|
سقط القنـاعُ ، وبانت الأحقادُ |
فتجمَّــلي بالصــبر يا بغـــدادُ |
لا يرهبنَّكِ إن رأيتِ جحافلا |
بالغــدرِ والحقــدِ الدفينِ تُقـادُ |
جاءت لتزدردَ الفراتَ ، و ما درت |
أن الفراتَ لغاصبيهِ عتــادُ |
و نخــيلُ دجـلةَ شـامخٌ ، لا ينحني |
للمعـتدينَ ، كـأنّهُ أوتادُ |
و ثراكِ - لو علم الغزاةُ - جواهـرٌ |
لكنهُ لو دنسوهُ قتادُ |
سقط القناعُ فبان وجهٌ أسودٌ |
يغشاه من قلب الصليبِ سوادُ |
طاغوتُ هذا العصرِ جنَّ جنونُهُ |
فقد الصوابَ ، وغاب عنه رشادُ |
قد ظنَّ لمَّا ألَّهوهُ بأنهُ |
فرعونُ في أممٍ مضت ، أو عادُ |
ما دارَ في خَلَدِ الغريرِ وجندِهِ |
أن الجبالَ الشُّـمَّ لا تنقادُ |
فأتاكِ يحسبُ أنهُ في نزهةٍ |
تُلقى عليهِ زنابقٌ وورادُ |
أو أنهُ كالفاتِحِ المغوارِ ، قد |
فُتِحَتْ بنظرةِ مقلتيهِ بلادُ |
لا تتركيهِ يعودُ حيّاً سالماً |
بل مزقيهِ ، فداؤكِ الأولادُ |
صُبِّي جحيم الغيظِ في أحشائِهِ |
كي تُطفئي ناراً بِهِ تزدادُ |
بغدادُ نوبي عن شعوبٍ قد أبت |
ذُلاً بأعناقِ الرجالِ يُرادُ |
سقط القناعُ ، تكشَّفَت سوءاتنا |
فجميعنا لو تعلمينَ جمادُ |
متفرجونَ ، فلا نُحرك ساكناً |
وعراقنا بيد الطغاة يُبادُ |
أين العروبةِ ، أين غيرة مسلمٍ |
أين الأُلى ، و العزُّ ، والأمجادُ |
أين الجيادُ ، و قد عَلَتْ صهواتِها |
فرسانُ ، ذلّت عندها الأجيادُ |
بعناكِ بالصمت الذي بعنا بِهِ |
قدسَ العروبةِ ، فاشترى الأوغادُ |
من كلِّ صوْبٍ ينسلونَ ، كأنهم |
إذ جيَّشوا تلك الجيوشَ جرادُ |
فُتِحَ المزادُ ، فأقبلوا ، فتحالفوا |
فتقاسموا ، فتكشَّفَت أحقادُ |
زعمو بأنكِ تسقطينَ فينقضي |
في لحظةٍ ما خططوا وأرادوا |
و بأن موتَكِ موشكٌ و محققٌ |
فرح اليهود وغرَّد الموسادُ |
كذبوا ، فإني ما رأيتكِ صلدةً |
و أبيَّةً كاليومِ يا بغدادُ |
كلا ولم أُبصرْ بطولاتٍ كما |
أبصرتُ يومَ تكالبَ الأضدادُ |
و كأنَّ نخل الرافدينِ - و قد سما |
ليطالَ آفاق السما أطوادُ |
وحصاكِ في أيدِ الصغارِ مدافعٌ |
يهوي بِهِ طيرانُهُم ويُصادُ |
و ترابكِ الغالي يُفجرنفسَهُ |
في وجهِ من جاروا عليكِ ، و حادوا |
صبراً حبيبتنا ، فهذي محنةٌ |
من هولِها تتفطرُ الأكبادُ |
لا تيأسي ، فالضيقُ يأتي بعدهُ |
فرجٌ ، وبعد الإبتدارِ حصادُ |
ولربَّ بائقةٍ يُظَنُّ بُعيدها |
موتٌ ، فيأتي بعدها ميلادُ |
فلتصبري ، إن التجلدَّ مطلبٌ |
في الحادثاتِ ، لتُولدَ الأمجادُ |