قصة شاعر
و جاءَ الحيّ في ليلٍ غريبٌ ما عَرفناهُ بأسْمالٍ مُهلهلةٍ كأن العيش أضناهُ دفاترَ باليدِ اليسرى و أقلاماً بِيمناهُ تساءلنا من الآتي لنعرفَ ما جَهلناهُ فما ألقى لنا بالاً كَأنّا ما سألناهُ و صار لسانه يهذي كلاماً ما ألِفْناهُ يُرددُ مثل أشعارٍ بصدقٍ ما فهمناهُ سَخِرنا من طلاسِمهِ بلا عقلٍ حَسبناهُ و قلنا شاعرٌ قد تابَ قول الشعر أحناهُ و قلنا عاشقٌ منفي وجد العشقِ أفناهُ فأعددنا له كهفاً و ثوباً قد وهبناهُ و قَدمنا له ماءً و زاداً قد أنِفْناهُ يطوف الحيَ في ليلٍ كأن الليل سُكْناهُ تركناهُ بلا خوفً فمجنوناً ظننّاهُ فأمضى بيننا عاماً رقيقاً قد أسرناهُ و ما ندري له إسماً فعبداً قد نعتناهُ و في يوم و لا أنسى على تلٍ رأيناهُ يزاول طقسَهُ السحري مثل الجمرِ عيناهُ يرتلُ من عزائمهِ بصوتٍ ما سمعناهُ و يكتبُ مثل أحجبةٍ كلاماً غابَ معناهُ و في فَمِهِ صدى لحنٍ عجيب ما ورثناهُ فقلنا ساحرٌ قد جاءَ يُفْسِدُ ما بَنَيْناهُ و قلنا محض زنديقٍ سَينكرُ ما قرأناهُ فألقينا عليهِ القبضَ في قفصٍ حَبسناهُ نعاينُ ما جنى ليلاً و نحرقُ ما وجدناهُ و جاءَ الشيخُ في غضبٍ ليحكي ما نسيناهُ لنا عِبَر من الماضي و لكنّا هَجرناهُ سَيغضبُ ربّ بلدتنا إذا حيّاً تركناهُ فلا سوطٌ سيردعهُ إذا فجراً جَلدناهُ و لا سجنٌ سَينسيهِ شعوراً كان غنّاهُ فهذا الشعر نَعْرِفه و هذا السحر ذقناهُ لنا عهدٌ مع الباري و هذا العهدُ خُنّاهُ سيأتي الموتُ يجرفنا و يأخذ ما جنيناهُ ستعصفُ ريحُ خيبتنا لتأكلَ ما حَصدناهُ ينال جزاءَ فعلته عقاباً قد خَبِرناهُ ليغفرَ ربّ دنيانا خطيئةَ ما أتيناهُ تَجمعَ أهلُ بلدتنا رَوينا ما شهدناهُ فلن ينجو بِفعلتهِ و ذنبٍ ما غفرناهُ أضافتْ زوجةُ المختارِ في خَجَلٍ عَهدناهُ بأنّ الوحشَ راودها بخبثٍ قد شَجبناهُ فمن في الخوفِ أدخلنا و من بالأمنِ منّاهُ فذئباً كان لا حَمَلاً فمن بالعبدِ كَنّاه عَجِبنا من سَذاجَتنا فهذا الوحش كنّاهُ و قال كبيرُ جَلْستنا بِأنّا ما ظلمناهُ فهذا المسخُ أوصلنا إلى شُؤمٍ سَكنّاهُ و هذا السحر قد يبقى و حتى إن فَككناهُ و هذا العار لن يخفى و حتى إن كَتَمْناهُ أقمنا شبهَ محكمةٍ بعدلٍ قد حَكَمناهُ و لن يدري بنا أحدٌ إذا يوماً قتلناهُ و لن يُفْشى لنا سرٌ إذا ليلاً دَفَنّاه تعاهدنا و أقسمنا و هذا ما فعلناهُ كقربانٍ لربِّ الكونِ في عيدٍ ذَبَحناهُ