مدخلذات مساء قانط مني راقبته وهو يبتعد ،وقبل أن يختفي أمسكت بقميصه سألته:أراحل أنت؟فأجاب بهمس نعم.
كلما أطلنا التفكير في شيء مضى من حياتنا ،نطيل عيشه فينا أكثر.
ومضى قبل أن أرى وجهه، رحل في دروب حينا القديم، يبحث عن فتاة كان يحبها ،وكانت كـ هو تحبه ،غير أنها في لحظة طيش تزوجت بأخر. امتدت يده نحوها ،أمسكت بيده، وخاتمها أبعد يده عن يدها.،صرخ. أيقظ نسوة حينا من نومهن، قالت إحداهن ،قد مسه جن!! وقالت أخرى في تساؤل، وهل هناك جن كـ نحن؟وقالت أخرى ضعوا مفتاحا في يده اليسرى، ونهتها أخرى في لطف، لا ضعوه في يده اليمنى، وأقرئوا عليه أيات من القرآن سيبرئ. ولم يبرئ ،ومضى يرتق جرحه ،وكلما أبصر وجهها يتمزق ،وخاتمها حول عنقه يلتف يخنقه، قلت له، سيصيبك سهم النسيان يوما وستنسى ،فأجاب بشبه ابتسام ،طعم النسيان يشبه الليمون الحامض، أجربته!! فابتسمت وأجبته بـ نعم .فقد كانت يدي تمتد نحو حديقة جارتنا لالة فاطمة ،عيونها تراقب وأنا أسرق الليمون من شجرتها، أسألها عن حالها، فتجيبني بصوت حزين، سيقتلني هؤلاء الأطفال ذات يوم ،أقطف الليمون وأتابع القول، أطال الله في عمرك، و أسرع الخطى نحو بيتنا. أذكر طعم الليمون ،وأذكر أن لالة فاطمة كفت عن الكلام ذات يوم، لأنها استفاقت في صباح فوجدت شجرة الليمون يابسة. تابعت حديثي في شرود، لم يكن طعم الليمون مرا، كنا نخفي مرارته بالسكر، أجاب بنعم، وشرد في الفراغ وهو يقول، قد امتنعت عن أكل السكر. أمسك بيدي وقال بهمس:لا تخنقي رجلا أحبك بخاتم غيره. أجبته بصوت هامس كصوته: لا تقلق ،فأنا أُخْنَقُ وَلاَ أَخْنِقْ .واختفى من حينا في ليلة اختفى فيها القمر من السماء، وتعالت زغردات نسوة الحي فرحا بقتل حبيبته له، في ليلة أسماها الجميع بـ ليلة الزفاف. بكيت عليه وبكا هو بالمثل، قبل أن يغادر أمسك يدي، وترك فيها ورقة كتلك التي كان يتركها في يد حبيبته، كتب فيها ،سأذكرك دوما. فكتبت ورقة أخرى لم أعطيها له، سأذكرك بالمثل كلما اختفى القمر من السماء، حزنا على رحيل أنثى فقدت حبيبها ،أو رحيل رجل فقد حبيبته في يوم زفاف.
همسة ما قبل الختام
لكل نهاية مفترق طرق يوصلنا لطريق لم نمضي فيه قبلا...