السلام عليكم
الأستاذ الشاعر عدنان الشبول
هل ابتليت به حتى أجدت وصفه ؟؟!
قصيدة ناقدة ساخرة تحلل بعض خصائص شخصية ( أبو العريف) . وهو لقب تطلقه العامة في مصر وغيرها من البلدان المجاورة على من يدعي معرفة كل شيء ويخوض في كل شيء دون علم مسبق. ولا أعرف مصدر هذا اللقب وقصته في الموروث الشعبي، فلعل من يعرف عن ذلك شيئا يتكرم بإخبارنا.
في قلبهِ زيغٌ ولا يظهَرْ= إلّا على سطرٍ إذا سطّرْ[COLOR="black"][/COLOR]
ينطلق الشاعر في المطلع من الزيغ الذي يخفيه أبو العريف في قلبه، فالسر الكامن وراء مشكلته أنه يعاني من الزيغ أو الميل عن جادة الصواب، وربما يكون لذلك جذور تعود لطرائق التربية أورثته هذا الزيغ. غير أن مشكلته تظهر في ما يكتبه من كلام يدل عليها.
ويتوهُ في حرفٍ يبهدلهُ= يبدي من السّوءاتِ ما يقهرْ
فهو يتوه في حروفه أي يضيع بها بحيث لا تجد له وجهة مقبولة عقلا، وهذا ما يجعله يبهدل نفسه بنفسه. ونلاحظ استخدام الشاعر للفظة " يبهدله " وهي فصيحة وتستخدم في اللهجة الشعبية ، فانتقاؤه لهذه اللفظة رفع الكلفة بينه وبين قارئه وبشره بخطاب ساخر ظريف ،و فضلا عن المدلول المعنوي الذي تحمله الكلمة من معنى التسخيف والاستهزاء فإنها بجرسها المهلهل أضافت الظرف والفكاهة ، وأما الحرف فيبهدل كاتبه بما يكشفه من سوءات التعبير التي تقهر قارئها بسذاجتها أو فظاظتها أو غبائها ....وما شابه
وتظنّهُ علاّمةً وإذا = خبصَ المقولةَ كابِرًا يصغرْ
تظنه علامة لادعائه العلم في كل ما يثار أمامه من معلومات، ولكنه إذا (خبص ) الخبصة بإساءة القول اكتشفت حقيقته فيصغر في عينيك بعد أن كان كبيرا.
يفتي بكلِّ قضيّةٍ ، عجَبا= أقلامُهُ لا تعرفُ المحضَرْ
إفتاؤه عجيب يثير الدهشة بشططه عن الحق. ويفتي في كل قضية دون حذر من الخطأ أو دون ترو وعلم ، وذلك ﻷن أقلامه لا تعرف المحضر . فما هو المحضر يا أستاذنا الشاعر! هل هو السجل الذي يكتب فيه ضبط الشرطة ؟ بمعنى أن أبا العريف لا يسجل كلامه ولا يؤخذ عليه ؟؟
ويلبِّسُ الأشياءَ فلسفةً = يأتي على الأزهارِ كي ينهرْ
يلبس الأشياء فلسفة ! لو قال الشاعر : يلبس الأفكار لكان أنسب ﻷن الفلسفة تتلبس الأفكار خاصة وليس الأشياء عموما. ويأتي على الأزهار كي ينهر ، فهو لا يضع الأشياء في مواضعها المناسبة لعدم حكمته. ولو كان حكيما لتعامل مع الأزهار برفق، ولكن كلمة "ينهر " مع صياغة فكرة العجز تبدو محتاجة لمراجعة .
يتخيّلُ الخيّالَ أخيلَةً = قد ضاعَ في البيداءِ و"استحمَرْ"
البيت في صورته الشعرية جميل، ويذكرنا بأوهام دون كيشوت.لولا كلمة استحمر التي اقتضتها القافية ، وإن كانت تفيد غرض اللذع الساخر إلا أن السخرية فيها انصبت على الخيال المسكين وليس على أبي العريف
أحلامُهُ لا لونَ لوّنها = معميّةً ألوانَهُ أبصَرْ
مصاب بعمى الألوان أبو العريف لذا فهو لم يميز الأخيلة ، ولكن ما المقصود بأحلامه ؟ أهي مناماته مثلا؟ ﻷن أحلام أبي العريف وردية اللون إن كانت بمعنى أمنياته. وهل تراه يحفزه على ما هو فيه سوى أحلامه بالظهور والحضور وتعويض النقص. ..؟ وكل ذلك أحلام جميلة بالنسبة له. ..
وعيوبهُ في السّرِّ شكّلها = تخفى وفي أنفاسهِ تظهرْ
فكرة الصدر مكررة وقد وردت في صدر البيت الأول ، وظهور العيوب في الأنفاس غير واضح...!
ما ضرّنا ما جاء ينثرُهُ= بعدُ الكرامِ عن الشّقا أطهَرْ
فالابتعاد عن مناقشته أطهر للكريم الذي يفضل البعد عن الشقاء ، وإلا فإن التلوث بما يسيئ للطهارة محتمل عند محادثته.
وأظن أن الشاعر قد بالغ في تحميل أبي العريف ما لا يطيق. فأبو العريف رمز شعبي لكثرة ادعاء العلم . وهو مختص بهذا الجانب .وأما تجنبه والابتعاد عنه على سبيل التطهر فيسبغ عليه من الصفات اللا أخلاقية الموجبة لهجره ما لا يطيق وما لا يخصه حسب دلالة لقبه .
مع أطيب تحية[CENTER]