حملت أجندة مذكراتها لتخط كلمات بين صمت المكان .. وضجيج الأفكار :
" .... تداخلت المسافات والقرب قريب من الروح ..
أحيانا أحسك هنا بالأعماق .. تسكن الجوارح
أحيانا أكاد ألمسك هنا .. بقلبي .. أشعر بك تنبض داخله ..
أصطدم بك كل آن .. بأعماقي .. فإذا بي أستيقظ من غفوة الحاضر .. لأقع بزاوية الماضي .. العميق
نعم .. كونت لك هنا مساحة .,. لا يصلها غيرك .. لا يسكنها إلا أنت .. فقط
ما تفعل الآن ؟
كيف أنت؟
توالت الأيام .. مضت السنوات .. ظهرت حياة جديدة .. ربما أفضل من الماضي البعيد .. من العدم تشكلت وجوه التصقت بالذات .. كم عزيزة على الروح .. بدونها لا يمكن الاستمرار بالشهيق
إنما ها أنا للمرة الألف أستعيد الماضي جوارك
الذكرى تسترعي ابتسامة ..
الابتسامة تسترعي مرارة مجحفة
والمرارة تخلف انشطار جزئي عن الحاضر للسقوط ببركة الماضي .. نعم هي بركة ضحلة .. إذ حتى حين الخروج منها يعلق اخضرارها اللزج بنا .. ليلغي الحواجز كليا بين الماضي والحاضر ..
نتساءل .. كيف ننظف ملابسنا من الماضي بعد كل استرجاع ؟.. كيف نتعلم أن نتذكر دون شوائب .. دون ألم أو حزن أو فرح أو سرور ؟
ما تفعل الآن ؟
كيف أنت ؟
بأي بقعة من العالم تتحرك .. تتنفس .. تبتسم .. تضحك .. تبكي ؟ ....
الأيام تمر .. والسنوات تمضي .. والبحث مستمر عن صدفة تعيد تشكيل الحياة من نقطة الصفر ..
كم افتقدك ..
مازالت بصمات أصابعك .. ترتاح بكفي .. حين كنا نسير للمدرسة ..
لازالت ضحكتك ترن بأذني .. بصوت الطفولة .. بصوت النضوج .. بصوت جميع مراحل الحياة .. تلك التي قضيناها معا ..
قطعة الحلوى تلك بالذات .. أصبحت أعشقها .. كل من حولي يدرك هذا .. لما ؟ .. الا تعلم ؟ .. من فرط تناولنا لها مند زمن ..
القطعة منها تذوب بفمي .. لتذوب اللحظة .. يتجمد المكان .. فتنصهر الذكرى كالحمم .. الجارفة .. كم تجرفني لذتها دون هوادة .. كم تجرفني إليك .. دون انصياع
والكتب .. وآه من الكتب .. أجمل اللحظات كانت ولازالت تلك التي تحاصرني فيها جذران المكتبة .. الصمت .. السكون .. والانغماس بين السطور .. تلك هوايتنا المفضلة .. من الجملة .. نبتدع نصوص عريضة .. لنرتوي بالشرح المفصل ..
أغنيتك المفضلة ؟ .. لا تلك أتجنبها .. لا ادري لما
إنما هكذا يحدث .. أحيانا مجرد نغمة تفتح مصراعي الألم .. مجرد رنة .. توارب الباب .. ليتدفق الحزن من غياهب الأمس البعيد .. خاصة بين عتمة الليل .. والصمت.. حينها يكون للإنصات الضعف .. والتمادي .. فالتلاشي .. فالتلاشي
أغنيتك هذه .. أحبها نعم .. أعشقها أجل .. إنما عفوا .. سأتجنبها
ما تفعل الآن ؟
كيف أنت ؟
بأي موقع حذفتك الحياة ؟ ..
أهاجرت ؟ .. أم مازلت تشاركني هواء البلاد ؟
مع من تتقاسم الحياة ؟ ..
ما تفـ ................................. "
- أمي .. أمي .. أمي
قاطعها الصوت
- أمي .. أمي .. هيا بسرعة أبي عاد .. نريد أن نأكل ..
أقفلت الأجندة .. ووضعت القلم عليها ..
ثم هرولت لتنقض عليهما والضحكة تملأ محياها
- هيا يا الشقيين .. والدكما سيكون جائع .. لنحضر المائدة معا للغداء
..........
أخلوا الغرفة جميعا .. حيت اللمة الجميلة
تاركين الأجندة .. على الطاولة .. يفترسها الحزن ,.. والشقاء .. إلا من قطرات حبر مازالت ناضجة .. تلتهمها الأوراق البيضاء بشراهة
من مذكراتي الهذيان