ما بالُ وَردِكِ بَعدَ العَودِ يُنكرُني والياسمينُ حزينٌ عَاتِبٌ تَعِبُ ما لِلدروبِ بها مِن خُطوتي ألَـمٌ أستَثقلَتنيَ أم في خَطويَ العَطَبُ إذا مَررتُ على الحاراتِ تَعذُلُني وللزُّقاقِ أنينٌ حِينَ أقتربُ بابَ المُصَلَّى ويا مَيدانُ ما بِكُما؟ أليسَ لي فيكُما خِلٌّ ولا نَسَبُ أليس تَسكُنُ شِرياني مآذِنُها والقَلبُ تَقطُنُهُ الأقواسُ والقُبَبُ سَلوا القبُورَ لَإنْ قالت لَتذكُرُني فليس تَغفُلُ عن عُشَّاقِها التُرَبُ يا دارَ جَدِّي أما للوَصلِ مَوعِدةٌ جافَى فِناؤكِ مَن لُقياهُ يَرتَغبُ نارنجةُ الدار ما عادت تُضاحِكُني ولا العريشةُ تَدنو لي ولا العِنبُ وبَحرةٍ نَطَفَتْ لَهفَى أُسائلها عَنِّي وعَن فِتيةٍ مِن حَوضِها شَربوا فاضت عليهم كُؤوسًا من سُلاسِلِها وفاضَ مِنهم بها التَّطوافُ واللعِبُ أين الأحِبةُ صَحنُ الدارِ يَجمعُهم أين الحنينُ وأين الضِّحكُ والصَّخَبُ والأمسياتُ التي لازِلتُ أذكرها أين النَّشيدُ وأين الشِّعرُ والأدبُ يا بحرةَ الدارِ قُولي ما ألمَّ بهم تاهوا عَنِ الدار أم عن دارهم رَغِبوا فجاوبتني وصوتُ الماءِ حَشرجةٌ مَلُّوا الصِّبارَ وعَقُّوا الشام واغتربوا
*****
تلوتُ شِعري عَلى الأبواب أُنشِدُها للشام دُورٌ إذا أنشدتَها عَربُ تكاد جُدرانها تَروي مآثرَهم يا للبيوتِ التي جُدرانها كُتبُ لها قُلوبٌ بنبضِ الأهلِ خافقةٌ وأعينٌ إنْ نَأوا تَبكي وتَنتحبُ أعْتَبتُ شامي ومن للشام يُعْتِبُها فيها الوِدادُ وما في وُدِّها عَتَبُ أنا أنا ابنُكِ ذا صَوتي وذي صِفَتي وذي الضُلوعُ لِوَجْدِ القلبِ تَضطربُ أتعجبينَ لحالٍ غَضَّنَت جسدي مِنَ الغُضون التي في مُهجتي العَجَبُ أم مِن خصائلَ مَرُّ العُمْرِ شَيَّبها والعمرُ سِفْرٌ بشَيبِ الرأس يُكْتَتَبُ سَبعٌ عِجافٌ مَضتْ والشوقُ أظمئَني والشوقُ يا شامُ سبعًا للظما سَببُ صَدري وقَلبيَ والأشواقُ تُوقِدُه نارٌ بنارٍ على النِيرانِ تَلتهبُ ما غِبتِ عَنِّيَ في نَفْسي ولا نَفَسي ولا ثنانيَ عنكِ المالُ والذهبُ كم راودَتني جِنانٌ ما هَمَمْتُ بها عَفَفْتُ عنها ومالي في الدُنى أرَبُ يا شامُ إنِّيَ - والأقدارُ مُبرَمَةٌ - ما لي سِواكِ قُبيلَ الموتِ مُنقَلَبُ *****
مازن لبابيدي – دمشق 2018