أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: -الحسن بن رشيق القيرواني والصورة الأدبية :

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2016
    المشاركات : 710
    المواضيع : 706
    الردود : 710
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي -الحسن بن رشيق القيرواني والصورة الأدبية :

    -الحسن بن رشيق القيرواني والصورة الأدبية :
    ( المتوفى عام 456 هـ - 1064 م.) يذكر في باب "اللفظ والمعنى" آراء السابقين عليه بعد ذكر رأيه فيهما فيقول: " "للناس فيما بعد آراء ومذاهب، منهم من يؤثر اللفظ على المعنى، فيجعله غايته ووكده، وهم فرق:
    "أ" -قوم يذهبون إلى فخامة الكلام وجزالته على مذهب العرب، من غير تصنيع كقول بشار:
    إذا ما غضبنا غضبة مضربة ... هتكنا حجاب الشمس أو قطوت دما
    إذا ما أعرنا سيدًا من قبيلة ... ذُرى منبر صلى علينا وسلما
    وهذا النوع أدل على القوة، وأشبه بما وقع فيه من موضع الافتخار ...
    ب- وفوقه هي أصحاب جلبة وقمقمة بلا طائل إلا القليل النادر كأبي القاسم ابن هانئ، ومن جرى مجراه، فإنه يقول:
    أصاخت فقال وقع أجرد شيظم ... وشامت فقالت لمع أبيض مخذم
    وما ذعرت إلا لجرس حليها ... ولا رمقت إلا يرى في مخدم1
    وليس تحت هذا كله إلا الفساد وخلاف المراد.
    جـ- ومنهم من ذهب إلى سهولة اللفظ، فعنى بها، واغتفر له فيها الركاكة واللين المفرط، وهم يرون الغاية في قول أبي العتاهية:
    يا إخوتي إن الهوى قاتلي ... فيسروا الأكفان من عاجل
    ولا تلوموا في اتباع الهوى ... فإنني في شغل شاغل
    إلخ الأبيات. ومنهم من يؤثر المعنى على اللفظ، فيطلب صحته، ولا يبالي حيث وقع من هجنة اللفظ وقبحه وخشونته. وأكثر الناس على تفضيل اللفظ على المعنى" العمدة: ( ابن رشيق جـ 1 ص 124 - 127 تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد.) وليست هذه الآراء هنا محل مناقشة فقد نوقشت قبل ذلك، والذي يعنينا منذ هو اتجاه ابن رشيق: والآراء السابقة في النص تحدَّد اتجاهه عن طريق النفي والسلب، فهو يستعرض مذاهب العرب في اللفظ والمعنى، لينفيها عن "جهته"، ويبني رأيه على نقائضها، فيكون من أنصار اللفظ والمعنى معًا: "النظم". ويرى أن الصورة في الشعر أو للنظم، تقوم على العلاقة بين اللفظ والمعنى، فلا اللفظ ينهض بالصورة والجمال، ولا المعنى كذلك، كالإنسان الحي، فكلاهما يسقط بسقوط الآخرن ويسمو بسموه يقول: "اللفظ جسم وروحه المعنى، وارتباطه به كارتباط الروح بالجسم، يضعف بضعفه ويقوى بقوته" . ولو اختلَّ التركيب في الشعر بعض الخلل، واستقام المعنى، هوى ركن من أركانه لا يقوى إلا به، كالعرج والشلل الذي يغض من تمام الخلقة وكمال الجسم، ويظل صاحبه حيًّا يتحرك هنا وهناك، وكذلك الأمر في ضعف المعنى، ينال من جمال اللفظ، ويكون النظم أشبه بالجسم الأجوف الفارغ الذي لا روح فيه، يقول ابن رشيق: فإذا سلم المعنى واختلَّ بعض اللفظ، كان نقصًا للشعر، وهجنه علية، كما يعرض لبعض الأجسام من العرج والشلل والعور، وما أشبه ذلك، من غير أن تذهب الروح - وكذلك إن ضعف المعنى، واختلَّ بعضه، كان اللفظ من ذلك أوفر حظًّا، كالذي يعرض للأجسام من المرض بمرض الأرواح". ويقرد ابن شيق أساسًا قويًّا، لم يسبق إليه، في فهمه للنظم، وتقديره للصورة الأدبية، وهو ما وضحه الإمام عبد القاهر، وانتهى إليه النقد الحديث في أحدث نظرياته مع أن الأول في المغرب والثاني في المشرق. حيث نرى أن الخلل في المعنى يحدث من خلل في النظم، ورهن في العلاقات بين الألفاظ، فالمفعول الأول على صحة المعنى يرجع إلى النظم، ووضع الألفاظ في مواضعها، والصورة الأدبية لا تبدو إلا في هذه العلاقات، وذلك الالتحام بين الشكل والمضمون، وهو ما سبق به ابن رشيق غيره، وإن كان في إيجاز. فالفساد في المعنى أو الضعف فيه، يرجع إلى اختلال اللفظ، والمقصود باللفظ عنده هنا هو النظم والتركيب، وإلا كيف يختل اللفظ الواحد؟ كما يقال ألقى الخطيب كلمة، والمعنى كلام، وإلا لما شبه اللفظ بالجسد، وليس هو عضوًا واحدًا، بل أعضاء اشتركت جميعًا في بناء هيكله العام، وهو ما يقصد ابن رشيق من اللفظ، بدليل أنه عبر عنه بعد ذلك بقوله: "وإن اختلَّ اللفظ جملة"، يقول في ذلك: ولا تجد معنى يختلّ إلا من جهة اللفظ، وجربه على غير الواجب، قياسًا على ما قدمت من أدواء الجسوم والأرواح. ووضح نظريًّا ما وصل إليه فيرى أن اختلال المعنى يرجع إلى تفكّك عرى الألفاظ واختلال مواضعها، التي من شأنها أن تكون فيها، كانغلاق الدائرة الكهربائية، ينتج عنها النور والحياة، وانفصال جزئية واحدة منها يقطع التيار فيعم الظلام، وكذلك لو اختلفت قطعة صغيرة، عن مكانها في آلة "اتوماتيكية" فإنها تتوقف عن عملها، الذي بمنزلة الروح في الجسد، ولا يعلم الإنسان أين مكانها، فربما تكون الروح في الجسد نتيجة لتمام أجزائه، واتخاذ كل جزئية في مكانها، وبذلك تسري في الجسد، واختيار الأعضاء المناسبة. وتنسيقها وترتيبها وانتظامها وعلاقة بعضها ببعض، سر من أسرار الله وأمر لا يعلمه إلا هو {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} . وكذلك الأمر بالكس حين اختلاق الألفاظ يضعف المعنى ويسقط لأنه لا يعقل أن يكون في الحياة النافعة جسدًا دون روح، ولا روحًا بدون جسد ألبته، يقول "فإن اختلَّ المعنى كله وفسد بقي اللفظ، مواتًا لا فائدة فيه، وإن كان حسن الطلاوة في السمع، كما أن الميت لم ينقص من شخصه شيء في رأس العين إلا أنه لا ينتفع به، ولا يقيد فائدة، وكذلك إن اختلّ اللفظ جملة، وتلاشى لم يصح له معنى لأنا لا نجد روحًا في غير جسم البتة. ولهذا يرى الناقد الأدبي، أن الجمال لا يكون إلا في النظم، لا في اللفظ وحده، ولا في المعنى وحده، ويترتب على ذلك أن تكون الصورة الشعرية، في العلاقة التي تتم بين الألفاظ، وتكشف عن المعنى والمضمون المستقيم الصحيح. ويزداد تمسكًا بهذه الحقيقة النقدية الخالدة، وما انتهى إليه من جديد في فهم طبيعة اللغة والشعر حينما لم يقتنع بآراء السابقين من أنصار اللفظ مستقلًّا، وهم كثيرون وأنصار المعنى كذلك وإن كانوا قلة، وذكر رأيه أولًا، وطرح أقوالهم بقوله: "وللناس فيما بعدُ آراء ومذاهب". ثم يعقب على اتجاه ابن هاني، في عنايته بالجلبة والصخب في اللفظ، بدون كبير معنى، وينفي عنه الجودة وبرميه بالفساد يقول معقبًا: "وليس تحت هذا كله إلا الفساد، وخلاف المراد" وإن حكم له وبجودة هذا البيت حين يصف شجاعًا فيقول:
    لا يأكل السرجان شلو عقيرهم ... ........مما عليه من القنا المتكسر
    يرى أن تنسيق الألفاظ فيه، واختيار الكلمات، ووضع كل كلمة في موضعها، جعل البيت جيدًا، وحقَّق ما يصبو إليه الشاعر، من المدح بالشجاعة، وذلك كله راجع إلى اختيار الألفاظ، وعلاقة بعضها ببعض، حتى انتهت الصورة الشعرية إلى الغاية في الجودة. ولو بدل الشاعر في النظم بتغيير بعض الألفاظ أو التقديم أو التأخير فيها، بأن كان الأعداء، هم كثير من قتل ممدوحه باليد؛ لكانت الصورة هجوًا له، وأنه ما ثبت في ساحة النضال لحظة، حتى قتل، ولكن الشاعر انتقى الكلمات، وأحكم النظم، ليحقق الغرض ويسمو بالمعنى، فأراد رياحًا لا رمحًا واحدًا - تتساقط عليه من كل جانب حتى كست جسده، وتعذر على الذئب أن ينهشه، فهو مصون في حياته ومماته، يقول ابن رشيق مع الإيجاز، الذي يوحي بما سبق: "والعقير ههنا منهم، أي: لم يمت لشجاعته، حتى تحطم عليه من الرماح -ما لا يصل معه الذئب إليه كثيرة، ولو كان العقير هو الذي مقرّره هم، لكان ليت هجوًا لأنه كان يصفهم بالضعف والتكاثر على واحدًا. ولا يعتمد أيضًا برأي ابن وكيع الذي مثل المعنى بالصورة، واللفظ مثل، واللفظ حذو، والحذو يتبع المنال، فيتغير بتغيره، ويثبت بشانه". ولا يرضى عن قول العباس بن حسن العلوي في صفة البليغ: "معاقبة قوالب ألفاظه" وغير ذلك من الآراء التي خالفها ليتميز رأيه ويتحدَّد اتجاهه وينفرد هو به. يفضل ابن شرف المعنى على اللفظ، ويقدَّمه عليه، فمرجع الجمال في العبارة، ومجال الروعة في الصياغة، يكون في المعنى، ثم يأتي بعد ذلك اللفظ، فهو دونه في المرتبة والدرجة، فإن كان المتفي رائقًا، فلا عليه أن يقع في لفظ رائق بارع. ولا يعتمد إلا بالمعنى الذي يسكن اللفظ، أي: لفظ يقول: فإن كان "أي المعنى" في البيت ساكنًا، فتلك المحاسن، وإن كان خاليًا فاعدده جسمًا باليًا"( أعلام الكلام: ابن شرف القيرواني ص 27.)


    المستشار الأدبي
    حسين علي الهنداوي
    شاعر وناقد
    مدرس في جامعة دمشق
    دراسات جامعية-في الأدب العربي
    صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
    حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
    سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
    السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
    أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
    ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
    ج-نشر في العديد من الصحف العربية
    د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
    ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
    و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
    ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
    ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
    ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
    ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
    ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
    1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
    2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
    3- عضو تجمع القصة السورية
    4- عضو النادي الأدبي بتبوك
    مؤلفاته :
    أ*- الشعر :
    1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
    2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
    3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
    4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
    5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
    6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
    ب*- القصة القصيرة :
    شجرة التوت /1995
    ج – المسرح :
    1- محاكمة طيار /1996
    2- درس في اللغة العربية /1997
    3- عودة المتنبي / مخطوط
    4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
    د – النقد الأدبي :
    1- محاور الدراسة الأدبية 1993
    2- النقد و الأدب /1994
    3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
    4- أسلمة النقد الأدب
    هـ - الدراسات الدينية :
    1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
    2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
    3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
    4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
    5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
    و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
    1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
    2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
    3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
    4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
    5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
    6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
    7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
    8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
    9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
    10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
    11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,124
    المواضيع : 317
    الردود : 21124
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    ولهذا يرى الناقد الأدبي، أن الجمال لا يكون إلا في النظم، لا في اللفظ وحده، ولا في المعنى وحده،
    ويترتب على ذلك أن تكون الصورة الشعرية، في العلاقة التي تتم بين الألفاظ،
    وتكشف عن المعنى والمضمون

    لا تعلم مدى استمتاعي بما كتبت
    سلمت يداك وبارك الله فيك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. أبو هلال العسكري والصورة الأدبية:المستشار الأدبي: حسين علي الهندا
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 19-01-2018, 08:01 PM
  2. -الباقلاني والصورة الأدبية:المستشار الأدبي حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 19-01-2018, 07:27 PM
  3. -الحسن بن بشر الآمدي والصورة الأدبية:المستشار حسين الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-07-2016, 03:22 PM
  4. قدامة بن جعفر والصورة الأدبية:المستشار الأدبي حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-07-2016, 03:17 PM
  5. -بشر بن المعتمر والصورة الأدبية:المستشار الأدبي حسين علي الهنداوي
    بواسطة حسين علي الهنداوي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-07-2016, 03:07 PM