ميادة أشرف

دمها فى رقبة المشير السيسى أولاً حيث جاءتها الرصاصة عشية اعلانه الصريح الترشح مرتدياً البذلة العسكرية ؛ حيث لا تفسير لدى سوى أنه اصرار على اقحام الجيش وتوريطه فى المشهد السياسى ، وكانت الفرصة سانحة لامتصاص وتجاوز تأثيرات 3 يوليو واستعادة الوطن توازنه وترك الأمور تمضى بدون

قفزات ومغامرات غير مأمونة من الطرفين ، ولا أحد يستمع للنصائح – بل التوسلات – أن انتهوا جميعاً وانفضوا من حول الكرسى ، واذا كان هذا المنصب هو موضع النزاع ومدار الثارات وبسببه يحاول هذا افشال ذاك وذاك افشال هذا ، فلم يكن بد من طرحنا الذى قدمناه قبل ثمانية أشهر ، بألا يتقدم اسلامى ولا عسكرى للمنصب لفترتين على الأقل ، واذا تجاوزنا الأحداث والرموز والمقامات واختلاف البيئات ، واذا افترضنا أن هذا مشابه لمكان على وذاك مشابه لمكان معاوية رضى الله عنهما ، فلم يكن أصوب يومها من الحل العبقرى الذى قدمه جمع من الصحابة الكبار بخلع هذا وذاك كليهما وتولية عبدالله بن عمر .

شخصية غير محسوبة على هذا الفصيل ولا على هذه المؤسسة وعلى ذاك الكيان كانت هى الحل الأمثل المُرضى والأنسب لهذه المرحلة ، فلا هذا يسعى للثأر ولا ذاك يسعى لتمكين نفسه بالاجهاز تماماً على الآخر ونفيه من الوجود .

دم ميادة هو دم المصريين جميعاً الذى يُراق يومياً فى الساحات وهو دم من سقطوا فى يناير وفبراير 2011م ودم من سقطوا بعد هذه الأحداث ودم من سقطوا فى رابعة والنهضة ودم الجنود والضباط ، أفلا ينتبهون أن سقوط دم هنا يخصم من قدسية وقيمة المطالبة بالقصاص ممن سقطوا فى رابعة ، وقارنوا بين الحال والقيمة عقب الجريمة مباشرة والحال والقيمة اليوم بعد اضطلاع تنظيمات خارج اطار القانون بسفك دم ضباط وجنود فضاعت القضية ورخص الدم وصار سفكه لعبة الجميع وارتواءهم ونهمهم .

لا مفر من محاسبة النقابة ليس فقط على دم ميادة انما على التقصير فى حق جميع من سقطوا قبلها من الصحفيين بلا أية ضمانات وقاية وحماية ، وحتى لو كانت خارج النقابة فلا أثر للنقابة ولا لمنظمات حقوق الصحفيين والمراسلين فى أقل الأشياء ومظاهر الحماية بداهة ، فلا معدات للحماية ولا خوذات وسترات واقية من الرصاص ولا العلامات الدالة على الجهة التى تعمل بها ولا حقائب اسعاف وخدمات هاتفية سريعة وأجهزة استغاثة وأنظمة اليكترونية معمول بها فى معظم بلدان العالم تبقى الصحفيين والمراسلين على اتصال وتواصل مع نقاباتهم ومنظماتهم المسئولة عن حمايتهم فى ساحات المواجهات والنزاع .

ميادة أشرف مصرية قبل أن تكون صحفية زميلة وقد دخل المصريون جميعاً حتى آذانهم فى مستنقع خلط الأوراق وتحويل الخصم السياسى لهدف عقائدى ، وللأسف الشديد تم تضخيم الخلافات حتى مست ديننا ومعتقدنا ، ولذا كان الصحابة رضوان الله عليهم أكثر الناس حرصاً على عدم تضخيم الخلاف السياسى أو اقترابه من دائرة الدين ، وهذا خالد بن الوليد كان بينه وبين سعد بن أبى وقاص رضى الله عنهما كلام فذكر خالد عند سعد بسوء ، فقال : مه فان ما بيننا لم يبلغ ديننا " .

ما أبعد المسافة بيننا وبين هذا الجيل ، وكما ورد فى خبر طويل أن أهل صفين كانوا اذا وضعوا السيف وتوادعوا أيام القتال دخل هؤلاء فى عسكر هؤلاء وهؤلاء فى عسكر هؤلاء .

ذلك أنهم لم يعبروا عن خلافاتهم وصراعاتهم السياسية بلغة الكفر والايمان والاهانة والتحقير والسب واللعن ، واذا كان الحجاج ويزيد وغيرهما قد وصلا الى مستوى غير مسبوق من الظلم واقتراف الآثام وانتهاك الحرمات فقد رفض أئمة الاسلام الكبار حتى لعنهما وسبهما ومنهم شيخ الاسلام بن تيمية وقال الحافظ الذهبى رحمه الله عن يزيد " لا نسبه ولا نحبه " ، فأين لون الاسلاميين وسمتهم وخطابهم الخاص بهم ، وفى الفضاء الاليكترونى وعلى الجدران والورقات المالية مثل حملة " انتخبوا ... " ؟! .

اليوم يتربص هؤلاء بهؤلاء ويهين هذا ذاك ويبالغ فى احتقاره وتكفيره ، واذا حظى فريق برجل أو امرأة من الطرف الآخر سارع بالفتك به .

قتلت ميادة لأننا – بفعل الطرفين – صرنا معسكرين ، لا معسكر واحد كما كان الجيل الأول فى ذروة نزاعاته السياسية ورغم ذلك كان هؤلاء يدخلون فى عسكر هؤلاء وهؤلاء فى عسكر هؤلاء .

رحمك الله يا ميادة ورحم الله كل شهيد .. ألا لعنة الله على الظالمين وحسبنا الله ونعم الوكيل

دم ميادة كدم كل المصرين الذين قتلوا ظلما في هذه الفوضى مدنيين وشرطة وجيشا
دمهم جميعا في عنق السيسي وأصحابه

ندعو لمصر الحبيبة بالفرج


بوركت أخي