|
عام فيه يغاث الناس |
ظامئٌ لابَ حول ضفّةِ وردِ |
فإلى مصرَ مُدَّ حبلَ امتياحٍ |
مترَعاً للظميءِ في كلِّ مَدِّ |
يا بْنةَ النيلِ يا عروسَ قصيدي |
من لآليكِ جئتُ أنظمُ عِقدي |
ما سلا القلبُ مربعاً ضمّنا أو |
أطفأَ النأيُ عنكِ أشواقَ كبْدي |
كم أرادوا لنا ابتعاداً وجَفواً |
والهوى جسرنُا بقربٍ وبُعدِ |
قل لمن كاد بين قلبي ومصري |
جَلَّ ما بيننا على كلِّ كيدِ |
يا إهاباً لبستُه حالَ كَوني |
كيف باللهِ كنتُ أخلع جلدي |
شرَياني بنبضِك الحرِّ يحيا |
ودمي جدولٌ إليك مؤدِّ |
وحّدتْنا عقيدةٌ ولسانٌ |
فسواءٌ آمالُ عمروٍ وزيدِ |
ها أنا من إباك يشتدُّ أزري |
يا نزاراً يشدُّ أزرَ مَعَدِّ |
وأنا من نداك يخضرُّ عودي |
ويدبُّ الحيا بغَوري ونجدي |
جثم الليلُ فوق شمسي ثلاثينَ |
كسوفاً ناءتْ بها خلفَ سدِّ |
أفقي كالحٌ كشعرِ رئيسي |
وصباحي مكبّلٌ مثل قيدي |
وعِجافُ الأبقارِ إذْ أكلتْ سُنْـ |
ـبُلَةَ الروحِ قبل سُنبلِ حَصْدي |
كم تمادتْ بي دون سبعٍ سِمانٍ |
قبلَها بل عجيفُ عهدٍ وعهدِ |
وحدودي للطارئينَ مَجازٌ |
وسبيلي تُسَدُّ في وجهِ قصدي |
وغِلالي للمتخمينَ نِثارٌ |
ورغيفي مستنزِفٌ كلَّ جهدي |
وأتى الوعدُ لي بعامٍ يُغاثُ |
الناسُ فيه فالآنَ ها هو وعدي |
فاض قهرُ السنينَ للنيلِ طَمياً |
ينثرُ الخِصبَ في الضفافِ الجُردِ |
سقط الهولُ يا أبا الهولِ فازأرْ |
لن ترى خائفاً تغشّى ببُردِ |
وانفض الرملَ عن جبينِك وارفعْ |
بهزيجٍ عقيرةَ المتحدي |
ما ضربنا فيهم بسيفٍ وفأسٍ |
تلك أصنامُهم تهاوت برعدِ |
ولصوتُ الأحرارِ أكبرُ فتكاً |
بالطغى بل أعزُّ من كل جُندِ |
فسلامٌ أحرارَ مصرَ سلامٌ |
قد نضا الحرُّ عنه أسمالَ عبدِ |
أيقظوا غفوةَ الشعوبِ ودقّوا |
بابَ جفنٍ لها بقبضةِ أيدِ |
مرودٌ فتّح العيونَ اكتحالاً |
فرنتْ للشموسِ من بعدِ رَمدِ |
يا منارَ السفينِ في بحرِ ليلٍ |
وشعاعاً عَمَّ السواحلَ يهدي |
أنتمُ المدُّ زاحفاً دون جَزْرٍ |
بل هو المدُّ هادراً إثْرَ مَدِّ |
فابعثوا ميّتَ الكرامةِ فينا |
وانشروا أمةً ثوتْ تحتَ لَحدِ |
حلّق النسرُ في البُنودِ انطلاقاً |
فزها في السماءِ أجملُ بَندِ. |