المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بشار عبد الهادي العاني
في عام 2007 كنت في الهند وفي مدينة دلهي تحديداً, لحضور أحد المعارض التقنية هناك , وكان معي صديقي ومديري في العمل .
كنا ننهي عملنا ونتوجه نحو أسواق الهند المزدحمة الكثيرة شغفاً بالتسوق , وفي مرة في أحد الدكاكين القديمة , اشترينا الكثير من الأغراض , وغادرنا المكان وسط شكر البائع الشاب ذي الثياب المهلهلة والواضح من هيئته أنه فقير وما هو إلا أجير في هذا المكان.
بعد مرور نصف ساعة تقريباً , وكنا قد ابتعدنا عن المكان , صرخ الصديق بعصبية : لقد فقدت محفظتي. ( وعلى ما أعلم كان بها مبلغ يتجاوز ال6000 دولار والكثير أيضاً من الروبيات الهندية)
قررنا العودة بنفس الطريق وسط موج هائل من البشر والسيارات علنا نعثر على المحفظة أو نسأل صاحب الدكان عنها فربما نسيها الصديق عنده
كان تفكيراً غريباً ولا منطقياً فهنا كما يبدو لو أضاع الوالد ولده , لن يجده من كثرة الزحام والبشر , اللهم إلا إذا كان يمثل فلماً هندياً
الحاصل قبل وصولنا الى المحل بأمتار عديدة , وجدنا البائع المسكين أمام الدكان يجول بعينين قلقتين وسط الزحام كأنه يبحث عن شيء, وما إن وقعت عيناه علينا حتى صاح بلغة غير مفهومة وصراخ عتاب , وكانت المحفظة بيده . فيما بعد فهمنا أنه وجدها على لوح زجاج العرض حالما غادرنا المكان ,وخرج فلم يلمحنا ,فأغلق المكان ووقف قبالته بانتظار عودتنا.
الصديق وقف مذهولاً, عندما طلب منه الشاب تفقد محفظته والتأكد من عدم فقده لأي مبلغ , وزاد ذهوله عندما رفض ذلك الشباب مبلغاً سخياً من الصديق نظير أمانته
اليوم حصل نفس الموقف معي , حينما ذهبت أنا وولدي الصغير إلى المتجر المزدحم , والذي يبيع فيه شاب صغير من الفلبين , وقف بدوري لكي أحاسب عن مشترياتي , فإذا برجل مصري مع بناته يتجاوز الدور معتذراً منا , وسائلا ذلك الشاب: لقد فقدت البارحة محفظتي , وأنا أبحث عنها منذ البارحة , هل نسيتها هنا؟
الفلبيني يسأل عن معنى كلمة (محفظزتي) , أترجم له : واليت .
الفلبيي يضحك : يييييس . في داكيكة , يتناول صندوقاً خشبياً , من رف أعلى منه , ويفتحه ويجلب المحفظة ويعطيها للرجل الذي تهلل وجهه , وكبر وحمد وحوقل
الرجل يعطيه خمسون ريالاً , يرفض أن يأخذها , لكنه يصر إلحاحاً ههههه .
ألتفت إلى الرجل وأقول له : جزاك الله خيراُ , لقد شجعته بهذا المبلغ , ثم التفت الى الفلبيني : ثانك يو مان , اي لايك اونيست بيبل.
كم أعجبني هذا الموقف , وخصوصاً أن ولدي ذي الأعوام الستة كان معي , فقمت بشرح له ما حصل بالتفصيل , عساه يكون درساً.
الأمانة نجدها عند شعوب أحوج ما تكون إلى المادة , ونفقدها عند كثير ممن يدعي الإيمان.
لا تواخذوني فأنا منتش من هذا الموقف وسعيد , فاحببت أن أتفشش به وهو طازة.