أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 19

الموضوع: النظر إلى الخلف

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 1,000
    المواضيع : 165
    الردود : 1000
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي النظر إلى الخلف

    النظر إلى الخلف

    قصة قصيرة، بقلم: حسين علي محمد
    .......................................

    كان مرتدياً جلبابه الفلاحي المتسع، في ذلك الصباح الشتوي من يناير، واضعاً يديْه خلف ظهره .. يمشي مشية متئدة حتى لا يظهر العرج الخفيف الذي أصاب خُطاه بفعل داء «النقرس» اللعين، تصحبه زوجته وقد هبطا درج العمارة الكبيرة حيث زارا ابنهما الوحيد المهندس «طلحة» لتهنئته بافتتاح مكتبه الهندسي، الذي افتتحه بعد عودته من ألمانيا حاصلاً على الدكتوراه في الهندسة. ذلك المكتب الذي يعمل فيه معه مهندس ومهندسة وأستاذ استشاري كبير.
    توقفت زوجته «الدكتورة منى» ـ الأستاذة بكلية الزراعة، والمعروفة في المنطقة ـ عن المشي لتكلم سيدة استوقفتها. يبدو أنها تُريد مساعدتها في شيء، أو تسألها عن نتيجة ابنها أو ابنتها في الفصل الدراسي الأول.
    قلل خطواته لتلحق به زوجته دون مشقة، بعد أن تنتهي من أمر هذه السيدة.
    الزقازيق التي كانت تبدو كقرية كبيرة أيام أن كان طالباً بالمرحلة الثانوية في منتصف الستينيات .. ها هي تتسع وتتسع في السنوات العشر الأخيرة التي ترك فيها جامعته مستقيلاً، وذهب إلى الإمارات ليتخفف من الصراعات والمشاكل التي كابدها في جامعته التي أسسها.
    سمع صوت السيدة التي استوقفت زوجته يأتي من الخلف:
    ـ الدكتور محمود الأنصاري؟
    رد في تلقائية، دون أن يترك لزوجته فرصة الرد:
    ـ نعم يا أفندم، محمود الأنصاري.
    نظر، وجد امرأة سمراء عجفاء تُقارب الخامسة والخمسين. ظنها لأول وهلة سائلة، فأدخل يده في جيبه ليُخرج صدقة تليق به، ليُعطيها .. ضحكت:
    ـ أنا سميرة عاكف.
    أخرج يده من جيبه بسرعة، وضرب جبهته كأنه يوقظ ذكريات مر عليها أكثر من ثلاثين سنة.
    ـ ياه .. ليس معقولاً؟
    صافحها بحرارة، وهو يقول لزوجته:
    ـ كانت سميرة زميلتي في كلية الاقتصاد من ثلاثين سنة. كانت مع أول دفعة التحق بها أبناء الفلاحين بعد هزيمة 67.
    وقال وهو يؤكد على كلماته:
    ـ لكنها ليست فلاحة! فأبوها كان مدير أمن الشرقية الأسبق.
    ضحكت سميرة، فأنارت ضحكتها وجهها الأسمر، وهي تقول في حرج:
    ـ مازلت تتذكر؟
    كاد أن يكمل «كان نفسي أشوفك يا سميرة من زمان» .. ولكنه كتمها في فمه!
    ومر في فكره أنه توجه إليها خاطباً بعد التخرج، ولكن والدها لواء الشرطة (اللواء محسن عاكف) أوصد الباب في وجه ابن الفلاح الصغير.
    قال لها مبتسماً ابتسامةً عريضة اعتاد أن يراها من يعرفه كلما تحدّث:
    ـ إلى أين أنت متجهة؟
    أشارت إلى الطابق الرابع من العمارة التي هبط منها:
    ـ طالعة لرؤية ابنتي المهندسة «شيرين» التي تعمل في «مكتب طلحة للاستشارات الهندسية».
    صافحها متعجلاً، ولم يسأل زوجته إذا كانت تعرف سميرة أم لا؟
    ووجد ريقه يجف، فلم يسأل سميرة:
    ـ أتعرفين أن طلحة ابني؟.
    مشى عدة خطوات، ووجد زوجته مشغولة بتصفح واجهات المحلات، فنظر إلى الخلف خلسةً، ووجد سميرة أيضاً تنظر خلفها!

    الرياض 5/3/2004م

  2. #2
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الاخ الحبيب الغالي الاديب القاص الدكتور حسين علي محمد

    انها من جميل ما اقرأ لك من القصص البسيطة المباشرة ,
    تصيغها بحرفية ومهارة , تشد القارىء دون تعقيد , بنبض
    قوي مباشر , ترسم صورة مجتمعية وحياتية , دوما لديك
    شيئا تقوله في ادبك القصصي , وتترك القارىء يعيش الحالة .
    بارك الـلـه بك .

    اخوكم
    السمان

  3. #3
    الصورة الرمزية زاهية شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2004
    المشاركات : 10,345
    المواضيع : 575
    الردود : 10345
    المعدل اليومي : 1.42

    افتراضي

    ترى هل تظل الذكريات حية في مخيلة من عاشها تترقب لحظة انفجارٍ سانحة لتقول إنني مازلت على قيد الحياة ؟أم هي مجرد حنين وذكريات ليس إلا ؟
    الرصد دائما يحتاج لعين نافذة تعين على التقاط الصورة بشكل حساس يجيد التأثير بالقارىء وأنت تمتلك هذه القدرة .
    بارك الله فيك أخي الفاضل د0حسين علي محمد
    أختك
    بنت البحر
    حسبي اللهُ ونعم الوكيل

  4. #4
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    قصة جميلة جدا

    بحق رائعة

    سلم قلمك د.حسين

    دمت لنا

    لك خالص إحترامي وتقديري

  5. #5
    في ذمة الله
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    المشاركات : 3,415
    المواضيع : 107
    الردود : 3415
    المعدل اليومي : 0.50

    افتراضي

    موقف ربما يصادفنا ، ويمر مرور العابر للخيال ، وقد يتولد منه أجمل الذكريات فنظل نحيا فترة من الزمان على ذكراه ويتجدد روح الشباب ؛ وربما يحمل أحزان فنبتئس ونهرول للنسيان .
    أنه موقف عادي وبسيط قد يصادفنا ولا نعيره إية إهتمام بعد تلك الإلتفاته ، فنمضى وتسير بنا الحياة .
    ولكن هنا ومعك نجد أنه يستحق أن نذكره ولو ببعض السطور فربما نحتاجها لكي نكمل المسير ، في ثقة وإيمان لكل ما أنجزناه .
    خالص التحايا والتقدير لموقف يستحق كاتبه التقدير
    د . حسين علي محمد

  6. #6
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    المشاركات : 2,362
    المواضيع : 139
    الردود : 2362
    المعدل اليومي : 0.35

    افتراضي

    السلام عليكم

    اديبنا الكبير / حسين على محمد


    سبحان ربى
    الرجل عنده النقرس بعدما عاش فى الخليج
    من مظاهر الترف - داء الملوك
    والسيده سميرة بنت الأكابر اصبحت عجفاء
    ومن مفارقات القدر ان ابنة سميرة "شيرين " بنت الأكابر تعمل عند طلحة ابن البسطاء سابقا

    الحمد لله ان محمود الانصارى لم يقل لها شىء !

    تعجبنى طريقتك فى عرض احاديث الانسان لنفسه وما يدور بها من صراعات وافكار تجعلنا نفكر فيما وراءها من مغزى

    الصمت كان جيدا من قبل الأنصارى ، لعل طلحة يجد فى شيرين ما فقده ابوه سابقا - وليعلم الأب هل فعلا المسأله تستحق النظر للخلف ام لا - ويكأن الأولاد سيكملوا سيرة الأباء من هذه القصة

    جميلة الأحاديث النفسية والنظرات الخفية والأيحاءات واستخدام الاسماء والأماكن والمسميات

    قصة واقعية تحدث دائما - المهم كيف نتعامل مع المواقف اذا ما اجترت علينا الذكريات بالمصادفة . النظر الى الخلف للتعلم والعبر وليس للتحسر والندم - ما فات قد فات .. المهم كيف نبنى مستقبلنا ولا ننظر للخلف .

    دمت هادفا

    فائق تقديرى لتألقك نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7

  8. #8

  9. #9

  10. #10
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    المشاركات : 1,000
    المواضيع : 165
    الردود : 1000
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    الأديبة الأستاذة عبلة محمد زقزوق
    قد يصادفُنا موقف عابر ـ كما تقولين ـ يتولد منه أجمل الذكريات
    فنظل نحيا فترة من الزمان على ذكراه ويتجدد روح الشباب؛
    وهذا ما حدث لي في إحدى الإجازات،
    فكتبت هذه القصة.
    تحياتي.

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. تعازينا للشاعرة مرشدة جاويش بالشهيدة لين الخلف
    بواسطة نداء غريب صبري في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 04-10-2013, 01:44 AM
  2. طعنة من الخلف - أقصوصة واقعية - نزار ب. الزين
    بواسطة نزار ب. الزين في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 26-08-2013, 12:13 AM
  3. السير نحو الخلف - ها هي الرسوم هات القصة
    بواسطة عبير النحاس في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 29-05-2012, 12:23 AM
  4. أعادة النظر باسرائيل
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 06-07-2008, 09:31 AM
  5. الشلالُ يعودُ الى الخلف بقلم:عبد الوهاب المطلبي
    بواسطة فدوى أحمد التكموتي في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-08-2007, 02:20 AM