كم هو رهيب هذا الصمت الذي يسكب في أحشاء الدمعة اشتعال الريح لتدق ذاكرة نعش القصيدة على شرفات القبر
وحيدا ساكنا في دمع يرتقب خطوات مرآة تزهر فيها الآه ، دمع رقراق يفيض بحنين مسافر !
وحيدا يقاسي طعنات البوح .. يبصر رفاتَ أملٍ يتغلغل في النفس ريحَ صمت ، وينزرع حقلاً معجونًا بالأرق .
ها هو الشتاء مشرعة أبوابه تختلط فيه أوراق الخريف بأحاديث الحلم والليل عاكف بمطر عتيق يرقب الذاكرة المثقلة بعيون لم تعد تفرش رذاذها ولم تعد تترقب ترانيم أمل من جبين الفجر .
عالم يتلاشى فيه حنين المجهول وتمتد فيه متاهات الغربة تتعرى فيه رؤى أوهام تدفعه ليحتضن صمته ..ها هي مدنه تنحني لتلملم عن جبهته حبات العرق وبقايا القصيدة تتجول في عيوني أغصان شجر ؛ لتؤكد لي أن الأشجار لا يضيرها غصن يميل أو ينكسر
لكنها ألوان الأرق تنبذني لتحج إلى جرحه كما العبير يحج إلى زهرة عرشت في قلب النهر.
وحيدًا يلملم حقائب تفاصيل الاشتعال وكأنه الرحيل الأخير يتجرع كأس أرق الليالي فيستشري في خلاياه حزن جامد ميت كالبسمة التي يفرشها على شفتيه حين يشرد بذاكرة حلم موجوع مخنوق ! .
لقد نزف كثيرا وأوجعه مخاض الكلمات.. لم يعد يصرخ كثيرا لأنه أتقن الصمت وأحب الحديث بعينيه و يديه..ألا يزال الطفل المشاغب يسكنه !!
لن أرثي حلمي ..أيها المحمّم بالحزن ، هذا أوان الاحتراق واحتضار السكون والموت في صمت الصمت ، ومطر يمتد بصراخ شهقة الميلاد المزروعة في قلب مهترئ ينتظر نصل سكين ظامئ ..كان البكاء حلما والأحلام قتلناها منذ أن بدأت خيوط القهر والوجع تحوك مناديلها حول عيوننا المسكونة بآلاف من الأسئلة الحيرى ...