لو كان هناك ثلاثة أنصاف.... لكان الواحد غير الواحد.. والصّفر أكثر... ولكانت المالانهاية تزيد صفرا من تلك الثّلاثة...، ولكان العالم غير العالم... و لكانت " غير " معرّفة... و لكان الدّواء مميتا والسّمّ يشفي...، لو كان هناك ثلثان.. لتغيّر الوقت وانقلب على عقبه.. ولكنّا صغارا بعد المشيب.. وشيوخا قبل الصّبا...، لو كان هناك ربعٌ واحد... لأصبح العالم بدون ماء..، يُصبّ الماء بأفواهنا مباشرة.. ، نفتحها في انتظار المطر....، و يقلُّ كلامنا.. لا بل يقلّ عملنا... السّيء منه والحسن.. ويقلّ أكلنا.. فلا ماء يروي أو يسهّل اللّقمة، و عيوننا في السّماء، ليس كبرا بل ذلّاً، ويطول شعرنا... يجعل من نفسه جذورا توغل في الأرض لتصل اللّب، ولكان الغروب أزرق و الشّروق أزرق.. ولكانت السّماء لونا آخر.. أبيض مثلا.. ولكُنّا.. العبيد بيضا والبيض عبيدا...
يا لله وحكمه..!! جعل الواحد نصفين وثلاثة أثلاث.. والصّفر صفرا، والمالانهاية حيث هي وكيف هي، وجعل السمّ مميتا.. وفي الدّواء الشّفاء بإذنه، وجعلنا ننظر إلى السّماء كبرا لا ذلّا.. وجعل الغروب برتقاليا.. والشّماء زرقاء لا بيضاء.. وجلّ الأرض ماء... و جلّنا يأكل.. وكلّنا يتكلّم!! عملنا .. السّيء يسبق الحسن، صغارنا يعربدون وشيوخنا يتعبّدون.. فالنّصف نصف... و "غير" نكرة.. موغلة في التّنكير.. و نحن ننسج من شعرنا دمارا يُخْرِجُ لبّ الأرض عن طوره.. ليصبح ستارا او قشرة... فلا يبقى لنا مركزٌ ولا حتّى لبّ....!!
عبلة الزّغاميم.. الرّوح العطشى... 6/6/2004