأرواحنا و يساعدنا على كبح جماح أهوائنا (...) و قد صنعت الفنون من أجل تنظيم حياة الإنسان الداخلية و تهذيب مشاعره، فهي تسمو بروحه و تبلغ بها قيم الحق و الخير"(25).
    ب- القلب:
    عدّ "فرويد" "القلب" من الآليات النفسية اللاشعورية التي يلجأ إليها الشخص أثناء الصراع، و رأى أن به "ينحلّ الصراع إلى صورة مقبولة شخصيا، فتفيد كمنفذ للطاقة المحتبسة"(26). و تقوم هذه الآلية عنده على قلب نمط من السلوك من صورة إلى صورة أخرى مقبولة شخصيا، وذلك لبشاعة الصورة الأولى و قسوتها على الجانب النفسي.
    و بالرجوع إلى النص، نجد أن أول ما يوحي به العنوان "الذبيح الصاعد" هو أن بطل القصيدة سيذبح أو يكون قد ذبح، وأن الشاعر سيقوم بنقل التفاصيل الدموية لتلك المذبحة من قريب أو بعيد، و وصف فضاءاتها المأسوية و السلبية. هذا هو الإيحاء الأول الذي يطرحه العنوان.. إيحاءات لن تخرج عن الكتابة المشهدية التي سترصد عيون السجناء تطلّ من فجوات أبواب الزنزانات، تراقب مرور السجين مقادا إلى المقصلة. إنه مشهد مؤلم "تتوقف فيه كل حركة : حركة التنفس في الصدور، حركة الزمن بين الجدران، لأن النهاية الدنيوية قد أزفت"(27).
    و لكن الولوج الهادف إلى عوالم القصيدة عبر أبياتها الواحدة و العشرين الأولى، يبدّد هذا التصور و يرى عكسه تماما، و ذلك من خلال عملية "القلب" التي قام بها الشاعر : قلب المذبحة إلى عرس، و الموت الأكيد إلى خلاص و فوز، و لقاء الذبّاح إلى لقاء مع الله –عز وجل- .هكذا تصبح المذبحة (المقصلة)، و الموت، و الذبّاح، أمور مقبولة على المستوى النفسي، و لاتشكّل تهديدا عليه . و مقبولة اجتماعيا أيضا.
    و قد تضافرت عدة ألفاظ لإشاعة هذا الجو المقبول و الإيجابي و المشرق، بدءا من الفعل "قام" الذي يدل على الحركة الذاتية و الإرادية للشخص عكس الاقتياد أو الأخذ أو الجرّ، و تأتي بعده أفعال و أوصاف ترسم لنا أجواء الفرح و فضاءات المسرة، لينقلب المأتم إلى عرس بهيج، فالشهيد قام يختال، يتهادى، نشوان، باسم الثغر، يستقبل الصباح الجديد، شامخا أنفه، رافعا رأسه، رافلا في خلاخل مزغردة...عبر سلسلة طويلة من الانزياحات التي منشؤها النفس الرافضة للموقف الذي وٌجدت فيه، فقادتها عبقريتها الشعرية و حدسها الخلاق إلى إيجاد معادل موضوعي تطمأن له و يلقى لدى المتلقي الاطمئنان نفسه .و ذلك من خلال الاتكاء على مكنون وجدانها و لا ضميرها الجمعي الذي ينصّ على أن الشهداء لا يموتون بل يظلون أحياء عند ربهم يرزقون .
    ج- الإسقاط :
    يرجع " ك .يونج" علة الإبداع الفني إلى "تقلقل" اللاشعور الجمعي في فترات الأزمان الاجتماعية"(28)، ممّا يؤدي إلى تشتّت اتزان الحياة النفسية لدى الفنان فيندفع محاولا الوصول إلى اتزان جديد. و يستعمل لذلك آلية "الإسقاط" التي هي "عملية سيكولوجية ينسب الفرد عن طريقها، أفكاره و مخاوفه و رغباته و خصائصه غير المرغوب فيها إلى أشخاص آخرين أو أشياء بطريقة لاشعورية كوسيلة لحماية ذاته"(29). مما يتيح له تجنب السقوط أمام دوافعه العدوانية و التأكيد على أن الآخرين هم الذين يمتلكون مثل هذه الدوافع .
    و قد عاش المجتمع الجزائري تقلقلا شديد الأثر من قبل الاستعمار الذي عمل على طمس لاشعوره الجمعي وهدم رموزه المقدسة. و قد أدرك شاعرنا ذلك مبكرا فاندفع محاولا الوصول إلى توازن جديد يعيد للمجتمع دوره الحضاري المعطل و حقوقه الشرعية المستلبة. و سجل ذلك عل امتداد مشواره الحياتي و الأدبي، حتى لقب بشاعر الثورة الجزائرية .
    و بالعودة إلى النص – مناط الدرس- نجد أن الشاعر قد تكيّف مع الحادث الدموي الذي وجد نفسه في صميمه عن طريق آلية "الإسقاط" و ذلك حين شبه بطل قصيدته "أحمد زبانا" ؛ذلك الإنسان العادي بالمسيح (النبي، الرسول)، فهو (كالكليم)، و (قد زعموا قتله) و (ما صلبوه)... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل أراد الشاعر أن يساوي بين شخص "أحمد زبانا" و شخص "المسيح" و أن يضع الإنسان العادي موضع الأنبياء و الرسل ؟
    يدرك "مفدي" مدى الاختلاف الموجود بين البشر العاديين و الأنبياء و الرسل، كما يدرك التنافر الكلي بين المشبه و المشبه به من الناحية ذاتها. ويمكن فهم ما فعله كونه أسقط حادثة تاريخية مجتزأة من واقع معيش على حادثة مجتزأة من واقع مختزن في ضميره الجمعي، و ذلك نظرا لتساوي الحادثتين في الفعل و اختلافهما في الشدة في نظر المستعمر بالخصوص، (زبانا ذبح/ المسيح ذبح)، (ذبح زبانا = ذبح المسيح). إن هذا التساوي في الفعل و الاختلاف في شدّة الفعل، هو ما قصد إليه الشاعر، لقد قصد تعويم الحاضر المؤلم في أحداث الماضي الأكثر إيلام و بالتالي يهون الحدث المؤلم الصغير (ذبح زبانا)، أمام فداحة الجرم الأكبر (قتل الأنبياء) . و يكون بهذا الإسقاط قد كشف عن المرجعية العدوانية و الدموية للمستعمر و عمل على تأكيدها في ذهن المتلقي دون أن ينساق هو إلى ذلك السلوك.
    د-طلب الإسناد الانفعالي:
    تشير نتائج الدراسات العلمية إلى أن"الإسناد الانفعالي مخفّف للضغط ويقلّل من تأثيره السلبي على الجانب النفسي والجسمي"(30). وطلب الإسناد الانفعالي أو الاجتماعي "هو محاولة البعض للحصول على مساعدة الآخرين اجتماعيا أو نفسيا تبعا لتقدير المعنيين أنفسهم"28. فقد يلجأ البعض إلى الأهل أو الأقارب بحثا عن الدعم الأمني عند الشعور بالتهديد، وقد يتجه البعض إلى الأصدقاء أو الأطباء النفسيين، ويتجه البعض الآخر إلى الدين لما يلقون فيه من أمان وسكينة وطمأنينة،ولما تضفيه الصلوات وقراءة الأدعية من راحة نفسية تقوّي العزيمة والإرادة.
    وتشير"خالدة سعيد" "أنّ أيّ شخصية ثقافية تواجه تحدّيات مصيرية تردّ على التحدّي عن طريق الإلحاح على مكوّناته الأساسية"(31). جاءت إشارتها هذه في معرض حديثها عن المكوّنات الأساسّية التي ساعدت المشارقة والمغاربة العرب، على مواجهة الهجمة العنصرية التركية والتحدّي الحضاري الغربي في العصر الحديث ولخصتها(المكوّنات) في عنصري"الدين" و"اللغة". وقالت أنا الإلحاح على عنصر "الدين" مكّن"المغاربة" من مواجهة التحدّي الحضاري الغربي. وهي محقّة في ذلك لما مثّله "الدين الإسلامي" من قوّة إسناد فعّالة في تلك المواجهة.
    ولا يصعب على قارئ قصيدة "الذبيح الصاعد" أو الديوان بأكمله،أو شعر "مفدي" عموما، ملاحظة ذلك الحضور الكثيف للطلب الإسناد الانفعالي من الدين الإسلامي، إذ لم يترك الشاعر منهلا من مناهل ذلك الموروث إلاّ واغترف منه. واحتمى به طلبا للعون والتأييد والمباركة والقوّة والتمكين لمواجهة الوضع المأساوي الذي وجد نفسه وشعبه فيه.
    وقد تنوعت الينابيع الدينية التي قصدها الشاعر طلبا للإسناد الانفعالي بين القرآن الكريم (اقتباسا وتضمينا) والحديث النبوي الشريف، والتاريخ الإسلامي والسيرة النبوية. ولأن مجال المداخلة يضيق لعرض كل تلك الجهات فسنقتصر على عرض جهة واحدة منه ونعضد ذلك بالتحليل المناسب.
    يقول الشاعر واصفا بطل قصيدته:
    وتسامى كالروح في ليلة القد * ر،سلاما يشع في الكون عيدا(32).
    وهو قول يتقاطع مع قوله تعالى:"إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر"31. وفي البيت تشبيه،حيث شبه الشهيد"زبانا" بجبريل-عليه السلام- وهو تشبيه قصد من ورائه الإسناد العاطفي، فحضور "جبريل الأمين" وما يمثله من طهارة وبشرى ونقاء، أضفى على المشهد العنفي والدموي المؤلم الماثل أمام الشاعر، أجواء نورانية ربانية ملائكية تسعد النفس بالنظر إليها والبقاء عندها، حيث يغدو الذبح سموّا، والموت حياة، والمذبوح ملاكا طاهرا لا تطاله أيدي البشر، وليلة ذبحه، ليلة القدر "وما أدراك ما ليلة القدر".
    أما قوله:زعموا قتله وما صلبوه * ليس في الخالدين عيسى الوحيدا
    لفّه جبريل تحت جناحيه * إلى المنتهى رضيا شهيـــدا(33).
    ففيه تضمين لقوله – تعالى- في سورة"النساء" "وقولهم إن قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله، وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم، وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه، ما لهم به من علم إلا إتّباع الظن، وما قتلوه يقينا، بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما".
    وهو تضمين عالي الجودة سعي من خلاله الشاعر إلى تتفيه الفعل الاستعماري وتسفيه قدرات مرتكبيه العقلية، فزعمهم " قتل زبانا" زعم كاذب، يُشبه زعمهم قتل "المسيح" .وما قتلوا الاثنين ولكن شُبّه لهم لقصور مداركهم العقلية، لأن القادر على الصعود بـ"عيسى"-عليه السلام- قادر على الصعود بالذبيح"زبانا" أيضا، لأنه على كل شيء قدير. وبهذه الكيفية يكون الشاعر قد لاءم بين دوره الاجتماعي والوضعية النفسية التي وجد نفسه فيها، وذلك من خلال طلب الإسناد الانفعالي من القول القرآني المعجز.
    كما نلمس الطلب نفسه في قوله:
    اقض يا موت فيما أنت قاض * أنا راض إن عاش شعبي سعيدا(34).
    وفيه اقتباس لطيف من قوله تعالى في سورة"طه" "فأقضي ما أنت قاض"(35).والغاية الانفعالية منه طلب الجرأة وروح الاستبسال والثبات على الموقف في شموخ وعزة وإباء أثناء مقارعة الفعل الاستعماري الهمجي.
    والطلب الانفعالي نفسه نجده في قوله:
    نحن ثرنا فلات حين رجوع * أو ننال استقلالنا المنشودا (36)
    والغاية النفسية منه الاستعانة بالقدرة الإلهية التي أهلكت القرى الظالمة من قبل، نجد ذلك في قوله تعالى في سورة "ص":"كم أهلكنا من قبلكم من القرى فنادوا ولات حين مناص"(37). قدرة قادرة على إهلاك المستعمر وجعل مصيره كمصير الأقوام الكافرة الماضية التي لم تصغ لحكمة الله وسنن كونه.وبذلك تهدأ نفسية الشاعر والمتلقي ليتمكن الجميع من استجماع قواه مجددا لمطارحة المستعمر في الجولات المقبلة الحاسمة .
    والحديث عن آلية طلب الإسناد الانفعالي وغيرها في النص يطول، ولا يتسع له صدر هذه المداخلة،ونفضل ترك المجال مفتوحا للحضور للبحث والتقصي عنها.

    خاتمة:
    انطلاقا من الحقل النفسي الذي ناقشناه سابقا ،من خلال تركيزنا على "تجليات الصراع وآلياته النفسية " في القصيدة ،اتضح لنا ما يلي :
    1- أن" مفدي " شاعر مقاتل ،مثّل الجزائري والعربي والمسلم بكل القيم التي تحملهاالعروبة والإسلام عبرالأزمان.وقد ساعدته خواصه الذاتية الفريدة كالحدس و الذكاء الخارق والنفس الطويل والقدرة على الإبانة وفهم الواقع،على تطوير آلته الاستقبالية وترجمة مطالب شعبه وحاجاتهم النفسية والاجتماعية شعرا.
    2- كانت الأزمات والمحن التي مرّ بها الشعب الجزائري اختبارات حقيقية شحذت همته وضبطت نفسيته وحدّدت لها مساراتها النضالية والإبداعية أيضا.
    3- لدى" مفدي" قدرة خارقة على التكثيف ،ثم القيام بعملية تفاعلية بين الكم الهائل الذي ضغطه وركزه بحيث يستطيع نقله الى كيف جديد.
    4- ان العملية الإبداعية لا تتم في الواقع الموضوعي ،بل تتم في دخيلة المبدع أي في نفسيته وعقله ثم تجد لها ترجمة في الواقع الموضوعي .
    5- اتسمت شخصية الشاعر بالتحدي وحب المغامرة ،الثقة بالنفس،وضوح الرؤية قوة الإرادة وإرادة القوة،إرادة الإبداع ،نقد الآخرين ،اكتشاف العلاقات الدقيقة.
    6- يمكن وضع الشاعر في ضوء حالته المزاجية في فئة "اللاشعوريين"؛فهو ينبعث في إدراكه وخلقه للعلاقات الدقيقة من مقومات لاشعورية ووجدانية وعقلية ،أعني من مركب عقلي وجداني مكبوت في داخله ويحرك ذهنه ويحمله على الوقوف على العلاقات الدقيقة للموقف الذي يجد نفسه فيه والقيام بعلاقات جديدة غير مسبوقة.

    *************************
    قائمة المصادر و المراجع:
    (1) نبيل راغب، موسوعة النظريات الأدبية، الشركة المصرية العالمية للنشر –لونجمان- الطبعة الأولى 2003 .ص355.
    (2) عماد حاتم، النقد الأدبي قضاياه و اتجاهاته الحديثة، دار الشروق العربي لبنان د/ط، د/تا، ص179.
    (3) مصطفى ناصف، دار الأدب العربي، دار الأندلس، لبنان، ط3، 1983 ص131.
    (4) حبيب مونسي، فلسفة القراءة و إشكالية المعنى، دار الغرب وهران الجزائر، د/ط، د/تا، ص158.
    (5) مصطفى ناصف، دراسة الأدب العربي، ص131.
    (6) محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، نهضة مصر، القاهرة، د/ط، د/تا ص351.
    (7) مصطفى سويف، الأسس النفسية للإبداع الفني و تذوق الفنون الجميلة، دار المعارف. مصر. ط3 .1970. ص195.
    (8) المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
    (9) محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، ص352.
    (10) علي عبد المعطي محمد، الإبداع الفني و تذوق الفنون الجميلة، دار المعرفة الجامعية، مصر .1993. ص159.
    (*) أطلقت هذه التسمية قبل" روجي. فيول"،(Rouger Fayolle) لأنه يرى أن باشلار، لم يدّع في نقده أنه يقوم بتحليل نفسي علمي دقيق، وإنما يعتمد على قراءة الأشخاص من خلال ما يكتبونه، و ذلك برد الصورة الفنية الشعرية إلى أصولها العميقة (الماء، النار، الهواء التراب)، بهدف تقديم دراسة عن الخيال الثقافي . محمد أديوان، النص و المنهج، دار الأمان الرباط، ط1، 2006، ص80.
    (11) المرجع السابق، ص ن.
    (12) المرجع السابق، ص82.
    (13) زين الدين المختاري، المدخل إلى نظرية النقد النفسي، منشورات إتحاد الكتاب العرب 1998، ص17.
    (14) المرجع نفسه، ص ن.
    (15) مفدى زكريا، اللهب المقدس، الشركة الوطنية للنشر و التوزيع، الجزائر 1983، ص9.
    (16) م س، ص17.
    (17) م س ، ص16.
    (18) م س ن ، ص18.
    (19) صالح خرفي، المدخل إلى الأدب الجزائري.مجلة الثقافة عدد 21،ص 21
    (20) اللهب المقدس، ص16.
    (21) حسين فايد، علم النفس الإكلينيكي. مؤسسة حورس الدولية للنشر و التوزيع، الإسكندرية، الطبعة1، 2005، ص347.
    (22) حكمت درو الحلو، زريمق خليفة العكروتي، مدخل إلى علم النفس، المكتب المصري، 2004، ص185.
    (23) العربي زبيري، المثقفون الجزائريون و الثورة، منشورات المتحف الوطني للمجاهد، المؤسسة الوطنية للاتصال و النشر و الإشهار، وحدة الطباعة بالروبية الجزائر 1995، الهامش ص33.
    (24) علي عبد المعطي محمد، راوية عبد المعطي عباس، الحس الجمالي و تاريخ التذوق الفني عبر العصور، دار المعرفة الجامعية 2005، ص182.
    (25) مصطفى سويف، الأسس النفسية للإبداع، ص195.
    (26) حبيب مونسي، فلسفة المكان في الشعر العربي، اتحاد الكتاب العرب، دمشق 2001، ص98.
    (27) محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، ص352.
    (28) محمد عاطف غيث، قاموس علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية مصر، ص353.
    (29) حسين محي الدين، التنشئة الاجتماعية و الأطفال الصغار، الهيئة المصرية للكتاب القاهرة 1983، ص176.
    (30) ميشيل ارجايل،علم النفس و مشكلات الحياة الاجتماعية، ترجمة عبد الستار إبراهيم، مكتبة مدلولي، القاهرة 1982، ص81.
    (31) خالدة سعيد، حركية الإبداع، باب العودة بيروت، الطبعة الثانية 1982، ص19.
    (32) اللهب المقدس، ص10.
    (33) القرآن الكريم، على رواية الإمام ورش، دار التجليد الفني، الجزائر (د.ت) سورة القدر، الآية (1).
    (34) اللهب المقدس، ص.
    (35) اللهب المقدس، ص.
    (36) القرآن الكريم، سورة طه، الآية (72) و ما بعدها.
    (37) اللهب المقدس، ص17.
    (38) القرآن الكريم، سورة (ص)، الآية (03) و ما بعدها.

  2. #2
    الصورة الرمزية مجذوب العيد المشراوي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2004
    المشاركات : 4,730
    المواضيع : 234
    الردود : 4730
    المعدل اليومي : 0.66

    افتراضي

    مولدي أيها الزميل الأنيق فعلا ً استفدت ُ من هذه الدراسة وطالعت ُ لغة ً أخرى في المحاكمات الدقيقة مع الاستشهادات المكثفة ..

    أحييك على هذا الخطاب الراقي في دنيا الدراسات المعمّقة ..كما أدعوك إلى عدم ترك هذا المنتدى الرحب فنحن نقرأ لأمثالك بكل ّ حب ..

  3. #3
    الصورة الرمزية عبد القادر رابحي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 1,735
    المواضيع : 44
    الردود : 1735
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    أخي الكريم مولدي العيوني..

    السلام عليكم...

    للمرة الثانية ارى عملا اكاديميا متميزا..يتطرق هذه المرة إلى احد اكبر الشعراء الجزائريين في العصر الحديث..
    و هو الشاعر مفدي زكريا "شاعر الثورة الجزائرية" و صاحب النشيد الوطني "قسما بالنازلات الماحقات" و صاحب الديوان المشهور" اللهب المقدس"..

    و للإخوة القراء الذين لا يعرفون الشاعر و لا القصيدة من خلال سياق الدراسة نقول إن عنوان القصيدة " الذبيح الصاعد" يرمز إلى أول شهيد في الثورة الجزائرية المباركة ينفذ فيه حكم الإعدام شنقا من طرف الاستعمار الفرنسي . و هذا الشهيد هو " أحمد زبانا". و القصيدة من أروع و أعمق ما كتب مفدي زكريا أثناء الثورة التحريرية التي دامت من سنة1954 إلى سنة1962 . و قد تنبه لها العديد من الدارسين الأكاديميين و غيرهم من النقاد .. فكتبوا عنها العديد من الدراسات و الأطروحات الجامعية..

    و هنا.. إضاءة اخينا الأستاذ مولدي العيوني تنطلق في النفاذ إلى النص من الوجهة النفسية . و هي وجهة طالما اغفلها النقد الدبي المعاصر في الجزائر خاصة في تعامله مع النصوص الإبداعية الجزائرية..

    شكرا لك أخي

  4. #4
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    الدولة : اجزائر
    المشاركات : 8
    المواضيع : 3
    الردود : 8
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    أخي عبدقة ،تحية طيبة عطرة تليق بمقامك العلمي الشامخ..وبعد:
    1- يعزم المركز الجامعي بالطارف تنظيم ملتقى مغاربي حول تعليمية الأدب واللغات والعلوم الإجتماعية في شهر نوفمبر 2009 لذا يشرفنا أن تكون من الحاضرين فيه، وسأعلمك بكل تفاصيله في الأيام المقبلة -بحول الله-
    2- شكرا جزيلا مباركا على ما توليه لمقالاتي من قراءة وإضاءة وإضافة..مما شجعني على ادراج مشاركات أخرى في المستقبل القريب -بمشيئة الله -
    3- التمس لي الأعذار -ما ظهر منها وما بطن - بخصوص بطئي في الرد على تعليقاتك الثمينة.وإلى اللقاء أيها الفارس .أخوك :الأستاذ مولدي بشينية /المركز الجامعي بالطارف.

المواضيع المتشابهه

  1. قصيدة المحرقة .. لـِ أحمد هاشم
    بواسطة أحمد عبدالله هاشم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 29-05-2016, 10:19 PM
  2. إلى روح مفدي زكرياء
    بواسطة غلام الله بن صالح في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20-08-2014, 02:48 PM
  3. معارضة لـِ : (قفا نبك) لأمرئ القيس (بمناسبة ذكرى التخرج)
    بواسطة مروان المزيني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 17-04-2008, 11:31 AM
  4. صور لـِ ( إرمَ ذات العماد ) التي لم يُخلَق مثلها في البلاد
    بواسطة عطية العمري في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 03-11-2007, 12:26 PM
  5. مِسا الآلام مِشتاگه لـْ غفوة في حِضِنْ دافي..!
    بواسطة ماء في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 06-01-2006, 03:26 AM