أحدث المشاركات

قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 13 من 13

الموضوع: كتاب ... لا تكن لطيفا أكثر من اللازم

  1. #11
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    الخطأ #7.. إسداء النصح
    لقد جبلنا نحن اللطفاء على مساعدة الناس, إننا نسدي النصح بسرعة جدا, حينما يطلب منا النصح, وحينما لا يعجبنا ما يفعله الناس, وبمجرد أن تعتقد أنهم في مشكلة, إننا نفعل ذلك لكي نقودهم مع وجود النوايا الحسنة, إننا نريد أن ندفعهم إلى فعل ما نريد منهم فعله, و نساعدهم على حل مشاكلهم.
    لن أنصحك بفعل هذا ولكنني سأقنعك, أبدا مهما كانت نيتك حسنة, ومهما كانت النصيحة مفيدة في اعتقادك, فإن إسدائها هو خطأ على الدوام. هو أمر تعودي, و اللطفاء يسدونها طوال الوقت, ولكن مع ذلك هذا لا يعني أن النصيحة تفيدنا.

    لماذا إسداء النصيحة يكون خطأ؟
    •إن إسداء النصح هو تقليل من شأن الآخرين:
    بفعلك هذا تلمح إلى أنهم ينقصهم العقل أو القلب أو القوة الكافية لحل مشاكلهم أو تقويم حياتهم.
    •النصيحة عاجزة عن منح المساعدة الحقيقية التي يحتاجها الآخرون:
    ما يحتاجوه حقا الآخرون هو أن نتركهم يقررون ما يفعلونه, هذا لأن الإنسان يحتاج إلى تطوير قدرته على الاعتناء بنفسه. فنحن بذلك نسلبهم مهارة اتخاذ القرار والمتعة التي سيشعرون بها عند اتخاذ القرار الصحيح بأنفسهم.
    •لا يمكن أن نكون أمناء عند إسداء النصح:
    دوافعنا عند إسداء النصح أكثر عمقا و تعقيدا ودهاء, ربما نفعل ذلك لكي يعجب بنا أصدقاؤنا, وربما نريد إن نحملهم دينا, أو نجعلهم معتمدين علينا, أو حتى يشعروا بالدونية نحونا, أو ربما أننا نستمتع بكل بساطة بالتحكم في حياتهم. لذا فإننا نقوم بخدمة أغراضنا غير المعلنة التي تخدمنا نحن في حين أننا نتظاهر بفعل ذلك من أجل المنفعة.
    •إن إسداء النصح شكل من أشكال السيطرة:
    تحمل النصيحة بطبيعة الحال أوامر أخلاقية, ونحن نخضع الآخرين لكلمات الواجب والإلزام. فهم إن أخذوا بالنصيحة فإنهم مدينون لنا بالمساعدة و نشعرهم أيضا أنهم إذا لم يتبعوا نصيحتنا فإنهم سيغضبوننا أو سيهينوننا أو أنهم يحيدون عن الصواب. هذا التحكم يعوق عملية المبادرة والابتكار و يقلل من شعورهم بقيمتهم, لذا فإنه من غير الصواب أن نتحمل مسئوليتهم أو ندخل أنفسنا في صراع معهم حول ما يفعلونه.

    نحن دائما ما ننجذب نحو تبرير النصيحة لأن الناس يطلبونها بما فيهم من يحترمنا ومن نريد أن نبهرهم, ولكن طلبهم هذا ربما يكون بسبب:
    •إنهم لا يريدون تحمل مسئولية مشاكلهم, فقد يكونوا كسالى.
    •يعتقدون أنه ليس باستطاعتهم حل مشاكلهم الخاصة, فهم مخطئون.
    •يبحثون عمن يلومونه في حالة اتخاذ القرار الخاطئ.

    استثناءان للقاعدة
    هناك موقفان مختلفان ربما تصلح فيهما النصيحة. الموقف الأول: في مجال العمل, عندما يخطئ من يعملون تحت رئاستك في عملهم وقد اقترب الموعد الأقصى للتسليم, في مثل هذا الموقف ربما يكون من المناسب أن تقول أفعل هذا أو لا تفعل هذا. يوجد فرق بين توجيه من ترأسهم نحو الصواب و بين التواصل معهم بطريقة تخرج أفضل ما لديهم, فمن الواضح أن العاملين يحتفظون بمعنويات أفضل, ويتواصلون بشكل أفضل, و يعملون بكفاءة أكبر, إذا لم يقم رؤساؤهم بتوجيه الأوامر لهم في كل حين.
    الموقف الثاني: هو الطوارئ, ولكن هذه لحظات نادرة وخاصة, إن تتذرع بها لإعطاء النصح في التحولات الاجتماعية المعتادة التي نواجهها كل يوم.

    البديل لإسداء النصح
    عندما يواجه من تهتم بهم مشاكل, أو يشعرون بالارتباك أو الضياع فإنهم في الأساس يحتاجون إلى تعبيرك عن الحب بدلا من النصيحة, إنهم يحتاجون إلى التأكيد من انك لن تحط من شأنهم, أو تنظر إليهم على أنهم أشياء يمكن التأثير عليها, إنهم يحتاجون أن نعاملهم كأقران لك. سوف تتمكن من الوفاء بهذه الحاجات, عندما تتوقف عن إسداء النصح, وأنت بذلك أيضا تمنع المخاطرة, والنفاق, و عدم الاحترام, و التحكم الذي يتضمنه النصح, ولكن يجب عليك في حينها, أن تستبدل هذه الطريقة بطريقة معاملة مؤثرة, ومرضية, وتعاملهم معاملة الند للند, وتخدمهم بطريقة حقيقية. وإليك خمس خطوات يمكنك إتباعها:
    الخطوة الأولى: ابعد نفسك عن مشاكلهم, مارس الابتعاد عنهم بطريقة محترمة عن طريق تحريرهم:
    إن السر في خدمة الآخرين هو رغبتك وقدرتك على التراجع عن حل ما يؤرقهم, ولا يعني إدارة ظهرك لأصدقائك, والتخلي عنهم, أو رفض الاستماع إليهم, وهذا لا يعني أن تجعل مسافة نفسية بينك وبينهم كأشخاص, أو أن يقل تواجدك معهم, أو تبتعد عنهم عندما يحتاجون إليك بشدة. إنه يعني فقط ألا تتحمل مسؤولية حياتهم. أي تنظر إليهم وإلى نفسك كأشخاص مستقلين و متساوين. إن ابتعادك هذا يخبرهم بوضوح أنك تحترمهم, وتحترم حاجتهم لاتخاذ قراراتهم بأنفسهم, وأن يعايشوا نتائج قراراتهم. إنك تقول بذلك أنك تهتم بهم لدرجة ألا تفعل شيئا لمنعهم من تجربة عواقب تصرفاتهم بأنفسهم. وتظهر ما هو أفضل ما في أصدقائك, وتبني فيهم الثقة في ذاتهم, و بذلك تسهل على نفسك الأمور بالطبع عن طريق عدم القلق بسبب عواقب نصيحتك.

    الخطوة الثانية: التقمص العاطفي, حيث تعبر عن التعاطف مع مشاكلهم و مشاعرهم:
    عندما يقع الآخرون في مشاكل ربما تشعر بإغراء نحو الشعور بالشفقة نحوهم لكونك شخصا لطيفا, ولكن إظهار الشفقة لا يساعدهم. يحتاجك الآخرون أكثر, لأن تشاركهم في شعورهم بمآزقهم, إنهم يحتاجون لأن تقف إلى جانبهم في لحظات الضعف, والتردد, و الشعور بالهزيمة. إنهم يحتاجون لأن يشعروا بأنك تهتم بهم. فالطريقة التي تشعر الآخرين بها نحو أنفسهم, يؤثر على شعورهم نحونا, وهذا يدوم لوقت طويل في تحديد شكل علاقتهم بنا. وقدرتهم أكبر على التعامل مع مشاكلهم إذا كانت معاملتنا تشعرهم بخصوصيتهم, وسوف يرغبون في استمرار علاقتهم بنا.

    الخطوة الثالثة: تشجيع الآخرين على التفكير في مدى أوسع من الحلول الممكنة, بإلقاء أسئلة تساعدهم على توسيع خياراتهم:
    أحيانا ما يتعثر الناس في المشاكل, لأنهم قصيرو النظر, ولم يمنحوا خياراتهم القدر الكافي من التفكير. ربما عن طريق سؤالهم عن الخيارات البديلة توجه نظرهم إليها, كذلك قد توجههم إلى تضييق قائمة الخيارات أمامهم. لاحظ أنك تسأل السؤال من موقف المبتعد فلقد تركته حرا, إنك بذلك لا تحل مشاكلهم, ولا تتخذ القرارات البديلة عنهم, أو تتحكم فيهم, إنك بدلا من ذلك تقف كشخص يدعمهم, ويكون بجانبهم في أثناء حلهم لأزمتهم.

    الخطوة الرابعة: إتاحة المعلومات المطلوبة, بتقديم المعلومات المفيدة:
    عندما لا يمكن المفاضلة بين الخيارات, يمكنك أن تتخذ هذه الخطوة بعد أن تكون قد ابتعدت, فأظهرت التعاطف, وهذه الخطوة تتضمن تقديم الأسماء, وأرقام الهواتف, و التكاليف, والمواعيد, و الاتجاهات, والآراء, أو أي بيانات متصلة بالموضوع.
    ربما تبدو كلمتا تقديم النصح, وإتاحة المعلومات شيئا واحدا عندما يتم الاستماع لهما لأول وهلة, ولكنهما في الحقيقة شيئان مختلفان, فتقديم النصح يجبر الناس و يقلل منهم, وتقديم المعلومات, يظهر الاحترام ويوجد نوعا من التفهم.

    الخطوة الخامسة: حثهم بلطف, وأعطهم دفعات رقيقة نحو اتخاذ القرار:
    عن طريق الدفع الرقيق الواعي تستطيع أن تدفعهم للتصرف, يمكنك أيضا أن تلمح فقط لهم أن عدم الاختيار هو خيار في حد ذاته, وأن عليهم في بعض الأحيان أن يقوموا بالتأجيل, إن هذا الشكل من التحفيز يحترم حريتهم, وغرضك هنا ليس التحكم فيهم, ولكن تشجعهم أن يتخطوا العقبات في طريق حل مشاكلهم.

    افترض أن هذه العملية لا تجدي
    إذا كان من معك لا يعرفون وقت وكيفية التعامل مع مشاكلهم يمكنك حينها أن تفعل شيئا واحدا, يمكنك أن تتعاطف مع عدم قدرتهم على اتخاذ القرار, وأن تتعاطف مع إحباطهم المرتبط بذلك. وأن تترك الأمر على ما هو عليه. فعلى الرغم من أنهم لم يحلوا مشاكلهم إلا أن علاقتك بهم مازالت حرة ومرضية بشكل أكثر.

    ملـحقات
    •عن إسداء النصح للأطفال:
    يعتقد الكثير من اللطفاء أنه من المناسب بالنسبة للكبار وخاصة الوالدين أن يتحكموا في الأطفال عن طريق إسداء النصح لهم, ويعتقد بعض الآباء أن هذا هو حقهم الذي منحه الله لهم, وهو السبب الذي يعيشون من أجله.
    يحتاج الأطفال بالطبع إلى الحماية و الإرشاد, فربما يضع الأطفال أنفسهم في بعض الأحيان مثل الكبار في موقع خطر واضح, وربما يندفعون, وهذه المواقف تحتاج إلى إنقاذ بل وجود أعذار للنصح أو للتحكم فيهم, ولكن هذه المواجهات المباشرة مع الخطر ما هي إلا جزء ضئيل من حياتنا مع الأطفال, ولا يجب أن تكون هي النظام الأساسي لتعاملنا معهم في الأحداث العادية اليومية.
    نحن نركز بالطبع في البداية على تقليل الأخطار عن طريق وضع حدود سلوكية لهم ومحاولة إبعادهم عن التصرفات الضارة. يبدو ان فائدة هذه الحدود تزيد إلى الحد الأقصى عندما لا يصاحبها النصح. ولكن عن طريق توفير المعلومات اللازمة والشرح, وإخبارهم عن شعورنا وما نريده منهم, نساعدهم على الفهم وعلى حماية أنفسهم. وفي أثناء زيادة قدرتهم على فهمنا أكثر من النصيحة السلبية (مثال: لا تفعل كذا), سيساعدهم هذا على النمو شخصيا, لأن توفير المعلومات لهم وإخبارهم بما نريده مظهر من مظاهر الاحترام و ليس التحكم.
    وعلى المدى المستمر فعندما يواجه الأطفال مشكلة لا يستطيعون التعامل معها ولكنهم لا يقربون الخطر, يمكننا أن نطبق عليهم نفس طريقة الدعم التي تتكون من الخمس خطوات السابقة: الابتعاد-التعاطف-التشجيع على وزن الخيارات-توفير المعلومات-دفعهم بلطف.
    إننا نقترف نفس الخطأ كإسدائنا النصح للكبار, وهو خطأ نابع من نفس السبب, والخطأ, بالطبع أكثر خطورة في حالة الأطفال لأنهم ما زالوا محتاجين إلى تطوير الإحساس باستقلال الذات, لذا فإنهم أكثر قابلية للتقليل من شأنهم, أو سلوك الطريق الخاطئ بسبب النصيحة.

    •عن عدم إتباع النصيحة:
    أحيانا ما تجد أن الوضع معكوسا, فأنت هو الشخص الذي يعاني من المشاكل والتي تحتاج على من يهتم بك, ربما تجد نفسك واقعا في مشكلة ولا تريد من الآخرين أن يحلوها لك, ولكنك تعرف الآن أن طلب أو إتباع نصحهم يجعلك تضع نفسك تحت سيطرتهم.
    يمكنك أن تبدأ بإخبار أصدقائك: أنك لا تتوقع منهم أن يتخذوا قرارا لك أو يعتنوا بمشاكلك. ولكن يمكنك أن تطلب منهم أن يقتربوا منك و يساعدوك في تنفيذ الخيارات المتاحة و إعطائك المعلومات المفيدة, وأن يظلوا إلى جانبك بغض النظر عن القرار الذي تتخذه, فنحن نحتاج جميعا إلى أصدقاء لديهم استعداد لفعل ذلك.
    يمكنك أيضا أن تتصل بأشخاص ينتمون إلى المهن المساعدة, الأطباء النفسيين والمعلمين والأطباء ورجال الدين والمحامين, لتوفير المعلومات, ولتعليمك كيفية مساعدة نفسك, ودعم جهودك بدلا من النصح.

    لقد اعتدت على إسداء النصح, لدرجة أنك مستمر في إعطائها, على الرغم من كل هذه المعلومات التي حصلت عليها. يمكنك أن تسامح نفسك إذا زللت, ذكر نفسك بأنك لست كاملا, وانتظر الفرصة التالية لبدء عملية الدعم إذا تدربت على تلك الخطوات الخمس, فسوف تزيد من قدرتك على تجنب إخبار الناس بما يفعلونه. وسوف تجد أن هذا السلوك يرضيك أكثر بكثير من إسداء النصح.
    و ستظل شخصا لطيفا

    الخطأ #8.. إنقاذ الآخرين
    إن إحدى الحقائق المؤلمة في مجتمعنا اليوم هو زيادة عدد الأناس المحبوبين الذين يصرون بطريقة مباشرة على تدمير حياتهم, عن لدينا جميعا أقارب أو أصدقاء ضيعوا على أنفسهم فرصة التعليم, و يسيئون التصرف في أموالهم, أو يخسرون وظائفهم بشكل متكرر, و يبددون وقتهم أو يدمرون صحتهم. هذا الدمار مستمر في الصميم, وهم يستغلون من يهتم بهم من أجل الاستمرار في تدمير أنفسهم, فهم خبيرون قي ذلك, وهم نفس الأشخاص الذين يريد الأشخاص اللطفاء إنقاذهم.
    يتبنى بعض الأشخاص سلوكيات مدمرة للذات, ناتجة عن الجهل أو الغباء, وأحيانا ما يكون السبب هو التأثر بين الأقران أو الإيذاء النفسي أو تعبير عن مرض عقلي. ولكن حتى إذا كان أحد أو بعض هذه الأسباب هو المؤثر على هذه السلوكيات فإن الغالبية العظمى من يفعلون ذلك بفعل سحر الإدمان.

    أسباب و آثار الإدمان
    يحدث الإدمان عندما يحاول الإنسان أن يسكن بشكل ما من الألم عن طريق: (1) الاشتراك في سلوكيات بديلة قصيرة المدى (2)إساءة استخدام المواد الكيميائية (المخدرات), ربما تكون هذه السلوكيات غير مشروعة, مثل المقامرة و المغامرات العاطفية, أو أن تكون مشروعة في نفسها وفي مظهرها, مثل الطعام أو العمل أو اصطياد السمك أو حل الكلمات المتقاطعة, أو التسوق, أو الجلوس أمام الكمبيوتر, أو حتى مشاهدة التلفاز وتصبح هذه السلوكيات المشروعة مدمرة عندما نستخدمها لتجنيب الانزعاج الذي نشعر به عندما نواجه الأشياء التي تحتاج إلى أدائها, مثل البقاء على علاقتنا أو إصلاحها, أو قضاء الأعمال الهامة قبل موعدها النهائي, أو تطوير مهاراتنا, أو تعديل مسار حياتنا, عندما نشغل أنفسنا بنوع من السلوك من أجل تجنيب الصراع أو الألم, فإنه يهدد بأن يصبح سلوكا زائدا ومتكررا. إن كل منا مدمن لنوع من السلوك بشكل ما وإلى حد ما, وربما تكون الأضرار التي يسببها هذا السلوك لنا ولعلاقتنا ضئيلة نسبيا وغير هامة, ونحن نكرر مثل هذه السلوكيات, ونستمر فيها على الرغم من أننا نعرف أنها تدمرنا, ومع ذلك نعيش حياة مثمرة إلى حد المرض. يمكن أن تكون المواد الكيميائية و المخدرات من أجل تسكين الألم, أو لأجل اليقظة أو الاسترخاء, أو لتغيير الحالة المزاجية السلبية إلى إيجابية, قد تؤدي إلى اعتمد الأشخاص عليها بعد مدة طويلة من الزمن وبكثافة, فتتطور مشكلتهم نتيجة فعلهم هذا.
    يصبح السلوك الانعزالي المتكرر بما فيه سلوك تناول المخدرات, إدمانا كاملا عندما يخرج كثيرا جدا عن إطار التحكم. عن هذه السلوكيات تؤدي إلى ألم أكبر مما كانوا يسعون إلى تجنبه منذ البداية.

    الخطأ الذي نقترفه
    إن الخطأ الذي نقترفه مع من يدمرون انفسهم هو محاولة إنقاذهم, فهذا الإنقاذ يؤدي بنا إلى ثلاثة مراحل متوقعه, فنحن نبدأ بالإنكار اللاواعي ان هناك مشكلة ما بسبب الصدمة و خيبة الأمل, ثم نبدأ في التحكم في المدمنين والتأثير عليهم , بل تهديدهم. وكلما زاد التهديد زادت مقاومتهم. وهكذا حتى نشعر بالإحباط و الغضب والجنون, ثم نبدأ في المرحلة الثالثة وهي مرحلة التستر عليهم, بأن نشترك في إخفاء سلوكياتهم عن أي أحد يهمه هذا الأمر. نحن وبمحاولاتنا إنقاذهم بهذا الشكل نسئ توجيه جهودهم و نشتت انتباههم عما يحتاجون إلى فعله من أجل أنفسهم.

    لماذا يعد الإنقاذ خطأ؟
    •إنه لا يفيد: مهما كان مقدار جهدنا فنحن لا نستطيع أن نغير الناس أو نحل مشكلة الإدمان بدلا منهم.
    •إنه يزيد من سلوكياتهم المدمرة: سلطة الإنقاذ تزيد لا شعوريا عند المدمنين استمرارهم في سلوكياتهم.
    •إنه ينهي اعتمادهم علينا: يسلبهم سلوكنا من التطور والمتعة التي كانوا سيعيشونها إذا تركوا ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم.
    •إنه يتضمن الخداع:قد يكون لدينا أغراضا أخرى من ضمنها السيطرة على هؤلاء الأشخاص.
    •إنه يؤذينا: محاولة إنقاذنا لهم تستهلكنا, إن محاولتنا إنقاذهم لا تغيرهم بل تغيرنا نحن و سلوكياتنا إلى الأسوأ.
    إنه شكل آخر, أكثر خطورة, من أشكال الإدمان: إننا نقوم بإنقاذ من نحبهم لأننا نريد تجنب ألم رؤيتهم وهم يدمرون أنفسهم. ونقوم بتكرار هذه الجهود بإصرار, فنحن نريد أن نسيطر على الموقف, ونحن نتوق إلى الامتنان والعرفان الذين سنحصل عليهما إذا أنقذناهم, ونقوم بذلك بدون أدنى دليل على أننا نمثل لهم العون, بل أننا نعرف أننا نزيد الأمر سوء.

    كيفية التوقف عن إنقاذ الآخرين
    أول خطوة للتوقف عن عملية الإنقاذ هذه هي اتخاذ قرار ألا نفعل ذلك ثانية مع كتابته. علينا فهم أن التوقف عن ذلك لا يعني تجنبهم, بل يعني أنه مازال لديك دور هام في معافاتهم من هذا الإدمان, ويعني فقط أنك ستؤدي لهم خدمة إذا قررت التوقف عن إنقاذهم, ولكن فقط عندما تقرر تخليك عن دور المنقذ فإن ذلك يجعلك تنقذهم جيدا. فأنت بذلك ستتوقف عن إفساد أعصابك وبالتالي تقوم بإنشاء علاقة صحية غير مهيمنة. إنك تحاول كمنقذ أن تغيّر سلوكيات الآخرين, وكغير منقذ تحاول أن تغير سلوكياتك أنت المتعلقة بهم, و تترك مهمة تغيير سلوكياتهم لهم أنفسهم, لأنك تعرف أن ذلك سيتم لو هم أرادوا ذلك.

    إليك ثلاث خطوات يمكنك اتخاذها لكي تكتسب القوة الداخلية التي تحتاجها لتجنب الانزلاق نحو الإنكار والإخفاء والتحكم
    الخطوة الأولى: كون إحساسك الخاص الواضح عن ذاتك:
    نحن نحاول أن ننقذ من يهموننا, لأن هويتنا قد اختلطت و تفاعلت مع هويتهم, فعندما نفشل في إنقاذهم نشعر بأننا فاشلون مثلهم, أي أن الإدمان المدمر لدى من نهتم بهم يتحكم فينا كما يتحكم فيهم. يمكنك تجنب هذا النوع من التحكم عن طريق رؤية نفسك ككائن منفصل و يستحق الاهتمام. إنك شخص مختلف يعيش معهم في علاقة. لذا فأنت مدين تجاه نفسك بألا تسمح للآخرين بأن يحددوا وجودك أو يستهلكوك. كما يجب عليك أن تقرر الثقة في أفكارك أنت وفي قدرتك على إبداع أفكار جيدة أو التفكير بوضوح, ثم عرضها على الآخرين.

    الخطوة الثانية: أخبر من تنقذهم بما تفعله الآن:
    سواء ظن من تحبه من المدمنين أن عدم الإنقاذ هذا هو تخل عنهم, أو ضغط منك أم لا, فإن إخبارهم بما سيحدث سوف يساعدهم كثيرا. سوف تزيل أي حمل عاطفي كانوا يحملونه لك, وسوف تدعم وعيك و إرادتك.

    الخطوة الثالثة: ابحث عن دعم لالتزاماتك:
    إن شعرت بالإغراء بالرجوع لسابق عهدك من الإنقاذ و تحمل المسؤولية عمن يدمرون أنفسهم, سيفيدك الاتصال بأشخاص ذوي أرواح مقاربة لروحك يمكنها أن تعطيك دعما أمينا و تشجيع التزامك بطريق عدم الإنقاذ.

    كيف تساعد بدون أن تبدو منقذا؟
    لقد آليت على نفسك ألا تتخذ الآخرين منذ الآن وان تغير نفسك و يمكنك أن تقوم بهذه الأشياء لكي تدعم إرادتك:
    •تطوير إحساس أقوى بالذات عن طريق تقبل مشاعرك وأفكارك.
    •إخبار من كنت تنقذهم بالتزامك الجديد.
    •إيجاد أشخاص يدعمونك في طريقة تعاملك الجديدة.

    *اشرح للآخرين ما يفعلونه في البداية الأولى:
    عندما ترى أن الآخرين يتصرفون بطريقة تدمرهم, اشرح هذا لهم, ووضح لهم ما يفعلونه وكيف يضرون أنفسهم بدون أن تصدر أحكاما, وكلما كان الوقت مبكرا وكنت أنت مباشرا وكان شرحك واضحا ومحددا كلما زاد الأثر المطلوب. ثم اخبرهم بما تريد منهم فعله, وليس بما يجب عليهم فعله, وضع في ذهنك أن النصيحة و التقويم الأخلاقي لن تحافظ على المشاعر أو تساعدهم وقد لا تكون منصفا.
    *ساعدهم على مواجهة شعورهم بالذنب:
    يشعر الإنسان بالذنب عندما تحكم القيم الأخلاقية والسلطات المحترمة أو هم أنفسهم على تصرفاتهم بأنها غير أخلاقية أو ضارة لأنفسهم أو للآخرين. إننا نري أهمية الشعور بالذنب من خلال قدرته على تغيير الاتجاهات و السلوك, فمن المهم التعامل معه بدلا من تجاهله. عندما يشعر الناس بالذنب فسوف تفيدهم عن طريق الاعتراف بهذا الذنب, ثم تسامحهم بعد ذلك, و لن تساعدهم إذا تجاهلت شعورهم بالذنب بعد ذلك, أو أن تقوم بتوبيخهم أو رفضهم بسرعة, بل إن شعورهم هذا يتيح لك أفضل فرصة لممارسة التقبل المحب الغير مشروط. وهذا سوف يمكنهم من وجود شعور جديد يوضح بأنه تم استحسانهم, من تكوين شخصية جديدة , تلك التي يحتاجونها من أجل التصرف بطريقة مسئولة.
    -إذا كان الشعور بالذنب هو ما يدفعهم نحو السلوكيات المدمرة فهم في حاجة إلى:
    •الاعتراف بأي سلوك قد أضر بهم أو بغيرهم.
    •مسامحة أنفسهم عنه و تعويض أنفسهم بشكل مناسب.
    •التوقف عن هذا السلوك.

    *ساعدهم على التخلي عن الشعور بالخجل:
    إن الخجل هو شعور أكثر تعقيدا بكثير من الذنب. عندما يتصرف الإنسان بطريقة خاطئة يشعر بالذنب, وعندما يستنتج أن الخطأ فيه هو, سيعاني من الخجل. أي أن الشعور بالذنب يدين الإنسان بسبب شيء فعله, في حين الخجل يدينه بسبب شخصيته.
    على الرغم من التعقيد الغامض الذي يكمن في الشعور بالخجل إلا أن بعضهم صحي, فهو يشعرنا بعدم الارتياح لكوننا أقل مما نريد أن نكون, وهو يذكرنا بالهوة الموجودة بين ما نحن عليه وما نحتاج أن نكون عليه, وهو ينتج بطريقة طبيعية من داخلنا ولديه تأثيرات إيجابية. ولكن الخجل الذي نتحدث عنه هنا ليس هو القوى الصحية الجامحة للسلوكيات المدمرة, بل على العكس, إن هذا الخجل يمنع الناس من فعل الشيء الصحيح والبناء والمهم. ويعمل هذا الشعور بالخجل على تضخيم العيوب ولا يسمح لهم برؤية أي ميزة فيهم. أما في أسوأ الحالات, يعمل هذا الشعور بالخجل إلى إزالة شعور الإنسان بقيمته و يتسم عقلهم بكراهية النفس, وتصيبهم بما يسمى بمرض الروح, فهم يقومون بخطأ واحد يخجلون منه, فيشعرون أنهم ملعونون, وهم يحكمون على أنفسهم أنهم لا يستحقون أي تقدير خاص, بل يشعرون أنهم لا يستحقون أي شيء, ويقعون في دائرة سلبية من انتقاد الذات وعدم القدرة على مسامحة أنفسهم, فيميلون إلى الاشمئزاز من الذات والسلوكيات الإدمانية, ويتخبطون في الألم والخجل, و يستخدمون أي شيء يستطيعون استخدامه لتسكين ذلك والألم الرهيب. من المهم هنا أن تتذكر أن مهمتك اتجاه صديقك المصاب بالخجل ليست إنقاذ, ولكن أن تكون موجودا بجانبه كشخص, وأن نستمع بانتباه لآلامه, وأن تكون متعاطفا وصبورا. وفي النهاية فإن الدليل على حبك له على الرغم من إفساده لحياته, والألم الذي سببه لك هو أثمن هدية يمكنك أن تقدمها له.
    وما أن تكسب إصغاءه, يمكنك أن تشجعه على التعرف على مصدر هذا الشعور بالخجل, وإخراجه إلى النور عن طريق إخباره به, وربما لا يسهل عليه ذلك, فالناس عامة ما يواجهون صعوبة في مواجهة الخجل أكثر من الذنب, فهو يسبب جروحا أعمق و ترك آثارا عاطفية أكبر من الشعور بالذنب.

    وهناك ثلاث قوى تعتبر سبب الخجل المدمر. اطلع عليها وعلى كيفية مساعدة هذا الشخص في هزيمة هذه القوى:
    •الأحقاد الاجتماعية, والنزاعات العرقية, والطبقية, والتفرقة بين الأجناس, والتنافر بين الناس:
    إن هذه الأحكام السلبية الخاطئة تجعل الناس يشعرون بالخجل من لون بشرتهم, أو من مستواهم الاقتصادي أو جنسهم, فهم يوصمون بسبب عوامل لا يتحكمون بها. باستخدام الحديث المطمئن يمكنك البدء في فهم أن شعورهم بالخجل هو شيء غير هام ولابد من التخلي عنه.
    •سوء معاملة الوالدين للأبناء في مرحلة الطفولة:
    إذا كان من تهتم به يشعر بالتهديد, أو الرفض, أو تم إيذاؤه بأي شكل من قبل والديه أو أقرانه. اطلب منه أن يتقبل جراحه, و يسمح لنفسه بإشفاء هذه الجروح بدلا من النظر إلى العيوب.
    •المعايير الاجتماعية التي تراهم فاشلين:
    يعتبر مجتمعنا أننا إذا افتقرنا إلى الثروة, أو النفوذ, أو المكانة الاجتماعية, أو الشهرة, فنحن نكون بذلك قد فشلنا, وكثير من الناس يتقبل هذا الحكم في تلقائية ويرون أنهم فاشلون, ويعيشون مع هذا الشعور. وغالبا ما يدعم الأصدقاء, أو الأسرة هذا المنظور عن طريق تذكيرهم باستمرار به. يمكنك من مساعدة صديقك على التخلي عن تعريف النفس السلبي هذا عن طريق رفض اعتباره فاشلا و إخباره بذلك, ويمكنك أن تذكره بان نقائص الشخصية شيء طبيعي ولا يمكن تجنبه, فلا حرج في كون الإنسان آدميا.

    *تدخل عندما يهدد إدمانهم بتدميرهم:
    من المحزن أن يستمر المدمن في إدمانه حتى يواجه صعوبات في حياته الزوجية والوظيفية ومع أطفاله. إذا وصلت أنت في وقت مبكر لتوضح له سلوكه المدمر, ودعمت جهوده في التعامل مع شعوره بالذنب أو بالخجل فربما تساعده على التحرر, والتوقف عن ذلك قبل أن يخسر كل شيء.

    لديك طرق جديدة للمساعدة
    ربما تجدي هذه الجهود اللاإنقاذية بالطبع, ولكن في الغالب سوف تعيش مع شعور بالشك في ما إذا كنت تخدم من تحبهم بشكل كاف أم لا, ولكنك على الأقل لن تزيد من سوء الأمور بالنسبة لهم ولك عن طريق تمكينهم من الاستمرار في سلوكياتهم المدمرة.
    ربما يتقبل بعض من تحبهم من المدمنين حبك ويحولون مسار حياتهم. فربما يحررهم رفضك لإنقاذهم, وأسلوبك الذي يحترمهم, وتقبلك لهم, ويدفعهم إلى إنقاذ أنفسهم, وبذلك لن تحافظ فقط على توازن حياتك, بل ستكون في مكانة جيدة بالنسبة لهم من أجل دعم شفائهم والاستمتاع به.

    وستظل شخصا لطيفا

    الخطأ #9.. حماية من يشعرون بالحزن
    يركز هذا الفصل على المدمر الذي يتحمله الأشخاص بسبب موت شخص يهتمون به, وكيفية مشاركتهم في أحزانهم. يعرف الحزن بأنه تكيف مؤلم يجب علينا جميعا أن نقوم به عندما يسبب لنا أحد الأشياء مشاكل صعبة. لحسن الحظ فنحن لا نواجه مثل هذه المواقف الحادة كل يوم, و لكننا بالرغم من ذلك ندرك دائما أنه عاجلا أم آجلا سوف يعصف بنا واحد من هذه المواقف, وعندما تأتي هذه الأوقات نريد أن نكون قادرين على قول الكلمات المناسبة و أن نتوصل للوسيلة التي تواسي الآخرين. علينا أن نتعلم كيف نتصرف بطريقة مفيدة و طبيعية لمواجهه الحزن, وبالتالي نشعر بالرضا من مجهوداتنا, ولكي نبدأ في ذلك نحن بحاجه على فهم أسس عملية الحزن..

    الحزن كعملية
    يعتقد معظم الأشخاص أن الحزن هو عبارة عن تألم ينتج عن فقدان شيء مهم, ويؤدي إلى الأنين. هو أيضا عبارة عن وسيلة تقليدية و مقبولة للتعبير عن الأسى. لا توجد وصفة واحدة و عالمية للأنين حيث لا توجد وسيلة بسيطة أو واحدة أو سريعة له, و أننا نعبر عن حزننا بطرق مختلفة تتبع دائما تقاليد العائلة. أيضا يعرف الحزن بأنه عملية حركية من التعديلات المؤلمة, وعلينا أن نمر بها عندما نواجه واقعا غير سعيد. هناك مجموعة من الاستجابات الدفاعية نمر بها في عملية الحزن وهي:
    •الإنكار
    •الغضب
    •التمني
    •الاكتئاب
    •التقبل
    المختصون يختلفون على طبيعة و أسماء و ترتيب هذه المراحل. فالمتخصصون يلاحظون أن الأشخاص الحزانى لا يشعرون دائما بأول أربع مراحل منها بالترتيب, أو حتى بترتيب طولي, وأنهم قد يمرون بها في وقت واحد. وفي الحال, قد يتوقفون لفترة في مرحلة واحدة أو أخرى أو قد يمرون بالمراحل الخمسة مرارا و تكرارا. وبالرغم من ذلك فعاجلا أم آجلا وقبل أن يصلوا للمرحلة الخامسة وهي تقبل الحقيقة المؤلمة, و الاستمرار في حياتهم, من المهم أن يمروا بالأربع المراحل بطريقة معينة و بمدى معين سواء كانوا مدركين لذلك أم لا.
    وبمجرد أن نستوعب الحزن كعملية طبيعية وعادية و مصدر مفيد للتطور, فبإمكاننا أن نكون صبورين مع الآخرين, وهم يحاولون استعادة حياتهم الطبيعية بعد خسارتهم, و يمكننا التجاوب معهم بطريقة مناسبة, حتى في أصعب المراحل, وذلك من خلال انتقالهم بين مراحل الحزن المختلفة.

    والآن لنرى الخطأ المنشر الذي يقع فيه الأشخاص اللطفاء من دون أن يدركوا, وذلك عندما يتجاوبون مع من أصيبوا بفاجعة..وهو سلوك الحماية.

    أساليب الحماية
    تسمى الحماية خطا لأنها تفشل في إعطاء الحزانى ما يحتاجون, وتؤدي إلى شقائهم, تماما كما تفعل نصائحنا, ونجدتنا للآخرين, وفي نفس الوقت لا نرى في هذه الطريقة عيبا, لأنها تتمتع بقدر من الاستحسان الاجتماعي. ولذلك فمن المهم لنا أن نستوضح, ونحدد بالضبط: لماذا تعد الحماية خطأ؟. ولعمل ذلك فلننظر للأساليب التي نستخدمها بطريقة شائعة مع الأشخاص الحزانى وما تفعل هذه الأساليب بهم؟ ولماذا تفشل هذه الأساليب في نهاية الأمر؟.

    الأسلوب الأول الخاطئ: الظهور بمظهر القوي..إننا نفترض أن محاولة ظهورنا في شكل قوي يشجع من يشعرون بالحزن ليكونوا أقوياء سلفا, والفكرة هي أننا لو ظهرنا أقوياء, فإننا بذلك نساعدهم على الاحتفاظ برباطة جأشهم, وآخر الأشياء التي نريد منهم أن يفعلوها هي زيادة الحزن. نتصرف كأننا نعرف ما نفعل, لكننا في الحقيقة لا نعرف, ونشعر بالرعب عند الاقتراب من مقولة شيء خاطئ, ولكننا نتظاهر بالهدوء و الثقة, مع أننا خائفون بخصوص قدرتنا على فعل الصواب و إنقاذ الآخرين من ألمهم. وهذا المظهر المصطنع زائفا, وعن طريق تصنعنا نقوم ببناء جدارا خفيا لا يمكن اختراقه بيننا وبين الأشخاص الحزانى, وبالتالي نظهر لهم بصورة غير واقعية وغير معروفة لهم, وعلاوة على ذلك فعندما يدركون بشكل خاطئ أننا أقوياء, يزداد شعورهم بالضعف, وهذا يشعرهم بالانعزال والتدني.

    الأسلوب الثاني من الحماية هو الصمت..نقوم بعدم ذكر الموت للشخص المفجع مفترضين أن عدم ذكره يجنبنا زيادة ألمهم, أو يساعدهم على الفرار منه, ولكن بدلا من ذلك, فعندما نجعلهم يتجنبون الحقيقة التي هم بحاجة لتقبلها, يقوم صمتنا بتأخير العملية وإطالة آلامهم.

    الأسلوب الثالث هو الكلام القليل..نستخدمه لإلهائهم. فقد قاسوا من خسارة ثمينة ولا يمكن استرجاعها. ولأنهم لا يشعرون بالراحة مع وجود هذا الألم فقد نثرثر عندما لا نعرف ما نقول, عن الطقس أو المرور أو التلفزيون. لكن وهم يعانون من الآلام الأولى لهذا الخبر السئ, الكلام يغتصب الوقت الذي يحتاجون إليه ليحزنوا و يتطفل على أساهم.

    أسلوب الحماية الرابع هو العبارات المخففة.. ما نأمله هو أن نتفادى أو نخفف من الغظاظة المتطفلة للموت. فبدلا من تعريف المتوفين بأسمائهم, نميل للإشارة إليهم بأدوارهم ( مثل زوجتك, والدك..) أو ضمائرهم (هو..).يمكن أن تؤذي العبارات المخففة للألم بثلاثة طرق. الأول: قد يستاء أصدقاؤنا المفجوعون منا, ومن أسلوب كلامنا الغير صريح وغير الشخصي. الثاني: قد تسبب العبارات المخففة لهم عدم الثقة في أي مساعدة نقدمها لهم, لأنهم سيعتقدون أننا لم نقدر خطورة موقفهم. الثالث: رغبتهم على مستوى واحد, أن ينكروا ما حدث قد يجعلهم يستخدمون عباراتنا المخففة, لتساعدهم على تأجيل مواجهة المشاعر المؤلمة, وهم في حاجة ماسة للمرور بها.

    الأسلوب الخامس هو جعلهم يبتهجون.. فنحن نريد منهم النظر للجانب المشرق حتى لو اضطررنا لاختراعه, ونؤكد لهم أن كل شيء سيكون على ما يرام. الخطأ هنا أننا بدون أن نقصد نقول لهم أن ألمهم ليس صحيحا و أنهم خاطئون لتألمهم هكذا. عندما نبهج الشخص المتألم نسقط من حسباننا المشاعر نفسها التي تغمرهم, ولذلك نجعلهم يجدون صعوبة في الشعور بالحزن.

    الأسلوب السادس, نصح الأشخاص الحزانى..هنا الخطأ أننا نقوم بتحويل انتباههم عن إيجاد حلولهم الخاصة, وبالإضافة لذلك تكون غير صادقة, لأنها تكون كمحاولة السيطرة عليهم. في هذا الوضع بالأخص تشكل النصيحة مشكلة خطيرة, لأننا بمحاولتنا التحكم في الأشخاص الحزانى, نخاطر بتضليلهم في طريق حزنهم, وحتى لو كانت نصيحتنا تقودهم باتجاهات معقولة, إلا أنها تتعارض مع مسئوليتهم تجاه شفائهم, ويمكننا أن نحملهم بأحاسيس النقص والإجهاد والإحساس الكاذب بالذنب بالإضافة لحزنهم.

    الأسلوب السابع الذي نستخدمه غالبا هو العرض البريء..أي أن نعرض عليهم مساعدتنا, بأننا سنفعل كل ما يريدون . والخطأ هنا أننا نريد أن نجعلهم يعتقدون انه لا توجد مشكلة أكبر من استطاعتنا, بالرغم من علمنا بأن ذلك غير صحيح. وبعدم قيامنا بما طلبوه منا نخون بذلك اهتمامنا المعلن بأننا في خدمتهم مما يجعلهم يشعرون بالإحباط, بجانب حزنهم.
    الأسلوب الثامن. وهو الضغط عليهم بتسريع فترة حزنهم..لأننا قد ندفعهم لتناسي ودفن أحزانهم ومن ثم تفوتهم الدروس المستفادة من الحزن.
    وفي النهاية..وبغض النظر عن إخلاصنا.. تفشل الأساليب التي نستخدمها لحماية الحزانى, لأنها تسند إلينا الدور الزائف للحامي, وتميل لتخريب عملية الحزن, وتحولنا عن تقديم المواساة الحقيقية.

    بديل الحماية
    يحطم الموت أنظمة الأمن الشعورية للأشخاص الحزانى, فيشعرون بالصدمة, و في نفس الوقت, تبطئ حياتهم من سرعتها بصورة ملحوظة, وقد تتوقف, حتى تمنحهم الوقت ليستوعبوا ما حدث. هذه الساعات ممكن أن تكون مفزعة ومؤلمة في حد ذاتها, ولكن لا يجب تجاهلها, أو إضاعتها, لكي يلتقطوا أجزاء حياتهم. وفي النهاية يستمروا في الحياة بعد أن استعادوا البهجة, فعليهم استخدام هذا الوقت في الحزن, وفي تحمل التعديلات المؤلمة الصعبة. يجب عليهم أيضا أن يعبروا عن حزنهم بطرق تخلصهم من سلطة ألمهم وتنقلهم بعيدا عن حزنهم المضعف. قال احدهم" "الأنين يعني الإصلاح". و الإصلاح هو ما يريده كل شخص عندما يموت شخص عزيز علينا, و عليهم, أن يتابعوا حياتهم بدون هذا الشخص. ومهمتنا هي مساندتهم خلال عملية الحزن المؤلمة هذه.

    المساندة تعني في المقام الأول حضورك التام
    إذا أردت أن تعمق علاقتك مع من تهتم بهم, فيجب أن تتعلم كيف تكون حاضرا بصورة تامة لديهم, و بشكل مستمر. جوهر التواصل الحقيقي, والطريقة الأكثر إنسانية للبقاء مع الآخرين. فهمها كانت علاقاتك مع من يشعرون بالحزن قد فترت أو أصبحت ضحلة, عليك أن تكون حاضرا بشكل تام في هذه اللحظات الخاصة. الحضور التام هو ما يعنيه الأشخاص عندما يتكلمون عن التواجد مع الآخرين, ممن بحاجة لدعم شعوري, وبالتأكيد هو ليس بالشيء الهين. التواجد بشكل حقيقي يختص بالمعاناة معهم بصمت, حتى بعد أن يعطيهم صمتك الفرصة للتعبير عن مشاعرهم, فالأفضل ألا تتكلم كثيرا, لأنه كلما قل كلامك كلما تحسن موقفك. فتجنب ملء اللحظات الهادئة بالثرثرة. يتطلب التواجد التام أيضا أن تتصل بالأشخاص الحزانى بطرق تشجعهم على الشعور و التعبير عن ألمهم. عليك ألا تجعل حزنهم يغمرك, أو يستنفذ قواك. يجب أن تكون حاضرا بشكل تام, وليس بشكل متسلط. فأنت لا تريد منهم الاهتمام بك, ولكن تريد لهم التحرر من الأنين بطرق تحررية.

    ما يفوق الحضور التام كمساندة
    يستطيع الحضور البدني المناسب أن يعتني بالتقارب والشفاء للمتألم, ويعبر عن دفء اهتمامك به. في بعض الأوقات يكون من المناسب احتضانهم احتضانه طويلة. الاتصال بالعين و الاستماع الجيد و الاتصال المناسب بالكلمات المناسبة بإعطائهم التعزية المناسبة بالكلمات الدينية.

    أنت تعرف كيف تساند من يشعرون بالألم
    أنت تساند من يشعرون بالحزن عن طريق حضورك التام, وكامتدادات طبيعية لهذا التعهد يمكنك أيضا:
    •عرض الاتصال الجسدي الملائم, وللعلاقة.
    •أن تتعاطف مع خسارتهم وألمهم.
    •أن تتطوع بالمساعدة في اهتماماتهم العملية.
    •أن تقلل حدة التوتر عندما تشعر به.
    •أن تحاول إحضار شيء جميل, أو مغذي لهم بأي شكل مناسب.
    •أن تشارك معهم مفاهيمك الدينية إن طلبوا ذلك.
    •أن تشجعهم على الأنين تبعا لمواعيدهم الخاصة.

    وكشخص لطيف قد تضطر للتجاوب مع أشخاص يشعرون بألم ناتج عن الشعور بالحزن. ستشعر بثقة اكبر بنفسك كشخص, وهذا يجعل علاقاتك تقوى في جميع الاتجاهات, وستشعر برضا أكثر من مجهوداتك واهتمامك بهم.
    وستظل شخصا لطيفا

    الخاتمة بقلم الكاتبة
    هذا الكتاب يمكن أن يكون دليلك السلوكي الجديد, في أي وقت تصادفك مشكلة مع خطا معين, يمكنك مراجعة الفصل الخاص به..
    •عندما تحاول إثبات نفسك, أو عندما تشك في قيمتك فسوف يذكرك الفصل الأول, والثاني بأنك محبوب, وأنك بالفعل ذو مكانة عالية بين الجميع, "فأنت تهم الجميع".
    •عندما تعاق مشاعرك بالخوف والغضب, يمكنك الرجوع للأجزاء المتعلقة بذلك في الفصول من 3 إلى 6, وسوف تساعد على التحرر لتعبر عن مشاعرك بشكل مفيد.
    •عندما تجد نفسك تهرع لنجدة الآخرين عن طريق التحكم فيهم, أو إنقاذهم, أو حمايتهم, فسوف تساعدك الفصول الثلاثة الأخيرة على إرجاعك للمسار الصحيح.

    إذا تعلمت الدروس من هذا الكتاب فسوف تشعر بالرضا ببساطة من وصفك بسلوكياتك الجديدة. وبينما تزيد من توازن حياتك عبر عن مشاعرك بصراحة, واعرض المساندة الحقيقية للأشخاص المهمين بالنسبة لك, و ستصبح معيشتك بهذه الطرق المكملة والصحيحة أكثر طبيعية و ستصبح الحياة أكثر رضاء.

    ونعم, ستظل خلال ذلك كله شخصا لطيفا
    اللهم يا من تعلم السِّرَّ منّا لا تكشف السترَ عنّا وكن معنا حيث كنّا ورضِّنا وارضَ عنّا وعافنا واعفُ عنّا واغفر لنا وارحمنا

  2. #12
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.75

    افتراضي

    كانت تقدمة جميلة حفزتني لقراءته
    ثم جاءت صعوبة التحميل والاحساس بالخيبة

    ثم ....
    شكرا أيها الكريم لنسخك الكتاب هنا

    جهد كبير نقدره لك عاليا

    دمت بألق
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  3. #13
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيحة الرفاعي مشاهدة المشاركة
    كانت تقدمة جميلة حفزتني لقراءته
    ثم جاءت صعوبة التحميل والاحساس بالخيبة

    ثم ....
    شكرا أيها الكريم لنسخك الكتاب هنا

    جهد كبير نقدره لك عاليا

    دمت بألق

    بارك الله فيكِ أخت ربيحة على هذا الإطراء
    ودمتِ بألف ألف خير

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المواضيع المتشابهه

  1. الوقف اللازم في القرآن :دراسة نحوية
    بواسطة أبو محمد يونس في المنتدى النَّحوُ والصَّرْفُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 13-10-2014, 05:46 PM
  2. كتاب : لا تكن
    بواسطة عطية العمري في المنتدى المَكْتَبَةُ العِلمِيَّةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 20-10-2013, 04:26 PM
  3. الفعل اللازم المتعدي
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى النَّحوُ والصَّرْفُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 10-11-2010, 06:38 PM
  4. وتبقي أكثر ، أكثر من كُلِّي ...
    بواسطة معافا آل معافا في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 20-01-2006, 01:01 PM