|
بوزيدُ منها عصفُنا قد زمجرا |
فاجتثّ شَيْناً ثم جبّ مُعمّرا |
كم قد روينا من دماءٍ حقلنا |
حتى إذا بالخصب أصبح أخضرا |
وثماره نضجت وحان قطافها |
حاز الدخيلُ الحقلَ مع ما أثْمَرا |
أترى مقاليد الأمور لنا غدتْ |
نمضي إلى قُدُمٍ وليس القهقرى |
يا لائمي في ذا التشاؤلِ لا تلمْ |
من فرطِ ما عشناه بتّ مُحيّرا |
ليس التفاؤل في السياسة فطنةً |
فيما تؤول إليه ما لا يُمْتَرى |
إن كانت الثورات هذي لم تزل |
ملك الذين نجيعهم فيها جرى |
فلتعلنوها وحدةً فوريّةً |
ولْتُبْدِلوا بالداجيات النيّرا |
لم تقبلوا التسويف في إعصاركم |
فامضوا به، صونوه أن يتعثّرا |
حتى يطيح بكل حدٍّ بينكم |
ولتكملوا مشواركم ذا الأجدرا |
لا تسلكوا درب اللجان فإنما |
يُمضى لها بالخير كيما يُقْبَرا |
ودمُ الشهادةِ لا يكافئه سوى |
أمل الشهيد بوحدةٍ إذ كبّرا |
أترى سأهنأ إذْ طرابُلساً أرى |
مع تونسٍ في وحدةٍ قد أسفرا ؟ |
عن وجه أمتنا جميلا بالهدى |
الله أكبرُ ما أعزّ وأكبرا |
أحفادَ عقبَةَ والحسينِ وطارقٍ |
بدمائهم قد وحّدوا هذا الثّرى |
ما منهم من حاد عن درب الهدى |
أو هاب كسرى في الجهاد وقيصرا |
ثلُثَيْ طريق النصر سرتم أكملوا |
ما ظلّ من ثلُثٍ أراه الأيسرا |
لا تجهضوا أملا يراود أمةً |
من بعد ذلّ عاث فيها أعصُرا |
صامت عن الإحساس قرنا كاملا |
واليوم آن لحسّها أن يفطرا |
هي وحدةٌ إفطارُهُ من دونها |
خير له في فطره أن يسكرا |
هي فرصة التاريخ كونوا أهلها |
إن ضُيِّعت هيهات أن تتكررا |
إلّا يكنْ هذا المسارُ فأمركم |
كسِواكمُ ممن عليهم قد سرى |
قولٌ عن الأدوار في تاريخنا |
ما كانَ بِدْعا أو حديثا يُفترى |
أَن الدماء على الشعوبِ ضريبةٌ |
لحسابِ من باع الدماء وسمسرا |
لا تأمنوا الكرسيّ أو جُلّاسه |
من حلّ فيه شأنه أن يُسحرا |
هل ثمّ كرسيٌّ بدون ( رِمُوتِهِ) |
من لندنٍ أو من وشنطنْ دُبّرا ؟ |
يمضي يمينًا إن يُوَجّهْ يمْنَة ً |
فإذا أبى أو إن تلكّأ فُجِّرا |
ترنو لكم يافا ويرنو كرملٌ |
غرناطة ترنو لكمُ أسْدَ الشّرى |
رتل من المدن الحبيبة كلها |
باتت تُرجّي بالصباح مبشّرا |
في شرفة الآمال ترنو نحوكم |
تدعو الإله بأن يُعِزّ ويَنْصُرا |
تعزٌ وبغدادٌ وحمصُ وطنجةٌ |
وتضمّ خرطوماً بها والأقصرا |
إن تعلنوها تعلنوا ميلادنا |
بشراً سويا كالأنامِ مُصَوّرا |
أو تخذلوها فالقطيع بحقله |
ما زال يرعى حيث سيق مُعَـثـّرا |
والحلم بالأنوار أدمن طبْعُنا |
تفسيرَه انتظروا مصيرا أغبرا |
بعضُ الذي في البال بحتُ ببعضه |
أبقيت في نفسي الأجلّ الأخطرا |