حين رسا قاربي عند شواطئ قلبكِ الورديّ، أقسمتُ وقتها ألا أُبحِرَ من جديد، ولمَ الإبحارُ وقدْ عدتُ إلى أحضانِكِ.
لملمتُ أمتِعَتي وأنزَلتُ مِرساتي ونظرتُ إلى قاربي وتمنيتُ ألا أبحِرَ فيه بحثاً عن العِشق مرةً أخرى، ورميتُ حقائِبَ الأحزانِ والآهاتِ وأغرقتُ كل آلامي ومعاناتي في البحرِ وتيَقَنْتُ مِن أنها لنْ تَطفو فهي ثقيلةٌ جداً، وأقبَلتُ إليكِ مُبتَسِماً... فرِحاً...
لم تخنّي الأقدارُ هذه المرة فقد وصلتُ إليكِ بعدَ أن سلكتُ طريقاً طويلةً ومتاهاتٍ كانت أشبهَ بدوامةٍ في عُرضِ البحر.
يا زهرتي المتفتحة... يا بسمتي...يا ضحكتي
أيُّ ابتسامةٍ رائعةٍ هذه التي تلقَيْنني بها... أيُّ خجلٍ هذا الذي يظهَرُ على وجنَتَيْك.
لا تكابري ولا تحاولي أن تُخفي بكفيْكِ فرحتَكِ المرسومةِ على وجهِكِ ، فقلبكِ قد سبَقكِ وأعلنَ عن فرحتِه بوصولي.
لا تتكلمي...لا تُعَبّري...
دعيني أنظر في عينيكِ لأفهمَ ما تقولين، فيكفيني النظرُ فيهما لأعلمَ ما يدورُ في خَلجاتِ نفسكِ، فهل نسيتِ أنني قارئٌ لأفكارِكِ وسابرٌ لأغوارِكِ؟؟؟
قولي لي: أيولدُ المرءُ من جديد...؟؟؟ أم هي ابتسامةٌ الأقدارِ أتت بعد طولِ انتظار...؟؟؟
وكأني أرى كتابَ حياتي وقد حُذِفت منه صفحاتٌ مظلمةٌ أو طارَ عنها ذاك الوحشُ الجاثمُ فوقها وبدتْ ذهبيةً كحقولِ القمحِ وقد عكست الشمسُ أشعتَها على سنابِلها فتلألأت.
بحثتُ في جيوبي عن زهرةِ البنفسجِ التي قطفتُها لكِ من جزيرةِ الحُبِ التي انطلقتُ منها بحثاً عنكِ، وقلتُ لها اخرجي يا زهرتي واذهبي إليها وكوني مرسالَ شوقي لها، فخَجِلتْ زهرتي لما رأتها وقالت لي بصوت خافتٍ: يا صديقي... أتهديني لمن هي أجملُ من كلِ الزهرات.
حبيبتي... حتى الطبيعةُ بدت فَرحةً بعودةِ حُبنا، انظُري إلى الأشجارِ تتراقصٌ من حولِنا معلِنةً تضامُنَها الأبديّ معَ عِشقِنا الأزليّ، حتى الطيورُ صارت تغني لنا أغنيةَ البحرِ التي حفظناها معاً وشدوناها مراراً وتكراراً فكانت أشبه بكلمةِ سرٍ بيننا.
أقبلي إليَّ وحافظي على ابتسامتكِ الخجولةِ فهي التي كانت وستبقى تبعثُ في نفسي الأمل.
فما أضيقَ العيش لولا فسحةُ الأمل.
20/2/2008