لأنه الصحفي الأبرع أسندوا إليه مهمة تغطية حدث رياضي هام تستضيفه المدينة , قطع التيار الكهربائي عن جهاز التلفزيون , أسكت الأصوات التي تتحدث عن حروب يشنها العالم المتحضر على العالم المتخلف , محا عن الشاشة صور الأطفال الجرحى واليتامى والمشردين , مسح ألوان الدماء وحركات الراقصات , ترك الفضائيات تجري لاهثة لالتقاط أخبار ( الإرهابيين ) المفجرين لأجسادهم رفضا للديمقراطية , التي يحملها لهم ناس حضاريون مهذبون جاؤوا للتشّمس والتنزه في بلادنا !!!
امتشق قلمه , تأبط أوراقه , أغمض إحدى عينيه , وثبت الأخرى المفتوحة خلف عدسة الكاميرا وابتدأ بتسجيل دقيق للأحداث
قفز اللاعب من على حاجز الغطس , دار دورة في الهواء , تكور بوضع جنيني , ثم مد ذراعيه للأسفل وغطس تحت الماء محرزا بطولة.
استخرج الصحفي الصور من ظلمة الكاميرا , نظر إلى الوضع الجنيني بتمعن , رأى رؤوس الجمهور وهمامات الأشجار المسّورة للملعب تتجه بعكس القدمين , كتب بالخط العريض : إذا أردت القبض على البطولة فاجعل الرؤوس تحت قدميك
في الصباح أعيدت له أوراقه مشطبة بالأحمر , ممهورة بعبارة : غير صالح للنشر
أخذ أوراقه آسفا وعاد إلى بيته , لكنه استمرأ اللعبة , فعاد إلى الصورة ذات الوضع الجنيني , قلبها رأسا على عقب , تأملها بانتباه جديد وانفجر ضاحكا : كتب : حين يقرفص الأبطال تكون رؤوس الجمهور بالمقلوب.
تابع استعراض الصور , البطل يمد ذراعيه ثم يغيب تحت سطح الماء , كتب : حين يلمس الأبطال الأرض بأيديهم , لا ُيرى منهم إلا بقعة رذاذ .
تخلى عن مهمته , أعاد الكاميرا إلى حقيبتها , علق سيرها الجلدي على كتفه وقرر فتح عينه المغمضة والسير للبحث عن البطولات خارج أسوار الملاعب .