أهكذا تمضي سريعًا تشقُ عباب الأفلاك مسابقا الزمن بعدما منحتنا تباشير عشر وسِمتْ بالرحمة ؟ على رسلك يا مضمار الثوابِ و أنت تمضي في عشرِ المغفرة و يُطوى الزمان لك طيًا لتبلغ مُنتهى الموسم وقد تخيرت فيه عتقاء صافحت سرائرهم النقية طيب المقام والزمان .
تهبُ نسائمُ رحمتِك على هـجير ذنوب ما لهن في سواك مُبتغى وخلاصًا. عرفناك سخيًا جاد كرمك كل حرف , وكم تمنيت أن أملك حرف القصيد لأقف ببابك أريق لك من جدائل الكلم مدحا كما يفعل طُـلاب المكارم والمغانم و استجدي الزمان أن يتمهل وهو بصحبتك و أرثي ما تصرم منك.
طرقًا نسمعه فنصيخُ لملاحـم بدرية و فتحَ الفتوحِ في أم القرى و قادسية هوت بإيوان كسرى فما أبقت له أطلالاً يمجدها , و بلاد أشرقت بين جحافل الظلمات فغدت أندلسًا يقطر تاريخها عبراً , وعين جالوت تتدافع الألسن على أخبارها وحطين تنادي صلاح الدين . هل تُنسى تلك السطور التي ذُيلت بتاريخك يا شهر الملاحم والإنتصارات؟
هل نخبرك بتلك البيوتِ الجائعة التي تسابقت الأيدي مُحيـية إياك تسترضي بارئها بإطعام أفواه ما شبِعت ليالي متواليات إلا على سناك.
و آيات الله تُـتلى و كأنها بالأمس تنزلت , يتسابق المفردون للغوص في معانيها والنهم من كنوزها التي تتضاعف مع كل حرف . ياليت شعري ماذا صنعت بهم و هم يمرون على ذات الحروف الخالدات التي أيقظت أمماً و أجلت البصائر لمن ألقى السمع وهو شهيد؟ كيف قلوبهم سجدت لموجدها لما تناهت إليها أخبار من رحلوا بين موحد فاز و مكذب خاب؟
و ليلة هدى أُخفِيت في الدُجى لينيرها الطامحون للعُلا أقيم سوقها إلى مطلع الفجر فيها تُقسـم آجال الخلائق و أرزاقهم و تتنزل فيها الملائكة بالرحمات ثم ينفض الموسم. أترانا نوفق لها و نظفر بها أم يُلهينا الأمل ونجد أنفسنا على مشارفِ فجر شهر جديد لم تزدد نفـوسنا سموًا بزادك الذي أقرأتنا إياه ولم نَطْعم .