المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد اللطيف السباعي
غَرَّبْتُ مَشْدودًا إلى زُحَلِ!
عبد اللطيف السباعي
مِن شَرْقِكِ المَحْفُوفِ بالأسَلِ = غَرَّبْتُ مَشْدودًا إلى زُحَلِ
سَئِمتُ رَعْدًا فِيكِ صَيْحَتُهُ = تَغتالُ عُمْرَ الماءِ والعَسَلِ
وَضَحْكَةً حَيْرَى مُحَنَّطَةً = وَمَوْعِدًا لَمْ يُشْفَ مِن شَلَلِ
ونَظرَةً باتَتْ بَراءَتُهَا = تنامُ فِي أُرْجُوحَةِ الكسَلِ
مَسْكُوبَةٌ كالشَّمسِ أنتِ على = أثوابِ هذا الجِذعِ والطلَلِ
وَالليلُ فِي كَفَّيْكِ بُرْدَتُهُ = قد حَاكَهَا مِنْ سُترَةِ الوَجَلِ
رُدِّي عَليهِ لونَ شَهقَتِهِ = هَيهاتَ! لا عَوْدٌ عَلى أمَلِ
مَشْبُوبَةٌ كالبَحرِ أنتِ.. ألمْ = تصْرَعْكِ مِنِّي ثَورَةُ الغَزَلِ؟
مِن مَائِكِ الصَّادِي إلى شَبَهٍ = أصْدَرْتُ وَجْهِي خَشْيةَ البَلَلِ
وَمِن زَوَاياكِ التِي شَحُبَتْ = جَمَّعْتُ أشْيَائِي على عَجَلِ
عَلِمْتُ أنِّي دَفَّتَا خَبَرٍ = فَاخْتَرْتُ أنْ أُطْوَى بلا جَدَلِ
وأنَّنِي سَطْرٌ على طَبَقٍ = مِن فِضَّةٍ مُلْقًى إلى أجَلِ
فَاخْتَرْتُ أنْ أمْتَدَّ فِي زَمَنٍ = يُقِلُّنِي فِي ذِرْوَةِ الجَذلِ
مَضَيْتُ مَشْمُولاً بعاصِفَةٍ = مِن صَيِّبِ الآهاتِ والمَلَلِ
جِسْرٌ مِنَ الغَيْماتِ يَعْرُج بِي = إلى شِتاءٍ ذابِلِ المُقَلِ
الظلُّ يَسْعَى بِي ولا أثرٌ = إلاَّ لِمِشْكاةٍ على جَبَلِ
وَالشَّادِنُ المَنْفِيُّ فِي جَسَدِي = يثْغُو إذا أرْعاهُ بالقُبَلِ
لا تَسْألِي عَنِّي غَدًا ثَمِلاً = أوْ أيَّ يَومٍ شَبَّ في كَلَلِ
بَلْ فاسْألِي عَنِّي قُرُنْفُلَةً = حَمَّلتُهَا أُضْمُومَةَ الجُمَلِ
الوَقْتُ يَذرُوهَا بِلا أسَفٍ = والصَّمتُ يَتلوهَا على مَهَلِ
المغرب
08/08/2010
قصيدة جميلة إذا اعتبرنا كل بيت فيها ومضة شعرية مستقلة !
كل بيت فيها أروع من الآخر .
ولكن وحدة الموضوع مشتتة.
وبعض التناقض في مقولة الشاعر بين بيت وآخر زاد من تشتيت الوحدة الموضوعية في القصيدة .
مِن شَرْقِكِ المَحْفُوفِ بالأسَلِ = غَرَّبْتُ مَشْدودًا إلى زُحَلِ
مطلع رائع في موسيقاه الداخلية وقوة سبكه . و يوحي بأن المخاطبة هي( بلد )، وذلك بسبب لفظتي (شرقك وغربت) فالشاعر مهاجر من جهة الشرق المحفوفة بالأسل إلى جهة الغرب حيث زحل.
سَئِمتُ رَعْدًا فِيكِ صَيْحَتُهُ = تَغتالُ عُمْرَ الماءِ والعَسَلِ
قد تكون صيحة الرعد صوت ثورة ما ، فالثورة تغتال عمر الماء والعسل كرمزين لسر الحياة وسر العذوبة .
وَضَحْكَةً حَيْرَى مُحَنَّطَةً = وَمَوْعِدًا لَمْ يُشْفَ مِن شَلَلِ
والشاعر سئم الضحكة الحيرى المحنطة والموعد الذي لم يعد له حيويته.
ونَظرَةً باتَتْ بَراءَتُهَا = تنامُ فِي أُرْجُوحَةِ الكسَلِ
وسئم النظرة التي كانت بريئة ثم استحالت كسولة كدليل على الترهل .
مَسْكُوبَةٌ كالشَّمسِ أنتِ على = أثوابِ هذا الجِذعِ والطلَلِ
والآن يبدأ التناقض ونسأل الشاعر من هي هذه ال (أنت)؟
هل تغيرت المخاطبة عنده في الأبيات السابقة ؟ هل هي بلد؟ أرض؟ أم امرأة ؟
وَالليلُ فِي كَفَّيْكِ بُرْدَتُهُ = قد حَاكَهَا مِنْ سُترَةِ الوَجَلِ
صورة شعرية رائعة ! بردة الليل المنسوجة من الخوف ، لكن لماذا (في كفيك)؟ هل تكون البردة في الكفين أم على الكتفين؟
رُدِّي عَليهِ لونَ شَهقَتِهِ = هَيهاتَ! لا عَوْدٌ عَلى أمَلِ
الليل الوجل! ردي عليه لون شهقته! لكن هيهات أن يأمل العودة إليها.
مَشْبُوبَةٌ كالبَحرِ أنتِ.. ألمْ = تصْرَعْكِ مِنِّي ثَورَةُ الغَزَلِ؟
التناقض بين السأم والملل والكسل وكل ما برر به الشاعر هجرته من شرقها إلى غرب زحل، وبين هذا البيت الذي وصفها فيه بأنها مشبوبة كالبحر.
حسن، كيف تصرعها ثورة الغزل إن كانت بلدا؟ وكيف تكون امرأة إذا كان سيسافر من شرقها ؟ وكيف تكون مشبوبة كالبحر إذا كانت الضحكة المرتبطة به حيرى محنطة ؟ والنظرة التي كانت بريئة أصبحت كسولة ؟
مِن مَائِكِ الصَّادِي إلى شَبَهٍ = أصْدَرْتُ وَجْهِي خَشْيةَ البَلَلِ
البيت غامض. الماء العطشان إلى شبه! شبه لمن ؟وما معنى أصدرت هنا؟ وما المعنى المطلوب من البيت إيصاله؟
وَمِن زَوَاياكِ التِي شَحُبَتْ = جَمَّعْتُ أشْيَائِي على عَجَلِ
استعداد للسفر على عجل. والبيت جميل بصورته التي اعتمدت على الحركة والاختزال.
عَلِمْتُ أنِّي دَفَّتَا خَبَرٍ = فَاخْتَرْتُ أنْ أُطْوَى بلا جَدَلِ
الهروب من المواجهة والمجادلة عندما سينتشر خبر رحيله.
وأنَّنِي سَطْرٌ على طَبَقٍ = مِن فِضَّةٍ مُلْقًى إلى أجَلِ
ما معنى ذلك؟
فَاخْتَرْتُ أنْ أمْتَدَّ فِي زَمَنٍ = يُقِلُّنِي فِي ذِرْوَةِ الجَذلِ
مَضَيْتُ مَشْمُولاً بعاصِفَةٍ = مِن صَيِّبِ الآهاتِ والمَلَلِ
عاصفة من الآهات، نعم مقبولة . لكن عاصفة من الملل؟ كيف؟
جِسْرٌ مِنَ الغَيْماتِ يَعْرُج بِي = إلى شِتاءٍ ذابِلِ المُقَل
ألم يهجر الشاعر المكان بسبب الملل والكسل؟ فكيف يرحل إلى شتاء ذابل المقل؟ أليس ذبول المقل من الملل والكسل أيضا؟
الظلُّ يَسْعَى بِي ولا أثرٌ = إلاَّ لِمِشْكاةٍ على جَبَلِ
لا أثر لماذا؟ ما الذي لا أثر له؟ أم أنها الحاجة للحشو ؟
وَالشَّادِنُ المَنْفِيُّ فِي جَسَدِي = يثْغُو إذا أرْعاهُ بالقُبَلِ
الشادن المنفي في جسدي يعني أن الشادن يسكن جسد الشاعر فهو جسم الشاعر نفسه.فكيف يرعى الشاعر من يسكن جسده بالقبل؟ ولو استبدل الشاعر المنفى من جسده إلى مكان آخر ﻷمكن قبول ثغاء الشادن إثر الرعاية.
لا تَسْألِي عَنِّي غَدًا ثَمِلاً = أوْ أيَّ يَومٍ شَبَّ في كَلَلِ
لم أفهم فكرة العجز؟
بَلْ
فاسْألِي عَنِّي قُرُنْفُلَةً = حَمَّلتُهَا أُضْمُومَةَ الجُمَلِ
الوَقْتُ يَذرُوهَا بِلا أسَفٍ = والصَّمتُ يَتلوهَا على مَهَلِ
الروابط ضعيفة بين الأفكار وكأنها قصاصات صور مبعثرة
مع تحيتي والتقدير