أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الشِّعْر وَالرَّجَز وَالْحُدَاء

  1. #1
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي الشِّعْر وَالرَّجَز وَالْحُدَاء

    مَا يَجُوز مِنْ الشِّعْر وَالرَّجَز وَالْحُدَاء .. من فتح الباري

    قَوْله: (بَاب مَا يَجُوز مِنْ الشِّعْر وَالرَّجَز وَالْحُدَاء).
    أَمَّا الشِّعْر فَهُوَ فِي الْأَصْل اِسْم لِمَا دَقَّ وَمِنْهُ"لَيْتَ شِعْرِي"، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْكَلَام الْمُقَفَّى الْمَوْزُون قَصْدًا، وَيُقَال: أَصْله بِفَتْحَتَيْنِ، يُقَال: شَعَرْت: أَصَبْت الشِّعْر، وَشَعَرْت بِكَذَا: عَلِمْت عِلْمًا دَقِيقًا كَإِصَابَةِ الشِّعْر.
    وَقَالَ الرَّاغِب: قَالَ بَعْض الْكُفَّار عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ شَاعِر، فَقِيلَ: لِمَا وَقَعَ فِي الْقُرْآن مِنْ الْكَلِمَات الْمَوْزُونَة وَالْقَوَافِي، وَقِيلَ: أَرَادُوا أَنَّهُ كَاذِب؛ لِأَنَّهُ أَكْثَر مَا يَأْتِي بِهِ الشَّاعِر كَذِب، وَمِنْ ثَمَّ سَمَّوْا الْأَدِلَّة الْكَاذِبَة شِعْرًا،. وَقِيلَ فِي الشِّعْر: أَحْسَنه أَكْذَبه. وَيُؤَيِّد ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: (وَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ)، وَيُؤَيِّد الْأَوَّل مَا ذُكِرَ فِي حَدِّ الشِّعْر أَنَّ شَرْطه الْقَصْد إِلَيْهِ. وَأَمَّا مَا وَقَعَ مَوْزُونًا اِتِّفَاقًا فَلَا يُسَمَّى شِعْرًا.

    وَأَمَّا الرَّجَز فَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاء وَالْجِيم بَعْدهَا زَاي، وَهُوَ نَوْع مِنْ الشِّعْر عِنْدَ الْأَكْثَر، وَقِيلَ: لَيْسَ بِشِعْرٍ؛ لِأَنَّهُ يُقَال: رَاجِز لَا شَاعِر، وَسُمِّيَ رَجَزًا لِتَقَارُبِ أَجْزَائِهِ وَاضْطِرَاب اللِّسَان بِهِ. وَيُقَال: رَجَزَ الْبَعِير: إِذَا تَقَارَبَ خَطْوه وَاضْطَرَبَ لِضَعْفٍ فِيهِ.

    وَأَمَّا الْحُدَاء فَهُوَ بِضَمِّ الْحَاء وَتَخْفِيف الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ يُمَدُّ وَيُقْصَر: سَوْق الْإِبِل بِضَرْبٍ مَخْصُوص مِنْ الْغِنَاء، وَالْحُدَاء فِي الْغَالِب إِنَّمَا يَكُون بِالرَّجَزِ وَقَدْ يَكُون بِغَيْرِهِ مِنْ الشِّعْر، وَلِذَلِكَ عَطَفَهُ عَلَى الشِّعْر وَالرَّجَز، وَقَدْ جَرَتْ عَادَة الْإِبِل أَنَّهَا تُسْرِع السَّيْر إِذَا حُدِيَ بِهَا.
    وَأَخْرَجَ اِبْن سَعْد بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ طَاوُسٍ مُرْسَلًا، وَأَوْرَدَهُ الْبَزَّار مَوْصُولًا عَنْ اِبْن عَبَّاس دَخَلَ حَدِيث بَعْضهمْ فِي بَعْض: إِنَّ أَوَّل مَنْ حَدَا الْإِبِل عَبْد لِمُضَرَ بْن نِزَار بْن مَعْد بْن عَدْنَان كَانَ فِي إِبِل لِمُضَرَ فَقَصَّرَ، فَضَرَبَهُ مُضَر عَلَى يَده فَأَوْجَعَهُ فَقَالَ: يَا يَدَاهُ يَا يَدَاهُ! وَكَانَ حَسَن الصَّوْت فَأَسْرَعَتْ الْإِبِل لَمَّا سَمِعَتْهُ فِي السَّيْر، فَكَانَ ذَلِكَ مَبْدَأ الْحُدَاء.
    وَنَقَلَ اِبْن عَبْد الْبَرّ الِاتِّفَاق عَلَى إِبَاحَة الْحُدَاء، وَفِي كَلَام بَعْض الْحَنَابِلَة إِشْعَار بِنَقْلِ خِلَافه فِيهِ، وَمَانِعه مَحْجُوج بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة.

    وَيَلْتَحِق بِالْحُدَاءِ هُنَا الْحَجِيج الْمُشْتَمِل عَلَى التَّشَوُّق إِلَى الْحَجّ بِذِكْرِ الْكَعْبَة وَغَيْرهَا مِنْ الْمَشَاهِد، وَنَظِيره مَا يُحَرِّض أَهْل الْجِهَاد عَلَى الْقِتَال، وَمِنْهُ غِنَاء الْمَرْأَة لِتَسْكِينِ الْوَلَد فِي الْمَهْد.

    قَوْله: (وَقَوْله تَعَالَى: وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ) سَاقَ فِي رِوَايَة كَرِيمَة وَالْأَصِيلِيّ إِلَى آخِر السُّورَة، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لَفْظَة"وَقَوْله"وَهِيَ زِيَادَة لَا يُحْتَاج إِلَيْهَا.
    قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْآيَة: الْمُرَاد بِالشُّعَرَاءِ شُعَرَاء الْمُشْرِكِينَ، يَتَّبِعهُمْ غُوَاة النَّاس وَمَرَدَة الشَّيَاطِين وَعُصَاة الْجِنّ وَيَرْوُونَ شِعْرهمْ; لِأَنَّ الْغَاوِي لَا يَتَّبِع إِلَّا غَاوِيًا مِثْله، وَسَمَّى الثَّعْلَبِيّ مِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن الزِّبَعْرَى وَهُبَيْرَة بْن أَبِي وَهْب وَمُسَافِع وَعَمْرو بْن أَبِي أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي شَاعِرَيْنِ تَهَاجَيَا فَكَانَ مَعَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا جَمَاعَة وَهُمْ الْغُوَاة السُّفَهَاء.
    وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ فِي"الْأَدَب الْمُفْرَد"وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيق يَزِيد النَّحْوِيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ - إِلَى قَوْله - مَا لَا يَفْعَلُونَ) قَالَ فَنُسِخَ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى، فَقَالَ: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) إِلَى آخِر السُّورَة.
    وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة -مِنْ طَرِيق مُرْسَلَة- قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ) جَاءَ عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة وَحَسَّان بْن ثَابِت وَكَعْب بْن مَالِك وَهُمْ يَبْكُونَ فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّه، أَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة وَهُوَ يَعْلَم أَنَّا شُعَرَاء! فَقَالَ: اِقْرَءُوا مَا بَعْدهَا (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات) أَنْتُمْ (وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا) أَنْتُمْ.
    وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: نَزَلَتْ الْآيَة فِي الثَّلَاثَة، وَإِنَّمَا وَرَدَتْ بِالْإِبْهَامِ لِيَدْخُل مَعَهُمْ مَنْ اِقْتَدَى بِهِمْ. وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيّ مَعَ الثَّلَاثَة كَعْب بْن زُهَيْر بِغَيْرِ إِسْنَاد، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْله: (قَالَ اِبْن عَبَّاس: فِي كُلّ لَغْو يَخُوضُونَ) وَصَلَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَالطَّبَرِيّ مِنْ طَرِيق مُعَاوِيَة بْن صَالِح عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله: (فِي كُلّ وَادٍ) قَالَ: فِي كُلّ لَغْو، وَفِي قَوْله: (يَهِيمُونَ) قَالَ: يَخُوضُونَ. وَقَالَ غَيْره يَهِيمُونَ أَيْ يَقُولُونَ فِي الْمَمْدُوح وَالْمَذْمُوم مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُمْ كَالْهَائِمِ عَلَى وَجْهه وَالْهَائِم الْمُخَالِف لِلْقَصْدِ.
    احرص على أن تنادي أشياء حياتك الإيمان وشريعة الله تعالى!

  2. #2
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي

    قَوْله: (وَمَا يُكْرَه مِنْهُ) هُوَ قَسِيم قَوْله:"مَا يَجُوز"، وَاَلَّذِي يَتَحَصَّل مِنْ كَلَام الْعُلَمَاء فِي حَدّ الشِّعْر الْجَائِز أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكْثُر مِنْهُ فِي الْمَسْجِد، وَخَلَا عَنْ هَجْو، وَعَنْ الْإِغْرَاق فِي الْمَدْح وَالْكَذِب الْمَحْض، وَالتَّغَزُّل بِمُعَيَّنٍ لَا يَحِلّ.
    وَقَدْ نَقَلَ اِبْن عَبْد الْبَرّ الْإِجْمَاع عَلَى جَوَازه إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَاسْتَدَلَّ بِأَحَادِيث الْبَاب وَغَيْرهَا وَقَالَ: مَا أُنْشِدَ بِحَضْرَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ اُسْتَنْشَدَهُ وَلَمْ يُنْكِرهُ.
    قُلْت: وَقَدْ جَمَعَ اِبْن سَيِّد النَّاس شَيْخ شُيُوخنَا مُجَلَّدًا فِي أَسْمَاء مَنْ نُقِلَ عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَة شَيْء مِنْ شِعْر مُتَعَلِّق بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَاب خَمْسَة أَحَادِيث دَالَّة عَلَى الْجَوَاز، وَبَعْضهَا مُفَصِّل لِمَا يُكْرَه مِمَّا لَا يُكْرَه، وَتَرْجَمَ فِي"الْأَدَب الْمُفْرَد"مَا يُكْرَه مِنْ الشِّعْر، وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث عَائِشَة مَرْفُوعًا"إِنَّ أَعْظَم النَّاس فِرْيَة الشَّاعِر يَهْجُو الْقَبِيلَة بِأَسْرِهَا"وَسَنَده حَسَن، وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْه بِلَفْظِ "أَعْظَم النَّاس فِرْيَة رَجُل هَاجَى رَجُلًا فَهَجَا الْقَبِيلَة بِأَسْرِهَا"وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ فِي "الْأَدَب الْمُفْرَد" عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا كَانَتْ تَقُول: الشَّعْر مِنْهُ حَسَن وَمِنْهُ قَبِيح، خُذْ الْحَسَن وَدَعْ الْقَبِيح وَلَقَدْ رَوَيْت مِنْ شِعْر كَعْب بْن مَالِك أَشْعَارًا مِنْهَا الْقَصِيدَة فِيهَا أَرْبَعُونَ بَيْتًا، وَسَنَده حَسَن.
    وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى أَوَّله مِنْ حَدِيثهَا مِنْ وَجْه آخَر مَرْفُوعًا، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي"الْأَدَب الْمُفْرَد "أَيْضًا مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو مَرْفُوعًا بِلَفْظِ" الشِّعْر بِمَنْزِلَةِ الْكَلَام، فَحَسَنه كَحَسَنِ الْكَلَام، وَقَبِيحه كَقَبِيحِ الْكَلَام"وَسَنَده ضَعِيف. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.
    وَقَدْ اُشْتُهِرَ هَذَا الْكَلَام عَنْ الشَّافِعِيّ، وَاقْتَصَرَ اِبْن بَطَّال عَلَى نِسْبَته إِلَيْهِ فَقَصَّرَ، وَعَابَ الْقُرْطُبِيّ الْمُفَسِّر عَلَى جَمَاعَة مِنْ الشَّافِعِيَّة الِاقْتِصَار عَلَى نِسْبَة ذَلِكَ لِلشَّافِعِيِّ وَقَدْ شَارَكَهُمْ فِي ذَلِكَ اِبْن بَطَّال وَهُوَ مَالِكِيّ.
    وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْجٍ قَالَ: سَأَلْت عَطَاء عَنْ الْحُدَاء وَالشِّعْر وَالْغِنَاء فَقَالَ: لَا بَأْس بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فُحْشًا.

المواضيع المتشابهه

  1. الشِّعرُ والنّثرُ وكتابةُ الشِّعرِ نثرا
    بواسطة عادل العاني في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 18-07-2019, 11:56 PM
  2. حول الجدلية بين الشعر الحديث وتقليد الشعر القديم :
    بواسطة عبدالله علي باسودان في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-02-2016, 07:06 PM
  3. مرثية الشعر والعصر
    بواسطة محمد قرنه في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 06-04-2010, 10:32 PM
  4. الشعر ما في الشعر
    بواسطة الطنطاوي الحسيني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 05-12-2008, 08:09 PM
  5. كيف أكتشفت موهبة الشعر وكيف نميتها ( حكايتي مع الشعر )
    بواسطة الصباح الخالدي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 17-02-2006, 11:45 PM