أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: كلّما اخترتُكٓ...أفقِدُكٓ

  1. #1
    الصورة الرمزية خديجة منصور رسامة وأديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2007
    المشاركات : 263
    المواضيع : 46
    الردود : 263
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي كلّما اخترتُكٓ...أفقِدُكٓ

    كلما اخترتكٓ.... أفقدكٓ


    قانعة هي بما يأتيها من فضاء صغير على سعته، جزء من السماء تجود به الطاقة في أعلى جدار أكلته الرطوبة و عشعشت في تضاعيفه مخلوقات صغيرة، لا تعرف من الدنيا إلا ما يتسلل إليها من أحاديثِ السّجّان مع سجينات أخريات، لا يصلها منها إلا نبرات أصواتٍ، تتناهى إليها من وراء الباب الحديدي فتأتيها مترعة بأخلاط من روائح الرطوبة و نسائمٍ نسجها خيالها بألوان اللوحات المتعاقبة أمامها عبر الطاقة، فهذه نبرة بلون حمرة الأصيل و الأخرى براقة كسبائك أشعة الشمس و أحيانا تصلها نبرة فضية برقة هلال بداية الشهر، أما التي تملأها جزعا فنبرة ليلة عاصفة تجعلها ترتكن إلى أشدّ الزوايا قتامة.
    كانت تنظر الى جزء من السماء ينذر بليلة سيختفي فيها القمر وراء غيوم كثيفة، فسمعت رنين المفاتيح الحديدية و فتح باب زنزانتها، استغربت، تعودت ان يرموا لها الطعام من فجوة في أسفل الباب، دخل سجّان لم تره قبلا، لم يكن ينظر إليها، تفحصته بنظرة عميقة بددت للحظة قتامة المكان و حركت باطنها بقوة مذهلة، خرج كما دخل في سكون، و أعقب اختفاؤه صمت رهيب، لأول مرة تسمع صمت المكان، لم تستطع يومها ان تقرب طعامها، و لا في اليوم التالي و لا الذي يليه، كان السّجّان يدخل صامتا و يخرج و كأنه لا يبالي أو لا يستوعب انها لم تلمس طعامها البتة، حركته مدروسة كأنه إنسان آلي.
    تسربت وشوشة عبر الدهاليز بوجود حالة عصيان، و أنذر الأمر بوجوب التدخل السريع،
    دخل ذات الصباح بحركاته المعتادة، وقف على كثب منها، و حين أطال الوقوف لم تجد بداً من ان تطالعه بوجه شاحب، غائر العينين، وهي تهم بتحويل نظرها عنه، استوقفها بريق تألقت له عيناه و أضفى على تقاسيم وجهه الحادة جمالا اختصت به الانسانية في ذروتها.
    ترددت لبرهة ثم ابتسمت له ابتسامة شاحبة، بادلها النظر و هو يغوص في أعماق روحها، و بقلبٍ كلًّه هيام خُيِّلٓ إليها أنها لمحت شبه ابتسامة، وقبل أن يدركها اليقين، كان خياله العملاق يتوارى خلف الباب الحديدي.
    لم تترك بعد تلك اللحظات و لو فتافيت في صحنها، كان يجلس بمحاذاتها الى أن تُكمل طعامها، و كانت تأمل أن تستزيد لكي لا يبرح مكانه، أضحت بسمته تنير كل الأركان المعتمة و كلماته تترك صداها نغما يشدو مع كلّ إطلالة بهيّة له، اخترق مراتٍ القوانين و هو يفُكُّ السلسلة من قدمها لترتع مبتهجة في فضائها الضيق و تشرئب بطولها لترى من الطاقة ما خفي عنها سنيناً عدة، اتّسع بسعادتها المكانُ، و تخطّت جدرانه مدى بصرها، و امتلأ جوُّه بنسائم دافئةٍ و رياحين و أزهار جذبت أسراب طيور مغرّدة من كلّ حدب و صوب.....

    دخل كعادته يكسو دنياها ندى، فتح الباب الحديدي على مصراعيه و اقترب منها في هدوء، انحنى الى قدمها و فكّ القيد، ابتهجت و زغردت الفرحة في حناياها و تلألأت النجوم في عينيها الواسعتين و بادرته بنبرة رقيقة مرتعشة:
    - أتأخذني معك إلى عمق الوجود؟
    ابتسم لها و نظر الى الباب المفتوح:
    - اذهبي فأنت حرّة....
    فجأة ضاقت بها الدنيا بما رحُبت في خيالها و تحركت الجدران الرطبة لتعصر فؤادٓها، و مدّت قدمها اليه في جزع:
    - رجاءا أعد قيدي
    - هذه فرصتك ماذا دهاك
    قلّبت وجهها في المكان و قد استعاد ظُلمته، و لفح بشرتها هواء ساخن قادم من فوهة الباب:
    - ضلّلتني؟
    - حرّرتكِ !!
    - لكنني أحببتك بصدق
    - و أنا أشفقت عليك من الدّمار صادقا.

    همّت بالكلام فصدّتها صراحة عينيه الجامدة المبتسمة، همّت بالصراخ فخذلتها حنجرتها الملتهبة، استدارت ثانية إليه فشجّعها بتقاسيم وجهه الحادة على المضيِ قُدُما و فُوّهة الباب تتسع لتبتلعها....تنهّدت و الغصّة تملأ جوفها و رسمت وجها بلا ملامح، و مضت في طريقٍ يٓشُقُّ الضباب ... .

    خديجة
    ٢٠١٥

  2. #2
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 2.01

    افتراضي

    الاختيار في حالة توفر اكثر من فرصة
    حالة الاجبار هي التي غيرت وجه الحقيقة
    أراه حررها قبل فك قيدها
    جميلة ومؤثرة
    بوركت وكل التقدير

  3. #3
    الصورة الرمزية علاء سعد حسن أديب
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    المشاركات : 468
    المواضيع : 50
    الردود : 468
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    رائعة دكتورة كعادتك

    هل تركها السجان حقا تمضي؟

    هل حقا فك قيد قدميها وأطلق سراحها؟؟؟

    هل أدركت هي في تلك اللحظة التي تتعذب فيها بالتيه بعيدا عنه كم أحبها؟

    هل أدركت أن السجان أحبها أكثر من نفسه ومن حياته ومن كل شيء سواها؟

    دعيني سيدتي أخبرها أن السجان يعشق مهنته حد الهوس.. هو معجون بها.. السجان جزء من ذاته ومن شخصيته.. في اللحظة التي يتخلى فيها عن نفسه عن مهنته عن طبيعة عمره وحياته كلها ليطلق سراحها هي لحظة الانتصار للانسان فيه على السجان الذي عاش به ومعه وداخله وسجنه ألف عام

    دعيني أذكرها - وهي السجينة داخل وخارج الزنزانة- أنه ربما يوما قال لها : لن يتركها تؤذي نفسها ثانية ووعدها بذلك..

    ولعله مرة أخرى قال لها .. سأظل أسعى لتحريرك من القيد سأفعل ذلك أو أهلك دونك..

    لعله عندما أطلق سراحها همس لها وهو يريها صورة طائر بديع يخرج من القفص الذهبي ليحلق نحو السماوات مكتوب تحتها : " أطلقتك لأني أحبك"

    لعلها لو فتحت خزينة رسائلها القديمة تجد كل تلك الرسائل الأزلية التي تعيش في وجدانه..

    لعلها لو فتحت دولاب ذاكرتها بشيء من رفق وتأني لوجدت رسائله إليها محفورة على جدرانه

    لعله لو استطاع اللحاق بها يوما أن يُريها كل ما قاله أو كتبه لها مُخزّنا في رسائله كما هو مخزنا في روحه ومكتوبا على أعماق نفسه..

    ولا أظن السجان إلا ينتوي اللحوق بها .. فلا تبتئس سجينتك ولا تندم على حريتها..

    شكرا لإبداعك لقد أطلق العنان لتيار أفكاري الخاصة أن تنساب معه..
    هل تكفيني كلمة أحبك وأنا أقتات على حبك!روحي تحيا بحبك،قلبي يدق به، حياتي لحبك

  4. #4
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.86

    افتراضي

    دخلت أسيرة الجسد، وخرجت أسيرة الروّح!
    مدخل رائع بوصفه للمكان الذي احتلّ حيّزا هامّا في السّرد، وسرد جاذب مميّز حتّى النّهاية الرّائعة
    شكرا لجمال الحرف والفكرة
    بوركت
    تقديري وتحيّتي
    ( اختفاءه،رجاءً)

  5. #5
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.74

    افتراضي

    دخول متقن في بيئة النص بوصف تفصيلي للمكان ومعطياته برزت في علاقتها به وجدانية عالية، بررت انسلال الشخصية الثانية فيه لعالمها وجعلتها مفهومة رغم غياب ملامحها الخارجية والداخلية.
    التدرج الحدثي الهادئ والتنامي الشعوري المواكب كان عميق التأثير في تفاعل المتلقي واستلابه لمعايشة الحوار الداخلي والذي بدى الصراع الخارجي في موازاته هامشيا إلا من تأثيره فيه.
    وكان للمزاوجة بين السرد القصّي والحوار في بنية النص دورها التشويقي المائز.

    أعجبني إيجاز الأستاذة كاملة بدارنة للحكاية "دخلت أسيرة الجسد، وخرجت أسيرة الروّح! " ولعل استنباط العنوان من اختصار كهذا يتيح للساردة عنوانا لقصتها أوفق، حيث يحبذ في العنوان الاختصار والإشارة لما هو أعمق في النص.

    دمت ورعة يراعتك غاليتي
    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  6. #6
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    قصة جميلة وسرد متمكن استحوذ على انتباه القارئ حتى النهاية..
    الحرية ليست في عالم المكان ..وحين تنطلق الروح في عوالم الصدق والحب تعيش الحرية في آفاقها..
    أظن السجينة كانت تعيش سجنا أو حصارا قبل قيدها جعلها تنحاز الى التقرب من سجانها.
    بوركتم أديبتنا وسلم الإبداع.
    تحياتي.
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  7. #7
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    يأخذنا سردك الرائع لنعيش مع تلك السجينة حيث تتضافر عبارات الوصف
    مع التصوير البديع في أسلوب رغم إنه لم يبتعد عن البساطة إلا إنه كان عميقا
    صورة وتأثيرا ـ فتنساب الأحداث بخفة إلى نفوسنا فنندمج فيها .. فنرى الحب
    وقد بدأ يتسرب إلى أعماق روحها ، فيكسو الندى دنياها، وتتلألأ النجوم في عينيها.
    ثم أحسسنا بالغصة عندما ملأت جوفها، وقد مضت في طريق يشق الغبار.

    وجبة أدبية دسمة أستمتع بها دائما على مائدة صفحاتك
    ثم كانت التعليقات أكثر من رائعة .. وأثني خاصة على أ. علاء سعد حسن
    فقد جاء رده فكان أدب على أدب لتكمل متعتنا بما نقرأ.
    سلمت يداك .. يحني الإبداع هامته أمامك. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.15

    افتراضي

    أقوى من أسر الجسد كان هنا أسر الروح والذي جعلها تخرج من محبسها مرغمة محررة الجسد فقط
    وانتصار للإنسانية تتجلى في صورة بهية تخبرنا بأن مازال هناك من تتملكهم آدميتهم
    أبدعت سردا وفكرا وبيانا أديبتنا الفاضلة فشكرا لك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. اخترتك صديقاً
    بواسطة أسماء موصلي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 26-08-2010, 08:48 AM
  2. اني اخترتك
    بواسطة قلب الليل في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-09-2006, 09:10 PM
  3. لا تسألني لماذا اخترتك أنت ؟؟؟!!!.............
    بواسطة حسنية تدركيت في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 02-09-2006, 01:20 PM
  4. حينما اخترتك
    بواسطة زيدان في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-02-2005, 12:34 AM
  5. كلما خطبت امرأة تركتنى
    بواسطة د.إسلام المازني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 28-12-2004, 10:34 AM