أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: بوح على أطلال انثى

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2009
    العمر : 55
    المشاركات : 61
    المواضيع : 11
    الردود : 61
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي بوح على أطلال انثى

    بوح على أطلال أنثى

    بقلم سمير خضر خليفة
    اقتربت مني بلطف محاولة لفت انتباهي... مواء ناعم و حركات جميلة كانت تأبى القيام بها إلا بمكافأة مجزية ... بينما كنت أجلس على مكتبي الصغير أنجز بعض أعمالي الخاصة بالسجلات . "أعلم ما تريدين .. أثيريني أكثر فأنا رجل مهزوم يستجدي نصراً على أنثى ".
    كم هي قريبة تلك الأيام ، لم أكن ألحظ عليها يوماً شيئاً يميزها عن أقرانها إلا سمة بارزة هي خجلها ,و كسوفها الواضحين دائماً .... فمعرفتي بهالا تتجاوز حدود معرفتي بأي فتاة من فتيات الحي . خدمة قدمتها لوالدها ، فأثنى علي ووجه لي دعوة ،و اشترطت أن لا تتجاوز هذه الدعوة تناول كأس من الشاي . للصدفة عنوان ،و لكن الصدفة تحمل الميعاد فتلاقت العيون على الباب ،و دون مقدمات ارتسمت على شفتيها علامة السؤال لتهمس: "هل لك أن تساعدني في بعض الدروس ا". فاجأني صوتها الناعم ، فارتبكت بين ثنايا السؤال أبحث عن جواب . سادت برهة من الصمت ، ابتسمت فيها وهززت رأسي . حركة استعراضية كدت أن أصفق لها لولا خوفي على هيبتي أمام هذه الأنثى .
    ثابرت فسرقت مني مداعبة لفروها الناعم بعد أن كررت الحركة ثانية .
    وجهاً لوجه على طاولة الدرس ، درس قد حضرت له جيداً لتظهر لي أنها مجتهدة في دروسها . لم يكن الدرس ليستغرق أكثر من دقائق معدودة ولكن هناك الكثير ليقال : حديث مبهم و أسئلة غير مباشرة من القلب إلى القلب . هذا ما شجعني لأن أقول لها قبيل الوداع : هناك موضوع لم يحن وقته بعد ... أرجوك أن لا تسأليني شيئاً الآن و أعدك أن نناقش الموضوع معاً في وقت قريب . ودعتها و استدرت مغادراً فسمعت صوتها : إلى أين ؟.. لقد نسينا الشاي .
    - سأشربه مع والدك .
    جرس الهاتف يبدد خلوتنا ، قائد الوحدة يستفسر عن العمل .
    - السجلات جاهزة سيدي و أنا أعيد تدقيقها .
    عادت لمداعبتي لكن هذه المرة مع مواء جريح أظنه استجداء ، توقفت عن الكتابة و فتحت صندوق الطعام ،أخرجت قطعة من الدجاج تركها لي زميلي في النوبة السابقة ، وضعتها على قطعة ورق وبدأت أقد لها الطعام كما عوتها ،و كانت تنبهني بحركاتها الجميلة كلما سرقني منها العمل 0
    انتهى الدرس سريعاً هذه المرة لم أترك لها فرصة السؤال كما عودتها ، وبادرتها دون مقدمات : "هل تقبلين الارتباط بي "0
    و أردفت : لا أريد الإجابة الآن ، لك ما شئت من الوقت لتقرري0 سرعان ما سبقت شفتاها صوت قلبها لتقول: "هذا الموضوع بحاجة لنقاش طويل فلدي الكثير من الأسئلة ".
    لا أدري لم اخترت هذه القطة السوداء من بين أقرانها , و أذكر ما قاله صديقي صاحب القطة الأم بتهكم : أنثى و سوداء ، فأجبته بتهكم : "سأعلمك كيف تروض النساء" 0
    كان اللقاء طويلاً جداً ولكن علامات التعجب بدت على وجهي لترسم خلفها مئات الأسئلة ... إنها تعرف الكثير عني و عن أدق التفاصيل في حياتي الخاصة فعقبت مازحاً : هل أنت منجمة ... إن فنجاني عصي عن التنجيم ... !!!!
    انتابني شعور غريب . ها أنا عار ٍ كما الحقيقة ، فالأشجار التي تكسوها أوراق البوح أصبحت عارية .لم تترك لي برهة واحدة لأبرر لها بعض الأمور و المواقف 0 بلهجة صارمة عرتها من ثوب الخجل دون أن تخدش أنوثتها ولم تصغي إلا لنداء قلبها : أنا لا أنكر إعجابي بك منذ زمن طويل و تتبعت أخبارك خطوة .. خطوة و رغم الكثير الذي عرفته عنك ... ابتسمت بمكر ثم علت نبرتها كأنها تتلو مرسوماً أو تصدر أمراً : أنا أحبك ..... ارتمت على مقعدها كما لو أنها ألقت حملاً أثقل كاهلها
    العرق يندي جبيها ... شفاه مرتجفة .... و أصابع ترتعش ... و إطراقة رأسها أعادتها لطبيعتها التي أحببت ، مددت كفي اتجاهها ورفعت رأسها قليلاً ً بينما كانت عيناي تتأملا ن عينيها هتفت : يا الله ..... أي ملاك تكونين ..بداية التاريخ أنت. أقسم أن اليوم هو يوم مولدي الجديد . أمسكت كفي ومسحت خدها كأنها تتوسده أو لتمسح دمعة لم تذرفها بعد ، وما كادت أناملي تلامس شفتيها ,حتى سَحبتُ كفها و قبلته فمالت بجذعها نحوي و توسدت صدري 0
    كانت تلازمني طوال الوقت فأداعب فراءها و ألاعبها ، إنها طفلة شقية تختفي بين الأسرة ، أو تحت المكتب أو فوق الخزائن أو داخلها . فهي تعبث بكل محتويات الغرفة , وعندما تقلب وعاءً أو تحطم شيئاً أو ينهرها أحدهم تفر إلى حضني الكل يدللها , و لها حصة من الطعام . حتى أن الطباخ كان يمازحنا أعطهم مخصصاً لخمسة أفراد و قطة و في المرة القادمة أضيفوها إلى بطاقة الإطعام 0
    تتسلل ليلاً إلى سريري , و تتمطى بجانبي فأداعب فراءها و يتسلل النوم إلى عيوننا خلسة 0 أحببناها جميعاً ، ندللها كلما أبدعت في استعرض حركاتها , وكأننا نعدها لمهرجان استعراضي . تلاعب من تشاء أثناء غيابي وعند عودتي تهرع إلي , لا تلبي نداء أحد سواي . مما أثار حفيظة البعض ليعلق أحدهم : و الله إنك امرأة و ابنة كلب .
    أصبحت الآن توأم روحي ، أسابق الزمن لأجلها و لعيونها قررت إيقاف دراستي الجامعية و تأدية خدمة العلم لأقرب المسافة , و أحظى باليوم الموعود ..هآنذا أخسر سباقي ، رسالة مستعجلة بضرورة الحضور دون أي توضيح !!!ولكنها الرياح تعاند أشرعتي, فلم يكن الحصول على الإجازة بالآمر السهل فإذن المغادرة الذي حصلت عليه لمدة أربع و عشرون ساعة , بمساعدة صديق احتاج لثلاثة أيام 0
    المساء شاحبٌ على غير عادته ، كل من رآني يتودد لي وكلام غامض من صديقي يؤجج مشاعري ، اعترضت طريقي صديقتها فحاولت أن أتحاشاها . قطعت طريقي وواجهتني دون مقدمات : أنت خائف من مواجهتي ..فكيف ستواجهها إذن ..إنها على موعد معك بعد ساعة !!!!
    سيطرت فكرة الانتقام على رأسي ومر على ذاكرتي شريط ممزوج بقصص الخيانة و الانتقام ، أفاق وحش في داخلي ، لم أعلم بوجوده من قبل ، سيطر عل كل ملكاتي بينما كان يجلجل صوت صديقي بتمتمات و نصائح تقطع هذا الشريط بين الفينة و الأخرى و أفقت على صوته و هو يرعد : أنت أقوى من هذا ... أنت أكبر من هذه الترهات ، عندها أدركت أن صوتي كان يسبق شريط الذكريات .
    - حقاً ستأتي و هي عروس منذ يومين .. أنا لا أصدق أنها تمتلك هذه الجرأة ؟.
    - أنت لا تعرفها يا صديقي .. قالت ستأتي ... إذاً .. ستأتي .
    كثيراً ما حاولت المقارنة بينها و بين الأنثى البشرية ، فسلوكها كان أنثويا ً خبيثاً ، لا أدري إن كان غريزياً ، كان من عادتي عند الملل من القراءة أو التعب أن أضع صورتها بين صفحات الكتاب المفتوح و أحاورها و أقرأ أوراقها الحالمة التي تعطيني إياها بعد كل لقاء أو ترسلها لي مع أحد الأصدقاء و تقول لي لا تقرأها الآن اقرأها هناك على شاطئ غربتك لأبقى قريبة منك في وحدتك 0
    فاجأتني القطة بأن خطفت إحدى الرسائل و ألقتها على الأرض محاولة تمزيقها ، لا ليست مصادفة فهي قد فعلت هذا من قبل وهذه هي المرة الثانية التي تعيدها وقفت عاجزاً أمام هذا التصرف المبهم علق صاحبي إنها انثى ، هي الغيرة يا صديقي إنها حواء 0
    كانت أقوى و أكثر جرأة مني مدت يدها نحوي ولم أدرك ذلك حتى نبهتني صديقتها التي داست على قدمي و انسحبت من الغرفة لتعد لنا القهوة كما ادعت ، مددت يدي~
    و أنا مطرق الرأس و بصوت كسير تساءلت : من يقف أمامي .. أنا لا أعرفه ..هل أنت البطل القادم لإنقاذ حبيبته السبية ..هزتني من كتفي بقوة صارخة و قالت : أنا من خانت العهد ...أنا الجبانة التي لم تستطع الدفاع عن الحب فسباها أهلها و اغتصبها الغريب القادم من بلاد النفط بورقة سموها عقد زواج ... الغريب الذي علمت مؤخراً أنه ابن عمي بعد ان ا اكتشف أن له ابنة عم بعد عشرين عام ، كل الكنوز التي خبأتها في جعبتي سلبوها و قطفوا زهورها واستباحوا ثمارها .... ما بك تقف كصنم .... أنا لست خائفة ... و لا شيء يرهبني بعد اليوم ... و أعلم أنني أخبرت هذا الكلب بأني سأراك عندما تعود والآن أفي بوعدي ... و أنا انتظر منك القرار .. و بسرعة البرق اندفعت نحوي تضمني و تقبل رأسي بينما انهمرت الدموع لتبلل خديها الوردية ...حاولت أن أبعدها فجثت على الأرض تقبل يدي ..جثوت امامها ومسحت دموعها أجلستها على المقعد ، قلت لها أتيتني مع الأحلام و ستبقين حلمي الجميل و جرحي النازف إلى الأبد ... هممت بالخروج أمسكت بيدي و انتزعت طوقاً صغيراً من جيدها نقش عليه حرفان من حروف أسمائنا وقالت يا أشرف الناس : لن أنساك .
    أشعلت لفافة تبغ و تابعت إطعامها بينما كانت تتدلل و تنظر إلى ابتسامتي البلهاء وقبل نفاذ الطعام بقليل قمت بسذاجة بوضع قطعة من اللحم بفمي لأغير طعم التبغ ، انقلب سلوكها فجأة و أصدرت صوتاً غريباً كأنه حشرجة ، التقطت أخر قطعة من يدي فمددت يدي كعادتي لمداعبتها و بحركة مفاجئة غرست براثنها في كفي فأدمتها وولت هاربة 0 التفت إليها وهي تتوثب عند الباب مكشرة عن أنيابها ,أضافت أشعة الغروب القادمة من خلفها شكلاً خرافياً على ظلالها المنعكسة على أرض الغرفة ,فبدتنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي كحيوان خرافي خرج لتوه من أحدى الأساطير اليونانية ، سرت قشعريرة في جسدي و تملكني الرعب ، أمسكت بالخوذة و أرسلتها باتجاهها منزلقة على الأرض مصدرة صوتا مدوياً ، فولت هاربة ... استفقت من كابوسي المزعج على كف بثلاثة أثلام غمرتها الدماء و حيرة السؤال 0
    أتاني صوت صديقي من وراء الأفق : ستعلمني كيف تروض النساء .. لقد تعلمت الآن يا صديقي ......و لكن تعلم أنت كيف تلعق الجراح 0

  2. #2
    الصورة الرمزية مروة عبدالله قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    المشاركات : 3,215
    المواضيع : 74
    الردود : 3215
    المعدل اليومي : 0.51

    افتراضي

    أخي سمير

    قصة احتوت على حلم جميل نابع من قلب الحب الغريق في دنيا البراءة, وانتهى على غدر وجرحٍ ودماء متناثرة, وحديثاً ما زال دائاً وسؤال طرح وإجابة أنذرت بسؤال آخر, أعجبني طرحكَ كثيراً جداً, فشكراً على ما قدمت لنا من رقي.

    تقديري

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2009
    العمر : 55
    المشاركات : 61
    المواضيع : 11
    الردود : 61
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    الاخت الفاضلة مروة
    شكرا لمرورك العطر على قصتي وشكرا لمشاعرك النبيلة فهي شهادة اعتز بها
    مع خالص مودتي

  4. #4
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2009
    العمر : 39
    المشاركات : 33
    المواضيع : 4
    الردود : 33
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    الله الله أيها المبدع
    لقد أذهلتنا بقصتك الرائعة

    دام تميزك

    احترامي

  5. #5
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    اختلاط الحقيقة بالخيال ونص طيع البيان مدهش السرد نجح أديبنا في إيصال الفكرة وأن يستحوذ على الذائقة
    بوركت واليراع الفريدة
    ومرحبا بك في واحتك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.99

    افتراضي

    بسرد ماتع ابحرنا فكان الموج رقيقا والدر في العمق وفيرا
    كل التقدير
    بوركت

  7. #7
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    بين الأحلام التي تحلق بأصحابها في سماء السحر والجمال، والحقائق التي تتكشف عنها آمالهم الذبيحة، حمل النص القارئ بسرد شائق وأداء قصّي ماتع عرض مقطعا إنسانية من حكاية غدر

    دمت بخير أديبنا

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  8. #8
    الصورة الرمزية نداء غريب صبري شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jul 2010
    الدولة : الشام
    المشاركات : 19,096
    المواضيع : 123
    الردود : 19096
    المعدل اليومي : 3.80

    افتراضي

    الذين يستسلمون لأحلام الهوى الجميل يعيشون ذبح براءته بسكين الحقيقة المستيقظة

    قصة جميلة ومؤثرة

    شكرا لك أخي

    بوركت
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. انثى خارج السرب؟؟؟
    بواسطة مريم الفدعاني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 11-10-2021, 12:09 PM
  2. منأجاة انثى....
    بواسطة مريم الفدعاني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 21-03-2011, 12:05 AM
  3. أعترف بأنني انثى عاشقة ,,,!
    بواسطة شهد الجراح في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 01-02-2011, 07:08 PM
  4. اريدها انثى
    بواسطة محمد السقار في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 03-02-2010, 03:30 PM
  5. أنا انثى والانوثة هوايتي ....
    بواسطة شهد الجراح في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 27-07-2008, 12:02 AM