كيف يَمْجُدُ العرَبُ
----------
مِنَ الفُراتِ إلى النيلَينِ حُلْمُهمُ
هل حقَّقوهُ من الأحلافِ ما اصطَحَبوا؟
نامتْ أُسودُ بلادي عَن ثَعالبها
وما بَشِمنَ ولكن هدَّها السَّغَبُ
قتلٌ وخطفٌ وتشريدٌ ومَخمصةٌ
حولَ الفُراتينِ.. كيف يَمْجُدُ العرَبُ؟
مِن كلِّ مُستَقذَرٍ، للحقِّ مستلِبٍ
قد عاثَ في أرضِنا يطغى ويَستَلِبُ
داستْ على مجدِنا أقدامُهم شيعاً
وكلُّ حزبٍ بثوب الدينِ يحتجبُ
يا وَيلهم فلَهُم منَّا مباغتةٌ
فيها ثَعالبُهم تَعوي وتَنسحبُ
هل يعلمُ المُعتدي أنَّا بنو أُنُفٍ
إن ذلَّهم نغَصٌ دونَ الشرابِ أَبوا
لم يرضَ إخلاصُهم إلاَّ الوفاءَ لِمَنْ
أودَعَهم حاجةً حتى وإنْ حَرَبوا
لم ترضَ شيمَتُهم خيانةً صدرتْ
من بيتهِم، فأقرُّوا وأد مَن تربوا
أنعِم بجودِهمُ للضيفِ إن كرُموا
وما لَهم في الأنامِ مثلهم حَسبُ
الباذلونَ من الأموالِ مَكرمةً
ألفاً مِن الأينُقِ الحمراءِ إن وَهبوا
الناحرونَ قِرى أنعامهم كرماً
أروَوا عطاشاً وهُم ماتوا وما شَربوا
كُلٌّ لخيرٍ سعى من خيرِ أمَّتهِ
حتى أتاهُم رسولٌ مؤمنٌ درِبُ
كأنه عَلَمٌ مِن حولهِ أَكَمٌ
في قولهِ حِكَمٌ يَزِينُها الأَدبُ
مُحمَّدٌ أشرفُ الرسْلِ الكرامِ هَدَى
لدِينهِ عالماً في الكفرِ يَضطربُ
أصحابهُ قدوةٌ للمؤمنينَ بهِ
ساروا على نَهجهِ، أخلاقَهُ اكتَسبوا
هم أهلُ صدقٍ وعدلٍ خيلُهُم نَجُبتْ
وأرفَلتْ في الوغى.. أيمانُهُمْ قُضبُ
يمشي الأميرُ ولا يحميهِ من حرسٍ
إذ كان عدلاً؛ فلا يَخشى ويرتهبُ
قد كان فيهِم رسولُ الله مَعْلَمةً
على طريقِ الهدى كالطودِ منتصبُ
جاءت لبيعتهِ الأحلافُ خاضعةً
حتى تقوَّت به الأحلافُ والعربُ
فاستثمرَ العدلُ في الأرض التي غُرستْ
من دِينهم.. مُلئتْ من عدلِهمْ كتبُ
هَدَوا - وقد أفلحوا - لدينِهم أُمماً
لكنهم رغمَ شعواءٍ.. فما غَصَبوا
فاستنورتْ أممٌ بالنورِ مُسلمةً
وعاندتْ أممٌ كُفرانُها دأَبُ
ظلَّت على كفرها في نهجِها عوَجٌ
لا يستقيمُ الذي في ظهرهِ حدَبُ
♦♦♦♦♦
للهِ أمرُ الذي يحتلُّنا قِدداً
قد كان في حكمهمْ بين المَلَا شَغبُ
دامت صوامعهم توُليْ أمورَهمُ
فينشرون الفسادَ أينما ذَهبوا
حتى استفاقوا وهُم جَرحى مقاتَلةٍ
عُظمى يسيِّرها الرهبانُ، فاحتَرَبوا
رأَوا رؤوساً إذا ما أينعتْ قُطفتْ
فاستأصلوا دابرَ الكهَّان، فاحتجَبوا
تلك التي أتعبَتهم في قرونَ مَضتْ
تعساً لها كعكةً للعُربِ تُجتلبُ
تقضي الجَهالةُ في دينٍ على حِكمٍ
إذا الجهولُ تولَّى الدينَ والذنَبُ
إن الدياناتِ قد جاءَت مكمَّلةً
والرُّسْلُ قاطبةً للهِ قد رَغِبوا.
--------