أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 16

الموضوع: >> وَدّعْتُنِي هُناك <<

  1. #1
    الصورة الرمزية هَنا نور أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 478
    المواضيع : 94
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي >> وَدّعْتُنِي هُناك <<


    ودّعْتُنِي هناك

    كعادتي .. كانت الابتسامة تملأ وجهي.. وعيناي تلمعان بنفس البريق.. ونبراتُ صوتي الهادئة تشي بالرضا، بل بالسعادة.. قضيتُ يوماً يشبهُ كل يومٍ من أيامِ تلك السنة التي مكثتُها هناك .. فتحتُ أدراج مكتبي فلم أجد فيها شيئاً يخصني لآخذَه معي.. كل شيئ هناك يخص العمل، وإن كنتُ أنا من تعب في إعداده؛ فقد أخذتُ أجري عليه.

    جاء موعد انتهاء الدوام .. واستعد الجميعُ للرحيل.. وأنا جالسةٌ كعادتى أمام حاسوبي..فقد اعتدت أن أنهي عملى على مَهَل ولو كلفني ذلك بعض التأخير بعد موعد الانصراف.. نظرنَ إليّ .. أرَدْنَ أن يودعنني .. أنا لا أحب الوداع .. بادرتُهن: سآتي غداً .. إن شاء الله. .. فهمنني، ولكن لم تقوَ واحدةً منهن على الاقتراب.. أَشَرْنَ لي بالسلام، ونراكً غداً.

    أغلقتُ حاسوبي، ووضعته في الحقيبة .. ومسحت بكفي على طاولتي .. أودعُها.. سقطت رغماً عني دمعةٌ عليها .. مسحتها بمنديلي. دارت عيناي بالغرفة.. ودعت النوافذ والخزانات وطاولات زميلاتي .. لبست عباءتي السوداء ونقابي.. ونظرتُ إلى شيئٍ لا أراه بعيني..

    نظرت إلى تلك التي ستغادر المكان ولن تعود إليه ثانيةً ... أنفاسُها، ابتساماتُها ودموعُها، أفراحُها وأحزانُها، طموحاتُها وأحلامُها، نجاحاتُها واخفاقاتُها، روحُها .. تملأُ المكان.. أردتُ أن آخذ كل ذلك معي .. لكنها أبَتْ، فودعتُها وخرجت.


  2. #2
    الصورة الرمزية مصطفى حمزة شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    الدولة : سوريا - الإمارات
    المشاركات : 4,424
    المواضيع : 168
    الردود : 4424
    المعدل اليومي : 1.01

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هَنا نور مشاهدة المشاركة

    ودّعْتُنِي هناك

    كعادتي .. كانت الابتسامة تملأ وجهي.. وعيناي تلمعان بنفس البريق.. ونبراتُ صوتي الهادئة تشي بالرضا، بل بالسعادة.. قضيتُ يوماً يشبهُ كل يومٍ من أيامِ تلك السنة التي مكثتُها هناك .. فتحتُ أدراج مكتبي فلم أجد فيها شيئاً يخصني لآخذَه معي.. كل شيئ هناك يخص العمل، وإن كنتُ أنا من تعب في إعداده؛ فقد أخذتُ أجري عليه.

    جاء موعد انتهاء الدوام .. واستعد الجميعُ للرحيل.. وأنا جالسةٌ كعادتى أمام حاسوبي..فقد اعتدت أن أنهي عملى على مَهَل ولو كلفني ذلك بعض التأخير بعد موعد الانصراف.. نظرنَ إليّ .. أرَدْنَ أن يودعنني .. أنا لا أحب الوداع .. بادرتُهن: سآتي غداً .. إن شاء الله. .. فهمنني، ولكن لم تقوَ واحدةً منهن على الاقتراب.. أَشَرْنَ لي بالسلام، ونراكً غداً.

    أغلقتُ حاسوبي، ووضعته في الحقيبة .. ومسحت بكفي على طاولتي .. أودعُها.. سقطت رغماً عني دمعةٌ عليها .. مسحتها بمنديلي. دارت عيناي بالغرفة.. ودعت النوافذ والخزانات وطاولات زميلاتي .. لبست عباءتي السوداء ونقابي.. ونظرتُ إلى شيئٍ لا أراه بعيني..

    نظرت إلى تلك التي ستغادر المكان ولن تعود إليه ثانيةً ... أنفاسُها، ابتساماتُها ودموعُها، أفراحُها وأحزانُها، طموحاتُها وأحلامُها، نجاحاتُها واخفاقاتُها، روحُها .. تملأُ المكان.. أردتُ أن آخذ كل ذلك معي .. لكنها أبَتْ، فودعتُها وخرجت.

    أختي الفاضلة ، الأديبة نور
    أسعد الله أوقاتك
    لحظة إنسانية رائعة صورها هذا النص الأنيق الرشيق ، لحظة فراق ما ألفته النفس ، ما أصبح جزءاً منها .
    لغة سهلة وسرد منساب كالسلسل ، وتشخيص للأشياء مؤثر أعطى النص حياة وحيويّة ، والعاطفة دفقة صدق قويّة
    أسعدتني القراءة ، وأمتعتْ الجانب الإنسانيّ في العبد الغريب ..
    تحياتي
    اللهمّ لا تُحكّمْ بنا مَنْ لا يخافُكَ ولا يرحمُنا

  3. #3
    الصورة الرمزية هَنا نور أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 478
    المواضيع : 94
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى حمزة مشاهدة المشاركة
    أختي الفاضلة ، الأديبة نور
    أسعد الله أوقاتك
    لحظة إنسانية رائعة صورها هذا النص الأنيق الرشيق ، لحظة فراق ما ألفته النفس ، ما أصبح جزءاً منها .
    لغة سهلة وسرد منساب كالسلسل ، وتشخيص للأشياء مؤثر أعطى النص حياة وحيويّة ، والعاطفة دفقة صدق قويّة
    أسعدتني القراءة ، وأمتعتْ الجانب الإنسانيّ في العبد الغريب ..
    تحياتي

    الأديب الكبير الأستاذ مصطفى حمزة
    طابت أوقاتكم بكل الخير والمسرّة

    أخجلني إطراؤكم لهذا النص المتواضع .. وأجدني بالفعل عاجزةً عن الرد.
    جزاكم الله خيراً أستاذنا و قدّرَ لكم دائماً أسباب السعادة.

    خالص احترامي وتقديري.


  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,098
    المواضيع : 317
    الردود : 21098
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    قد تكون مشاعر الوداع من أصعب اللحظات التي نمر بها في حياتنا
    والوداع هنا ليس لوظيفة وزملاء في العمل فقط , ولكن صعوبة هذه
    اللحظات عند الشعور بأنها ستفارق ما تعودت عليه وتعودت أن يكون
    قريبا منها .. هي هنا تودع الطاولة والغرفة والنوافذوالطاولات ..
    ورغما عنها تركت بعضا منها في المكان .. ودعتها وخرجت.

    قصة حملت إلى جانب الحبكة الجميلة والوصف المتقن
    كثير من المشاعر الصادقة صيغت بمهارة وبسلاسة
    في الحرف وجمال في اللغة.
    دمت بكل هذا السحر.

  5. #5
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    وصف لحظات وداع وإيداع المشاعر في المكان الذي يعزّ علينا فراقه
    سرد هادئ وجاذب
    بوركت
    تقديري وتحيّتي
    (شيء)

  6. #6
    الصورة الرمزية محمد كمال الدين شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2012
    الدولة : في ملكوت الله
    العمر : 38
    المشاركات : 1,492
    المواضيع : 85
    الردود : 1492
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    نظرت إلى تلك التي ستغادر المكان ولن تعود إليه ثانيةً ... أنفاسُها، ابتساماتُها ودموعُها، أفراحُها وأحزانُها، طموحاتُها وأحلامُها، نجاحاتُها واخفاقاتُها، روحُها .. تملأُ المكان.. أردتُ أن آخذ كل ذلك معي .. لكنها أبَتْ، فودعتُها وخرجت.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    حينما تهـوي ظنـوني ... في التفاصيلِ البعيدَةْ
    يا تـرى من يحتويـني ... غيرَ حُزْني والقصيدة؟!

  7. #7
    الصورة الرمزية هَنا نور أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 478
    المواضيع : 94
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادية محمد الجابى مشاهدة المشاركة
    قد تكون مشاعر الوداع من أصعب اللحظات التي نمر بها في حياتنا
    والوداع هنا ليس لوظيفة وزملاء في العمل فقط , ولكن صعوبة هذه
    اللحظات عند الشعور بأنها ستفارق ما تعودت عليه وتعودت أن يكون
    قريبا منها .. هي هنا تودع الطاولة والغرفة والنوافذوالطاولات ..
    ورغما عنها تركت بعضا منها في المكان .. ودعتها وخرجت.

    قصة حملت إلى جانب الحبكة الجميلة والوصف المتقن
    كثير من المشاعر الصادقة صيغت بمهارة وبسلاسة
    في الحرف وجمال في اللغة.
    دمت بكل هذا السحر.


    الراقيةُ المبدعة الأستاذة نادية الجابي

    نعم، لحظات الوداع صعبة، وأصعبها على الإطلاق تلك التي يكون فيها الوداعُ نهائياً لا رجوعَ بعده..

    سعدتُ جداً وتشرفتُ بحضورك الراقي الجميل .
    خالص مودتي وتقديري.

  8. #8
    الصورة الرمزية هَنا نور أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 478
    المواضيع : 94
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاملة بدارنه مشاهدة المشاركة
    وصف لحظات وداع وإيداع المشاعر في المكان الذي يعزّ علينا فراقه
    سرد هادئ وجاذب
    بوركت
    تقديري وتحيّتي
    (شيء)


    أديبتنا المبدعةُ دائماً الأستاذة كاملة بدارنه

    أشكر لك هذا التوصيف والثناء الجميل على النص .

    أتشرفُ وأعتزُ دائماً بحضورك المشرق البهي.

    خالص مودتي وتقديري.




  9. #9
    الصورة الرمزية هَنا نور أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 478
    المواضيع : 94
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد كمال الدين مشاهدة المشاركة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    الشاعرُ المبدع الأستاذ محمد كمال الدين

    شكراً لك جزيلاً على ذوقك الرفيع وهذه المجاملة الرقيقة .

    خالص احترامي وتقديري.




  10. #10
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي

    وما رحيل المرء سوى ورقة من كتاب تماما كما ذكرت أديبتنا الرائعة في قولها :
    قضيتُ يوماً يشبهُ كل يومٍ من أيامِ تلك السنة التي مكثتُها هناك
    وكأن ما تعبت في إعداده هذا الشيء خاصتها سيكون رفيق ألا وهو عملها في الدنيا
    وحينما أوشكت على الرحيل
    انتهاء الدوام
    ينفض الجميع ولا يرافقها إلا عملها هذا
    وهنا يبدو أنها كانت دائمة مراجعة النفس والوقوف بصدق لمحاسبتها أولا بأول ..
    وحان وقت تبغضه كانت رافضة نظرات الوداع في العيون تطمئن الجمع بأنها ستأتي
    ولكن كان الجميع على يقين أنها لن تعود فقد أغلقت صحيفة عمرها ومحيت من دفتر الوجود
    وتعود الكاتبة لتصف لحظة النهاية ووداع المكان بكل تفاصيله وربما النقاب والعباءة هنا لإسدال الستار على الجسد
    ثم
    ونظرتُ إلى شيئٍ لا أراه بعيني..
    ربما لحظة انفصال الروح عن الجسد تعجز كل الحواس عن نقل ما تراه
    وشريط الذكريات في تلك اللحظة الفاصلة يحمل أفراح وأحزان و .. و.. و .. ثم تخرج الروح لتبدأ مسيرتان : الروح والجسد

    الرائعة هنا ...
    اعذري قراءتي للنص إن كنت شوهت جماله ولكن أردت قراءته بصورة مختلفة عما تضمن وأرجو ألا تُزعجك تلك القراءة
    النص رائع طيع اللغة متين الحبكة راق لي وسعدت بمعانقته
    دمت رائعة
    ولك محبة لاتبور
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. فجري هناك
    بواسطة د. سمير العمري في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 66
    آخر مشاركة: 21-08-2019, 06:11 PM
  2. الصحافه العربيه هل هناك يترى وجود لها ام غدت هى ايضا فى ظل اقدام القمع السياسي
    بواسطة نعيمه الهاشمي في المنتدى الإِعْلامُ والتَّعلِيمُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 27-12-2005, 05:38 PM
  3. ... مازلت .. غافية هناك ...
    بواسطة دموووع في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 20-12-2005, 01:31 AM
  4. هل هناك ردود أم لا؟
    بواسطة ليال في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-07-2003, 07:46 AM
  5. و ينسى العرب ان في يوم ما كان هناك مجرما يدعى شارون
    بواسطة علي قسورة الإبراهيمي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 24-01-2003, 11:28 PM