في وداعة النجوم الصاخبة، على صفحة السماء الرحبة ليلا، بتضاؤل الحلكة المتهالكة, و المتهاوية كأنها أعجاز نخل خاوية، مع اقتراب نتوءات الغسق المبثوثة من النوافذ الزجاجية لهمومي , تبعثرت صخرة أضغاث أحلام الأمل البعيد، مع تدخل الطبيعة الطوعية و الجبرية في إشاراتها التي ترسل تارة علامات التنبيه والتحذير، وتارة ترسم على بطن السحابة تفاؤلا صارخا كأنها أحلام أسماك أصابها الملل من البحر، وترغب في خروجها للهواء الطلق دون أن تحرم من التنفس في الهواء الغير ممزوج بالماء .. حالما يحل الليل تمسي تلك الهموم من ضمن صور الظل الذي يذهب سريعا مع الغروب،, ليقنع الناظر بأنه كان تمهيدا لأناة الليل الصبور.. بحيث تكتمل في كتلة الظل مساحة حدودها في امتصاص البقية الباقية من أشعة الشمس الراحلة فــ..تذرف عبرات الحزن على رحيلها، بالرغم من أن الشمس تأخذ جزءا منا وهو إما أفكارنا وأما أحلام غيرنا في البقاء إلى أجل غير مسمى ..بيد أنها في كل رحلتها التي لا تتجاوز الإثنتي عشرة ساعة لا ترد ما أخذته كان عنوة أم رضا ولا تصلح ما أفسدته، و انها تعطي الكثير و تحي رمقا جديدا كما ترمم العظام اللينة في الأرحام، تمهيدا لصلابتها وتمهيدا لإعادتها إلى تربتها الأولى ..مع ذلك كنت أشفق على الليل كغير عادتي .. دائما أخاف من الليل في حلكته وحلته الناطقة بلغة العتمة، في ارتداء حلة غامضة في ثناياها عبق لرائحة مؤلمة لينطق في بطنه الشدوف الجهر والسر على حد سواء، حديث يغلب عليه النقيق ولكنه لا يخجل من الظهور رفيقا يتأبط ملامح الشروق كي يدوي معلنا عن نفسه، الليل وما خفي كان أعظم ...حيث تضغط الطبيعة الهائجة على كل مفاتيحها الرائدة ليلا كانصباب الوابل وامتداد السيل في احتواء مساحات لا تحتويها حوافر الخيل الجامحة ..فجأة يأتي النسيم العليل ليبرم الاتفاقية المعهودة و يملأ القفص الصدري لهموم طالت بها السكنى، وطاب به العيش في حنايانا طويلا .......ليطرحها الليل على طاولة مستديرة لا تسمح لنا برؤية ما يحدث تحتها من وجبة سائغة نصف صالحة ... ما أن ترنو مقلتي بصيص الأمل... ترتسم البشاشة على أودية أساريري وأعرف جيدا بأن تكرار الشيء تثبيتا لأهميته ... كنت أتأمل ذات يوم أمواج البحر وسألت نفسي ذلك السؤال الغبي... منذ متى وهو يفعل ذلك ألم يصيبه الملل ؟ مازلت أقول ،وسأظل أقول إلى أن يجف الرمق ........