|
قالوا بشعرك لوعة الأحزانِ |
ومذاق طعم مرارة الأشجانِ |
وضنا الهموم تراكمت بركامها |
بدموع بوح مسهب هتانِ |
قلت اعذروني فالخطوب كثيرة |
قضت مضاجع درة الأوطانِ |
مصر الحبيبة في الفتون تقلبت |
وتوسدت مستنقع النيرانِ |
فيها الجميع تفرقوا بمرائهم |
لغو مقيت لافح الخسرانِ |
قد شبت الأهواء فيها وانبرى |
لهو بغيض مجدب الغيطانِ |
زاد الضباب وقد أتانا بغتة |
بنضوب نيل شاحب الشطآنِ |
وتفرق الخلاّن فيها وانتهت |
أيام ألفة لُحْمَة الإنسانِ |
وتمزقت أوصال مصر برجفة |
جاءت .. أصابت أجمل البلدانِ |
هل تعذروني إن شدوت بحزنها |
وأنا كسير القلب والوجدانِ ؟! |
وقريضيَّ المحزون يهتف باسمها |
والشعر يذرف دمعة الديوانِ |
وبحوره باحت بجم وجومها |
أبياته باتت مع الأحزانِ |
وتعددت آلام عاشقها الذي |
سطر الغرام موثق التحنانِ |
وأنال كل المغرمين بحسنها |
زهرات روض رقائق الأوزانِ |
وأهاج صبوة شوقهم لرحابها |
وأقام فيهم لهفة اللهفانِ |
فهي الحبيبة حزنها في خافقي |
حزن مديد مطبق الطوفانِ |
وسرورها فرحي وبهجة خاطري |
وعموم سعدي وارتقاء كياني |
وأمانها أمني وطيب معيشتي |
ومخافها خوفي وسوء مكاني |
إن أقبلت جذلى تهلل مهجتي |
ويبوح قلبي بالهنا ولساني |
أو أدبرت تشكو شكوت مواجعي |
متوجسا من عصبة الطغيانِ |
هي مطمع الأعداء مقصد بغيهم |
طول الزمان ومصرع العدوانِ |
ومحط أنظار البرية كلها |
ومدار دورة ساكني الأكوانِ |
كم مر فيها من صديق طيب |
كم مر فيها من عدو جاني |
تؤوي الغريب بحبها وحنانها |
ويهل فيها أكرم الضيفانِ |
ويحل فيها من أراد ويحتمي |
وينال فيها مشتهى اطمئنانِ |
ويروم منها العاشقون مرامهم |
تترا يفيض عذوبة الفيضانِ |
هي من أقام المجد فيها صرحه |
والعز قام على مدى الأزمانِ |
والفخر يهتف أنه بعلائها |
بالطهر غنى أجمل الألحانِ |
وأعاد عنها ما مضى فسجلها |
يحوي قديم النصر للفرسانِ |
هي خير أجناد البسيطة جلها |
وسل التتار ومهلك البهتانِ |
وسل المغول توغلوا فتهشموا |
يوم اللقاء بجندها الشجعانِ |
وسل الصليب المستبد بقدسنا |
ماذا دهاه بمستطير هوانِ |
و(صلاح) دين الحق يرفع رأسنا |
يوم التقى الجيشان والجمعانِ |
(حطين) تشهد أنها مهد العلا |
مصر التي بشريعة الفرقانِ |
و(لويس) تاسع ملكهم بقيوده |
في دار (لقمان) العزيز الهاني |
وصخور (بارليف) الحصينة أصبحت |
يوم العبور مصارع الفئرانِ |
وقناة عزة مصرنا في أهلها |
إقدام بأس العزم والإيمانِ |
لن أستريح وأمنها في لجة |
بقيود وهم الخائر الخوانِ |
من يحرق الوطن الحبيب بناره |
ليبث فيه سمومه بثواني |
من ظن أن بلادنا نهبا له |
وهو الخبيث مموه الألوانِ |
من عد مصر وأهلها من ماله |
وهي الغنية عن ثراء جبانِ |
من مد فيها شوكه وبلاءه |
ليصيب أيكة مكثنا بِجِنَانِ |
من عاون الأعداء حلوا جهرة |
بحماية من مجرم ولهانِ |
يمضي لهدم محدق ببلادنا |
لتصير مصر مراتع العقبانِ |
كلا فمصر بحفظ ربي إنها |
مذكورة في محكم القرآنِ |
وبسنة النور الشفيع المصطفى |
تحظى برأفة سيدي العدناني |
سأظل أدعو ضارعا متبتلا |
من أجلها للخالق المنانِ |
رباه أكرم أهلها بكرامة |
وامنن عليها بالعطا الرباني |
وأعزها ربي بعزك سيدي |
يا من يجود بنعمة الرضوانِ |
وأذل أعداء الحبيبة كلهم |
واجعلهمُ في شقوة الخذلانِ |
صلى الإله على النبي وآله |
طه حبيب الواحد الديانِ ! |